عندما قاتلت نظام البشير كانت ترفع شعارات العدل والمساواة لجميع السودانيين، استمر قتالها لعشرين عاما لتحقيق هذه الغايات، وبين دخولها لأمدرمان في العام ٢٠٠٨- ودخولها للخرطوم في اكتوبر ٢٠٢٠ كواحدة من الحركات الموقعة على اتفاق جوبا للسلام، اثني عشر عاما، لم تغير فيها حركة العدل والمساواة رؤيتها، لقضايا السودان القومية وكيفية ادارة هذا التنوع.
ذات المبادئ التي حملتها وهي تحمل السلاح، نادت بها وهي شريك أساسي في الحكم ما بعد اتفاقية جوبا، باعتبارها أحد أكبر المؤسسين للجبهة الثورية، عبر مساراتها المختلفة منذ اتفاق باريس، مرورا بنداء السودان في أديس ابابا.
استمعت -نهار السبت ١٩ فبراير- لحديث طويل من رئيس الحركة ووزير المالية د. جبريل ابراهيم، ضمن عدد من قادة العمل الاعلامي والصحفي، وبرغم أن الحديث تناول قضايا سياسية، واقتصادية متعددة، الا انني ساركز في هذه المقالة على نقاط ثلاث لا غير، باعتبار انها نقاط تكتسب أهميتها الكبيرة من خلال ربطها بواقع ايامنا الماثلة.
أول هذه النقاط تأكيد د. جبريل أنهم في الحركة يرفضون تماما الاملاءات الخارجية، حتي ان مبادرة فولكر قبلوا بها قبولا مشروطا، على أن يقتصر الحوار على السودانيين، وحصر مهمة فولكر في تسهيل هذا الحوار. ما قال به د. جبريل لامس احساس أي سوداني تحركه الغيرة على سودانيته التي تلطخت بأدران الهرولة نحو الأجنبي، في وقت كثر فيه الحديث عن تدخلات البعثات الأجنبية في الشأن السوداني، وللاسف ان هذا يتم بمساعدة سودانيين، بل وتخطيط بعضهم.
اما الأمر الثاني فهو تأكيد رئيس الحركة أنهم عارضوا نهج لجنة ازالة التمكين المجمدة لأنها كرست لتمكين مقابل تمكين، ولم تكن تحتكم للقانون والقضاء، وقال د. جبريل نحن مع المحاكمات العادلة التي يقيمها القضاء، فهو الجهة الوحيدة التي تبرئ من تبرئ وتدين من تدين، وهذا الحديث من رئيس الحركة يؤسس لسيادة حكم القانون، وهي الخطوة الأولى في بناء الأمم والشعوب ونهضة المجتمعات.
اما النقطة الثالثة التي شدت انتباهي في حديث رئيس حركة العدل والمساواة، هي تأكيداته القاطعة بأنهم في الحركة لا يقبلون ولا يسمحون مجرد سماح بمناقشة الفكرة الانفصالية التي يروج لها البعض، باحتمالية انفصال دارفور، وقال نحن من يقف ضد هذه الأفكار.
ثم سار حديث رئيس الحركة د. جبريل في مسارات عديدة وهو يرد على تساؤلات الصحافيين واتهاماتهم بصدر رحيب، وعقل سياسي منفتح.. ربما عدنا مرة اخرى لمناقشة العديد من هذه الافكار التي تناولها اللقاء، وبرغم اشفاقنا على حال السودان وتعقيداته المتشابكة، وازماته الاقتصادية الحرجة، الا ان د. جبريل استطاع ان يدلق حزمة تفاؤل واسعة على الحاضرين.