ممارسة سياسة الاقصاء المقصودة .. وإستهداف قيادات أبناء الأجانق فى جبال النوبة
بقلم / آدم جمال أحمد – سدنى
المؤامرات التى تحاك ضد مناطق الأجانق وأبنائها لم تخفى على أحد على مر التاريخ بمنطقة جبال النوبة .. ولكنها نشطت فى الأونة الأخيرة وأخذت طابع أخر فأصبحت تمارس بصورة علنية من مجموعات ضغط ( لوب ) لها نفوذ ونوع من العقلية التآمرية وبدأت تطفو على سطح الأحداث فى جبال النوبة .. فصارت مناطق الأجانق بسبب تصرفاتهم ومؤامراتهم تتعرض الى إهمال وتهميش مقصود .. وإستهداف وإقصاء للقيادات والشخصيات البارزة فى المنطقة بمختلف بطونها عبر مخطط مدروس ، وذلك بهدف إضعاف كيان الأجانق من بعض الأطراف النوبية وخاصة الحركة الشعبية .. وهذا يستوجب وقفة صادقة من جميع أبناء الأجانق على اختلاف ألوان طيفهم السياسى وإتجاهاتهم الفكرية ، لأنه تجاوز سقف الصبر .. للتفاكر والتشاور حول هذه الإشكالية التى أصبحت تؤرق مضجع أبناء الأجانق وعانت منها المنطقة لسنوات عديدة ، للخروج برؤية موحدة فى كيفية التصدى لهذه الهجمات والمؤامرات ، وخاصة إننا مقبلين على فترة مليئة بالتحديات تواجه أبناء الأجانق وتحدق بهم وتعيق مسيرتهم ، فى منطقة جبال النوبة على وجه الخصوص مما يتطلب منهم توحيد جهودهم وترتيب صفوفهم وجمع شتاتهم مستهلين بذلك العبر والدروس المستفادة من الماضى والسعى بها لإبراز دورهم الريادى والقيادى فى جبال النوبة والسودان عامة ، لأن تقدم أى أمة لا يمكن أن يكون إلا بإرتفاع نسبة الوعى والمستوى الثقافى والعلمى لأبنائها ومعالجة أخطاء الماضى وسلبياته.
دعونا نتحدث عن نقطة طالما أثارت ردود أفعال واسعة وسط الساسة والمفكرين والعوام من أبناء الأجانق فى الداخل والخارج ، وأصبحت حديث المجالس .. فليس تحاملاً على بقية المجموعات النوبية أو تصرفات بعض قيادات الحركة الشعبية بمنطقة جبال النوبة أو تنادياً بالعنصرية أو زراعة الفتنة كما يعتقد البعض منا .. لكن إستشعاراً بالمسئولية الملقاة على عاتقنا ، ونسبة للمنعطف الخطير والهام ، التى تمر بها قضية جبال النوبة من تطورات سريعة ومتلاحقة ، كان لزاماً على أبناء جبال النوبة بمختلف تقسيماتهم ومجموعاتهم العرقية التحرك بتنظيم صفوفهم وتوحيد جهودهم لتكون سنداً قوياً وقوة فاعلة ..؟! بالمشاركة والمساهمة فى دفع القضية لمواكبة الأحداث ، والتفاعل معها والسعى بجدية وهمة لإثبات الوجود النوبى وطرح قضاياهم بكل تجرد ونكران ذات فى الساحة ، لإيجاد الحلول لهذه المشاكل ، وإنتزاع الحقوق المسلوبة بسبب رفض الحكومات المتعاقبة على حكم السودان سواء كانت مدنية أم عسكرية فى عدم إنتهاج سياسات متوازنة ومتكافئة للنوبة فيما يتعلق بشئون الحكم ، ورفضهم المتكرر لابناء جبال النوبة لإدارة شئون اقليمهم ورفضهم القاطع فى إعطاء جبال النوبة حقوقها المستحقة فى الثروة والسلطة .. والعمل على إقصاء وتهميش قيادات وكوادر النوبة والاستهتار بمقدراتهم وكفاءاتهم قادتهم الي الخروج من السودان والانضمام الى الحركة الشعبية من أجل النضال لإسترداد حقوقهم المهضومة .. إيماناً منهم بوحدة الهدف والمصير ، فكيف يحق لبعض المجموعات النوبية وقيادات بالحركة الشعبية ممارسة نفس النهج الذى رفضته ودفع بهم الى ساحات النضال لتصحيح الأوضاع وتغيير المفاهيم ، بإفتعال صراعات لإشعال نيران الفتنة من البعض بجهل لمجريات الأمور بقصد أو بدون قصد متعمد فى هذه الحقبة التاريخية يعد خروجاً على المذهب ، ولا يمكن أن يفسره شئ سوى الرغبة فى تصفية حسابات شخصية أو التآمر والعمل ضد مصلحة منطقة جبال النوبة التى تضم مختلف الأعراق ( نوبة – عرب – فلاتة … إلخ ) ذات الهويات واللغات والثقافات المختلفة من أجل التكتل الجهوى والعشائرى الضيق ضد مجموعة الأجانق وقياداتها بفكر كلاسيكى يعتبر أمر غير مقبول ومنطقى .. فى الوقت الذى كنا نحتاج فيه لفكر منفتح وبراغماتى مستقبلى ، ليس حبيس القوالب الجاهزة .. ولا التمسك الجامد بالشعارات والنماذج اللاتاريخية .. فكر يتفاعل مع المعطيات الجديدة باستمرار ، ويستفيد من تغير السياقات العالمية الجيوسياسية والاجتماعية ، وهذا هو نمط الفكر الإندماجى العقلانى . ولعل أهم ما يميز هذا الفكر أنه يربط قضية التعايش والتفاهم لتجاوز أطر القبلية والجهوية الضيقة .. وليس فكر التشكك فى هوية الأجانق ( النوباوية ) أو ما يحلو للآخرين تسميتهم ب ( نوبة شمال الجبال ) أو ( نوبة أ ) ، والتكتل بين هذه المجموعات النوبية فى قوة سياسية أو اجتماعية ضد أبناء الأجانق ، والتى تتمثل فى بعض القيادات والمجموعات بالحركة الشعبية أو الروابط الاجتماعية والثقافية وغيرها من الكيانات النوبية التى تعتبر بمثابة أذرع وأدوات للحركة الشعبية فى منطقة جبال النوبة.
ومن خلال متابعتنا بما يجرى فى الساحة النوبية ومسرح الأحداث أو من سلوك وتصرفات بعض قيادات الحركة الشعبية وبعض المجموعات النوبية ، يجب علينا أن نسلم بوجود إنقسام فى صفوف الساسة والمفكرين والعوام من أبناء النوبة ، لكل منهم لغته وأدواته ومنهجه ، فسنن الكون تؤكد لا بد من الصراع بين الأفكار الجديدة والأوضاع القديمة .. فلذلك نتسأل ..؟ متى يتحول الصراع الى قوة دافعة .. ؟ عندما يسير فى طريقه الصحيح ويلتزم بقواعد الحوار الموضوعى ، ومقارعة الحجة بالحجة والبرهان بالبرهان .. وعلينا أن نعترف بأن هذا المناخ جزءاً من المناخ العام السائد ، والسياسة بطبيعتها وثيقة الصلة بالمناخ العام فى المجتمع ، ولا يشجع هذا المناخ على التطلع الى المستقبل ، ولا يعطى فرصة للتأمل والغوص فى القضايا الراهنة ولا التطلع الى المستقبل والمدى البعيد باعتبارنا كيان نوبى واحد رغم الاختلاف فى اللغة والثقافة والعادات والتقاليد والموروثات إلا أن هويتنا النوبية واحدة ، ولا يساعد على العمل من أجل سيادة قيم التنوير الحقيقى التى تتمثل فى أعمال العقل فى نقد الواقع ، ولا أن نتفاعل إيجابياً مع إنتاج إنجازات وقيم رفيعة .. ويغيب خلال هذا المناخ حقيقة بأنه لا يملك طرفاً مهما أوتى من الحكمة .. الحقيقة كاملة ، إلا من خلال الاعتراف ببعض والجلوس لاستماع أفكار كافة الأطراف والاتجاهات فى منطقة جبال النوبة بهذا التنوع ، ولكن فى ظل هذه الأراء الاقصائية والمغالطات التشكيكية فى هوية الآخرين وأسلوب المؤامرات تمضى السياسات المرسومة بدون إستراتيجية .. وبدون هدف رئيسى ، ويستمر التخبط والحيرة والإلتباس فى قضايا جوهرية ، خلال الاتهامات والتردد والمراوغة بين آليات السوق والحرب وراء أذواق المستهلكين بدق طبول دعاوى الجهوية والقبلية وممارسة أسلوب الاقصاء والتهميش ليست من مصلحة النوبة وكيان وحدتهم.
وفى هذا الجو المشحون بالتباين والإختلاف نحاول أن نوضح بعض الحقائق فى تجرد دون لى لعنق الحقيقة أو المظاهرة بدفن الرؤوس تحت الرمال كما تفعل النعام ، لكى نتعرف على الأساليب التى تتعبها بعض الرموز النوبية ، فليس الهدف هو التهجم على الآخرين .. فنحن نؤمن بحرية الرأى والفكر ونطالب بالحوار البناء الموضوعى والعلمى المؤسسي ، ولكننا فى نفس الوقت نرفض النهج الذى تنتهجه بعض الفئات التى إتخذت أسلوب التهميش والتقليل من شاْن بعض المجموعات والتهجم عليهم أسلوباً ومنهجاً فى دعوتها العنصرية والجهوية ، إذ أنها سخرت كل ما لديها من الإمكانات المادية والمعنوية لترسيخ مفاهيم التكتل القبلى والجهوى ، وصياغة بعض المبررات غير المقنعة. . بل قد وصل بهم التطاول الى تجاوز بقية المجموعات النوبية بإسمهم فى كل عمل نوبى داخلياً أو خارجيا..! نحن نرحب بكل قكر عميق جاد وموضوعى ينبثق من مفهوم وحدة النوبة لينير لنا الطريق ونكون سائرين على هداه لذا فمن الأجدى إيجاد منابر للحوار بين كافة الأطراف لتناول كل إشكاليات القضايا النوبية ، حتى نصل الى ما نبتغى من أجل المصلحة النوبية العليا التى فوق كل إعتبار .
رغم ما يمارسه بعض المجموعات النوبية من تهميش وإقصاء لأبناء الأجانق على مر التاريخ والتى تصدر هنا أو هناك إلا أنها قد تكون لها مسببابتها ، ولكن واقع الحال يشير الى غلبة التنافس الذى يصل فى بعض جوانبه الى الصدام والتراشق بالكلمات .. فتماسكنا وتعاضدنا فى إطار وحدوى هى القوة الدافعة التى تمكننا من رسم مستقبلنا على أسس علمية وطيدة الأركان .. والأمم التى تملك الماضى وتعرف ماهيته تستطيع أن تستخلص منه أسباب رقيها ، وتتلافى منه أسباب إنحلالها وإضمحلالها، تلك هى الأمة الحية التى كتب لها الخلود .. وتاريخ حضارة شعب جبال النوبة هى أطول الحضارات الإنسانية عمراً وأعظمها أثراً فى المدنية الحديثة .. حضارة لم تنفرد فى تكوينها مجموعة عرقية بعينها ، أو أهل بقعة معينة من النوبة ، وإنما إشترك فى تطويرها وأسهم فى بنائها السامق كل شعب النوبة .. فإن هذا الموضوع مركب ومعقد ، لأنه أصبح قضية رأى عام ولا يمكن ملامسته .. دعك عن معالجته ونحن فى هذا المنعطف الخطير من هذا الزمان ، وفى أخريات القرن العشرين ، تبدوا لنا أن الإستراتيجيات قد تتغير وأن العالم يمر بمرحلة العولمة ، وأن هناك كثيراً من الفعاليات السياسية والإعلامية .. قد دخلت الى أرض المعركة فحرى بنا أن نلتقى لنتفاكر وأن نتحاور مع هذا أو ذاك .. وهنا أحاول جاهداً تلمس هذا الموضوع بنوع من الحكمة والتعقل بسرد لبعض الحقائق ليس من التحامل أو التعصب أو التحمس الى مجموعة بعينها .. لكن بغرض أن نلقى قدراً من الضوء على هذه الإشكالية ونخرج منها إنشاء الله ونحن أكثر قدرة على الحوار ، وأكثر إلماماً بفعاليات العمل السياسى وآلياته وخططه وبرامجه ، حتى تتضح لنا الحقائق ونستطيع بذلك إيجاد بعض الحلول لها والخروج من هذا المازق التاريخى بخطط وبرامج نطرق بها أبواباً لبعض الأجزاء من مجريات أحداث القضية النوبية .. فى البداية يجب القول أنه لا فجوات فى الحياة .. فى التاريخ .. فى السياسة .. فى الإستراتيجية .. الأشياء دائماً متصلة.. متدفقة .. مترابطة .. لكن أسوأ ما نفعله فى السياسة هو أننا نتصور أن المواقف تنشاْ فجاةً دون مقدمات وهذا ليس صحيحاً .. كل موقف هو تداع لما سبق بمقدار ما.. كل حلقة فى الحياة هى تطور عن حلقة سابقة لها.. ثم إننا مثلما ننسى تطور الأشياء.. ننسى مواضع ومواقع الأشياء.. بمعنى أننا ننسى الخريطة.. لذلك سوف نسعى للتطرق الى إشارات من بعض المواقف وما يحاك من إقصاء وتهميش لأبناء الأجانق:
■ فى مؤتمر ( كاودا ) الشهير المثير للجدل أو ما يسمى بمؤتمر كل النوبة تم توجية دعوات لكل المجموعات النوبية الأخرى وقياداتها ماعدا مجموعة أبناء الأجانق وقياداتهم سواء كانوا داخل السودان أو بدول المهجر .. بالاضافة الى زيارة الأب فيليب عباس غبوش رئيس الحزب القومى السودانى المتحد لأمريكا وما تم من لقاءات رسمية وشعبية له داخل امريكا إقتصرت على مجموعات معينة مع قصد تغيب الآخرين ، والتى تشير أصابع الاتهام فيها الى الرابطة العالمية لأبناء جبال النوبة بامريكا وأخرون وراء ذلك المخطط .. فى عدم إتاحة أى فرصة له فى تسجيل زيارة للإلتقاء ببعض كوادر وقيادات أبناء الأجانق باعتبارهم أقطاب ودعامات للحزب القومى السودانى والحركة الشعبية والذين لهم مساهمات كبيرة وأفضال لآ تعد من أجل القضية النوبية وساهموا فى خلق الوعى السياسي بجبال النوبة وتفتح عيون النوبة على قضيتهم أمثال أزرق زكريا خريف وكوكو جقدول وعبد المنعم الطاهر بشير .. للاجتماع بهم أو حتى التفاكر معهم للإستفادة من خبراتهم وتجاربهم السياسية ومواقعهم التنظيمية السابقة .. أو الإستعانة بهم وإصطحابهم فى جولاته المختلفة داخل أمريكا .. والكل يعلم من هم (هؤلاء ) الثلاثة ؟!.. ولكن هناك جهات قصدت عمداً تهميش هذه القيادات مما أثارت حفيظة بعض أبناء الأجانق .. فكانت سبباً لحرب البيانات فى ذلك الوقت ، فالسؤال لماذا تحاول قيادات أبناء النوبة بالحركة الشعبية توجيه كل قيادات الحركة الشعبية والحزب القومى القادمين الى امريكا أن تتحاشى الالتقاء بهولاء أو الجلوس معهم أو تقديم دعوة للمشاركة فى مجريات الأحداث وما كان يدور ويجرى من مشاورات وتفاوض من أجل القضية النوبية ومسارها فى ذلك الوقت؟!.. هل يعنى ذلك أن هناك سياسات مرسومة لهم ؟ .. فأصبح ذلك هو ديدن كل القيادات النوبية والجنوبية وغيرهم بالحركة الشعبية التى كانت تزور امريكا .. تتحاشى وتتعمد عدم الإلتقاء بهم .. وبل تحرض الآخرين فى عدم الجلوس معهم أو الإستماع إليهم لأنهم يعلمون مدى تأثيرهم على تصحيح أفكار البعض من معلومات مغلوطة وشوائب وعلى مجريات الأحداث بشأن القضية النوبية.
■ الحركة الشعبية إستهدفت مناطق الأجانق وإختارت ضرب القرى والمناطق بعناية فائقة ومارست أبشع أساليب القتل والنهب والتشريد منذ عام 1992 م والأعوام التى تلتها ، حيث دأبت جيوش الحركة الشعبية على تجاوزالمناطق الأخرى ومهاجمة مناطق الأجانق فى الكرقل حيث معقل السياسى النشط حماد أحمد سليمان عضو مجلس الشعب الاقليمى وزميل القائد يوسف كوة مكى وبكرى عديل بالمجلس – والسياسى المرموق إسماعيل أبوه الأمين العام للتجمع الوطنى الديمقراطى بالقاهرة .. ومناطق المرنج معقل أحد أقطاب الإدارة الأهلية منذ عهد الحكم الانجليزى المك مامور نيتو .. وقرية الرجول ( رجول المرافعين ) حيث معقل الدكتور محمد زايد عوض الخبير الجيولوجى ومسئول الحفريات والجيوفيزيائية بشركة النيل الكبرى للبترول – والصول بكرى باشا أول من رفع علم السودان فى الاستقلال بعد جلاء الانجليز من السودان حينما طلب الحاكم الانجليزى بأن يرفع العلم أحد أبناء البلد الأصليين فوقع الإختيار عليه باعتباره أقدم صول فى القصر الجمهورى ثم سلم لإسماعيل الأزهرى والمحجوب الحقيقة التاريخية التى يجهلها الكثيرون – والمناضل السياسى المرحوم العميد رمضان أبوقور الذى كان قائداً لحامية كوستى العسكرية وأحد أقطاب الحزب الشيوعى والصديق الشخصى لقرنق فإستطاع أن يمول الحركة الشعبية بالمال والسلاح وتعرض لعدة محاكمات من عزل وسجن وأخيراً للاقامة الجبرية بمنزله فى الخرطوم وحينما علمت الحكومة بفحوى أخر مكالمة بينه وبين قرنق ليقابله فى اثيوبيا لأنه رشح من مجلس التحرير ليصبح قائداً عاماً لقوات الحركة الشعبية بجبال النوبة بعد مرض يوسف كوة ، فتعرض لعملية إغتيال من أجهزة السلطة الحاكمة بالخرطوم .. أما مناطق الكاركو حيث معقل البطل المناضل الرائد حماد الاحيمر من الذين ضحوا بأرواحهم من أجل المساواة – والمناضل الجسور عباس برشم الذى يعتبر من أميز الطلاب السياسيين الذين تربعوا على اتحاد طلاب جامعة الخرطوم ويعتبر المدنى الوحيد الذى تم محاكمته عسكرياً رمياً بالرصاص من أجل قضية السودان .. أما قرية كابيلا حيث معقل السياسى والكاتب المرموق الشهيد الذى لقى حتفه فى تحطم طائرة السلام بمدينة الناصرالمحافظ موسى على سليمان .. ومناطق المندل حيث معقل السياسى الذى لا يشق له غبار مكى على بلايل – والمناضل جمعة الوكيل – وصديق منصور الناير رئيس المجلس التشريعى بالولاية .. وقرية الكتن حيث معقل عضو المجلس الوطنى الانتقالى وأمير قبيلة الغلفان فضل هبيلا أبوحمرة .. وقرية السماسم حيث معقل السياسى المهندس محمد كرتكيلا رئيس اللجنة الاقتصادية بالولاية .. ومناطق النما حيث معقل رجل الإدارة الأهلية المك أبوكرتكيلا على .. ومناطق الوركى ( الدلنجاويين ) مؤسسى مدينة الدلنج حاضرة الأجانق حيث معقل ناظر عموم قبائل الأجانق والقاضى المشهور على مستوى قضايا الإدارات الأهلية والقبلية الأمين على عيسى أبوعيسى – والمناضل الجسور بالحركة الشعبية عبدالمنعم الطاهر بشير .. ومناطق الجبال الستة حيث معقل الدكتور على العبيد الاكاديمى المميز والكاتب المتخصص فى الأنثربيولوجى وتاريخ الشعوب – والدكتور داؤد سلطان – والسياسى الوزير محمد مركزو .. ومناطق التردة حيث معقل المناضل والسياسى آدم يوسف والبروفيسور جابر النور عالم الذرة والاشعاع النووى .. وقرية والى حيث معقل الدكتور المتخصص فى الزراعة وإصلاح الأراضى صالح حسن فندام .. وقرية فندا حيث معقل السياسى المناضل حسن كودى .. وقرية كجورية حيث معقل السياسى حسن دقيق وموسى يونس .. أما مناطق طبق وأبوجنوك استطاعوا أن يدحروا عدة هجمات من جانب الحركة الشعبية وعرب المسيرية فالحقوا بهم خسائر كبيرة فى العتاد والأرواح أما جبل الفرسان ( شفر ) فقد هاجموهم فى المسجد وهم ركعاً سجود يؤدون صلاة الصبح فقتلوا منهم نحو 26 شيخاً تحريراً للسودان الجديد ….أما منطقة ( دابرى ) تلك القلعة الصامدة معقل صناع تنظيم ( كومولو ) الذى يمثل الطليعة الأولى لقيادات وأبناء جبال النوبة الذين دفع بهم التنظيم للانضمام الى الحركة الشعبية أمثال .. كوكو محمد جقدول .. أول قائد تنظيمى لحركة كومولو منذ تأسيسه ، بل لقد كان هو العقل المفكر لهذا التنظيم وقيادى فى الحركة الشعبية بجبال النوبة .. والقيادى أزرق زكريا خريف المفكر السياسى والعقل المدبر فى الحزب القومى السودانى والحركة الشعبية بجبال النوبة .. هؤلاء هم من دفعوا بيوسف كوة للالتحاق بالحركة الشعبية وإستطاعوا أن يصنعوا له تاريخا ناصعاً تتغنى به الأجيال اليوم .. فماذا كان نصيبهم تقتيل أهلهم وتشريد ذويهم .. هل هذا هو جزاء الاحسان والوفاء للقيادات رفقاء الدرب والنضال.
■ لقد تعاون الأجانق فى البداية مع الحركة الشعبية حينما رفعت شعار ( السودان الجديد ) ، وقدموا لها الدعم وإنخرط الكثيرون من أبناء الأجانق بصفوفها ، ولكن الحركة غدرت بهم وصوبت هجماتها المتتالية عليهم قتلاً وتشريداً حتى النساء تم تجريدهن من ملابسهن وتركهن كما ولدتهن أمهاتهن ، حينها إنتفض الأجانق وقرروا الإنخراط فى صفوف الدفاع الشعبى للتدريب والحصول على السلاح واستطاعوا بعد ذلك شراء كميات كبيرة من الذخيرة والسلاح ووجهت دعوات نداء وإستنفار لجميع أبناء الأجانق المتواجدين بالجيش السودانى وشبابهم من كافة الولايات للدفاع عن أراضى الأجانق وقد كان ملاحقة جيوش وفلول الحركة الشعبية بالمنطقة وحراسة وتمشيط طريق الدلنج – كادقلى وتوجيه عام بعدم مغادرة أياً من بطون الأجانق مناطقهم للزود عنها أو الموت دونها .. لأن شعب بلا أرض كشعب بلا هوية .. وبعد تحقيق السلام إلتقى عدد من قيادات أبناء الأجانق من السياسيين ورجالات الإدارة الأهلية بقادة الحركة الشعبية فى مؤتمر دعى له وإنعقد بمنطقة جلد ذكروا لهم بأن الحركة الشعبية أخطأت وإرتكبت أكبر جرم حينما هاجمت مناطق الأجانق وحاربتهم فلولا دفاعهم وقتالهم المستميت لقواتنا لكنا قطعنا طريق الدلنج – كادقلى وأسقطتنا كلاً من الدلنج وكادقلى وهذه المقولة بشهادة قادة الحركة الشعبية التى حاولت أن تصحح الخطأ .. ولكن للأسف أننا ندرك تماماً أن الحقد الدفين الذى يكنه بعض قيادات الحركة الشعبية وبعضاً من المجموعات النوبية .. لأبناء الأجانق لن ينتهى .. وأن ما جرى فى مناطق الأجانق من مجازر بواسطة الحركة الشعبية لتحرير السودان مسكوت عنه فى أدبيات الحركة الشعبية ومنابر إعلامها .. وهو تجاهل مخزى من جانب كافة قادة النوبة بالحركة الشعبية ، الذين يؤرق مضاجعهم وجفون نومهم ويحرك ضمائرهم ممارسات المؤتمر الوطنى بجبال النوبة ، بينما لا يرف لهم طرف و جيوش الحركة الشعبية تدك حصون الآمنين بمناطق الأجانق .. فالسؤال لماذا تنحاز المجموعات النوبية الأخرى الى الحركة الشعبية ضد مجموعة أبناء الأجانق فى مناطق جبال النوبة ؟؟ .. إذن ما هو الفارق بين المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية .. فكلاهما قتل وشرد وحرق شعب جبال النوبة ذاك بإسم مشروعه الحضارى العاطل .. وهذا بإسم وهم وكذبة مشروع سودانه الجديد .. فلذلك لا بد أن نؤكد حقيقة يجب الاعتراف بها بأنه لن ينصلح حال جبال النوبة ولم تحل قضاياه المستعصية ما لم يمتطى الأجانق ذروة سنامه لقيادة جبال النوبة ، ولكن ليس بإستخدام أسلوب التهميش وإقصاء الآخرين أو التآمر ضد رغبات البعض أو بإحاكة المؤامرات .. و لكن بنسبة الوعى والإدراك والفهم والانفتاح على الشعوب الأخرى وتقبل الآخر والاعتراف به وقدراتهم الفكرية .. لأننا نفتكر أن المجموعات النوبية الأخرى أخذت فرصتها وحتى القيادات الذين خلقتهم الحركة الشعبية وحاولت أن تفرضهم على النوبة ، لقد فشلوا فشلاً ذريعاً فى حل مشاكل المنطقة التى تعانى منها .. فماذا كانت المحصلة النهائية ؟!.. الحالة المرثية والوضع القاتم الذى يعيشه المواطن وضياع الحقوق والتخبط والتآمر وفقدان البوصلة التى يهتدوا بها ، مما أقعدت بالقضية ووصول منطقة جبال النوبة الى طريق مسدود.
■ نحن لا نتهم الحركة الشعبية بجبال النوبة علي أنها عنصرية .. لكن تصرفات وتجاوزات بعض الأشخاص فى مواقع القرار بالحركة الشعبية يوحى بذلك وليس من باب التنظير والمفارقة للممارسة ، فمن حق الحركة أن تنظم عضويتها وتعاقب كل من أخطأ وخرج عن النظام الأساسى وأن تحاسب كل من يتجاوز حدوده دونما مراعاة لقبيلته أو أهميته الشخصية أو حجمه بإعتباره من النوبة وعضواً فى الحركة الشعبية ومن باب مبدأ ( الناس سواسية أمام القانون ) وليس هناك من هو فوق القانون أو المحاسبة ، ولكن ما فعله تنظيم الحركة الشعبية في إعتقادي غير ذلك .. حينما أصدر رئيسها بجبال النوبة الفريق عبدالعزيز آدم الحلو بعد توصية لجنة المحاسبة التنظيمية قراراً فصل بموجبه كلاً من صديق منصور الناير نائب رئيس المجلس التشريعى بالولاية ، ويوسف جبارة وزير التنمية الريفية السابق ، وإبراهيم احمد الجاك محافظ تلودى السابق ، وعمر منصور فضل مساعد السكرتير للشئون السياسية والتنظيمية من عضوية الحركة الشعبية نسبة لمخالفتهم دستور الحركة .. وخاصة أن أربعتهم من شمال الجبال ( الأجانق) .. وأخيراً ألحق بهم خامسهم المهندس محمد كرتكيلا صالح رئيس اللجنة الاقتصادية بالولاية الذي تم إعفائه من منصبه دون أى أسباب تذكر .. مما نعتبرها نقطة سالبة تسجل فى غير صالح الحركة الشعبية ، وعندما قام مجلس التحرير بعزل وفصل كلاً من القائد دانيال كودى وخميس جلاب وأخرون من مجلس التحرير ولكن ليس من عضوية الحركة الشعبية لتجاوزات تنظيمية تخالف الدستور ، فلماذا حينها رفض القائد عبدالعزيز الحلو والجناح العسكرى للحركة بجبال النوبة بشدة فكرة الخضوع الى مجلس محاسبة من قبل التنظيم السياسى نسبة للتجاوزات التنظيمية التى حدثت من عبدالعزيز الحلو وأخرون ؟!.. لمخالفتهم فكرة التنظيم والهدف والفكرة التى حملوها مع المرحوم القائد يوسف كوة حينما إرسلوا للالتحاق بالحركة الشعبية ، مما جعل القائد عبد العزيز يخشى ويتحاشى ومعه أخرون محاسبتهم تنظيمياً فقام بتجميد مجلس التحرير حتى لا يلاحقهم بالمحاسبة والخضوع للأطر التنطيمية .. والتى ما زالت تثير كثيراً من التساؤلات ؟!.. لا نريد زراعة فتنة قبلية بين أبناء جبال النوبة لكن فقط لنوضح بأن هناك تناقض واضح فى المواقف والخطاب السياسي للحركة الشعبية .. فلا نريد أن يتصرف الجميع فى جبال النوبة علي أسس الأهواء والإقصاء وعدم تقبل الآخر أو الاعتراف به ، لأن كل مجموعة أو تنظيم أو كيان أو حركة غير مبرأة من العيوب والأخطاء وحدها .. ولكن لو استطعنا نحن كشعب جبال النوبة أن نفهم ما عانيناه وتحملناه خلال السنوات الماضية لتجاوزنا بذلك السياسات القائمة علي التفريق بين شعب منطقة جبال النوبة.
■ رغم المآسى التى تعرضت لها مجموعات الأجانق من إقصاء وتهميش على مر التاريخ من المجموعات النوبية الأخرى ، والتى ما زالت تمارس من قبل البعض بالحركة الشعبية .. إلا أن إيمان قبائل الأجانق الراسخ بوحدة السودان بكافة تنوعه وتباينه الكبير دون تمييز لقبيلة أو هوية أو ثقافة بإعتبارنا كلنا سودانيون لن يتزعزع ، وأنهم على يقين بأن الشعب السودانى كله يرزح تحت نير الظلم والاستبداد ولكن فى جبال النوبة أمر .. وأن الأجانق على وعى كامل بأصولهم العشائرية المباشرة ، ولكنهم لم ينظروا الى أنفسهم كمجموعة منفصلة عن الاطار النوبى أو عن الاطار الكبير للقومية السودانية ، ولم يبحثوا عن وسيلة منفصلة تدعم توحد مشاعرهم كقومية أو مجموعة حزبية موحدة تلتف حول قيادة سياسية سواء كان قبل أو بعد إنفجار النزاع بمنطقة جبال النوبة لكى تستلهم هويتها وإرثها الحضارى فى إنعزال عن التيار الوطنى العام ، كما فعلت المجموعات الأخرى التى إحتمت بالحركة الشعبية وحاولت أن تمارس نفس أسلوب التهميش والاقصاء ضدهم وضد الآخرين من القبائل الأخرى فى جبال النوبة ، وهى نفس تلك الأسباب التى دفعتهم الى حمل السلاح والقتال ، فكيف يرفضونه من حيث المبدأ ويحاولون أن يمارسوه فى نفس الوقت مع الأخرين ، فهى الإزدواجية فى المعايير وتغلب المزاج السياسى والتوازن الفكرى ، فلذا نجد أن كل الأحزاب والتنظيمات والكيانات النوبية التى نشأت فى منطقة جبال النوبة كانت حريصة علئ إستثناء وإقصاء الأجانق بأن لآ تكون جزءاً من هذه التكوينات ، بالرغم أن الأجانق لهم مساهمات كبيرة فى بلورة فكرة العمل العام وخلق الوعى السياسى فى جبال النوبة وتنويرهم بمعرفة حقوقهم وكيفية الدفاع عنها والتعبير بها عبر المنابر المختلفة ، والسبب بأن هذه المجموعات النوبية الأخرى يرون بأن الأجانق يمثلون إمتداداً للثقافة العربية والحضارة الاسلامية ويتشككون فى أصولهم النوباوية ، بالرغم أن مجموعة الأجانق تعتبر المجموعة النوبية الوحيدة التى تتميز بامتلاك أكبر مساحة ورقعة جغرافية فى جبال النوبة وبطون واسعة الانتشار ، تتميز بالوعى وقبول الأخر والتعايش معه وأكثر حركة فى حالة المد والجذب دون وجود أى عقد أو فوارق اجتماعية أو الاحساس بالدونية أو أقل مرتبة من الآخرين ، ولهم صلات اجتماعية وامتدادات تاريخية على المستوى المحلى والقومى .. فعلاقاتهم مع بقية المجموعات النوبية والقبائل العربية من حوازمة ومسيرية وأولاد حميد وغيرهم من فلاتة وداجو بمنطقة جبال النوبة علاقة يسودها نوع من التسامح يتبادلون فيها منافعهم ومصالحهم التجارية .. فلذلك أصبح الأجانق من أكثر القبائل إنفتاحاً وتواصلاً ومناطقهم أكثر تداخلاً عكس المجموعات الأخرى.
الأجانق يرفضون فكرة الاتجاه جنوباً أو الانضمام الى دولة الجنوب .. لأنهم يرون أنفسهم كشعب نوبى هم أهل البلد الأصليون أحفاد تهراقا وبعانغى ينحدرون من صلب الحضارة النيلية ( النوبية ) ، التى قامت خلال القرن التاسع قبل ميلاد المسيح ، وأن أصولهم ترجع الى إنهيار مملكة كوش فى شمال السودان فلذلك إرتباطهم بالشمال أرتباط تاريخى وحضارى .. فلذلك كل السودان يعتبر ملك للنوبة بمختلف مجموعاتهم العرقية ، فلا الشماليين أو الجنوبيين هم أهل البلد حتى ننضم اليهم .. بل يجب عليهم جمعياً أن يأتوا وينضموا الى النوبة ويكونوا مع بعض دولة موحدة نستطيع أن نتعايش فيها جميعاً كسودانيين فى وطن يسمى السودان كدولة واحدة يسع جميع أبنائه بمختلف ألوانهم طيفهم السياسى وتباينهم الثقافى واختلافهم العرقى دون إستعلاء أو إقصاء لأحد ونفتخر بذلك.
القيادات النوبية غير جادة فى سعيها من أجل الحل الذى يحفظ لجميع الكيانات والمجموعات القبلية بمنطقة جبال النوبة حقوقهم ومكتسباتهم وكرامتهم دون أى فوارق طبقية أو اجتماعية أو أثنية .. وعندها ستجد منا كل التعاون والمساعدة فى تقريب وجهات النظر بين جميع أبناء النوبة وسكان المنطقة ، بل والترتيب فى إعادة الأمور الى سابق عهدها بما يحفظ للجميغ حقوقهم التاريخية ، حتى نؤكد للإخوة أبناء القبائل العربية والقبائل الأخرى بمنطقة جبال النوبة وخاصة أولئك الذين تقاسموا معنا الماء والكلأ والنار ، بأنهم شركاء لنا .. ولا نحمل مشاعر الضغينة تجاه أحد رغم الدماء التى سكبت .. نحسب نحن كنوبة ذلك درساً يمكن أن يستوعبوه حتى يدركوا خطل سياسة المركز وأهام التسلط على الآحرين ، التى تساعد فى تفكك وهدم النسيج الاجتماعى للنوبة .. ونحن نثمن كل جهد يبذل ، أو أى حوار يمكن أن يستثمر لأبناء النوبة المخلصين والحادبين لقضية المنطقة ونسيجها الاجتماعى ، وهذا ما يجب أن يفهمه الآخرين الذين يسعون أن يحسب لهم كل عمل بإسمهم عبر التكتل الجهوى .. ونحن نسوق هذه الأحداث لنتعظ بها لنبذ الفرقة والرجوع الى الوحدة ، وأن نلتفت الى حجم المؤامرة والمخطط المرسوم من بعض الجهات وبعض من المجموعات النوبية دون وعى .. والتى تسعى دوماً لإستثناء وإقصاء الأجانق عن أى عمل نوبى.
28 فبراير 2010 م – سدنى – استراليا