البيان التأسيسي
(ثورة الأقاليم ثورة المستضعفين)
بيان هام
الي جماهير شعبنا السوداني الصامد الأبي في الريف والحضر
الي المقهورين من ضحايا العنصرية والاستبداد
الي كل باحث عن حريته وعزته وكرامته في سوداننا الحبيب
الي الشعوب والحكومات المحبة للعدل والسلام
الي المجتمع الدولي بأسره
السودان بلد شاسع مترامي الأطراف ويعتبر جسرا يربط بين افريقيا والعالم العربي ويذخر بثروات طبيعية هائلة وموارد بشرية معتبرة وكان من الممكن ان يكون دولة متقدمة في خدمة مواطنيها وتشارك بفعالية في تقديم الخير للإنسانية بأسرها ولكن شيئا من ذلك لم يحدث. اذ خيب حكام السودان آمال شعبهم واصدقائهم وحيروا المراقبين في كل مكان بسبب الفارق الكبير بين إمكانات البلاد الكامنة وواقع الحال. لقد فشل حكام السودان في توحيد شعبه وإدارة موارده بما يعود بالنفع لإنسانه بل ظل السودان يحارب نفسه منذ الاستقلال حتي اقترب اليوم من لحظة تقسيمه وانشطاره الي دويلات واختفاء اسمه من الجغرافية السياسية نهائيا ذلك لان حكامه لم يعترفوا بتعدد ثقافاته واعراقه وانتهاج سياسات عادلة تجاههم.
يتكون السودان سياسيا و ثقافيا وتاريخيا من سبعة أقاليم معلومة وهي: الإقليم الأوسط, الإقليم الجنوبي, منطقة الخرطوم, إقليم دارفور, الإقليم الشرقي, الإقليم الشمالي, إقليم كردفان حسب الترتيب الابجدي. بالرغم من ذلك ظل السودان تحكمه وتسيطر عليه فئة قليلة من مثقفي إقليم واحد من جملة هذه الأقاليم وهو الإقليم الشمالي الذي عاني أيضا من تسلط هذه العصابة واهمالها وعقوقها له والامثلة علي ذلك كثيرة. لقد استغلت هذه المجموعة ميزة الوعي النسبي التي كانت في صالحها عند استقلال البلاد فاستمرت متسلطة علي مقاليد الأمور منذ ذلك الحين وظلت تحتكرها وتتوارثها جيلا بعد جيل الي يومنا هذا.
لقد مر علي حكم السودان اثنا عشر رئيسا للدولة منذ استقلاله في عام 1956م, جميعهم من الإقليم الشمالي الذي لا يزيد عدد سكانه عن 5% من سكان السودان. جاءت حكومات هؤلاء الرؤساء علي نمط الحكومة الحالية التي يحتل فيها أبناء الإقليم الشمالي منصب رئيس الجمهورية ونائبه الأول والأمين العام للحزب الحاكم ومناصب مستشاري رئاسة الجمهورية ومناصب جميع الوزارات السيادية: الخارجية, الداخلية, المالية, البترول, الدفاع, العدل إضافة الي وزارات أخري متعددة بصورة لم يشهدها السودان من قبل, كما انهم ينفردون بحكومة العاصمة القومية. وكذلك فانهم يسيطرون سيطرة كاملة علي قطاع المال من بنوك وشركات وطنية وهيئات ومؤسسات مختلفة بتدبير سري دقيق ادي الي حرمان أبناء الأقاليم الأخرى من حقهم في هذا القطاع الحيوي.
لقد مارست هذه الأقلية المتسلطة تمييزا عنصريا في حكمها للبلاد بطريقة ماكرة ساعدت علي بقائها في السلطة لفترة طويلة واحتكارها للحكم والثروة في البلاد. وقد ظلوا يرفعون لكل مرحلة شعارات براقة يشغلون بها الجماهير ويلهونهم بها عن قضايا المال والحكم مثل: الديمقراطية- الوطنية – التنمية المتوازنة – القومية – صد الحصار عن السودان والاستهداف الخارجي – محاربة الفساد – الإسلام – الاستقلال – الوحدة – الحرية – التقسيم العادل للسلطة والثروة – تسليم السلطة للشعب – الحكم الفدرالي – الشفافية – منع الازدواجية والجهوية – التزام المؤسسية واخيرا قطف الثمار. الا أنهم لم يلتزموا بشيء منها بل أكدوا بممارساتهم أنهم ضدها جميعا عدا قطف الثمار لأنفسهم دون غيرهم.
ن التمييز العنصري الذي يمارس في السودان حاليا قلما تجد له مثيلا حتي في حالة جنوب افريقيا سابقا مما يجعل الشعب السوداني يحمل حكامه المتسلطين عليه وزر تردي الأوضاع في السودان عامة والجنوب خاصة. كما يحمل المثقفين من أبناء تلك الأقاليم المسئولية أيضا لعدم تمسكهم بحقوقهم الدستورية والقانونية ولاستجابتهم للاستغلال والاستغلال والاستعباد والدونية والمصالح الشخصية لبعض الانتهازيين منهم الامر الذي ادي الي تخلف اقاليمهم واضاعة حقوقها.
الآن: وبعد مضي نصف قرن من الزمان نجد ان السودان قد خسر ما يزيد علي مليوني نسمة من مواطنيه بسبب النزاعات القبلية والحروب الاهلية المستمرة في معظم الأقاليم وعلي رأسها الإقليم الجنوبي, وقد كان جزءا كبيرا منها بانتهاج سياسة فرق تسد الامر الذي ادي الي نزوح نحو خمسة مليون مواطن نزوحا داخليا وما يزيد علي نصف مليون مواطن الي دول الجوار إضافة الي الهجرات الكثيفة المتصلة الي دول العالم بسبب الظلم واحتكار فرص العمل وضعف الأجور وانهيار خدمات التعليم والمياه والصحة العامة والخدمات الأخرى, وتفشي الفقر والمجاعات والامراض المتوطنة كالسل الرئوي والكلازار وعمي الجور والانيميا والملاريا حتي اصبح 92% من سكان السودان يعيشون تحت حد الفقر طبقا للإحصاءات الرسمية للدولة والمنظمات الدولية. علاوة علي هذه الظروف الاقتصادية القاسية, يعيش شعبنا قهرا سياسيا واضطهادا اجتماعيا وتفرقة عنصرية وطغيانا ثقافيا وتغييبا متعمدا للأكثرية من أبنائه وصنوفا من الاستعلاء تزداد وطأته يوما بعد يوم. وما تراجع الحكومة عن الحكم الفدرالي ونزع سلطات المواطنين الرمزية بدمج المحليات والسعي الحثيث الي دمج المحافظات والولايات الا جزء من التهميش السياسي للأقاليم وتركيزا لجميع أدوات الحكم ومصادر المال سيما البترول والذهب وعائدات الخصخصة والقروض الأجنبية في ايدي الأقلية المتسلطة. وبعد ان خاب الرجاء كذلك في الأحزاب السودانية التي طالما هتف أبناء السودان لقادتها ودعموا برامجها ولم يحصدوا الا السراب بعد هذا كله, نعلن نحن أبناء السودان عن قيام حركة ثورية تحت اسم
(حركة العدل والمساواة السودانية)
وتهدف الحركة الي:
1- انهاء التمييز العنصري في منهج الحكم في السودان
2- رفع الظلم الاجتماعي والاقتصادي والاستبداد السياسي عن كاهل الجماهير رجالا ونساءا واشاعة الحرية والعدل والمساواة بين الناس كافة
3- وقف جميع الحروب وبسط الأمن للمواطنين وتأمين وحدة البلاد
4- تسخيير امكانات الدولة وتوجيهها لتحقيق تنمية بشرية واقتصادية متوازنة ومحاربة الفقر وترقية حياة المواطنين جميعا وتأمين الخدمات الأساسية
5- اقامة نظام فدرالي ديمقراطي لحكم البلاد يستجيب لخصائص أهل السودان ويمنع احتكار السلطة او الثروة بواسطة افراد او جماعات او أقاليم دون أخري, وانتهاج مبدأ التداول السلمي للسلطة
6- احداث اصلاح دستوري جذري وشامل يضمن حقوق الانسان الأساسية التي أقرتها الاديان والقوانين والمجتمع الدولي, وحق جميع الاقاليم في حكم البلاد
7- انتهاج سياسة خارجية قائمة علي الاعتدال واحترام حقوق الانسان أينما كان واحترام القوانين ومراعاة حسن الجوار والانفتاح السياسي مع كافة دول العالم وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول الاخري
لتحقيق هذه الاهداف من اصلاحات دستورية ووقف للحروب وتأمين لوحدة البلاد وانجاز التنمية المتوازنة الشاملة. تعتمد الحركة الوسائل الآتية:
1- اعتماد النظام الفدرالي أساسا لحكم السودان تحقيقا للديمقراطية والشوري والمشاركة الواسعة والحقيقية
2- اعتماد النظام الاتحادي الرئاسي الدائري لضمان تداول فرص رئاسة الجمهورية بين أقاليم السودان المختلفة
3- اعتماد الديمقراطية والشوري وسيلتين أساسيتين لتطوير البلاد وتنميتها وضمان وحدتها وأمنها واستقرارها ورفاهية أهلها
4- تأكيد سيادة القانون واستقلال القضاء في الدولة
5- اعتماد نظام مجلس الشيوخ تقوية لنظام الشوري البرلماني كما كان معمولا به في السابق
6- تقسيم مناصب رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء ورئاسة مجلس الشيوخ ورئاسة البرلمان ورئاسة القضاء والمحكمة الدستورية بين أقاليم السودان المختلفة علي الا يجتمع لأي اقليم من الاقاليم أكثر من وظيفة واحدة من الوظائف المذكورة أعلاه في وقت واحد
7- تقسيم الحقائب الوزارية وادارة المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية وكل الوظائف المفتاحية في الدولة بالتساوي بين الأقاليم علي قاعدة الكثافة السكانية والكفاءة وذلك الي حين اكتمال تكافؤ الفرص التلقائي في الدولة
8- اختيار رئيس الجمهورية وولاة الولايات بالانتخاب الحر المباشر علي اساس مبدأ صوت واحد لكل شخص, وأن يراعي تحقيق التوازن الاجتماعي الولائي في تشكيل الحكومات الولائية بما في ذلك ولاية الخرطوم
9- اعادة النظر في معايير الاستيعاب للقوات المسلحة والشرطة والأمن العام, قاعدة وقيادة لتحقيق الموازنة الاقليمية والتكامل القومي المفقود الآن
10- تقوية القوات المسلحة وقوات الشرطة والأمن وتأهيلها وتدريبها للقيام بدورها بفعالية وفقا للقانون والدستور
11- اعتماد المواطنة أساسا للحقوق والواجبات دون تمييز علي أساس الدين او الجنس او العرق او اللون او الجهة تأكيدا وحماية لحقوق الانسان
نداء وتوكيد:
نؤكد لشعبنا الوفي الابي في كافة أقاليم السودان جنوبه وشرقه وغربه ووسطه وشماله بأنه قد حان موعد رحيل الأقلية المتسلطة علي الشعب عن سدة الحكم وانهاء الظلم الاقتصادي والسياسي والاجتماعي في السودان, ونبشرهم ببزوغ فجر جديد مفعم بالحرية والعدل والمساواة والرخاء بأذن الله. فعليكم بتوحيد صفوفكم واجماع أمركم علي قلب رجل واحد منكم باذلين الغالي والنفيس من أجل وطنكم وحريتكم, ولنتكاتف جميعا لتحقيق النصر الذي ليس منكم ببعيد. ونقول لجماهيرنا العريضة في مواقعهم وانتماءاتهم المختلفة أن قد آن الأوان للالتفات الي حال كافة المواطنين في السودان والنظر الي مستقبل البلاد ولنستجيب لنداء الضمير والوطن ولتقد الطلائع النضالية ثورة الأكثرية المستضعفة لإعلاء مصلحة السودان وشعبه فوق المصالح الشخصية والحزبية والجهوية والعنصرية.
تدعو حركة العدل والمساواة السودانية جميع الدول والشعوب المحبة للسلام والعدل والمجتمع الدولي بأكمله للاهتمام بظاهرة التمييز العنصري البغيض الذي ينخر في عظام السودان والوقوف الي جانب قيم العدل والمساواة اللذين نادت بهما جميع الأديان السماوية والقيم الإنسانية منذ أقدم العصور.
كما تناشد حركة العدل والمساواة كل الحكومات الحريصة علي استقرار السودان ووحدته أن تقف الي جانب الحركة لأنها تمثل إرادة الجماهير في الأقاليم المختلفة ولأن مفتاح استقرار السودان يكمن في القضاء علي الظلم الاقتصادي والسياسي والاضطهاد الاجتماعي والاستعلاء العرقي في البلاد ونحن واثقون بأننا سنقضي عليه تماما ونضع حدا لمأساة شعبنا في وقت قريب بأذن الله.
وأخيرا تنذر الحركة الطغمة الجاثمة علي صدر الشعب السوداني بأن تتخلي عن سياستها العنصرية وتسلطها وأن تسلم السلطة طواعية للشعب صاحب الحق الأصيل حتي تجنب نفسها ثورة الجماهير المتحفزة لانتزاع حقوقها المسلوبة لأنه ما عاد من الممكن الاستعلاء علي الأكثرية والاستمرار في ظلمها وتهميشها وتشريدها وتقتيلها, فالثورة آتية وقريبا جدا بأذن الله ولا نامت أعين الجبناء.
القيادة الثورية لحركة العدل والمساواة السودانية
نوفمبر 2001م