أيام قلائل تفصلنا عن أهم حدث سوداني في مطلع عام 2011 وهو إجراء الاستفتاء على تقرير مصير جنوب السودان المقرر له التاسع من يناير/كانون الثاني المقبل، وإن قلّت المخاوف الدولية من تأجيل هذا الاستفتاء إلا أنها زادت بعد أن هددت الحكومة السودانية بوقف عملية الاستفتاء في الجنوب بعد معلومات أفادت بأن الحركة الشعبية تعتزم إجراء تصويت حول مصير منطقة أبيي المتنازع عليها قبل التاسع من يناير/كانون الثاني، وهو الموعد المقرر للاستفتاء حول تقرير مصير جنوب السودان.
خلاف غير محسوم
وكان البروتوكول الخاص بهذه المنطقة ضمن اتفاقية السلام التي وقعت بين شريكي الحكم في السودان عام 2005، قد نص علي إجراء استفتاء لسكانها بالتزامن مع استفتاء جنوب السودان يحددون من خلاله اختيارهم بين الانضمام للجنوب أو الحفاظ على وضعهم الإداري الخاص في الشمال، إلا أن ذلك لم يعد ممكناً الآن وذلك لفشل المؤتمر الوطني والحركة الشعبية في حل الخلافات العالقة بينهما حول المنطقة، خاصة ترسيم الحدود ومن له حق المواطنة في أبيي.
وفي تصريحات خاصة لـ”العربية.نت” أوضح السلطان شول ماي ون، أحد قيادات منطقة أبيي وأعيان قبيلة دينكا نقوك، أن ما رشح عن عزم الحركة الشعبية إجراء استفتاء في منطقة أبيي قبل التاسع من يناير/كانون الثاني وتهديد المؤتمر الوطني بإيقاف مجمل عملية الاستفتاء في حال أقدمت الحركة على هذا الإجراء أوضح أنها تراشقات تظهر من حين لآخر بين المؤتمر الوطني الحركة الشعبية لإشغال الناس، متهماً الشريكين بالفشل في حل قضية المنطقة كما نص البروتوكول الخاص بالمنطقة في اتفاقية السلام الشامل، ووصف ما يجري الآن حول المنطقة بمحاولة كل طرف تعليق أسباب هذا الفشل على الآخر.
واعتبر السلطان شول هذه التصريحات مجرد قرارات سياسية تخص الحزبين (الوطني والحركة) فقط وليس قرار قبيلة دينكا نقوك، نافياً أن يكونوا كقيادات وأبناء المنطقة لهم علم بما يحدث. وتوقع شول مزيداً من الاشكالات إن لم يتم حسم قضية أبيي حسب اتفاقية السلام وبمشاركة أبناء المنطقة.
مخاوف من تصرّف أحادي الجانب
وفي اتصال هاتفي مع “العربية.نت” قال الدرديري محمد أحمد، أحد أبرز قيادات قبيلة المسيرية مسؤول ملف أبيي في حزب المؤتمر الوطني، إنه بالرغم من التنبيهات المتكررة التي قدمتها الحكومة للحركة الشعبية في كثير من المحافل الدولية بشأن أبيي لم تنف الحركة الشعبية مطلقاً نيتها الإقدام على فعل أحادي بشأن المنطقة، ومن ثم فإنهم لا يستبعدون هذه الخطوة بتاتاً، مضيفاً “نعتقد أن الحركة أكملت استعداداتها تماماً للقيام بهذه الخطوة ونحن من جهتنا أعددنا العدة للقيام بما يلزم لمواجهتها”، وفي ردّه على سؤال حول طبيعة ما يلزم فعله قال الدرديري: “لكل حادث حديث”، مشيراً إلى أنهم أعلنوا بشكل محدد جداً أنه إذا ما قامت الحركة الشعبية بهذا فإنها تكون قد غيرت طبيعة استفتاء جنوب السودان، وجعلت منه استفتاء على جنوب السودان زائداً أبيي بدلاً من أن يكون استفتاء على جنوب السودان وحده، ومن ثم فإنهم لن يسمحوا بإجراء هذا الاستفتاء على هذا النحو إذا ما قامت الحركة الشعبية بضم أبيي لجنوب السودان بحجة تقرير مصير الدينكا نقوك.
لمحة عن آبيي
تقع أبيي على الحدود بين ولايتي جنوب كردفان وولاية شمال بحر الغزال، وتقدر مساحتها بـ16 كم مربعاً، وتتميز بأرض منبسطة وتحدها شمالاً المناطق التي تسكنها قبيلة المسيرية، وجنوباً بحر العرب القريب منها. ويعيش فيها مزيج من القبائل الإفريقية والعربية حيث تعتبر منطقة تداخل بين قبيلة المسيرية الشمالية وقبيلة الدينكا نقوك الجنوبية، وهو تداخل يعود تاريخه إلى منتصف القرن الثامن عشر، ونتج عنه حروب أهلية عديدة طوال هذه الفترة بسبب النزاع على المراعي وسيادة الأرض، وهذا النزاع مستمر حتى يومنا هذا.
ويتصدر إنتاج النفط موارد المنطقة على الرغم من تباين آراء بعض الخبراء حول حجم هذا الإنتاج النفطي، لكن المنطقة تشتهر بالمراعي الغنية والأراضي الزراعية الخصبة.
يُذكر أن اتفاقية السلام الشامل التي وقعت بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني في عام 2005 لم تحسم حدود منطقة آبيي، واتفق الطرفان على تشكيل لجنة خبراء مشتركة مهمتها ترسيم حدود آبيي، حيث قامت لجنة التحكيم الدولية في لاهاي في يوليو 2009 بتقسيم حدود أبيي وفق دراسات لجنة من الخبراء.