قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، الاثنين، في تقرير إن مقاتلين من “قوات الدعم السريع” والميليشيات المتحالفة معها اغتصبوا عشرات النساء والفتيات في حالات شملت “الاستعباد الجنسي”، في ولاية جنوب كردفان السودانية منذ سبتمبر/أيلول 2023.
وأضافت المنظمة في تقريرها أن “أعمال العنف الجنسي هذه، التي تشكل جرائم حرب وقد تشكل جرائم ضد الإنسانية، تؤكد على الحاجة الملحة إلى اتخاذ إجراءات دولية جادة لحماية المدنيين وتحقيق العدالة”.
ونقل التقرير عن امرأة من جبال النوبة يبلغ عمرها 35 عاما قولها إن “ستة مقاتلين من قوات الدعم السريع يرتدون زيا باللون الكاكي اقتحموا مسكن عائلتها، وقال أحد الرجال: (يا نوبية، اليوم يومك). ثم اغتصبها الرجال جماعيا”. وأضافت: “حاول زوجي وابني الدفاع عني، فأطلق أحد مقاتلي الدعم السريع النار عليهما وقتلهما. ثم استمروا في اغتصابي، الستة جميعهم”.
ومن جانبها، قالت بلقيس والي، المديرة المشاركة لقسم الأزمات والنزاعات في هيومن رايتس ووتش: “وصفت الضحايا تعرضهن للاغتصاب الجماعي أمام عائلاتهن أو لفترات طويلة، في حالات شملت احتجازهن بالاستعباد الجنسي من قِبل مقاتلي قوات الدعم السريع”.
وأكدت بلقيس أنه “على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي التحرك فورا لمساعدة الضحايا، وحماية النساء والفتيات الأخريات، وضمان العدالة في هذه الجرائم الشنيعة”، بحسب قولها.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2024، أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع 93 شخصا حضوريا وعن بُعد، 70 منهم كانوا في مخيمات غير رسمية للنازحين في منطقة جبال النوبة بولاية جنوب كردفان، وأجرى الباحثون مقابلات مع سبع ضحايا اغتصاب، قالت إحداهن إنها “احتُجزت مع 50 امرأة أخرى واغتُصبت مرارا على مدى ثلاثة أشهر”.
كما أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع 12 شخصا قالوا إن “قريباتهم أو صديقاتهم تعرضن للاغتصاب، وفي كثير من الحالات في حوادث شهدوها بأنفسهم”.
وبحسب تقرير المنظمة، “قدم الضحايا وشهود آخرون معلومات عن 79 فتاة وامرأة، تتراوح أعمارهن بين 7 و50 عاما، أبلغن عن تعرضهن للاغتصاب”. وكانت معظم الحوادث الموثقة اغتصابات جماعية وقعت منذ 31 ديسمبر/كانون الأول 2023، في بلدة حبيلة وحولها، وفي قاعدة لقوات الدعم السريع، وشملت أيضا ضحايا من بلدة فايو، على بعد حوالي 17 كيلومترا جنوب حبيلة، بجنوب كردفان.
ونقلت هيومن رايتس ووتش في تقريرها عن الضحايا والشهود قولهم إن “المهاجمين كانوا جميعا أعضاء في قوات الدعم السريع يرتدون الزي الرسمي، أو أعضاء في ميليشيات حليفة”.
وقالت بعض الضحايا إنهن يعرفن بعض الرجال بالاسم من مجتمعهن. وفي الحالات التي وثقتها هيومن رايتس ووتش، “اغتصب مقاتلو قوات الدعم السريع 14 امرأة وفتاة في منازلهن أو منازل جيرانهن، غالبا أمام أفراد الأسرة. وفي خمس حالات، اغتصب المهاجمون النساء والفتيات بعد قتل أفراد الأسرة أو تهديدهم”، طبقا لما أورد التقرير.
وفي تقرير منفصل نُشر في 10 ديسمبر/كانون الأول، ذكرت هيومن رايتس ووتش أنها “وثقت عمليات قتل واختطاف وإصابات واسعة النطاق بين المدنيين، بالإضافة إلى أعمال نهب وحرق واسعة، في حبيلة وفايو وحولهما”، موضحة: “تشكل هذه الانتهاكات والعنف الجنسي دليلا على الهجمات الواسعة التي تشنها قوات الدعم السريع على المدنيين في جنوب كردفان”.
وبحسب التقرير، قالت امرأة عمرها 18 عاما إن “مقاتلي قوات الدعم السريع أخذوها في فبراير/شباط مع 17 امرأة وفتاة أخريات من فايو إلى قاعدة عسكرية، حيث احتُجزن مع مجموعة من 33 امرأة وفتاة كن هناك. وتحت السيطرة الكاملة لخاطفيهن من قوات الدعم السريع، احتُجزت النساء والفتيات في ظروف استعباد، وفي بعض الأحيان رُبطن بالسلاسل. كل يوم لمدة ثلاثة أشهر، اغتصب المقاتلون النساء والفتيات وضربوهن، ومن بينهن الضحية البالغة من العمر 18 عاما، وهي جرائم تشكل أيضا استعبادا جنسيا”.
وأردفت المنظمة قائلة: “لم ترَ أي من النساء اللواتي قابلتهن هيومن رايتس ووتش أي وسيلة لمحاسبة المهاجمين”. وقالت إحداهن: “لا يوجد شيء يمكن لأي شخص أن يفعله من أجل العدالة. فقط أشكو إلى الله”.
وذكرت هيومن رايتس ووتش في 25 نوفمبر/تشرين الثاني، أنها “أرسلت ملخصا لنتائجها والأسئلة ذات الصلة إلى الجنرال محمد حمدان دقلو (حميدتي)، قائد قوات الدعم السريع، لكنها لم تتلقَّ أي رد”.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن “العنف الجنسي قد يشكل جرائم ضد الإنسانية عندما يُرتكب ضمن هجوم واسع النطاق أو منهجي على سكان مدنيين. وعندما يُحتجز الناس في ظروف الاستعباد، وعندما يمارس آسروهم سيطرة تشبه حق الملكية عليهم، ويخضعون للعنف الجنسي، فإن ذلك يشكّل استعبادا جنسيا”