الجاز لـ«الشرق الأوسط»: البقاء في السودان بالاقتناع.. والإحساس بشرف الانتماء إليه

   

عوض الجاز
عوض الجاز

الجاز لـ«الشرق الأوسط»: البقاء في السودان بالاقتناع.. والإحساس بشرف الانتماء إليه

الوزير النافذ في حكومة البشير: الحلول الأميركية لن تقدم أو تؤخر
فيينا: بثينة عبد الرحمن
أكد عوض الجاز، وزير الصناعة السوداني، العضو النافذ بحزب المؤتمر الحاكم، أن حدود السودان معروفة ومحفورة في الوجدان، لكنها لن تكون سببا لإجبار الجنوبيين على البقاء داخل إطارها لو اختاروا الانفصال في الاستفتاء لتقرير مصير الجنوب مطلع العام المقبل. متسائلا: إلى متى سيظل شمال وجنوب السودان يتقاتلان ويتجاذبان؟ مؤكدا أن البقاء في سودان موحد لن يتأتى إلا بالاقتناع والإحساس بشرف الانتماء إليه، مضيفا أن الحلول المفروضة خارجيا حتى ولو كانت أميركية لن تقدم أو تؤخر، فالسودان يبنيه أبناؤه. عوض الجاز هو أقدم وزير في حكومة الإنقاذ التي استولت على الأمور في السودان بعد انقلاب عسكري في يونيو (حزيران) 1989، عمل الجاز كوزير للنفط ثم وزيرا للمالية وحاليا هو وزير الصناعة. «الشرق الأوسط» التقت الجاز مرارا عندما كان وزيرا للنفط يحضر بصفة مراقب مؤتمرات منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» من مقرها بالعاصمة النمساوية فيينا، وبالأمس التقيناه كوزير للصناعة جاء إلى فيينا مشاركا في مؤتمر لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية «يونيدو» في زيارة ليوم واحد ورغم ضيق وقته فقد تكرم بالإجابة على بضعة أسئلة طرحتها «الشرق الأوسط» لم تدر حول الصناعة أو النفط أو المال وإنما عن مستقبل السودان ككل وعن قضية الاستفتاء الذي سيحدد مصير السودان كقطر واحد بحدوده المعروفة وكوطن للسودانيين بمختلف فصائلهم وقبائلهم أم مجزأ ومقسم.

* رغم اقتراب موعد الاستفتاء لتقرير مصير جنوب السودان وحدة أم انفصالا بتاريخ 9 يناير (كانون الثاني) 2011 فإن الأمور لا تزال غير واضحة ما بين مشكك في قيام الاستفتاء ومشكك في نتيجته مما انعكس قلقا وتوترا على المواطنين؟

– ظل السودان في حالة خصومة بين الشمال والجنوب منذ 1954 وعندما تم التوقيع على اتفاقية السلام 2005 كان الغرض أن يمنح الطرفان أنفسهما فرصة للوحدة ليس بالقوة و«الملاواة»، بل بالتفاهم والاتفاق والعمل المفيد. لقد أعطت الاتفاقية الإخوة الجنوبيين الكثير «أكثر من اللزوم» فهي لم تكن صيغة تجارية بل صيغة توافق بين أهل بيت لا داعي للشد والجذب بينهما وخاصة أن الاتفاقية حرصت على الإخوة الجنوبيين الذين لم يتركوا البلد رغم الحرب. سعينا لعلاقة طوعية دون إكراه. علاقة تذيب الخلافات وتؤكد لمن حملوا السلاح وجود فرص لتجاوز الشكوك وعدم الثقة. وطيلة 5 سنوات هي عمر الفترة الانتقالية حكم الجنوبيون أنفسهم، كما شاركوا في حكم السودان بأكمله وليس الشمال وحده. كل ذلك لنؤكد عدم وجود لسياسة فرق تسد (وحقي وحقك). سعينا لوحدة جاذبة وأن نعمل سويا لجعلها جاذبة وأن يتحدث الناس عن محاسن الوحدة. واتفقنا على تحديد الرأي وأن نعمل لنبقى في وطن واحد موحد. كان هذا هو المبتغى، أما إذا قرروا فصل دولتهم فذلك اختيارهم الذي ستلتزم به الحكومة ويتم تنفيذه عن طريق الاستفتاء، شريطة أن يكون استفتاء نزيها وشفافا تتاح فيه الفرصة لكل أبناء الجنوب ممن لهم حق التصويت للتعبير عن رأيهم.

* هناك من يرى أن انفراد «المؤتمر الوطني» و«الحركة الشعبية» بصياغة اتفاقية السلام كان خطأ من البداية وسيحاسبهما الشعب عليه؟

– ليس المهم الآن من يحاسب الشعب.. وهذا الاتفاق عندما وضع شارك فيه الجميع.

* من تقصد بالجميع.. هل تقصد تلك الحفنة من الأحزاب الصغيرة المعروفة بأحزاب الزينة والديكور.. لقد اقتصرت الاتفاقية على «الحركة الشعبية» و«المؤتمر الوطني» ولم تشارك فيها الأحزاب الكبيرة ذات الوزن؟

– ليس هذا مجالا للإساءات وكلهم سودانيون لهم الحق في حكم السودان. وعندما تم الاتفاق على الاتفاقية وقبل إجازتها عرضت على الأجهزة المختصة حتى لا تصبح ملكا لهذا أو ذاك. وكان من المفترض أن يشارك الجميع أثناء الفترة الانتقالية في العمل على جعل خيار الوحدة خيارا جاذبا وللبقاء طوعا. منذ 1955 اندلعت الحرب بين الشمال والجنوب قبل خروج المستعمر 1956 والسؤال الذي يجب أن نسأله لأنفسنا: إلى متى سنستمر نتقاتل ونتحارب ونتجاذب ونضيع مستقبل البلد؟ إن حدود السودان الموحد تسكن قلوبنا، لكن لا سبيل لإجبار الجنوبيين على البقاء فقط من أجل الحفاظ على تلك الحدود، لا بد من البقاء اقتناعا لنفتخر بهذه الحدود وحتى نحافظ عليها بشرف. إن الخلافات في الرأي تحدث حتى داخل الأسرة الواحدة والبيت الواحد، لكنها لا تصل إلى حد الخصومة، إذ يراعي أفراد الأسر اعتبارات كثيرة تجمع بينهم وتوحدهم في نهاية الأمر.

* إذا قام الاستفتاء ولم يقبل نتيجته طرف من الطرفين فما هو السبيل حتى يتجنب السودان حربا جديدة؟

– سيكون القانون هو الفيصل. لقد بنيت اتفاقية السلام وفقا لمواثيق يجب الاحتكام إليها.

* ما قولكم بشأن الترغيبات والتهديدات الأميركية؟

– البلد يبنيه أهله وليس الأميركان أو غيرهم من فلان أو علان فهؤلاء لن يفيدونا.

* الأميركان يعدون برفعكم من قائمة الإرهاب؟

– لقد حكمنا 21 عاما ظلوا طوالها يناوشون دون أن نسأل فيهم فما الذي أصابنا.. ماذا فعلوا لنا؟ وهذا الإرهاب الذي يتحدثون عنه هل هو عندنا أم عندهم؟ يكفي أن ينظروا إلى سجونهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *