د. سعاد الحاج موسي
22 ديسمبر 2020

الي رئيس مجلس الوزراء ورئيس حزب المؤتمر السوداني، الموقرون

يعاني مواطنو الفاشر منذ شهور آلاما وسقام أكثرها ثِقالا وقساوة هما الرغيف والوقود عصب الحياة غذاءً وحركة، واشتد الغلاء في كل ما يؤكل ويُشرب، ولم يرَ الناس عوناً أو دعماً رغم احتجاجاتهم بينما امتدت يد الوالي الي بيع الأراضي، عطفاً على مقال الكاتبة عايدة عبد القادر بعنوان ” الي عمر الدقير وإبراهيم الشيخ هل عاقكم منسوبكم (عربي)” مثلما كان يفعل والي الإنقاذ. فمنذ مجيء الإنقاذ والأقدار تعبس في وجه مواطني الفاشر ببؤس متوالي لا يستحقه أبناء السلطان، وتعقدت أحوال الناس والمدينة معاً باستهداف الانقاذيين لها بسوق المواسير الذي نُصِب علي امتداد المدينة المترعة بفيض الالفة والخُلُق الكريم لتصادر من أهل الإقليم برمته ما تبقي لهم من مصاريف الشهر وما استدانوا وقايضوا وباعوا وجازفوا وحصّلوا من كدهم وجهدهم رجالا ونساء، وبسبب ثقة الضحايا الذين لم يتربوا علي ثقافة الخيانة ولم يكونوا علي دراية بخبث الخائنين فعهدهم بالآخرين بأنّ (الآمَنَك ما تخونو حتي لو كنت خائن)، فانهارت أحلام شباب كُثُر بضياع رؤوس أموالهم المتواضعة وفقدت الاُسر ما دخّرَت من اليوم الأبيض لليوم الأسود، وانهار الكثيرون منهم من ذهب عقله ومنهم من مات مغبوناً! وعندما تظاهر الشباب احتجاجاً مطالبين الوالي بحقهم المُستلب، اُستقبلوا بوابلٍ من الرصاص والترويع الأمني، وتبع ذلك أن دُمِّرت الفاشر اقتصاديا، تماما كما خطط وأراد لها رهط الانقاذ. ثم عندما ظهر الذهب بجبل عامر وجبال اخري بريفي المدينة، لم تصل إيراداته للمواطن ولم تخدم الجبايات التي أرهقت المواطن البسيط، احتياجات المساكين أو أسهمت في تحسين عيشهم.

جاءت ثورة الحرية والسلام والعدالة لإراحة الناس من ظلم الانقاذ وطمأنتهم ورد المظالم لأهل السودان قاطبة، فلكلٍ نصيب من المعاناة والحيف، واختارت الحكومة الوالي الحالي لشمال دارفور وقَبِل الناس به حباً في دعم المدنية وعشماً في الانطلاقة الثورية بهموم المواطن وطموحاته الي رحاب التنمية والاستقرار والازدهار، ولكن ما يلاحظ هو شعوراً عاما بالاستياء والنفور من تجارب الوالي منسوب حزب المؤتمر السوداني الذي حصل علي هذه الفرصة عبر المحاصصة الحزبية لتوزيع الولاة وهي فرصة كبيرة له لاختبار نفسه وإثبات قدرات وجدارة منسوبيه الفكرية والتنموية والإدارية في هذا الظرف الحرج من عمر الثورة ليصب في حصيلة صندوق انتخابه وقتما أتت الديمقراطية، ولذات الهدف قدّم قادتهم النصائح والإرشاد ولا ندري ان كانوا علي علم وكامل دراية بما يدور بالإقليم من غرائب الاجراءات التي تطرح الكثير من التساؤلات حول نوايا الوالي تجاه الإقليم خاصة مدينة الفاشر، وجاهزية الحزب للتصدي للكثير المثير من المُثار حول أداء الوالي وتقويم المنعرجات في إدارة الولاية ومسلسل بيع الأراضي الخ.

والأكثر عجباً مما يجري بالمدينة هو هدم الوالي لكبري الفاشر العريق الذي شُيِّد في فترة الاستعمار ويربط بين شمال وجنوب الفاشر وشرقها ويقَصِّر المسافات بينها، هدم منذ أيام الخريف أي قبل نحو الأربعة أشهر دونما وجود خطة هندسية مدروسة وتمويل معتمد ومهندسين وخرط، كما ورد بالمقال، وحتما دونما اخطار للمواطنين بالراديو والتلفزيون ببرنامج الهدم ومدته وزمانه ابتداءً وانتهاءً حتي يرتبوا حركة تنقلهم، بسبب استراتيجية موقع الكبرى، خاصة للموظفين والعساكر والطلاب الذين يقطعونه مرتين في اليوم ذهابا وإيابا الي أعمالهم بالمكاتب الحكومية والقيادة والمدارس التي تقع في الجزء الشمالي والغربي من الفاشر، فصار عليهم الازدحام في الطريق الضيق جنوب البحيرة الذي يمر بوسط السوق لقطع مسافة مضاعفة ثلاثة مرات ويزيد. نجزم بأن الهدف من هدم هذا الكبرى العتيق بأشجاره كان نبيلا ولكن هل لم يجد الوالي طريقة اخري لتأهيله بدلا عن هدمه وقفله وفي وقت يرزح فيه المواطن تحت عبء اشكالات الوقود والرغيف والأمن والفقر والنزوح وليس بأقل منها حساسية جائحة كوفيد-19 التي أخذت الأولوية القصوى في برامج دول العالم ومعها السودان؟ ماذا عن المدارس المهدمة الأسوار والمرافق الصحية والتعليمية الضعيفة والمتهالكة أو معدومة تماماً، والشوارع التي تحتاج للصيانة خاصة عقب سيول الخريف؟ وأين تذهب ايرادات بيع الأراضي، ولماذا لا يوضِّح أوجه صرف تلك الأموال المتحصلة للمواطن حتى لا يذهب به الظنون بعيدا؟ ألم يعلم الوالي أن هدم هذا الكبرى دون خطة عاجلة وجاهزة يعني عرقلة حركة سير المواطنين وتضييق حريتهم في التنقل وزيادة أعباء الحياة عليهم في وقت يستوجب عليه العمل لأجل تخفيف حدة المعاناة عنهم!؟ وماذا عن فقراء المدينة والمحرومين والنازحين؟

فما يحصده أي حزب في بداية تجربته في حكم الولاية في عهد الثورة والمدنية حتماً سيكون اما عربوناً لفتحٍ مبين وهتافات ب “جيداً جيتوا” و “أقٌو قِدّام”، أو وداعاً على استحياء فاشري مقرونا بقول “كان فُتْو سلموا لأهَلْكُم!” فالثوار قالو “الطلقة ما بتكتل بكتل سكات الزول.” فهلم الي إصلاح الحال يا حزب المؤتمر السوداني ان فضل للعمر أيام.

د. سعاد الحاج موسي
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *