وقفة واجبة ما بين خطاب الرئيس بالقضارف …و آثار فيديو فتاة الكباجاب

وقفة واجبة ما بين خطاب الرئيس بالقضارف …و آثار فيديو فتاة الكباجاب

موسى عثمان عمر على (بابو) —-أستراليا                                            

(4)                                            

الى أين يتجه السودان بعد خمسة وخمسون عاما من الأستقلال ؟؟؟

قال الشاعر محمد المهدى المجذوب :

الشمس تشرق فى السودان كاذبة              و ليس تنبت شيئا غير اليأس و العدم

رئيس الجمهورية فى أى بلد فى العالم وفقا للدستور والقوانين و العرف المتبع هو رئيس الدولة , و رمز وحدة الوطن و سيادته , يعمل جاهدا للألتزام بالدستور و المحافظة  على أستقلال بلاده , ووحدتها و سلامة أراضيه وفقا لأحكام الدستور…

هذه هى الصفات ووفق للقانون و الدستور التى أقسم عليها رئيس جمهورية السودان للأضطلاع بمسئولياته تجاه الوطن و المواطنين…. السؤال : هل أبر رئيس الجمهورية بقسمه فى الحفاظ على  وحدة الوطن ؟؟؟؟!!!!!

أشرقت الشمس بعد 55 عاما من الأستقلال , و قد أصبحت الدولة القومية السودانية التى قاتل من أجل أستقلالها الأجداد (من التاريخ ),,, أصبحت( من التاريخ) لأن أصحاب المشروع الحضارى و بدافع الأستقطاب العرقى و الدينى الحاد أستلبوا الوطن و أختزلوه فى سلطة شمولية مطلقة ,,اعمتهم شهوة السلطة فكرسوا كل جهدهم فى تربية الشعب السودانى على الولاء و البراء لحزب المؤتمر الوطنى لا للوطن ,, وفى سبيل ذلك أختزلوا الوطن و الدستور و القانون , ,, بل ذهبوا الى اسوأ من ذلك حيث جعلوا( القبيلة و الدين) هو العمق الذى يتحرك فيه أصحاب المشروع الحضارى…

و الناظر لأقوال هؤلاء يجدهم أقرب لشيوخ القبائل و زعماء العشائر فى مجتمع أنتقالى لم يبلغ أولى درجات المدنية بعد,, منهم لقادة يحفلون بوحدة وطنهم و رفعته .. هؤلاء يقدسون المجتمع القبلى و هو بمنظور المدنية ليس مقدسا فى ذاته و لا فى توجهاته و لا أهدافه ,, اللهم الا اذا كان يحقق لبعضهم السطوة و السلطان , بل أمتدت الخطورة لتبلغ أعلى مستوياتها عندما أستغل هؤلاء الدين و جعلوه وفق فتاوى السلطان طوع بنانهم , و أستخدموه حراسا و حماة لهم …. بدلا أن يكون هم حراسا وحماة له ,, بأفعالهم قبل أقوالهم.

لقد أدمنوا صياغة الأمة السودانية فى الأتجاهات الخاطئة , تكفيرا و جهادا مقدسا بجنوب السودان و جبال النوبة و أبادة جماعية بدارفور … الكل من حولنا يتقدم ويبحث عن التغيير الأيجابى خدمة لأوطانهم و شعوبهم,,  بينما جعل هؤلاء السودان فى حالة سقوط سياسى و أجتماعى مستمر,( تارة بأسم الدولة الدينية و تارة بأسم الدولة العرقية )…

أيماننا بالسودان الواحد تجاذبته نيران الأستقطاب الحاد , لدرجة معيبة دفعت بعضنا يتطرف و يتخندق و ينكفئ على ذاته ,,, و يبتعد عن الهوية العربية و الأسلامية ,, بحيث لم تعد العروبة و الأسلام سوى لافتة توضع للتغطية على كل تعقيدات المشهد السودانى , السياسية و الأجتماعية و الأقتصادية ,,,

