مع اجتماع أبو الغيط وكلينتون.. واشنطن ترفض الاقتراح المصري بكونفدرالية في السودان
مصدر في الخارجية الأميركية لـ «الشرق الأوسط»: اقتراح القاهرة ليس وقته.. والنمسا تستضيف مفاوضات سودانية
واشنطن: محمد علي صالح فيينا: بثينة عبد الرحمن الخرطوم: فايز الشيخ
تزامنا مع اجتماع تم أمس بين وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ونظيرها المصري أحمد أبو الغيط، بحث الوضع في السودان، قال متحدث باسم الخارجية الأميركية إن واشنطن ترفض الاقتراح المصري بتأسيس نظام كونفدرالي بين شمال وجنوب السودان. وقال فيليب كراولي، في مؤتمر صحافي، أمس، ردا على سؤال بأن الوزير المصري جاء إلى واشنطن حاملا اقتراح الكونفدرالية بين الشمال والجنوب، إن «اتفاقية السلام بين الشمال والجنوب تنص على أن من حق شعب جنوب السودان تقرير مستقبله. ونحن ننتظر لنرى ماذا سيقول الجنوبيون يوم 9 يناير (كانون الثاني) في الاستفتاء.. سنحترم ما سيقولون». وجاء حديث كراولي قبيل اجتماع كلينتون وأبو الغيط.
وقال مصدر في الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط» إن هيلاري كلينتون لا ترفض الاقتراح المصري، لكنها ترى أن هذا ليس الوقت المناسب له. وأن أهم شيء هو إجراء الاستفتاء في الجنوب في موعده، ليقرر الجنوبيون ما إذا كانوا يريدون الانفصال أم الوحدة. وإذا قرروا الانفصال، فإنهم يقدرون على التفاوض مع الشمال حول العلاقات بينهم، وهذه يمكن أن تشمل الكونفدرالية، أو أي نوع آخر من العلاقات.
وقال المصدر: «لا يوجد شيء، في الوقت الحالي، أهم من أن يقرر الجنوبيون مصيرهم في يناير». في الوقت نفسه، أوضح المتحدث باسم الخارجية احتمال تأجيل الاستفتاء في منطقة أبيي الغنية بالنفط، التي تقع على الحدود بين الشمال والجنوب، «إذا اتفق الجانبان على مسار آخر». وقال: «في حين أنه من الممكن نظريا القول إن الاستفتاء يمكن أن يجرى في ميعاده في أبيي. ندرك وجود مشكلة متزايدة. نحن لا نعفي الأطراف من واجباتها في هذا الموضوع. واليوم، هم ملزمون بالتعاون حسب الجدول الزمني لإجراء استفتاء أبيي يوم 9 يناير». لكنه أضاف: «في الوقت الحاضر، لا يوجد اتفاق بين الشمال والجنوب على تفاصيل هذا الاستفتاء (في أبيي). إذا كانوا قادرين على التوصل إلى مسار مختلف، فهذا متروك لهم. ولكن، يجب أن يكون المسار المختلف مقبولا للطرفين». وقال: «الأمر متروك للطرفين لاتخاذ قرار من أجل التوصل إلى حل مقبول من الطرفين حول منطقة أبيي. إنها مسؤوليتهم، أولا وقبل كل شيء».
وقال كراولي إن الحكومة الأميركية، رغم كل ذلك، متفائلة. وأشار إلى دور وجهود يقوم بها كل من الجنرال سكوت غريشن، مبعوث الرئيس أوباما، والسفير الخاص بالجنوب، برينستون ليمان، ورئيس جنوب أفريقيا السابق، ثابو أمبيكي. وقال: «كانت لدينا سلسلة من المباحثات مع المسؤولين السودانيين في الأسبوع الماضي. ونحن مستمرون في بذل كل ما في وسعنا لترقى الأطراف إلى مستوى التزاماتها بموجب اتفاق السلام الشامل». وأضاف: «يجب أن لا ننسى حقيقة أن هناك أقل من شهرين للاستفتاء المقرر في جنوب السودان. ليس لدينا وقت لنضيعه. هناك الكثير الذي ينبغي القيام به. في الوقت الحاضر، يجري عمل الكثير. وهناك استعدادات تجري حاليا في مجالات التسجيل، وتدريب العاملين، وإعداد مراكز الاقتراع، وهذه المجالات ستكون ذات أهمية حيوية لتنفيذ استفتاء ناجح».
