الخاسرون في الانفصال ..والمستفيدون من الاستقلال

الخاسرون في الانفصال ..والمستفيدون من الاستقلال !

يعتبر الانفصال فشل سياسي مريع ,وإذا وقع الانفصال..! وليس لوقعته كاذب حتى الآن..!يعتبر زلزالا يدمر البنية الاجتماعية والثقافية والجغرافية في الدولة السودانية, وخصماً على التعايش والتآلف المجموعات البشرية التي عاشت في ارض السودان عبر التاريخ .

لماذا الانفصال ..!أو الاستقلال في رأي أبناء الجنوب …!؟

ما هي  دواعي  ومسببات الانفصال ..أو تقرير المصير ..أو الاستقلال !!؟ ..

ما رأيكم في اجتهادات واستنباطات المجتهدون  التالية :

         الحروب الأهلية المستمرة ..  

         بعث النعرات العنصرية :” العرقية  والجهوية  والدينية والاثنية والقبلية   والثقافية ”

         توسيع هوة الخلاف والاختلاف ونصف الثقة بين الأطراف المتصارعة في البلد

         تمزيق شبكة العلاقات الاجتماعية  .

هل هذه العوامل أو الدوافع كافية للإطاحة بوحدة السودان ..؟ أم هناك عوامل ودوافع أخرى بجانب المذكور ..!!؟ .

يقولون :لا يمكن الإطاحة بوحدة المنظومة في حجم الدولة ,إلا إذا تعرض هذه المنظومة لأذىً جسيم ومميت أو ضربات قاصمة في شبكة علاقاتها الاجتماعية وبالتالي أثر سلباً في التعايش والتآلف بين أفرادها..!   ,يمكننا  ان نتصور ما تعرض ويتعرض لها الدولة السودانية  من ضربات  وأزمات منذ  منتصف القرن الماضي :-

في مطلع الستينيات صرح بعض الجنرالات في الجيش السوداني, أنهم على استعداد حرق الجنوب ..!من اجل إخماد التمرد في الجنوب  آنذاك – يعني إبادة جماعية..! – بدون أدنى اعتبار لمشاعر وكرامة شعب الجنوب ,وهم شركاء في الوطن ..!

في مدينة جوبا ,هناك  حي أو حارة تسمى “رجال مافي ” أو خالي من الرجال..! ,والسبب : يقال ان في الستينيات وجد ضابط  شمالي في الجيش السوداني مقتولاً في هذه الحارة, بدلا من البحث عن الجاني والقبض عليه ,اقتحمت فرقة عسكرية الحارة واعدم جميع رجال الحارة ..! فصارت الحارة بدون رجال..!” رجال مافي ..!” 

في عام 1965م تظاهر أبناء الجنوب في العاصمة وخربوا بعض المحلات  التجارية والخ.. على خلقية سوء تفاهم مع الحكومة , تصدى لهم أبناء العاصمة في شكل تجمع أو تكتل عرقي ضد الجنوبيين …!اضطرت الشرطة حصر أبناء الجنوب في تجمعات لحمايتهم  وتم ترحيل عدد كبير منهم إلى الجنوب  .

في عام 1995م أقامت بيت الثقافة السودانية ندوة سياسية , كان النقاش يدور حول الكتاب “نقض العهود” لسيد “ابيل أبير” تحدث مدير بيت الثقافة السودانية معلقا على حديث “ابيل ألير”: أن الأوضاع الآن أفضل مما كانت عليها في الماضي , كانت “البوليس” أو الشرطة السودانية تلاحق الجنوبيين والغرابة في بعض الأحياء الراقية بالعاصمة .. !الآن أمثال” بيو يو كوان” والتجاني ادم الطاهر يقيمون بخرطوم 2 في أمان ..!

هل سمعتم بأيام “الكشة” ..!؟أو حملة تطهير العاصمة من الغرابة والجنوبيين..!؟, هذه  في مطلع الثمانينيات ,إذا كنت من الغرب أو الجنوب وزرت العاصمة لأي سبب كان, لمهمة خاصة أو العلاج ..الخ ,لشرطي العاصمة صلاحية القبض عليك وإبعادك فورًا إلى حيث أتيت..!!, لأنك تسبب الزحمة للسكان العاصمة أبناء البلد أو أبناء الوسط النيلي ..!

من الإحداث المؤسفة الأليمة في تاريخنا الحديث مذبحة “الضعين”, التي راحت ضحيتها آلاف الجنوبيين من قبائل” دينكا “بعضهم من سكان المدينة من بينهم أئمة المساجد ..!أبيدوا عن بكرة أبيهم على مرأى ومسمع من القوات النظامية ..! لا لذنب ارتكبوه ..فقط ان المتمردين من “دينكا “قتلوا أبناء الرزيقات ..!لا تزر وازرة  وزر أخرى.. .  

اذاً من المسئول عن تمزيق شبكة العلاقات السودانية وانفصال الجنوب ..؟ اعتقد ان النخبة النيلية الحاكمة منذ الاستقلال حتى اليوم تتحمل وزر تفكيك وحدة السودان.., هذه النخبة خليط من الدخلاء ذات أعراق أجنبية..! لا تربطهم صلة بالسودان الأفريقي !, وبعضهم ليس لهم امتداد عرقي خارج العاصمة وبالتالي ليس لهم علاقة بالهامش السوداني البتة.! ,لاشك ان بعضهم ساهم في بناء الدولة السودانية (السودان القديم ) في مجلات عدة: الاقتصادية..الثقافية والمهنية.. ,ولكن عملوا ضمن دولة مفصلة ومكيفة لخدمة أعراق وكيانات محددة لتكريس

هيمنة (اسلاموعروبية )مستخدماً في ذلك أدوات السيطرة, المتمثلة في السلطة والثروة والعلاقات العامة لضرب القبائل والاثنيات النسبية وخاصة المجموعات التي تهدد أو من المحتمل  ان تهدد مشروعها فيما بعد , لعبت هذه النخبة في تأسيس دولة هلامية منفصمة مشدودة بقوة إلى العروبة المستوردة  في السودان ..!وحرروا لها شهادة ميلاد بتاريخ  دخول العرق العربي فيها.. !!., تسللت هذه النخبة  إلى صفوف الحركة الإسلامية في السودان, وصادت في الماء العكر.., جعلت من الإسلام مطية إلى السلطة, ما أن وصلت إلى مراكز القوة ,ضربت القيم والمبادئ الإسلامية عرض الحائط وتشبثت بالعرقية و”أصول العربية” المزعومة..!, وأقصت أبناء الهامش من صفوف الحركة بأحابيل ملتوية.. , وكانت مثلث عبد الرحيم حمدي ,ومثلث (“القبيلة.. الثروة.. الأمن “..!) كان الهامش السوداني في غفلة إلى أن

وصلت جحافل صيف العبور إلى( توريت) هناك دارت المعارك  وتقاتل أبناء الوطن الواحد وسالت دماء أبناء الهامش بغزارة ..!, وإعلام النخبة في العبور:-

إلى العلا ..إلى العلا ابعثوا مجدنا آفلا … !

توريت .. يا توريت  يا ارض الفدا ..آليت أن اجعل منك مقبرة العدى

الليلة يا قرنق .. وهاك من دار جعل ..! .

معلوم ان حق تقرير المصير لشعب جنوب السودان من أهم بنود اتفاقية “يفاشا “ولم يكترث الطرفان الموقعان يومئذ لمخاطر وتبعات الانفصال..!, وخاصة حكومة المؤتمر الوطني ولم تبذل جهدا كافيا لجعل الوحدة جاذبة في الفترة الانتقالية..!, ولم تضع أي خطة لجمع الصف الوطني ,كانت تخوض مع الخائضين مع جهابذة العنصرية والجهوية حتى أتاها يقين الانفصال ..!الآن أصبح الانفصال على مرمى حجر..! وما زال الجدل  بين شريكي الحكم بيزنطيا ..! , عشرون مسالة حساسة متعلقة بالانفصال أو الاستقلال ولم يتفق عليها, والموعد آتٍ وقريب ..! 9يناير 2011م , .

الكل خاسر إذا انقسم الوطن وان تباينت الآراء في هذا ,لكن من هو الخاسر الأكبر ؟ .

اعتقد المجموعات القبلية التي تقطن المناطق الحدودية بين الشمال والجنوب هي أكثر المجموعات تضررا – المسيرية في جنوب كردفان وخاصة في منطقة “آبيي.. “- والرزيقات في جنوب دارفور وقبائل جنوب النيل الأبيض,  ومنطقة حفرة النحاس, وغيرهم من القبائل التماس .كل هذه المجموعات تفقد الكثير إذا انفصل الجنوب, وتلحق بهم إضرار جسيمة ليس فقط لأنهم في مناطق التماس بين الشمال والجنوب, إنما الحكومة النخبة في الخرطوم استغلتهم استخدمتهم كمليشيات عرقية  تقاتل نيابة عن  النخبة الحاكمة ضد قبائل “الدينكا” وغيرهم في الجنوب..- سياسة “فرق تسد -!” في حالة الانفصال.. , حكومة الجنوب لا تنسى  ولا تسامح القبائل التي قاتلت  الحركة الشعبية إلى جانب حكومة النخبة في الخرطوم إبان الحرب الأهلية ..!,فسوف يدفعون الثمن غالياً إذا حصل احتكاك بين هذه المجموعة وحكومة الحركة الشعبية في الدولة الجنوب المرتقبة..!,إلا إذا انضموا إلى دولة الجنوب في هذه الحالة الأمر مختلف  بطبيعة الحال . لا أتمنى ان تسوء الأمور هكذا.., ولكن المستقبل قاتم .

حامد جربو/السعودية

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *