قبل بدايتها بيومين.. المهدي يرفض نتائج الانتخابات السودانية ويعتبر المشاركة فيها استفزازا
مفوضية الانتخابات: مقاطعة الأحزاب لا تعنينا.. حزب البشير: الأمة انتحر سياسيا.. سوزان رايس: مؤشرات «مقلقة» في السودان
الخرطوم: اسماعيل آدم لندن: «الشرق الأوسط»
قبل يومين من انطلاقة الانتخابات السودانية المصيرية، اختار الصادق المهدي زعيم حزب الأمة، أن يقاطع وحزبه، الانتخابات الحالية، التي ستنطلق بعد غد الأحد، مشيرا إلى أن المشاركة في الانتخابات ما هي إلا عملية «دس للرؤوس في الرمال؛ لأن الانتخابات تقوم بصورة غير حرة ولا نزيهة وفي مناخ استفزازي ولا تمثل احتكاما صحيحا للشعب، وتحريا صحيحا لإرادته»، ورفض المهدي نتائج الانتخابات مسبقا. واعتبرت مفوضية الانتخابات أن قرارات الأحزاب «لا تعنينا»، وأكدت قيام الانتخابات في موعدها. في وقت اعتبر مساعد الرئيس السوداني ونائب رئيس حزب المؤتمر الوطني الحاكم نافع علي نافع قرار حزب الأمة بأنه «انتحار سياسي»، بينما اعتبر قرار الحركة الشعبية بمقاطعة الانتخابات في الشمال بأنه، يمثل الحركة الشعبية قطاع الشمال فقط وجاء «مجاملة شخصية» لمرشح الحركة للسباق الرئاسي ياسر عرمان، الذي سحبته الحركة الشعبية من السباق الأسبوع الماضي.
وأعلن حزب الأمة القومي بعد اجتماع، وصف بأنه كان عاصفا، مقاطعة الانتخابات في المستويات كافة، وجاء في قرار حزب الأمة الذي تلته مسؤولة الانتخابات في الحزب سارة نقد الله أن المكتب السياسي للحزب اتخذ قراره بالمقاطعة على المستويات كافة؛ لأن الانتخابات لا تمثل احتكاما صحيحا للشعب، وتحريا صحيحا لإرادته، واستثنى قرار الحزب الانتخابات في «جنوب كردفان والنيل الأزرق»، وقال القرار إن دستور حزب الأمة يمنح رئاسة الحزب صلاحيات تمارسها وهي مساءلة أمام المؤتمر العام. لذلك، سوف تجري الرئاسة بعض الاستثناءات – مثلا – في مناطق انتخاباتها، كجزء من عملية استشارة حول المصير بين الشمال والجنوب «النيل الأزرق وجنوب كردفان»، هذه الاستثناءات سوف يصدر بها بيان لاحق اليوم.
وفي مؤتمر صحافي عقده في دار حزب الأمة بمدينة أم درمان أمس، حضره حشد من الصحافيين، شرح فيه قرار حزبه بمقاطعة الانتخابات على المستويات كافة، قال المهدي إن دستور الحزب يمنح رئاسته صلاحيات لاستصدار بعض الاستثناءات لهذه المناطق لخوض العملية الانتخابية، ولذلك سوف يصدر الحزب بيانا في وقت لاحق بهذا الخصوص، وذكر أن «رفض الحد الأدني من التأجيل لرفع مستوى نزاهة الانتخابات جعل مشاركتي تفقد معناها». وقال المهدي إن موقف المكتب السياسي لحزب الأمة كان الأقرب للمشاركة في الانتخابات، ولكن عدم الاستجابة لمطالبه بالإصلاح رجح كفة مقاطعة للانتخابات.
وقال المهدي إن الانتخابات آلية مختارة للاحتكام للشعب لاختيار البرنامج الأفضل والقيادة الأمثل لحكم البلاد، وهي لا تحقق ذلك بالمستوى المطلوب إلا في المناخ المناسب من أمن، وحرية، ونزاهة، وقبول لإجراءاتها في المراحل المختلفة. وقدم تفصيلات لأسباب المقاطعة من بينها أنه «لم توضع أية معالجة عادلة للموقف المأزوم في دارفور، حيث حالة الطوارئ، والاضطراب الأمني، والأحزاب المسلحة متحفزة، ومعسكرات النازحين واللاجئين مغيبة»، وقال: « ثم اتضح أخيرا أن السجل الانتخابي ما زال مفتوحا يضاف إليه، وهناك عشرات الآلاف من الأسماء التي أضيفت للسجل المنتهي في ديسمبر (كانون الأول) 2009م، بل هناك خلل بتطابق تام للسجل لبعض الدوائر في الأقراص المدمجة المسلمة للأحزاب، وقد امتنعت المفوضية عن تسليم النسخة الورقية للأحزاب بالسجل النهائي حتى الآن».
وذكر أن الحزب الحاكم استغل السلطة في الحملة الانتخابية بصورة مشاهدة للناس أجمعين، وأضاف أن حزب البشير «سمح للتكفيريين الجدد بإصدار فتاوى مسمومة تكفر وتخوّن من تشاء كما تشاء، مما كهرب المناخ الانتخابي. ولكن، لأنهم جميعا ذيلوا مقولاتهم المسمومة بدعم الحزب الحاكم، فإن مقولاتهم التحريضية مضت بلا مساءلة»، ونوه إلى أنه «انتشرت في الطرقات ملصقات ولافتات أخرى تبث الكراهية وتغرس الفتنة كذلك من منطلق تأييد الحزب الحاكم، مما أتاح لها الحصانة».
وقال المهدي إن هذا « الاستخفاف بالإصلاح والاستفزاز للآخرين وللمراقبين الدوليين رجح كفة المقاطعة للانتخابات المعيبة، فحينما نوقش الأمر مرة ثانية جرت تحولات أساسية لدى آراء غالبية أعضاء المكتب السياسي نحو المقاطعة الكاملة».
وحول موقفه كمرشح للحزب للسباق الرئاسي، قال المهدي: «كنت شخصيا أتوقع تناولا أكثر إيجابية مع هذه الانتخابات، ولكن رأي الجماعة لا تشقى البلاد به». وأضاف: «وأود أن أشكر الذين قادوا حملتي الانتخابية بكفاءة عالية وأساليب مبتكرة على ما قدموا». واستمر: «أؤكد لهم أننا في المرحلة القادمة سوف نولي التواصل معهم – بأقوى صورة – أهمية قصوى». وتابع: « كما أؤكد للرأي العام السوداني عامة والدولي أن حزب الأمة القومي سوف يظل حارسا لمشارع الحق، حريصا على التحول الديمقراطي الكامل والسلام العادل الشامل، باسطا يده وقلبه ولسانه لكل من يتجاوب مع هذه الأهداف».
في رده على قرار حزب الأمة، قال نافع علي نافع مساعد الرئيس للصحافيين إن قرار حزب الأمة بالمقاطعة يعتبر انتحارا سياسيا للحزب، وأضاف: «بدلا من أن يستمر في الانتخابات وهي ليست نهائية، اختار المقاطعة». ورده على قرار الحركة الشعبية للانتخابات في الشمال، قال عرمان إن المكتب السياسي للحركة الشعبية برئاسة النائب الأول ورئيس الحركة سيلفا كير اتخذ قرارا بالمشاركة في الانتخابات في كل المستويات، وأضاف أن المقاطعة التي حدثت فهي من الحركة الشعبية في قطاع الشمال، وجاءت «مجاملة شخصية» لمرشح الحركة الشعبية ياسر عرمان الذي «انسحب من السباق الرئاسي بعد أن فشل في معركة لم يعد لها العدة».
في هذه الإثناء، قال البروفسور عبد الله أحمد عبد الله نائب رئيس المفوضية القومية للانتخابات، الناطق الرسمي، إن انسحاب القوى السياسية للانتخابات المقبلة شأن خاص بهم، ولا يعني المفوضية في شيء، وأضاف: «المفوضية ليست حكما، وإنما مسؤوليتها إعداد الوضع لإجراء الانتخابات والترتيب لها»، وأكد أن تقارير المفوضية عن دارفور تشير إلى أن الترتيبات والمطلوبات تمكن من إجراء الانتخابات بها. وأكد عبد الله عقب استماع المفوضية لتقارير أعضائها من الولايات عقب اجتماع المفوضية للصحافيين أمس، أن تقارير الولايات تشير إلى أن الترتيبات الفنية والأمنية المطلوبة على درجة عالية من الكمال، وقال إن اجتماع المفوضية أمس كان لفحص ومراجعة التقارير التي عاد بها المفوضون من ولايات البلاد كافة، وتابع: «وعليه أقرت المفوضية مواصلة العمل حسب جدولها المعلن للاقتراع بعد غد الأحد».
فيما، أعلن موسى محمد أحمد، رئيس اللجنة العليا للانتخابات بولاية الخرطوم عن تخصيص (820) مركزا للاقتراع بالولاية، وأوضح أنه تم تعيين (10396) موظفا لإجراء العملية بتلك المراكز، وقال إن كل لجنة تضم (6) موظفين، وأشار إلى اعتماد اللجنة (17) مرشحا لمنصب الوالي، و(510) للمجلس الوطني، فيما اعتمدت للمجلس الولائي (697) مرشحا، وقال في مؤتمر صحافي أمس إن معدات الاقتراع ستصل لجميع مراكز الولاية اليوم وغدا السبت، وأوضح أن عدد الناخبين بالولاية بلغ (1.926.524) ناخبا، وأكد وجود تنسيق بين لجنة الانتخابات والشرطة لحماية العملية الانتخابية بالولاية، وقال إن نشر القوات في المراكز تم منذ مساء أمس.
من جهته، قال إبراهيم حسن الباشا عضو اللجنة العليا، مسؤول الإعلام، إن لجنته وضعت لافتات على المراكز كافة لهداية الناخبين لها.
ونفى البروفسور مختار الأصم، مسؤول الدوائر الجغرافية بالمفوضية القومية للانتخابات، عضو اللجنة العليا، أن يكون انسحاب بعثة الاتحاد الأوروبي للمراقبة من ولايات دارفور ورائه الظروف الأمنية بالمنطقة، وقال الأصم للصحافيين عقب اجتماع المفوضية بالبعثة أمس، إن الانسحاب يرجع لأسباب خاصة بالبعثة ليست من بينها ما أشيع. وأوضح أن الأسباب التي أوردتها للمفوضية لم يكن من بينها عدم الاستقرار في دارفور، وأشار إلى أن البعثة ستصدر بيانا توضح فيه الأسباب الحقيقية لانسحابها، وأكد الأصم أن الأوضاع في الإقليم مطمئنة للغاية، وقال إن أغلب أجزاء دارفور ستجرى فيها الانتخابات.
وفي نيويورك، تحدثت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة، سوزان رايس، أمس، عن «مؤشرات مقلقة» تم رصدها في السودان قبل الانتخابات، التي ستكون الأولى منذ عشرين عاما، لكن زميلها السوداني أكد أن هذه الانتخابات ستكون مثالية. وقالت رايس للصحافيين إثر جلسة لمجلس الأمن الدولي خصصت للسودان: «المؤسف أن هناك مؤشرات تم رصدها على الأرض تثير قلقا كبيرا» مع اقتراب موعد الانتخابات التي تبدأ الأحد. وأضافت أن تقريرا رفعه إلى المجلس رئيس عمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة الآن لو روي، أدى إلى تعزيز «قلق سابق». وأوضحت رايس أن هذا القلق يتصل بالقيود التي تفرضها الحكومة السودانية على الحريات السياسية وحرية التعبير والتجمع، إضافة إلى القيود المفروضة على وسائل الإعلام والحيلولة دون الوصول إلى مراكز الاقتراع وخصوصا في دارفور. وأكدت الدبلوماسية الأميركية أن قرار الاتحاد الأوروبي سحب مراقبيه من دارفور يُظهر «إلى أي مدى تفتقر العملية الانتخابية إلى معايير السلامة الأمنية وتثير إشكاليات في هذه المنطقة من البلاد ومناطق أخرى».
لكن السفير السوداني، عبد المحمود عبد الحليم محمد، نفى وجود «أي أزمة انتخابية»، مؤكدا أن الانتخابات ستجري كما هو مقرر. وأعلن أن الشعب السوداني «فخور بأن التحول الديمقراطي للبلاد الذي التزمته الحكومة بات حقيقة». وأضاف: «كل شيء جاهز لإجراء انتخابات نزيهة، ديمقراطية وشفافة سيفخر بها الجميع في السودان».