إلى ذلك، دخلت النمسا على خط الوساطة السودانية، حيث تستضيف، مؤتمرا للحوار والتفاكر حول التحديات التي تواجه استفتاء جنوب السودان واستفتاء منطقة أبيي الغنية بالنفط، المتوقع إجراؤهما في التاسع من يناير المقبل. وفي العاصمة فيينا، افتتح وزير الخارجية النمساوي، ميخائيل اشبندلينغر، بصحبة نظيره السوداني علي أحمد كرتي، مؤتمر الحوار السوداني، الذي تنظمه مجموعة من مراكز الدراسات الاستراتيجية النمساوية تحت رعاية وزارة الخارجية، ويشارك فيه، عدد من الوزراء والمسؤولين الحكوميين السودانيين من جنوب وشمال السودان، منهم وزير شؤون مجلس الوزراء لوكا بيونق، ووزير التعاون الدولي يحيى حسين، ووزير النفط لوال دينق، ووزير الدولة للمالية الفاتح علي صديق، وحاكم ولاية الوحدة (جنوب) تعبان دينق، بينما تعذر حضور آخرين.
وقال السفير السوداني لدى النمسا، محمود حسن الأمين، لـ«الشرق الأوسط» إن عقد المؤتمر في فيينا خلال هذه الأيام الحساسة، يعكس مدى الاهتمام الذي توليه النمسا للشؤون السودانية وفاعلية تعاطيها الإيجابي مع القضايا والتحديات التي تواجه السودان، مؤكدا أن المؤتمر يهيئ فرصة لمزيد من الاتصالات والمشورة بين شريكي الحكم في السودان بهدف أن يتحقق قيام الاستفتاء على أسس سلسة ومتينة تأكيدا على ضرورة استمرار التعاون بين الطرفين مهما كانت نتيجة الاستفتاء، انفصالا أم وحدة. وأكد الأمين، أهمية الدور النمساوي، لا سيما أن النمسا تتمتع بمقعد من المقاعد غير الدائمة في مجلس الأمن في دورته الحالية، بالإضافة إلى موقعها المؤثر في منظومة دول الاتحاد الأوروبي، نافيا أن تكون النمسا ساعية إلى القيام بدور وسيط بين الشركاء السودانيين، وإنما تسعى فقط إلى توفير منبر فكري لمزيد من التقارب والتفاهم والاتفاق، حتى ولو اختلفت وجهات النظر. معلوم أن هناك 5 قضايا أساسية لا تزال موضع خلاف بين أطراف الحكم السودانية رغم اقتراب موعد الاستفتاء.
إلى ذلك، قال وزير الدولة البريطاني في وزارة التنمية الدولية، أندرو ميشال، في مؤتمر صحافي بالخرطوم، إن نائب الرئيس السوداني، علي عثمان محمد طه، الذي يزور لندن مطلع الشهر المقبل، تعهد له بحماية الجنوبيين في شمال السودان حال التصويت في الاستفتاء. وقال: «أكد لي طه أنه يدعم حرية التنقل والإقامة والعمل والتملك». من جهته حذر مدير مكتب منسق الأمم المتحدة المقيم في السودان، كلارك سوريانو، من حالة عدم الانتماء إلى دولة إذا صوت الجنوبيون للانفصال، واعتبر أن ذلك سيؤدي إلى مزيد من التوترات، وطالب بالسعي إلى وضع حق المواطنة للذين فقدوا الانتماء للدولة وفقا لقانون 1954 الخاص بحق المواطنة.
وأضاف سوريانو أن تفويضهم يتعلق بوضع اللاجئين داخليا والعمل على حمايتهم. وقال خلال ورشة عمل عن المواطنة: «إنه حسب تفويضهم يمكن أن يساعدوا في ذلك»، وزاد: «نحن غير معنيين بالنتيجة النهائية للاستفتاء وهذا شأن سياسي». وشدد كلارك على أن ما يخصهم هو وضع ترتيبات في ما يخص حالة عدم الانتماء إلى دولة، ودعا إلى الاهتمام بترتيبات المواطنة في الحوار بين الشريكين حسب المبادئ المتسقة مع الاتفاقيات الدولية. وتعد قضية «المواطنة والجنسية» بين الشمال والجنوب من أكثر القضايا الخلافية تعقيدا في ملفات ترتيبات ما بعد الاستفتاء. ويزور ميشال، المسؤول البريطاني، الخرطوم ضمن مساع بريطانية لضمان إجراء الاستفتاء في موعده وبحرية ونزاهة، وأعلن ميشال عن تبرع بريطانيا بمبلغ 75 مليون جنيه إسترليني، بينما تبرع بمبلغ 200 مليون دولار لصالح العمل الإنساني في دارفور المضطرب. وكما نقل ميشال دعوة لطه من رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون لزيارة لندن في نهاية ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وإجراء مباحثات ما قبل استفتاء تقرير المصير. وأكد ميشال حرص بلاده على تعزيز التعاون بين الخرطوم ولندن، خصوصا في مجال التعاون التنموي، مشيرا إلى أن زيارته تهدف إلى التباحث مع المسؤولين في الدولة حول تطورات الأوضاع بالبلاد وموقف تنفيذ اتفاقية السلام الشامل.