أكد رئيس حزب «الأمة- الإصلاح» مبارك الفاضل المهدي في حوارٍ مؤخراً أن لا حل لمشكلات السودان سوى على الطريقة اليوغسلافية التي وزعت إلى جمهوريات استقرت فيها الأوضاع، مطالباً بحل الحكومة والبرلمان في الخرطوم ومشدداً، بصفته مقرراً لمؤتمر «جوبا» لقوى المعارضة السودانية، على أن الملتقى الذي سيغيب عنه «المؤتمر الوطني» الحاكم وحركات دارفور المسلحة سينعقد نهاية الشهر الجاري ليتصدى ل6 محاور منها إحلال السلام في دارفور والمصالحة الوطنية والأمن القبلي، معرجاً في حديثه على تحركات المبعوث الأميركي إلى السودان سكوت غريشن الذي توقع له الفشل في مهمته، فكان هذا الحوار:
مؤتمر «جوبا»: كمقرر لمؤتمر «جوبا» لقوى المعارضة السودانية ما هي القضايا التي سيناقشها المؤتمر؟ التقت رؤية الحركة الشعبية وتحالف قوى المعارضة المكون من 17 حزباً على 6 محاور لهذا الملتقى وهي: السلام والأمن والوحدة، السلام الاجتماعي والأمن القبلي، إحلال السلام في إقليم دارفور، المصالحة الوطنية والعدالة، العلاقات الخارجية، والمحور الاقتصادي، وهي المحاور التي تم الاتفاق عليها، ونتج عنها حوالي عشر أوراق عمل.
أعلنت عن انعقاد المؤتمر في 18 أغسطس الجاري، لكن لا مؤشرات على إمكانية التئامه في موعده المحدد؟
مرحلة إعداد الأوراق انتهت وشكلت لجنة مشتركة من «الحركة الشعبية» وتحالف المعارضة برئاسة الأمين العام للحركة باقان أموم. وكان من المفترض أن يعقد في 18 أغسطس لكن تم تأجيله بسبب مستجدات الحوار القائم بين الولايات المتحدة و«الحركة الشعبية» والتي قضت بسفر عدد كبير من قياداتها إلى العاصمة الأميركية واشنطن. ومن المتوقع بعد فراغ الحركة من الحوار مع الولايات المتحدة أن يعقد نهاية شهر أغسطس الجاري.
ما هدف عقد المؤتمر في هذا الوقت تحديداً في ظل وجود اتهام موجه لك بأنك تعمل لصالح «الحركة الشعبية»؟
سنركز في المؤتمر على الجوانب الموضوعية لأن التحدي الأكبر الذي يواجه الدولة السودانية هو استدامة السلام وتحقيق الوحدة الوطنية لأننا مقبلون على استفتاء في الجنوب. ومن هنا فإن العمل المشترك ما بين القوى الجنوبية والقوى الشمالية هو الذي يقود إلى تحقيق الوحدة الوطنية، ففي السابق عندما كنت أميناً عاماً ل«التجمع الوطني» قمت بالاتصال ب«الحركة الشعبية» وعملت على ضمها إلى التجمع حتى نتجاوز الفهم الضيق لمفهوم الشمال والجنوب.
ويعد هذا الملتقى تطويراً لاتفاق «أسمرا» للقضايا المصيرية الذي كانت الحركة إحدى القوى الفاعلة فيه إضافة إلى أن عقده في «جوبا» عاصمة الجنوب فيه رد اعتبار للجنوبيين الذين همشوا سياسياً في السابق حيث كانت مطابخ صنع القرار كلها تتم في الشمال.
أهداف المؤتمر
هل يعني هذا أن المؤتمر هو لخدمة أهداف الوحدة أولاً؟
بما أننا نتكلم عن إعادة هيكلة الدولة السودانية فهذا يتطلب أن تذهب الأحزاب السياسية إلى الجنوب وتقرر من هناك برامجها لإعادة هذه الهيكلة، لأن في ذلك دفعة معنوية للمواطن الجنوبي الذي سيصوت على تقرير المصير العام 2011.
والآن تهيأت الظروف لعقد الملتقى بعد موافقة 17 حزباً عليه وأبرزها الحزب الشيوعي و«الأمة» بقياده الصادق المهدي، و«المؤتمر الشعبي» بقيادة حسن الترابي.
هل من المتوقع أن تشارك حركات دارفور المسلحة في هذا الملتقى؟
حتى الآن لا، لأن هذا المؤتمر خُصص للأحزاب المعارضة للحكومة والتي تعمل تحت مظلة الدستور القائم. وبالنسبة لدارفور، فإن «حركة التحرير فصيل مناوي» مشاركة في اللجنة العليا أما الحركات الأخرى المسلحة فهي غير مشاركة. نحن أمام خيارين الأول أن تمثل هذه الحركات بمراقبين داخل الملتقى، والثاني أن تشكل لجنة بعد الفراغ من أعمال المؤتمر لتقوم بعرض توصياته لحركات دارفور التي تحمل السلاح من أجل إطلاعها وإشراكها.
أين الحزب الحاكم، «المؤتمر الوطني»، من هذا الملتقى؟
المؤتمر الوطني» حزب فاعل في الساحة وهو مدعو بإلحاح للمشاركة خاصة أنه طرف أساسي وثابت في كل الاتفاقات الموقعة في السودان، لذا نحن نلح في دعوته التي وصلت إلى رئيسه عمر حسن البشير وإلى نائبه للشؤون التنظيمية نافع علي نافع اللذين خاطبناهما كتابة لكنهما لم يردوا علينا بشكل رسمي إلى الآن.
حل يوغسلافي
كيف تقرأ التقارب بين الولايات المتحدة والحزب الحاكم، وإلى أي مدى يمكن أن ينجح المبعوث الأميركي سكوت غريشن في إحداث اختراق في هذا الخصوص؟
يريد غريشن أن يقدم دبلوماسية ناعمة ليحدث اختراقاً، ففكر في عملية هي الأسهل تقضي برفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب باعتبار أن هناك محادثات قائمة بين واشنطن والخرطوم في هذا الملف، وأيضاً ليكون مدخلاً لتحريك ملف الأزمة. لكنها في اعتقادي نظرية خاطئة من غريشن وهو لن يصل إلى ما يصبو إليه.
هل يعني هذا أنك غير راضٍ عن سياسة المبعوث الأميركي؟
أنا أعتقد أن غريشن يسير في الاتجاه الخاطئ، والمبعوثان السابقان في السودان وصلا إلى نفس النتيجة القائلة إن «الإنقاذ» توعد وتراوغ في الوقت نفسه. ومن المتوقع أن يعفى غريشن من منصبه كمبعوث في أي وقت لأن الذين يعارضون سياسته أقوى منه كهيلاري كلينتون التي هي شريكة في الحكم وليست وزيرة خارجية فقط.
مؤتمر دولي
يبدو أنك من أنصار عقد مؤتمر دولي يأخذ كل قضايا السودان ومشكلاته كحزمة واحدة وفق ما ترى كثير من القوى في الجوار السوداني؟
السودان لم يعد بحاجة إلى اتفاقات جديدة والمطلوب هو وضع جميع الاتفاقات التي وقعها السودانيون في «أسمرا» و«نيفاشا» و«القاهرة» على الطاولة لكي يجدد «المؤتمر الوطني» الالتزام بها أمام الأسرة الدولية ويبدأ إجراءات عملية لتنفيذ هذا الالتزام منها حل الحكومة الحالية وتشكيل حكومة جديدة تحت إشراف المجتمع الدولي وحل البرلمان وتعيين برلمان جديد، فضلاً عن إعفاء رئيس القضاء وتعيين هيئة قضائية جديدة. وليس هناك حل في السودان غير ذلك ليأتي على غرار ما حدث للصرب في اتفاق «دايتون» عندما توافق الجميع على إجراءات معينة وعندما رفض الصرب تمت مواجهتهم على الأرض ونتج عنها الكونفيدرالية الماثلة الآن في صربيا حيث وزعت يوغسلافيا إلى جمهوريات واستقرت بعدها الأوضاع.
هل تعني أن الوضع الحالي خطرٌ على وحدة السودان؟
الدولة في السودان يجب أن تقوم على أساس المواطنة والتعدد العرقي والعقائدي. السلام الموجود الآن قائم على أساس دولة بنظامين، وهذا النظام لم ينجح. و«الحركة الشعبية» باتت تطالب مفوضية المراجعة الدستورية أن تضع دستوراً مبنياً على أساس المواطنة كجزء من الحلول التي تجعل الوحدة جاذبة، وإذا لم ينفذ هذا فإن الجنوب سيمضي وغيره من الأقاليم ستمضي أيضاً.
هل سترشح نفسك لمنصب الرئاسة؟
الانتخابات نفسها في «خبر كان» لأن الواقع يقول إنه لا توجد أرضية لانتخابات حرة ونزيهة. من الناحية النظرية رشحني الحزب بالفعل للرئاسة، لكن كما قلت لا توجد أرضية ومع هذا نعمل بتروٍ لنخرج بمرشح واحد للمعارضين يمثل رمزية تجعل الوحدة أمراً ممكناً بين الشمال والجنوب.
القاهرة- خدمة دار الإعلام العربية