بسم الله الرحمن الرحيم
ويسألونك عن سودنة العمل الإنساني
علي أبو زيد علي
في مطلع هذا الشهر انعقدت الدورة التدريبية لقيادات المنظمات الوطنية بجهد من منظمة المنتدى وبالتعاون مع إدارة المنظمات الوطنية بمفوضية العون الإنساني وشملت الدورة التي امتدت لمدة أسبوع ثلاثة محاور أساسية هي أساسيات إدارة المشاريع واستراتيجيات العمل المشترك وبطاقة قياس الأداء المتوازن وشارك في الدورة قيادات المنظمات والشبكات الفاعلة والتي مثلها عدد غير يسير من أصحاب الكفاءة والتأهيل الأكاديمي والخبرات الواسعة .
مثلت المجموعة المشاركة في الدورة توازناً نوعياً حققت الجودة (استقرار طاولة الجودة الثلاثية) والمتمثلة في الاستفادة من المعلومات المقدمة في الدورة والضلع الثاني رفع قدرات المنظمات الوطنية، أما الضلع الثالث يتمثل في العصف الذهني حول هموم العمل الإنساني ودور المنظمات الوطنية في تحقيق سودنة العمل الإنساني وثمة آراء تم طرحها خارج المنظومة المنهجية للدورة وتعميمها على الدارسين بغرض تحقيق التواصل المنتج بين بعض من قيادات المنظمات الوطنية والإسهام في بلورة المبادئ الأساسية لترقية العمل الإنساني وتوجهات الدولة والمجتمع للأخذ بزمام المبادرة في النشاط الإنساني وتحمل المسئولية الوطنية في مواجهة وهيمنة المنظمات الأجنبية على ساحة العمل الإنساني بمناطق السودان المأزومة وتمثلت المحاور المطروحة لقيادات المنظمات في الآتي :
أولاً : إن المرحلة الحالية تتطلب الأخذ بمبدأ الإصلاح الشامل للعمل الطوعي السوداني من خلال ترقية القوانين المنظمة للعمل والعلاقات بين المنظمات الطوعية والمؤسسات الحكومية ذات الاختصاص والبناء التنظيمي والفكري للمنظمات الوطنية والدور الإنساني للمنظمات في العلاقات الدولية والأممية والعلاقات الخارجية والأجنبية والملاحظ أن منظماتنا الوطنية ورثت تجارب متراكمة في مجالات الكوارث والطوارئ نتيجة العوامل الطبيعية وإفرازات الحروب الأهلية والنزاعات القبلية والتي رفعت درجة اهتمام المجتمع المدني بتكوين وإنشاء المنظمات الخيرية في مواجهة الأزمات الإنسانية الناتجة وأيضاً جعلت الدولة تقوم بمحاولات جادة في سن التشريعات المنظمة استجابة للظروف المحيطة التي أنتجت التواجد الكثيف للمنظمات الأجنبية والأممية وقد لعب تواجدها في المناطق المأزومة دوراً في إضعاف النشاط الطوعي الوطني ووصمها بعدم الحيادية والإذعان الكامل للسلطات الحكومية .
ثانياً: من الضروري أن تكون هنالك قناعة راسخة لدى الدولة والمنظمات بأن الدور الرشيد للمنظمات الطوعية لتحقيق إضافة للنشاط الحكومي يكمن في أنها منظمات غير حكومية N.G.Os وهي تمثل ضمير المجتمع ولا تسعى للوصول إلى كراسي الحكم وملتزمة بالقيم الدينية والوطنية مبادئ الحيادية وعدم التميز في تقديم الخدمة للمحتاجين وأنها حين تتلقى الدعم الحكومي في الجوانب الفنية والعون المادي فإنها تتلقى الدعم والتمويل في إطار مسئولية الدولة المجتمعية بحق المواطنة وثوابت الوطن وليس للإنتماء الفكري أو السياسي أو الحزبي.
ثالثاً: إن شركاء العمل الإنساني يتمثل في أضلاعه الثلاثة وهي الدولة والمنظمات الوطنية والمؤسسات الدولية والأجنبية وأن وضع المنظمات الطوعية الوطنية بحاجة إلى الكفاح لتأكيد أنها شريكاً محترماً ومعتبراً لدى الشريكين الآخرين وأنها تمتلك رصيد الجهد الشعبي من خلال تحريك المجتمع وتفجير طاقاته للإسهام في تحقيق برامج السلطة التنفيذية وإنها أي المنظمات الوطنية تعتبر المدخل المحلي للمنظمات الأجنبية بما تملك من معلوماتية وموائمة ومعرفة بثقافة المجتمعات المحلية، وحتى تكتمل الشراكة العملية مع الشركاء فإن على المنظمات الوطنية أن تسعى كفاحاً لتفعيل دورها ومشاركتها في رسم القوانين المنظمة وتفعيل مؤسساتها الاتحادية من خلال التشبيك والشراكات والاتحاد العام للمنظمات وأن يكون لها دور في اختيار القيادات التنفيذية الرسمية التي تعمل لصالحها وتتيح الفرص العادلة للتنافس الإيجابي والنمو الذاتي .
رابعاً : يقيناً أن إرث المعرفة التراكمية عبر الأجيال وفي مجالات المعرفة المختلفة متاح لجميع البشر وتجارب العمل الإنساني هي تجارب متاحة لمنظماتنا للاستفادة منها ولتحقيق ذلك فإن مبدأ الانفتاح والاحتكاك والتعاون مع المنظمات الدولية والأجنبية يؤدي إلى فهم مشترك، الفهم الذي عبرت عنه وثيقة القانون الدولي الإنساني، هذه الوثيقة وفرت الفرصة للمنظمات الإنسانية بتجاوز حدود الدول لتقديم العون حيث كانت الحاجة والفرصة متاحة للعمل الوطني للتنافس القيمي والثقافي لشعوب الدول الأخرى من خلال تنمية التجارب البسيطة لمشاركة بعض المنظمات الوطنية في تقديم العمل الإغاثي لعدد من الدول الأفريقية والأسيوية والعربية وذلك بتكوين مؤسسة قومية أهلية تستهدف بصورة أساسية العمل داخل وخارج حدود الوطن فنحن بحاجة إلى التوازن بين الأخذ والعطاء مع المجتمع الدولي واتخاذ موقف بديلاً عن الشكوى من غزو المنظمات الأجنبية إلى القيام بتجريدات ثقافية للدولة الأجنبية .
رابعاً : امتلأت الساحة الوطنية بحراك سياسي واجتماعي ناتج عن النشاط الإنساني الأجنبي في المناطق المأزومة منها تلك الدعاوى التي تعرض لها السودان في شأن محكمة الجنايات الدولية والقرارات الصادرة من مجلس حقوق الإنسان ومجلس الأمن الدولي والأزمة التي نشبت عقب إبعاد عدد من المنظمات الأجنبية من البلاد.
يقيننا أن المنظمات الأجنبية لعبت دوراً أساسياً في نشؤ هذه الأزمات نتيجة انفرادها بتقديم التقارير والبيانات المغلوطة، وهذا الوضع يتطلب من النشاط الطوعي الوطني الاهتمام بموضوعات العون المدني والحماية وعدم الانكفاء على العون الإغاثي والإنمائي ويتطلب الإعداد لمطلوبات التعامل مع الأجهزة الدولية والأممية في مجالات الحماية وحقوق الإنسان والتواجد من خلال المشاركات ورفع التقارير وتفعيل عمليات الرصد والحماية .
ولله الحمد ..