اقتراحات من أوباما لشريكي الحكم السوداني لتسوية النزاع بينهما على مستقبل ابيي

جندي تابع للأمم المتحدة في ابيي- أ ف ب
جندي تابع للأمم المتحدة في ابيي- أ ف ب

اقتراحات من أوباما لشريكي الحكم السوداني لتسوية النزاع بينهما على مستقبل ابيي
االخرطوم – النور أحمد النور ؛ الدوحة – محمد المكي أحمد
كشف رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأميركي السيناتور جون كيري أمس أنه سلم «حزب المؤتمر الوطني» و «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، اقتراحات من الرئيس الأميركي باراك أوباما و «خريطة طريق» لتسوية النزاع بين شمال السودان وجنوبه على منطقة ابيي الغنية بالنفط. ورأى أن قبولها سيفتح الطريق أمام تحسين العلاقات بين الخرطوم وواشنطن والمجتمع الدولي.

وأجرى كيري محادثات أمس مع رئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت في جوبا عاصمة إقليم الجنوب، ومساعد الرئيس السوداني نافع علي نافع، ركزت على القضايا العالقة المرتبطة باستفتاء تقرير مصير جنوب البلاد المقرر بداية العام المقبل وتسوية النزاع على ابيي ومسائل ما بعد الاستفتاء وأبرزها النفط والمواطنة والديون والمياه. وقال للصحافيين قبيل مغادرته الخرطوم عصر أمس إنه نقل اقتراحات أوباما لسلفاكير ونائب الرئيس علي عثمان طه، لكنه رفض الإفصاح عن مضمونها.

ودخل شريكا الحكم في محادثات في الخرطوم أمس تستمر خمسة أيام في حضور كيري والمبعوث الرئاسي الأميركي إلى السودان سكوت غرايشن لتجاوز مشكلة ابيي، وستعقد اجتماعات أخرى بينهما في النمسا لردم هوّة الخلاف في قضايا ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب وحقوق المواطنة.

وكان الطرفان عقدا لقاء تشاورياً في أديس أبابا أول من أمس، أعلنت الأمم المتحدة خلاله رفضها دعوات من جنوب السودان لإرسال قوات لحفظ السلام وإنشاء منطقة عازلة على امتداد الحدود مع الشمال قبل الاستفتاء. ونقلت وكالة «رويترز» عن الامين العام المساعد للامم المتحدة لعمليات حفظ السلام آلان لو روي قوله للصحافيين بعد الاجتماع: «لن تكون هناك قوات أممية لحفظ السلام في المنطقة العازلة. إنه أمر غير واقعي… الخط الحدودي المشترك واسع جداً ومن غير الواقعي نشر قوات هناك».

البشير ودارفور

إلى ذلك، أنهى الرئيس السوداني عمر البشير أمس زيارة إلى الدوحة استغرقت يومين أجرى خلالها محادثات مع أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني تناولت العلاقات الثنائية والتطورات السياسية في السودان وفرص تسوية ازمة دارفور التي تستضيف الدوحة محادثات في شأنها بين الحكومة وحركة متمردة. واعتبر البشير أن اقتراح مصر إقامة كونفيديرالية بين شمال السودان وجنوبه «غير مطروح الآن»، مشيراً إلى أن «الدخول في تفاصيل ما سيتم عقب الاستفتاء سابق لأوانه».

واختتم البشير زيارته باجتماع عقده مع الوساطة المعنية بملف دارفور ممثلة بالوسيط الدولي جبريل باسولي ووزير الدولة القطري للشؤون الخارجية أحمد بن عبدالله آل محمود. وعلمت «الحياة» من مصدر مطلع أن الوساطة أطلعت البشير خلال اللقاء الذي «جاء بطلب من الرئيس السوداني وبمبادرة منه» على مسار المفاوضات بين الخرطوم و «حركة التحرير والعدالة» وطبيعة القضايا التي اتفق عليها طرفا التفاوض والقضايا الخلافية التي رفعت إلى الوساطة لتقريب وجهات النظر في شأنها.

وأوضح المصدر أن «الوساطة أشارت الى قضيتي الإقليم الواحد في دارفور وموضوع تمثيل الدارفوريين في السلطة» اللذين يمثلان أبرز نقاط الخلاف بين الحكومة السودانية و «التحرير والعدالة» التي تطالب باعتبار دارفور إقليماً واحداً وبمنح دارفوري منصب نائب الرئيس. وأضاف أن «الوساطة أشارت الى أهمية حل هاتين المشكلتين، فيما جدد البشير التأكيد على جدية سعي حكومته إلى تحقيق السلام في دارفور، وأنها مستعدة لدفع ثمن السلام».

لكن الرئيس السوداني قال، بحسب المصدر، إنه «يتفادى حل مشكلة بخلق مشاكل أخرى، كما يحرص ألا تكون عملية التمثيل في السلطة على حساب مناطق أخرى في السودان، مشيراً إلى تباين آراء أبناء دارفور في شأن أن تكون إقليماً واحداً». وأضاف المصدر أن البشير «أكد أهمية التوصل إلى حل لأزمة دارفور قبل إجراء الاستفتاء على تقرير مصير جنوب السودان».

وحذر زعيم «حزب المؤتمر الشعبي» الدكتور حسن الترابي من «مخاطر محدقة بالبلاد في الفترة المقبلة». ورجح انقسام السودان إلى ثمانية أجزاء حال انفصال الجنوب عبر الاستفتاء المرتقب. وتوقع «خروج الشعب على الحكومة في انتفاضة شعبية لإطاحتها، على غرار الانتفاضتين اللتين أطاحتا حكم الرئيسين السابقين إبراهيم عبود في العام 1964 وجعفر النميري في العام 1985 بسبب اليأس من الحكم الحالي».

وقال الترابي في تصريحات صحافية عقب عودته من زيارة خارجية شملت ألمانيا وفرنسا وقطر، إن حل أزمة دارفور «يتمثل بمنح الاقليم نسبة في السلطة والثروة بحسب ثقله السكاني على غرار اتفاق السلام في الجنوب»، مشيراً إلى أن «هناك ازدياداً في نسبة الوعي لدى السودانيين بمخاطر الانفصال أكثر من أي وقت مضى». واتهم الولايات المتحدة بأنها «تريد إجراء الاستفتاء في موعده لإكمال عملية الانفصال والاستفادة من مياه النيل مع إسرائيل».

ميدانياً، تصاعدت الأوضاع العسكرية في دارفور. وقال الناطق العسكري باسم «حركة العدل والمساواة» المتمردة علي وافي إن «قوة من الجيش مكونة من ثلاث دوريات قوامها 210 سيارات رباعية الدفع وشاحنات، مدعومة بمدرعات ومدفعية ثقيلة وطائرات مقاتلة هاجمت ظهر السبت مواقع الحركة في ولاية شمال دارفور» واشتبكت مع عناصرها.

وأضاف في بيان أمس أن قواته «سحقت القوة الحكومية وكبدتها خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات ودمرت 6 شاحنات كبيرة محملة بالعتاد والذخائر وأسرت عدداً منهم بينهم ضباط، وغنمت 20 سيارة عليها مدافع دوشكا، و12 سيارة عليها قاذفات مختلفة، و6 شاحنات محملة بالذخائر والعتاد العسكري والمؤن». وأشار إلى أن «القوة الحكومية تسعى إلى الاستيلاء على مصادر المياه في شمال دارفور وفرض سيطرتها على المنطقة»، مؤكداً أنها «نفذت هجومها بعد قصف جويّ ومدفعي مكثّف استمر ثلاثة أيام أدى إلى نفوق قطعان من الماشية وإثارة الرعب في نفوس الرعاة».

لكن وزير الدفاع الفريق عبدالرحيم محمد حسين قلل من عمليات متمردي دارفور. واتهم الحكومة الأوغندية بالاتفاق بتنسيق مع حكومة إقليم الجنوب على إفساح المجال أمام «حركة العدل والمساواة» لتنطلق هجماتها من جنوب السودان، مشيراً إلى أن جرحى الاشتباكات الأخيرة للمتمردين مع الجيش والشرطة «يتم حالياً إجلاؤهم إلى أوغندا وفقاً لذلك الاتفاق».

وأشار إلى أن متمردي «العدل والمساواة» الذين كانوا يتمركزون في الجزء الجنوبي الشرقي من ولاية شمال دارفور «جرت مطاردتهم حتى بلغوا وادي هور المتاخم للحدود الليبية»، مشدداً على أنهم «تفرقوا، وهم لا يهاجمون الجيش، غير أن عبورهم يجعلهم يمرون بقواته صدفة من دون تخطيط، كما ظلوا يهاجمون الشاحنات وناقلات المياه». وأضاف أن «العناصر التي فقدها المتمردون أضعاف الجرحى في صفوف الجيش والشرطة. والأيام المقبلة ستشهد حسم تلك الفئات حسماً نهائياً».

في سياق متصل (رويترز)، اتهمت المخابرات السودانية عاملين في محطة إذاعية تركز على شؤون دارفور بالعمل لحساب المتمردين والمحكمة الجنائية الدولية التي تسعى إلى اعتقال الرئيس البشير بتهمة ارتكاب «جرائم حرب وإبادة جماعية» في الإقليم.

وكانت التقارير التي ظهرت في وسائل إعلام حكومية أول تأكيد رسمي لشن حملة على إذاعة دبنقا المسجلة في هولندا التي داهمت الشرطة مكتبها في الخرطوم الأسبوع الماضي. ونقل «المركز السوداني للخدمات الصحافية» عن مصدر أمني ان ما تقوم به الإذاعة «عمل عدائي ضد البلاد يرتكز على تحريض المواطنين وإجهاض الحل السلمي». وأضاف أن «معظم العاملين في الإذاعة ممن ينتمون إلى الحركات المسلحة ويعملون لمصلحة المحكمة الجنائية».

ويُحكم السودان سيطرته على الإذاعة والتلفزيون، ورفض السماح لإذاعة «مرايا» التابعة للأمم المتحدة بالبث في شمال البلاد. كما لم يسمح لقوة حفظ السلام في دارفور بالبث في المنطقة. وكانت إذاعة دبنقا أحد آخر المصادر المتبقية التي تركز على أخبار دارفور، قبل أن تعتقل قوات الأمن الأسبوع الماضي 13 من العاملين فيها، إلى جانب صحافي بارز من دارفور يعمل في جريدة مستقلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *