الأكاديمي والسفير د . حسن عابدين يقرأ المستقبل في إفادات حصرية لــ ( الأخبار )

الأكاديمي والسفير د . حسن عابدين يقرأ المستقبل في إفادات حصرية لــ ( الأخبار )

إذا تم القبول بهذا الطرح يمكن حينها حل مشكلة أبيي من غير إستفتاء

بينما تتسارع خطى المفاوضين عن الشريكين والراعي الأمريكي في الخرطوم وجوبا وأديس أبابا والقاهرة وغيرها ، حول الإستفتاء وإجراءاته وترتيبات مابعد قيامه ، مع الأسئلة الكبرى المفتوحة بدون إجابة تسكن آلام وآمال الجنوبيبن والشماليين والمشفقين والعقلاء بشأن المستقبل وما تحمله أيامه … في هذا الوقت يخرج أكاديمي رصين وسفير سابق هو الدكتور حسن عابدين ، أستاذ التاريخ بجامعة الخرطوم ووكيل وزارة الخارجية الأسبق على العالمين بإقتراح اقل مايقال عنه إنه متفرد ، نوعي ، ومثير للإهتمام ، يعني حسب د . حسن عابدين بتبديد مخاوف العودة إلى الحرب مرة أخرى وضمان السلام الدائم حقيقةً لا حكماً . ( الأخبار) جلست إلى الدكتور حسن عابدين حول مقترحه الأخير، والقاضي بإلغاء الإستفتاء لتقرير مصير جنوب السودان أو مواطني جنوب السودان ومنطقة أبيي ، حيثيات المقترح ، شروط صحته ، مقروناً مع مقترحه السابق ، والداعي لتأجيل الإنتخابات العامة الماضية إلى مابعد الإستفتاء ترى هل كان د . عابدين في دعوته السابقة كزرقاء اليمامة في رؤيتها لما وراء الأكمة ؟ وماذا عن الرؤية الحالية والأكمة هي ذاتها…. الفشل في الإستقرار ونزع فتيل الرعب من تجديد حرب الخمسين عاماً اللعينة الماضية؟؟

 في البداية حدثنا في كلمات عن مقترحكم بشأن إستفتاء الجنوب …. ماهو هذا المقترح؟
   المقترح هو أن يتم بالاتفاق إلغاء الإستفتاء كجزء من وفاق سياسي حول كل القضايا المتعلقة بالجنوب وبإنفصال الجنوب أو إستقلاله وبالعلاقة بين الشمال والجنوب بعد الإنفصال والفكرة أن تعلن كل القوى السياسية الشمالية من خلال مؤتمر دستوري مواقفها على منح الجنوب الإستقلال بعد فترة إنتقالية تمتد لعامين ، وتحديداً إعتباراً من 9 يناير 2013م ، هذا يحقق رغبة الجنوبيين وإرادتهم الواضحة الآن ، حتى قبل الإستفتاء ، في الإنفصال وإقامة دولتهم الخاصة والمستقلة وهنا أنا قلت وقد استدعينا واستهلكنا واستنفدنا كل الآليات القانونية ونيفاشا والوساطات وكذا ورغم ذلك ما زلنا في المربع الأول من حيث المشاكل المعلقة ، فلماذا لا نستدعي التاريخ المعاصر؟ تاريخنا المعاصر يقول حينما اختلف الفرقاء قبل الإستقلال وأنقسموا بين إتحاديين وإستقلاليين ، استلهمت القوى السياسية كلها في ذلك الوقت، رغبة الشعب في أنه يريد الإستقلال ، لذلك تجاوزوا الإستفتاء المنصوص عليه في اتفاقية الحكم الذاتي1953م والتي منحت السودانيين تقرير المصير عبر الإستفتاء ، تجاوزوا هذا عندما تأكد لهم لا معنى لإجراء الإستفتاء إذا كانت رغبة السودانيين الإستقلال التام، ولذلك أعلنوا الإستقلال من داخل البرلمان بوفاق وطني..

 في هذه النقطة ، هل يمكن أو يجوز إعلان إنفصال الجنوب من برلمان الجنوب ،قياساً على سابقة إستقلال السودان من داخل البرلمان؟
لا أبداً ، أنا أقول في هذه المرة الظروف إختلفت ، والقضية إختلفت ، لابد أن يكون إعلان هذا الإستقلال بإتفاق من خلال مؤتمر دستوري لكل القوى السياسية ، ومن خلال جلسة مشتركة للهيئة التشريعية القومية والمجلس التشريعي في جنوب السودان ، في جلسة تاريخية مشتركة وفي ضوء قرار من هذا المؤتمر السياسي أو الدستوري للأحزاب السياسية ، يعلن هذا الإستقلال ويحدد تاريخه بعد فترة إنتقالية عامين. لماذا عامين؟ لأن هاك قضايا معلقة حتى الآن لابد أن نعترف بفشلنا في أن نعالجها ، في الوقت الذي تزداد فيه حدة التوتر وتصبح إحتمالات الحرب والمواجهة والعنف شيئاً كاد أن يكون حتمياً ، إذا تم هذا الإستفتاء وبهذه الطريقة لذلك الفكرة من هذا الإقتراح هي تبديد هذه الأجواء ، بأن أنت أول ما اعترفت للجنوبيين بالإستقلال وحددت له تاريخياً ، أنت أعدت بناء الثقة فعلاً ، وهم أطمانوا أنهم خلاص حققوا هدفهم ورغبتهم الأساسية التي حاربوا من أجلها لسنوات طويلة جداً جداً ، وأصبحوا في وضع نفسي وسياسي يشجع على حلحلة المشاكل العالقة ، بما فيها مشكلة أبيي ، وتكون أنت وفرت أجواء إيجابية أكثر ، وقطعت الطريق أمام أي إحتمال لحرب ، لماذا ؟ لأنهم كانوا يقولون الإستفتاء إذا لم يتم ، فلنا رأي ثانٍ وهو إعلان الإستقلال من طرف واحد وفي حال حدث ذلك هناك رد فعل شمالي قد يكون سلبياً جداً وخطيراً وهكذا…

 لكن كيف ترد على الإنفصالين الجنوبيين بأنك بهذا الإقتراح حرمتهم من ممارسة حق تقرير المصير؟
” أنا ما حرمتهم” بل بالعكس أعطيتهم المصير وهو الإستقلال ، ماهي الفكرة من الإستفتاء ؟ إن الجنوبيين يعبروا عن إرادتهم ورغبتهم في الإنفصال حسب وجهة نظرهم هم ، فهذه فرصة لهم ولكن إذا أنت منحتهم هذا الحق وهو الشئ الأساسي لأنهم يريدون الإنفصال والإستقلال وإقامة دولتهم المستقلة فأنت بهذا تكون حققت لهم إرادتهم وحقهم من غير إستفتاء.

 هناك حديث حالياً أن الإستفتاء يحتاج قيامه إلى معجزة ، طبقاً لتصريحات بروفيسور خليل رئيس مفوضية الاستفتاء ، فهل تعتقد أن الإستفتاء سيقام في موعده ويكون نزيها؟
أنا كل أفكاري مبنية على أن هذا الإستفتاء لن يقوم في موعده المتفق عليه لكثير من الأسباب التي تحدث عنها الناس وآخرهم رئيس مفوضية الإستفتاء ولسبب آخر أنه حتى إذا قام الإستفتاء في موعده ، لن يتم بسلام وقد تكون نتيجته أيضاً موضع نزاع وعنف مرة أخرى يعني إذا كانت نتيجته هي الإستقلال والإنفصال قد لا يقبل بها الوحدويون ويثيرون مشاكل وثغرات كثيرة جداً جداً وقد يصفون الإستفتاء بأنه لم يكن نزيهاً وحصلت فيه ضغوط وحصلت فيه كذا والعكس أيضاً صحيح إذا غلب خيار الوحدة فشئ طبيعي أن تحدث ردود أفعال من الجنوبيين قد لاتكون سلمية أو يقبلوا النتيجة بروح رياضية…

 كان لديك مقترح بصفتك أكاديمياً وباحثاً ومشاركاً أو مساهماً في العملية السياسية الحالية ومنذ مفاوضات نيفاشا ، مقترح بتأجيل الإنتخابات إلى ما بعد الإستفتاء .. المقترح الأخير القاضي بإلغاء الإستفتاء هل يعتبر عطفاً على المقترح القديم؟
إقتراحي الأول كان بإلغاء الإنتخابات على إعتبار أنني كنت أرى أن لا جدوى منها في ذلك الوقت وأنها لن تأتي بنتيجة تغير شيئاً في الساحة السياسية وأعتقد أن التوقع حدث ، فماهو الجديد الذي جاءت به نتيجة الإنتخابات على الساحة السياسية وعلى علاقة الشريكين ؟ لاشئ حقيقةً مع كامل إحترامي للأعضاء الذين فازوا بالإنتخابات ولكن الآن جزء من هذه الفكرة أنه عند الإعتراف للجنوبيين بالإستقلال ومنحهم هذا الإستقلال لابد أن تكون هنالك تغييرات متوازنة ومتوازية بالنسبة لمستقبل الشمال نفسه يعني إذا الجنوب استقل وانفصل ، مستحيل أن يستمر الشمال بوضعه السابق ، لأنه سيكون دولة أقل مساحة وأقل سكاناً وأقل جيراناً وأقل موارد ، فلابد من إعادة صياغة دولة الشمال الجديدة من معطيات هذا الواقع الجديد ، لذلك جزء من هذا الإقتراح أن نفس هذا المؤتمر الدستوري تتمخض عنه حكومة قومية انتقالية لفترة السنتين يكون من مهامها الرئيسية أن تشرف على الفترة الإنتقالية وتحويل السلطة بشكل نهائي للجنوبيين وتعد لإنتخابات بعد نهاية الفترة الانتقالية السنتين هنا في الشمال وتضع مسودة لمشروع دستور الانتخابات تجئ بجمعية تاسيسية تجيز هذا الدستور الدائم للسودان وهذا بالمناسبة من نصوص نيفاشا ، أنه بعد الفترة الانتقالية يكون هناك دستور جديد ولمح لذلك السيد الرئيس في خطابه الأخير ، وأعتقد أن حديث الرئيس مؤخراً في إجتماعات المجلس القومي للتخطيط الإستراتيجي الأسبوع الماضي وأشار فيه إلى أنه ممكن يكون هناك تعديلات على نيفاشا وأطروحات جديدة وكذا ، لابد من أن يؤخذ ماخذ الجد ، لأنه لابد من تغيرات سياسية ودستورية ستحدث في السودان في حالة الإنفصال أو في حالة الوحدة…

 طيب ، بصفتك كنت مشاركاً في مفاوضات نيفاشا عن الوفد الحكومي ، لماذا لم تضعوا تصورات في حال عدم قيام الاستفتاء؟
حقيقة لم أشارك في الوفد الحكومي في نيفاشا ، وإنما مشاركتي كانت هامشية من موقعي كسفير في بريطانيا حضرت توقيع الإتفاق وشاركت أيضاً في الوفد الحكومي في مؤتمر المانحين بأوسلو بعد اتفاقية السلام ، لكن كتبت من قبل مطلع هذا العام مقالاً بعنوان ( نيفاشا الثانية ) وقلت في ذلك المقال آنذاك قبل تسعة أشهر إن نيفاشا بها نواقص لابد أن تستكمل ببروتوكول جديد إضافي سميته بالبروتوكول السابع عن ترتيبات مابعد الإستفتاء أو ترتيبات مابعد الإنفصال وأعتقد أن من المآخذ الأساسية على نيفاشا أنا شخصياً رغم الجهد الكبير الذي بذل فيها وهي بلا شك إنجاز كبير أوقف الحرب لكن أيضاً من نواقصها أنها كانت مبنية على فكرة أن الوحدة ستكون جاذبة لذلك لم تتحوط للسيناريو الآخر وهو الإنفصال إذا اتضح أن الوحدة لم تكن جاذبة مثلما إتضح الآن ماذا سنفعل في علاقة الشمال مع الجنوب إذا انفصل الجنوب؟؟ وإقتراحي هذا ليس سوى سيناريو لهذه العلاقة المستقبلية مع الجنوب وفي الكلام الذي قلته أن جزءاً من هذا الحل أو هذا الطرح أو هذا السيناريو ليس فقط حل المشاكل العالقة وإلغاء الإستفتاء والإعتراف للأخوة الجنوبيين بالإستقلال بعد سنتيين لكن أيضاً ترتيب العلاقة المستقبلية بين الشمال الدولة الجديدة والدولة الجديدة في الجنوب ، وأنا دائماً أعبر عن هذا وأقول إن الإنفصال ليس نهاية التاريخ ليس نهاية تاريخ العلاقة الشمالية – الجنوبية بل بالعكس ستكون فرصة لعلاقة نوعية ، وإستمراراً للعلاقات التاريخية والروابط الإجتماعية والثقافية بين الشمال والجنوب ولا ننسى أننا نحن الشماليين كما نعتبر أنفسنا سودانيين ، الجنوبيين أيضاً يعتبرون أنفسهم سودانيين..

 سؤال أخير .. هل ينسحب مقترحكم بإلغاء الإستفتاء ، على إستفتاء منطقة أبيي ؟ وماهي رؤيتكم لمصير المنطقة؟
نعم وأعتقد أنه بالمثل إذا كنا نحن طرحنا للجنوبيين فكرة قبول الإستقلال بدون إستفتاء فستصبح عندنا مشاكل معلقة من بينها أبيي وأعتقد من نتائج هذا الطرح إذا تم القبول به ، هذه المعادلة ستخلق أجواء جديدة للتوصل إلى حل المشاكل الأخرى من غير إستفتاء بما فيها مشكلة أبيي.

 بمعنى؟
بمعنى أنه ممكن الحكومة الإنتقالية الجديدة في شمال السودان والحكومة الإنتقالية في الجنوب يتفاضوا حول حل لمشكلة أبيي من غير إستفتاء وهذا ممكن وقبل أيام لمح الطرفان الدرديري المتحدث بإسم منطقة أبيي وباقان أموم المتحدث بإسم الحركة الشعبية ، بأنه يمكن أن يكون هناك حل بدون الإصرار على الإستفتاء فإذا أنت قدرت على حل المشكلة الكبيرة بدون إستفتاء اتفاق خلال الفترة الانتقالية فالحل ممكن ولكن حتى يمكن القول إن موضوع أبيي هذا نؤجله حتى إنتهاء سنتي الفترة الانتقالية إذا لم نجد له حلاً إلى ذلك الوقت ، ممكن نلجا إلى الإستفتاء يعني ممكن تقول .. والله نؤجل إستفتاء أبيي لصالح حل وفاقي تفاوضي خلال الفترة الإنتقالية – سنتين – إذا لم نتوصل خلال هذه الفترة إلى حل وأنا أفتكر يمكن التوصل إلى حل نعمل الإستفتاء…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *