بعد فشل التوصل لاتفاق: جنوبيو أبيي يستعدون لاستفتاء أحادي.. وإعلان المنطقة جنوبية
الخرطوم تهدد بتعطيل استفتاء الجنوب إذا نفذت الخطوة
الخرطوم: فايز الشيخ
تصاعدت الأحداث في منطقة أبيي الغنية بالنفط، والمتنازع عليها بين الشمال والجنوب، باعتزام مجموعات من قبيلة «دينكا نقوك» الموالية للحركة الشعبية إجراء استفتاء من طرف واحد، بعد أن فشل شريكا الحكم في السودان في التوصل لاتفاق لإقامة الاستفتاء فيها متزامنا مع استفتاء الجنوب، المقرر في التاسع من الشهر الحالي. وهددت الخرطوم بوقف الاستفتاء في كل الجنوب حال تنفيذ الخطوة.
ومع بدء العد التنازلي لاستفتاء جنوب السودان، بدأت الأحداث تتجه نحو التوتر في منطقة أبيي المتنازع عليها، وكشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن اعتزام قبيلة «دينكا نقوك»، وهي قبلية جنوبية موالية للحركة الشعبية تتنازع السيطرة على المنطقة مع قبيلة المسيرية العربية الشمالية، إجراء استفتاء من جانب واحد. وقالت المصادر «هناك ناشطون ومنظمات مجتمع مدني تعد العدة لإجراء الاستفتاء بالتزامن مع استفتاء الجنوب، بمشاركة قيادات المنظمات المدنية وبعض زعماء القبائل تخوفا من إهمال استفتاء المنطقة بعد انفصال الجنوب». وينص اتفاق السلام الشامل بين الخرطوم والحركة الشعبية على إجراء استفتاء لأبيي بالتزامن مع استفتاء الجنوب، لكن المصادر ذاتها استصعبت الاستفتاء بشكلها الدقيق «لأسباب لوجيستية، وضغوطات دولية من الأمم المتحدة». لكن المصادر أشارت إلى أن المجموعات ستتجه نحو اجتماع كبير تقرر بموجبه إعلان الانضمام إلى دولة الجنوب الجديدة بعد الاستفتاء.
وفشل الشريكان في التوصل لاتفاق نهائي حول المنطقة رغم وجود ستة سيناريوهات مقدمة من الوساطة الأفريقية والولايات المتحدة، ومن بينها إلغاء الاستفتاء. وبالفعل اتفق الطرفان من حيث المبدأ، لكنهما اختلفا حول القرار وبدائل الاستفتاء. وقالت المصادر «إن الأوضاع في شكلها العام تبدو هادئة مع وجود حذر وأحداث متفرقة بين قبائل المسيرية العربية والتي تنتمي للشمال وقبائل دينكا نقوك. وفي المقابل هددت الحكومة السودانية بوقف عملية الاستفتاء في الجنوب نتيجة لمواقف الدينكا. واعتبر القيادي بالمؤتمر الوطني الدرديري محمد أحمد، وهو من قبيلة المسيرية، الخطوة الأحادية مهددة للاستقرار في المنطقة».
في غضون ذلك، قال وزير الداخلية في حكومة جنوب السودان، غيير شونق ألونق، في تصريحات صحافية، إن وزارته سوف تنشر أعدادا لن تعلن عنها من قوات الشرطة في ولايات الجنوب العشر لحماية عملية الاستفتاء. وتقدر مصادر أمنية القوات الشرطية بنحو 60 ألفا. وأضاف الوزير أن تلك الحماية ستوكل فقط للشرطة دون سواها. وقال إن حكومة جنوب السودان لن تكون مسؤولة عن أي استفزازات.
وفي الخرطوم، أكد مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني الفريق محمد عطا فضل المولى أن عملية الاستفتاء ستتم في أجواء سلمية ومناخ آمن. وطمأن عطا السودانيين باستعداد كل الأجهزة الأمنية لتهيئة الأجواء وحفظ الأمن للمواطنين كافة من الجنوبيين والشماليين. وقال «ما أسمعه وأشاهده وما يصلني من نتائج وفق المعلومات الموجودة يطمئننا يوما بعد يوم، ويعزز ثقتنا يوما بعد يوما بأن الاستفتاء سيجرى في أجواء سلمية». وقال عطا إن الشعب السوداني ثابت نحو أداء هذا الالتزام الوطني. وأضاف أنه سيتم تجاوز كل الإشاعات والمرارات. وشدد على أن هناك اتفاقا على مستوى الحكومة المركزية والجنوب على ضرورة تهيئة الأجواء لإجراء استفتاء حر وآمن، والحفاظ على أمن المواطنين الجنوبيين في الشمال والشماليين في الجنوب، مشيرا إلى أن الجهود مبذولة لتحسين الوضع الأمني. وقلل من أي مهددات أمنية تصاحب عملية الاستفتاء، وقال «أقول بثقة كاملة وكبيرة إنه لن يضار شخص من الاستفتاء».
إلى ذلك، تبادل الجيش الشعبي الجنوبي والجيش السوداني داخل مجلس الدفاع المشترك الاتهامات بينهما بتسليح كل طرف لجهات معارضة للطرف الآخر، فيما أقرت القوات المسلحة بقصف مناطق وجود الحركات المسلحة. وقال المتحدث الرسمي باسم المجلس اللواء أحمد عبد الله النور، في تصريحات صحافية عقب اجتماع المجلس، إن «الاجتماع بحث الخروقات بين الطرفين على حدود 1956»، وأشار إلى أن «الجيش الشعبي اتهم القوات المسلحة بدعم قوات المرشح السابق لمنصب الوالي لولاية جونقلي اللواء جورج أطور»، ونفى ضلوع الخرطوم في عملية دعم تلك القوات، وأضاف «ليست لدينا مصلحة في دعم المنشقين من الجيش الشعبي»، لكنه نوه بأن الجيش أثارته عملية إيواء حكومة الجنوب لحركات دارفور المسلحة. وأكد أنهم قاموا بقصف مناطق داخل حدود عام 1956، مشيرا إلى أنها أماكن لوجود حركات دارفور. وأكد أن الطرفين تعهدا بدعم أي طرف معارض للآخر. وأكد النور أن مهام القوات المشتركة هي تأمين الحدود بين الشمال والجنوب حتى نهاية الاستفتاء بغض النظر عن نتيجة الاستفتاء. وقال «حال الوحدة ستكون القوات المشتركة نواة الجيش القومي، وحال الانفصال فإن الطرفين سيعملان على أمن واستقرار الدولتين في الشمال والجنوب، كما ستبدأ عملية تسريح القوات المشتركة بعد الاستفتاء مباشرة بالتدرج حتى التاسع من يوليو (تموز)» المقبل، وهو نهاية الفترة الانتقالية وانتهاء اتفاق السلام بين الجنوب والشمال.
وبلغ عدد القوات المشتركة والمكونة من جنود الطرفين مناصفة نحو 39 ألفا من القوات التي تم نشرها في الجنوب والنيل الأزرق وجبال النوبة والعاصمة الخرطوم. واعتبر النور أن «أمن الجنوب في هذه الأيام أهم من أمن الشمال، وأن عملية الاستفتاء عملية تحتاج إلى تأمين عال». وقال إن القوات المشتركة ستعمل على تأمين منطقة أبيي بالتنسيق مع شرطة أبيي إلى حين التوصل إلى اتفاق بين الشريكين (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية) على إجراء الاستفتاء.
وأشار إلى أن المجلس سيخاطب رئاسة الجمهورية لحماية وتأمين مناطق مؤسسات النفط على خلفية اتفاق وزيري الدفاع بحكومتي الخرطوم والجنوب في منطقة فلج بولاية أعالي النيل.