خطابات رئيس الجمهورية و أثرها فى الأمن الأجتماعى :–

نعلم أن رئيس الجمهورية أنسان محكوم بسلسلة من الأنتماءات المكتسبة و الموروثة ( المبدأ, الحزب , القومية , العرق , القبيلة , فخذ القبيلة , القرية  , الدين , الوطن….ألخ ) , و هذا أمر لا جدال و لا خلاف عليه فى الواقع السودانى , ,, لكن الخلاف ان يتصرف رئيس الجمهورية  قولا أو فعلا, و كأنه شيخ قبيلة , أو  زعيم طائفة دينية , أو رئيس تنظيم حزبى , أو زعيم جماعة عرقية فى وسط وطن مسكون بالتنوع العرقى و التعدد الدينى ,,,, حيث أن أقواله و أفعاله السالبة تقدح فى مصداقيته و فى مسئوليته الأخلاقية تجاه شعبه ,,و خاصة اذا ما شاب خطاباته نوع من الشطط و الأستقطاب , و بالتالى يكرس روح التقاطع و التنافر و الأستعداء وسط أمته ,, و هو أمر لا يتوافق مع أعرافنا و لا مع قوانيننا و لا مع الدستور السودانى …. و هو ما يهدد السلم و الأمن الأجتماعى …

خطابات رئيس الجمهورية الجماهيرية صارت نذير شؤم و قنابل موقوته  وصارت عبئا لنا و لحزبه,, و هو ما ينبغى تداركه  وأيجاد معالجة آنية لها,,لدورها فى أثارة مشاعر الكره و أستفزاز قطاع عريض من جموع الشعب السودانى , فالقائد يجمع و لا يفرق ,, و لا يعمد الى تزييف الوعى و تغييب الحقائق و محاولة أنتاج ذات الفشل (المشروع الحضارى) …

لقد وضح جليا أن خطابات رئيس الجمهورية تفتقر الى الموضوعية و وسائل الحماية الذاتية, و الموعظة الحسنة ,, فتغرر بالرججة و الدهماء و ترسل أشارات خاطئة , و تقضى الى التثقيف السالب و الأستنفار المعيب للمتسربلين بالشوفينية العرقية و الدينية … خطابات معيبة تجعل السواد الأعظم من الشعب السودانى غير ممثلين فى ذاك المجتمع ,, أو ذاك الوطن أو تلك السلطة ,, فيحاول جاهدا البحث عن حماية دولية أو أوطان بديلة ,,, و لنا فى جنوب السودان نموذج يحتذى ….. و ما زالت ألغام جبال النوبة و جنوب النيل الأزرق و دارفور تنتظر حظها من التعاطى …

فى كل بلدان العالم دائما رئيس الجمهورية هو مستودع الحكمة و الأتزان و الحافظ لقيم الوطنية و العدل (هذا ما ينبغى أن يكون) ,,, يستخدم نفوذه و قوته و سلطاته المخولة وفقا للدستور و القانون ليؤثر ايجابا فى سلوك شعبه و أتجاهات الأفراد فيه لأنجاز الأهداف المتفق عليها و التى تتوافق و الخير العام للوطن دون غمط لحق مجموعة و لا تمييز لفئة على حساب الفئات الأخرى و الا أختل ميزان العدل و صارت الدولة نهبا للسطو و شهوة السلطة ….

بعض الصفات الواجب توفرها فى رئيس الجمهورية :–

1—الهدوء و ضبط النفس , و التحكم فى تصرفاته و أقواله و أفعاله التى تأتى بعد فكر و تمحيص ,, و ليست ردات فعل هوجاء نتيجة لصياح و هتافات الجمهور …

2—المقدرة  على أقناع الآخرين قولا و فعلا و أستخدام المفاهيم المبسطة فى ذلك …

3—أمتلاك زمام المبادأة و المبادرة فى قضايا الوطن ,, و الأبتعاد عن أرتداء الجبة الحزبية و العرقية الضيقة فى مجمل المواقف الوطنية .,..

4—المقدرة على أستيعاب الآخرين و فهم قضاياهم بعيدا عن الأحكام المسبقة ,,و الألتزام بالوفاء بالعهود ..

5—الرغبة فى التغيير الأيجابى و الطموح و تحقيق التطور و التنمية المتوازنة فى ربوع الوطن …

6—الحزم و العدل و المسئولية و قوة الأرادة…

فى الحلقة القادمة:

خطاب رئيس الجمهورية بمدينة القضارف فى ديسمبر 2010 المنصرم ..

فتاوى الرابطة الشرعية للعلماء وللدعاة , و أثرها فى زعزعة السلم الأجتماعى ..

وكل عام و انتم بخير

موسى عثمان عمر على (بابو) —- أستراليا — 2 يناير 2011 ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *