النيّة الإجْرامية الخطيرة لمليشيا الجنجويد لتغيير الطبيعة الجُغرافيّة والديمغرافيّة لإقليم دارفور5-5
الجذور التاريخيّة لمليشيا الجنجويد إبتداءًً من حكُومة الديمقراطيّة الثالثة وإنتهاءً بحكُومة الجبهة الإسْلاميّة
( إنّ الجنجويد شر فئةُ مُتسلطة أُخرجتْ للدارفورين )
النعْرات العُنْصريّة والتحْريضْ على الكراهيّة والعُنف من سماتهم الأساسيّة
حمّادْ وادى سندْ الكرتى
المحامى والباحث القانُونى
[email protected]
تعريف الجنجويد لُغةً : كلمة لا آساس لها فى اللُغة العربيّة , تتكون من مقاطع عدّة كلمات , فالكلمة هى (جنجويد) فالحرفان- جن – هو الشيطان آو الجان المعروف لدى النّاس , حيث شبّه كثير من الباحثيين فى الشأن السُّودانى الجنجويد – بالجان , نسبةً للشرور العظيمة التى يقوم بإرتكابها , تلك الفئة المُتسلطة التى لم يألفها النّاس فى منطقة دارفور – آما الحرف (ج) فهو يرمز إلى طراز معين من الأسلحة التى تُستخدم فى النزاعات المسلحة فى السُّودان( جيم ثرى ), حيث يستخدم مليشيا الجنجويد ( جيم ثرى) آثناء هجماتهم العدوانيّة على قرى المدنيين العزل , آمّا كلمة (جواد) فهى كلمة معروفة , وهى تعنى الجواد آو الخيل .
تعريف الجنجويد فى الإصطلاح :
مُؤخرا قرأت كُتيب للأُستاذ – قآسم المهدواى بعنوان – دارفور فى سطور , حيثُ عرّف الأستاذ- الجنجويد على هذا النحو : الجنجويد – ( هم بعض القبائل التى إستعانتْ بهم حكومة المؤتمر الوطنى , لمساندة الجيش , ووفرت لهم الدعم المادى والسلاح , وأطلقت يدهم , وهى تعلم جيدا أنهم سوف يرتكبُون مجازر ضد البشريّة) . إنتهى التعريف .
ولكننا نرى آن التعريف قد شابه كثير من القصور , لذا فنحن بصدد تعريف مفصّل لفئات الجنجويد التى يجبْ آن يوقفوا ويتم مسألتهم عن جرائمهم الدوليّة الخطيرة ضد المدنيين العُزل فى إقليم دافور .
إن الجنجويد , مبدأهم , القتلْ والترويعْ ونهبْ المُمتلكات وإغتصابْ النساءْ وحرقْ القُرى , ليس هناك قانُون يردعهم , بل لهم سُلطات واسعة , بل ويتمتعون بالحصانة المُطلقة آمام القانُون والمسألة , ونعتقد آنّ أغلب الجنجويد مرتزقة تم جلبهم من خارج حدود السُّودان بهدف تغيير الطبيعة الجغرافيّة والديمغرافيّة لإقليم دارفور .
صفات الجنجويد :
يمتطون ظهور الخيل والجمال , مسلحون بأسلحة مماثلة لقوات حكومة المؤتمر الوطنى , يرتدون ملابس مُشابهة تماماً لقوات المؤتمر الوطنى آو القوات المسلحة السُّودانية , يتلقون تعليماتهم من السُّلطات السياسيّة العُليا فى حكومة المؤتمر الوطنى , إتسمت هجماتهم بالعُنصريّة والهمجيّة والعشوائيّة المُمنهجة , يقوم مذهبهم على التفرقة العُنصريّة البغيضة والكراهيّة المنظمة المقيتة الذى يُمثل خطرا إجتماعياً , يقومون بفتق النسيج الإجتماعى لمجتمع دارفور , حيث تسببتْ أفعالهم الإجراميّة إلى إعتراض تنامى العلاقات الوديّة والسلميّة بل وعكّر صفوت مجتمع دارفور , فضلاً عن إخلاله الجسيم بالوئام الذى كان قائما منذ قديم الأزل بين قبائل إقليم دارفور بشتى أعراقهم .
ياأيها النّاس فإننا بالحقْ ننطُق: إنّ الجنجويد , يسعون إلى إدامة هيمنة فئة قبليّة عرقيّة عُنصريّة معينة ما من البشر على فئة قبليّة أُخرى , والعمل على إضطهادها , وإستعبادْ أطفالها , وقتل رجالها , وتشريد شبابها , وإغتصابْ نسائها , وتيتيم أطفالها , وحرق قراهم , ونهبْ ثرواتهم , ووضعهم فى ظروف معيشيّة مدروسة مُسبقا بهدف القضاءْ عليهم , وتسميم آبار المياه الذى يعتمدون عليها فى مياه الشرب , بل وحرمان فئات عرقيّة اُخرى من النماءْ الإقْتصادى والإجْتماعى الطبيعى .
إن الجنجويد يقومون بأعمال الظلم – وإزدراءْ البشر , وإستعبادهم , وإمتهانهم بل وإستغلالهم وإستعبادهم بصورة قسريّة .
إنها الحرب العدوانيّة البغيضة الكُبرى فى هذا الزمان , القائمة على العُنصريّة , التى يعود آسبابها الأساسيّة إلى الجهل التى قامت بإستغلالها الحكومات المتعاقبة على سُدة السُلطة فى السُّودان , كما آن التحييز العُنصرى والتعصُبْ العرقى القبلى , آحد آهمّ الشرور الكُبرى التى كدرّت الحياة الإنسانيّة فى إقليم دارفور … إنها الحرب الكبرى المروعة تلك القائمة فى منطقة دارفور – المنطقة الواقعة فى غرب السُّودان الذى مازال يشهد آكبر محنة إنسانية على مستوى العالم فى الوقت الراهن .
الجذور التاريخيّة للجنجويد :
آصبح مُصطلح الجنجويد يستخدم , وعلى نطاق واسع من العالم , فى آروقة الأُمم المُتحدة , وبرلمانات دول الإتحاد الأوربى , والبيت الأبيض , الكنيست الإسرائلى , الجامعة العربية , الإتحاد الإفريقى …الخ , حيث إنشغل الناس بمعنى الكلمة , ولكننا نرى آن مضمون الكلمة هو الأهم , وماهى الفكرة الحقيقيّة وراء إنشاءْ مليشيا الجنجويد من قبل الحكومات المتعاقبة على سُدة السُلطة فى السّودان
إنّ الفكرة والهدف خلف إنشاءْ مليشيا الجنجويد الحقيرة , هى الحرب بالوكالة نيابةً عن حكومة الخرطوم , ليس فى إقليم دارفور فحسبْ , بل إنّ الجنجويد قد تم إستخدامهم من قبل فى حرب الجنوب ( جنوب السُّودان ), ضد ضحاياهم من المدنيين من آبناء جنوب السُّودان , لكن هدف الجنجويد سواء فى جنوب السّودان , آم فى إقليم دارفور هو القضاء , وبالكامل على القبائل ذو الأصول الإفريقيّة , وسوف نعطى تفصيلا غير مُخل عن دور الجنجويد فى جنوب السُّودان وغربه , على هذا النحو :
أولا:
الجنجويد فى جنوب السُّودان:
بدأت الحرب فى جنوب السُّودان فى العام 1955م , وتردد فى الأسماع أن التمرد فى جنوب السُّودان ما هو إلا مؤامرة خارجيّة دبرتها القوى اليهوديّة , والتنصريّة بهدف فصل جنوب السُّودان عن الوطن الأُم ( ونحن من جانبنا نقف سدا منيعا ضد إنفصال آى جزء من آجزاء الوطن الحبيب ) , لذا أعدّت الحكومة العدة لمكافحة التمرد فى جنوب السُّودان , وطرحت الحكومات المتعاقبة فكرة (المراحيل ) وهم العملاء المأْجورين لمكافحة التمرد فى جنُوب السُّودان , إذاً أنّ الفكرة ليست جديدة , بل هى قديمة ومركزيّة , حيث نشأت الفكرة منذ منتصف الثمانينات , حينما فاقت تكلفة الحرب موارد الحكومة فى ذلك الوقت , وحينما رأت الحكومة قواتها فى ميدان المعركة تتلقى الهزائم إثر الهزائم , وقوات المتمردين يشتد ساعدها وتحرز نصراً إثر نصر.
لقد كان المجلس العسكرى الإنتقالى , بعد إنتفاضة 1985م بقيادة (سوارالدهب ), وهو صاحب الفضل فى إعادة إحياء فكرة الجنجويد , ولكن الحقْ , أنّ السيّد: ( الصادق المهدى ) , كان المسئول عن وضع الفكرة موضع التنفيذ الفعلى .
لقد كان المأجورين الذين يخوضون حرباً بالوكالة عن حكومة الخرطوم هم ( المراحيل ) , الذين تم تجنيدهم من قبائل البقارة فى ولايات كردفان , ودارفور من آجل خوض حرب رخيصة الثمن لصالح حكومة ( الصادق المهدى) – لقد إرتكب المراحيل مجازر خطيرة ليس فى الجنوب فحسب , وإنما فى إقليم دارفور آيضا . ففى العام 1987م إرتكب (الجنجويد ) مجزرة رهيبة وفظيعة فى مدينة الضعين التى تقع فى ولاية جنوب دارفور ضد قبائل (الدينكا) الوافدة من جنوب السُّودان , حيث قتل الجنجويد آكثر من (1500) شخص من آفراد قبيلة الدينكا معظمهم من الأطفال والنساء ,
بل تم حرق البعض منهم وهم أحياء فى عربات القطار التى لجأ إليها الضحايا فرارا من مهاجميهم , بل البعض منهم قد قتل داخل مراكز الشرطة تحت سمع وبصر القانُون الواجب حمايتهم فى أبلغ وأفصح شهادة عن الحصانة المطلقة التى كان يتمتع بها المهاجمون , وبدلاً من التحقيق فى الأمر وتقديم المسئوليين إلى العدالة قامت حكومة (الصادق المهدى) , بحملة تضليل ضخمة لتطويق أخبار المجزرة وكتمانها عن العالم الخارجى . وحينما تجرأ أُستاذان جامعيان ( سليمان بلدو , وعشارى محمود ) على كسر حصار الحكومة وفضحا المجزرة فى كتابهما (مجزرة الضعين ) تم قمعهما بواسطة أجهزة الأمن الحكوميّة وهاجمهما السيّد ( الصادق المهدى ) شخصياً فى خطبتة فى الجمعية التأسيسيّة (البرلمان), بينما ظل مرتكبوا تلك الجرائم بعيدين حتى تاريخ اللحظة عن العدالة – إنّ مذبحة ( مدينة الضعين ) كانت من أبشعْ حالات العُنصريّة المؤسسيّة.
لم يكن من قبيل المصادفة أنّه فى نفس العام 1987م, أن قامت حكومة (الصادق المهدى ) بمباركة تحالف جديد نشأ فى إقليم دارفور تحت إسم (التجمع العربى ) حيث زار وفد من التجمع الذى يضم (27) قبيلة وعشيرة عربيّة العاصمة القومية الخرطوم, لكسب التأييد من القيادة العُليا للبلاد , حيث كان يهدف التجمع العربى فى دارفور إلى الإستيلاء على أراضى (الزرقة ) أى القبائل الإفريقيّة , عبر جرائم التطهير العرقى , والإبادة الجماعيّة . ذاك التجمع العربى الذى يعتبر البذرة التى نما فى حضنها وترعرع الجنجويد .
ومن الجدير بالذكر هذا غيض من فيض – اى كمثال ونماذج لتاريخ الجنجويد قبل الحرب العدوانيّة الكُبرى فى إقليم دارفور .
ثانيا :
دور مليشيا الجنجويد فى مذابح إقليم دارفور
لقد إستقطبت حكُومة الإنقاذ الوطنى الجنجويد , ويسرت لها الحصول على المال والسلاح , والدعم اللوجستى , بل وساندتها من قبل سلاح الجو السُّودانى بكل جبروتها وعتادها , حيث شن الجنجويد حرباً توسعيّة ضد القبائل غير العربيّة بهدف إبادتهم جماعياً ( إن الأمر خطير ولايمكن غض الطرف عنه)
وفى الآسطر القادمة نذكر بعض الأعمال الإجرامية التى يقوم بإرتكابها مليشيا الجنجويد فى إقليم دافور :
من الجدير بالذكر أن قادة مليشيا الجنجويد يمثلون آعلى القيادات العسكرية فى الحرب العدوانية ضد المدنيين فى إقليم دارفور , والمثال على ذلك – المتهم – على كوشيب- حيث يُطلق عليه – عقيد العُقدة فى كامل شريط وادى صالح , حيث يتلقى تعليماته بصورة مباشرة من القيادة السياسيّة العُليا فى حكومة المؤتمر الوطنى .
أعمال مليشيا الجنجويد فى الحرب الإنتقامية الكبرى فى إقليم دافور :
من آهدافهم الآساسية – الإنتقام – بكل ماتحمله هذه الكلمة من معنى – نعم إنه الإنتقام من بعض القبائل التى لها تاريخ ضارب فى أعماق الجذور .
إذا لمْ يكن إنتقاما , فماذا نطلق على آعمال حرق القرى بصورة منهجيّة ومنظمة وعلى نطاق واسع من إقليم دافور , حيث تشير الإحصائيات الرسميّة الصادرة عن منظمات دوليّة , إلى تدمير آكثر من ستة آلالاف قرية معظمها فى غرب وشمال دارفور ؟
إذا لمْ يكن إنتقاما , فماذا نطلق على – الأضرار الجسديّة والعقليّة , وإخضاع بعض الجماعات لظورف معيشيّة مدروسة مسبقا بقصد إهلاكهم كليا او جزئيا ,
ماذا نطلق على أعمال جهاز الدولة المتمثلة فى – الإغتصاب – التدمير – التشريد التعذيب- بواسطة مليشيا الجنجويد ؟
مذا نطلق على تصريحات – المتهم – عمر حسن احمد البشر- بتاريخ ابريل 2003م – (( لااريد جريحا ولا اسيرا اريدها ارض محروقة )) ؟
ماذا نطلق على تصريحات الجنجويد العنصرية أثناء مهاجمة الضحايا فى قراهم (( إن هذه الآرض آصبحت محررة ولم يعد لكم آرضا ولا الحق فى فلاحتها – إننا سنضع اطفالا عربا – انتم سود لايمكن ان يبقى اى اسود فى السّودان – ان سلطة البشير هى سلطة العرب وسنقتلكم حتى اخركم – سنقتل جميع السود – سنطردكم من هذا البلد – نحن هنا للقضاء على السُّود )) إنها العنصرية ولكن المهاجمون لايعلمون انهم سود ايضا فليقتلوا انفسهم اذا ارادوا القضاء على جميع السود …
اذا لمْ يكن إنتقاما , فماذا نطلق على الهجمات العنيفة ضد قرى – مكجر – بنديسى – ارولا وغيرها من المناطق فى شريط وادى صالح على وجه الخصوص وغرب دافور على وجه العموم ؟
ماذا نطلق على تصريحات – المتهم – احمد هارون القائلة – (( إن ابناء قبيلة الفور وآموالهم اصبحت غنيمة للمجاهدين ))؟
ما وماذا نطلق ….الخ ؟ أجيبونى بالله عليكم آيها المجرمون – يآ من شربتم من دم هذا الشعب حتى الثمالة – وآكلتم حتى التخمة – إن آمركم لامحالة آصبح قاب قوسين آو ادنى
إنه الإنتقام …………….
حمّادْ وادى سندْ الكرتى
المحامى والباحث القانُونى
[email protected]