قال في الذكرى الخامسة لتوقيع اتفاقية السلام إن الحركة الشعبية تتحمل مسؤولية الانفصال ودعا لعلاقة أخوية بين الدولتين
في الذكرى الخامسة لتوقيع اتفاقية السلام التي تصادف اليوم، أطلق مسؤول بارز في «المؤتمر الوطني» الحاكم في السودان، تصريحا مدويا، قائلا إن انفصال الجنوب عن الشمال أصبح «واقعا وحتميا»، وإن الفرصة الحالية لا تسمح بالوحدة الطوعية، مشيرا إلى أن الانفصال هو الأقرب، قبل أن ينصح بانفصال «سلس وسلمي يجنب البلاد العودة لمربع الحرب». ووقع حزب المؤتمر الوطني برئاسة الرئيس عمر البشير، والحركة الشعبية لتحرير السودان، (المتمردون السابقون في الجنوب) اتفاقية سلام شاملة، في التاسع من يناير (كانون الثاني) 2005، أنهت أكثر من عقدين من الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب، ورسمت خارطة طريق تنتهي في 9 يناير 2011، باستفتاء لتقرير مصير الجنوب بين البقاء طوعا في سودان موحد، أو الانفصال وتكوين دولة خاصة به.
وقال الدرديري محمد أحمد القيادي في حزب المؤتمر الوطني بزعامة الرئيس البشير إن انفصال الجنوب عن الشمال أصبح واقعا وحتميا، وأضاف أن الفرصة أمام الشريكين لا تسمح بالوحدة الطوعية، بل هي للانفصال أقرب، ونصح في برنامج إذاعي في الخرطوم أمس بحدوث انفصال «سلس وسلمي وجاذب يجنب البلاد العودة لمربع الحرب».
وقال إن المواطن الجنوبي سيصوت في استفتاء تقرير مصير الجنوب للانفصال حتى وإن اتفق الشريكان. وحمل مسؤولية حدوث الانفصال للحركة الشعبية، وأضاف: «ينبغي أن نكون واقعيين ونتحدث عما هو كائن وما ينبغي أن يكون، ومضى. ظللنا في (حزب المؤتمر) الوطني أحرص من غيرنا على الوحدة، ولكن (الحركة) الشعبية قطعت الطريق أمامنا لذلك الخيار، وأضاعت علينا الفرصة». واستبعد الدرديرى في برنامج إذاعي أي فرصة للوحدة خلال العام المتبقي على استفتاء تقرير المصير، وقال إن الواقع يتنافى ودعوة «الشعبية» لذلك، ودعا الطرفين لانفصال يجنب البلاد العودة لمربع الحرب، وقال: «هذا تحد حقيقي»، وقال إن دعوة «الشعبية» للانفصال كانت في الوقت الخطأ، وأضاف: «إنها ظلت تنادى بالانفصال، ما خلق انطباعا بأن الوحدة غير واردة»، ودعا لإقامة علاقة أخوية بين الدولتين الجارتين. وقال المسؤول في حزب المؤتمر الوطني إن الحركة الشعبية «عينها ترقب ما يجري من احتراب بالجنوب وتغض الطرف عما تم تنفيذه في الاتفاقية»، وعزا الأمر «لكون المواطن الجنوبي سينقلب عليها»، وأضاف: «إنها تريد أن تنقل المعركة بين الشمال والجنوب بدلا من تصويب الأمر نحوها فقط». وقال إن «(الحركة) الشعبية لا تستطيع إدارة دولة بمؤسسية، وغير قادرة على أن تمضي في شراكة أحد طرفيها يدير الجنوب بوضع ينذر باستئناف الحرب، وحولت الإقليم من دولة الشمولية إلى دولة الفوضى بخلاف ما جاء في (اتفاقية) نيفاشا التي هدفت إلى تحقيق دولة الوطن بدلا من دولة الحزب». واعتبر قانون جهاز الأمن الفائت «رحمة» مقارنة بما يجرى في الجنوب الآن، وقال إن الحكومة هناك تحكم بقانون «الغاب واللاقانون». وفى السياق ذاته، أكد الدرديرى رفض قانون استفتاء منطقة «أبيي» الغنية بالنفط المتنازع عليها بين الشمال والجنوب، وقال إنهم لا يقبلون إلا بتصويت أهل أبيي كافة.
في البرنامج الإذاعي ذاته، استنكر ياسر عرمان نائب الأمين العام للحركة الشعبية توجه حزب المؤتمر الوطني لخيار الانفصال، ووصف دعوة الحزب الحاكم للانفصال بالحديثة، وأعلن تمسك الحركة الشعبية ببرنامج الوحدة الطوعية، وحذر عرمان من خيار الانفصال، وقال إنه سيؤدى إلى تفكك البلاد بأكملها، ودعا الشعب السوداني إلى التمسك بخيار الوحدة والسعي خلال الفترة المتبقية على إجراء الاستفتاء لتقرير مصير الجنوب إلى العمل لصالح الوحدة، واتهم أفرادا من «الوطني» بالتعامل بـ«مزاجية» مع القضايا المصيرية للبلاد. وقال عرمان إن معاملة الجنوب معاملة «الضُّرّة» مفهوم خاطئ ويضع وحدة السودان على المحك، وأضاف أن هذا ما فعله حزب المؤتمر الوطني الذي اتهمه بالتورط في قضايا عديدة عبر إشعال الحرب وحرق القرى بالإقليم على يد من ينتمون للجيش السوداني. من جهة ثانية، أعلن نائب الرئيس السوداني رئيس الحركة الشعبية الحاكمة في الجنوب سلفا كير حظر نشاط حزب جنوبي منشق عن الحركة الشعبية، فيما أطلق العنان للأحزاب السياسية الأخرى لممارسة نشاطها في كل أنحاء الجنوب خلال الفترة المقبلة. واعتبر مسؤول آخر في الحركة الشعبية، الحزب المحظور أنه «ميليشيا مسلحة في الجنوب».
وكان الحزب المحظور وهو «الحركة الشعبية – التغيير الديمقراطي» بزعامة وزير الخارجية السابق «لام أكول» انشق عن الحركة الشعبية في النصف الأخير من العام الماضي، بعد أن أعلن قادته فشل الحركة الشعبية في إدارة الجنوب في ظل الفترة الانتقالية التي حددها «اتفاق السلام الشامل»، الذي أنهى الحرب في الجنوب.
وقال سلفا كير أمام حشد من أنصاره في الجنوب إن على كل القوى السياسية ممارسة نشاطها في الجنوب عدا «الحركة الشعبية – التغيير الديمقراطي»، وحذر أنصاره من مغبة التعامل مع الحزب المحظور «باعتباره حزبا مهددا لمستقبل الجنوب»، وقال «على القوى السياسية أن تعمل من أجل المصلحة العليا لشعب الجنوب». وفي الخرطوم، أعلن أكول خصم سلفا كير أن حزبه «الحركة الشعبية – التغير الديمقراطي»، سيخوض الانتخابات مع الذين «يتهربون» منها ويسعون إلى التغيير من دون انتخابات، ووصفهم بأنهم ضد السلام. وغمز الحركة الشعبية من قناة، حين قال: «لم نر وزراء في حكومة يقودون المظاهرات ضد حكومتهم»، في إشارة إلى مشاركة الحركة الشعبية في المسيرة الأخيرة لتحالف أحزاب «إعلان جوبا» ضد حزب المؤتمر الوطني أمام البرلمان، التي منعتها الشرطة، واعتقلت قيادات من الحركة مشاركة فيها. وقال أكول إن الحركة الشعبية تمسكت بنسب نيفاشا ولم تكلف نفسها بالعمل وسط الجماهير وهيمنت على حكم الجنوب، وأضاف: «رجعنا لسودان أقدم من القديم، حيث يفضل الجنوبيون أيام الحرب على حكم الحركة الشعبية».
الشرق الاوسط