بعد إجازة قانون استفتاء الجنوب السوداني أصبح الإقليم أقرب من أي وقت مضى للانفصال عن الشمال, وسط تحذيرات من أن انفصال الجنوب قد يكون بداية النهاية للسودان الوطن الواحد.
ويأتي ذلك وسط توقعات بأن تطالب أقاليم أخرى بإجراء استفتاء فيها للانفصال وعلى رأسها يقف إقليم دارفور.
وبينما تسوق الحركة الشعبية مبرراتها التي تبدو هي الأقرب للطلاق مع الشمال، يحذر خبراء سياسيون وأمنيون من مغبة ما وصفوه بالخطوة غير المدروسة.
أسوأ الخيارات
ويرى الخبير في مجال الأمن والمخابرات حسن بيومي أن انفصال الجنوب سيكون من أسوأ الخيارات التي يمكن أن تقع في السودان، مشيرا إلى أن ذلك سيقود أقاليم أخرى لتقليد الجنوب، وقال إن انفصال الجنوب هو “خيار صفوة الإقليم وليس له علاقة بالشعب الجنوبي”، مؤكدا أن الأمية وانخفاض مستوى الوعي مؤشران يقودان للشك في موضوعية الانفصال.
وتوقع في حديث للجزيرة نت أن يقود انفصال الإقليم إلى حرب داخلية في الإقليم بجانب اندلاع حرب بين الدولتين الشمالية والجنوبية “لأن كافة القضايا الأساسية لم تحلّ بعد”.
كما أشار إلى أن ظهور البترول عمق مخاطر الصراع في المنطقة, لكنه -كما يتوقع- سيشعل الجنوب ويقوده إلى صراعات داخلية حول السلطة والثروة وهو صراع ستشارك فيه نحو 25 قبيلة جنوبية مسلحة، فضلا عن جيش الرب ومليشيات أخرى محترفة.
ولم يستبعد بيومي أن يهدد انفصال الجنوب بعض الدول المجاورة “لأن اعترافها بالدولة الجنوبية الناشئة سيفرز طموحات الأقليات الموجود فيها للمطالبة بالاستقلال أسوة بالجنوب، إلى جانب تضرر كافة المصالح الغربية في المنطقة”.
مسألة وقت
كما توقع بيومي الذي كان يتحدث للجزيرة نت أن يكون انفصال دارفور “مسألة وقت” بعد انفصال الجنوب، كما أن سيناريو الجنوب ودارفور -كما يقول- سينعكس على شرق السودان.
أما الخبير السياسي السفير الشفيع أحمد محمد فقال إن اتفاقية نيفاشا حملت في أحشائها بذرة الانفصال, معتبرا أن الجميع لم يبذل ما يكفي لتفضي الاتفاقية إلى وحدة طوعية.
واعتبر أن السودان أضاع الفترة الانتقالية من اتفاق السلام “في شد وجذب وتنافس سياسي مأزوم مما جعل الانفصال هو الأقرب إلى وجدان الجنوبيين وبعض الشماليين”.
وأكد للجزيرة نت أن السودان أهمل قضية الوحدة طوال خمس سنوات و”لم يدر حولها أي حوار لا على المستوي الشعبي ولا على المستوى الرسمي”، مشيرا إلى وجود ما سماه شحنا عاطفيا سالبا “جراء احتقان متطاول وجراحات ومشاكسة متواصلة بين الشريكين”.
واستبعد أن يؤثر انفصال الجنوب على دارفور, قائلا إن ذلك مجرد “هراء وأحلام بائسة”. ورأى أن انفصال دارفور لا تحدده القوى الدولية بل تحدده قضية دارفور نفسها إذا لم يتعامل معها بجدية ومسئولية وطنية.
ومن جهته أكد الخبير العسكري العميد المتقاعد منصور الحارث أن انفصال الجنوب سيقود منطقة القرن الأفريقي إلى حروب قبيلة غير متكافئة بين دول المنطقة وأقاليمها “مما يعني وجود تدخلات أجنبية يسعى لها الغرب منذ فترة طويلة”.
وقال إن هناك مجموعات سودانية أخرى ربما تتهيأ لإعلان ذات المطالب التي تدفع باستقلال الجنوب حاليا، مشيرا إلى ما سماها أزمة جيش الرب الموجود في الإقليم والذي قال إنه يمارس حرب العصابات أو الحرب غير المنظمة بأرض الجنوب.
كما قال إن الإقليم الجنوبي غير مؤهل لقيام دولة جديدة, مشيرا إلى أن الانفصال سيقود إلى حرب جديدة بين الشمال والجنوب بسبب ترسيم الحدود والخلافات العائدات إلى النفط.
عماد عبد الهادي-الخرطوم
الجزيرة نت