بقلم : حسن ابراهيم فضل
أقلام متحدة
السودان دولة مستقلة ذات سيادة تكون فيها السيادة للشعب وتمارسها الدولة وفقا لأحكام الوثيقة الدستورية .*
*ان وقف الحرب وتحقيق السلام في السودان يمثل المدخل السليم لتحقيق الامن والاستقرار والانتقال بالبلاد الى التحول الديمقراطي .
*الفصل التام بين المؤسسات الدينية عن مؤسسات الدولة لضمان عدم استغلال الدين في السياسة.
هذه النقاط الثلاث والمبادئ تصدرت ناصية الصفحة الاولى من اتفاق تقاسم السلطة بين الحكومة والجبهة الثورية مسار دارفور الذي وقع بالأحرف الاولى في 31 اغسطس الماضي , ضمن اكثر من ثلاثين نقطة اخرى من المبادئ العامة التي اتفق عليها المفاوضون في ملف السلطة, ضمن ملفات التفاوض الثمان , بالإضافة الى القضايا القومية ومساراتها المختلفة.
ويترقب الشعب السوداني , خاصة شعوب الاقاليم التي مزقتها الحروب والتهميش , بشغف وامل التوقيع النهائي على اتفاق السلام والذي من المتوقع ان يتم في الثاني من اكتوبر القادم , والذي يأمل جماهير الثورة السودانية والشعب السوداني في ان يساهم في إعادةَ تأسيس الدولة السودانية وفق اسس جديدة ويسدل الستار على صفحات السنوات الطويلة من الحروب الأهلية والتي اقعدت البلاد عن الانتقال وحرم شعبنا من اسباب الرفاه والعيش الكريم..
ولا شك ان ما تم الاتفاق عليه من نصوص وما تناولتها المفاوضات والنقاشات من موضوعات ومشاركة النازحين وقوى المجتمع المدني والفاعلين الحقيقيين في عملية السلام , تعبر بوضوح عن منهجية مختلفة في التفاوض , حيث ناقشت جزور الازمة السودانية واسباب الحروب وحالة عدم الاستقرار الذي لازمت الدولة الوطنية منذ استقلالها, وان التنفيذ الدقيق للاتفاق سيجعل من السودان وجه اخر .
غير ان مسار تنفيذ هذه الاتفاقيات تشوبها كثير من التحديات والمنعطفات والتي يتطلب جهدا وعزيمة صلبة وموقف دولي واقليمي بشكل فاعل ,من اجل المضي قدما بالاتفاق وتنزيله على ارض الواقع.
ولعل ابرز تلك التحديات هي حالة الاستقطاب الحاد في الساحة السياسية السودانية والازمة الاقتصادية الخانقة والتي اضافت اليها الفيضانات العارمة التي ضربت البلاد عبئا اضافيا , وزاد من معاناة المواطنين المعيشية والحياتية, واتاح فرصة للمتربصين وسدنة النظام البائد ولضعاف النفوس من التجار الجشعين بان يستغلوا هذا الظرف العصيب والذي ساهم بشكل كبير في انهيار العملة الوطنية, وهو تحدي حقيقي للحكومة وللسلام الذي يتطلب موارد ضخمة للإيفاء بمتطلباته في عمليات اعادة النازحين واللاجئين وتوفير سبل العيش لهم وتوفير الامن والصحة والتعليم والتنمية الشاملة.
كما ان حالة الفتور والرفض احيانا لما تم الاتفاق عليه وذهاب بعض القوى السياسية الى ابعد من ذلك واعلنت مناهضتها للاتفاق بحجج لا تسندها مبررات منطقية , وهي ذات المواقف التي كانت سمة تلك الاحزاب والقوى خلال الحرب والتشريد وعمليات الابادة الجماعية التي جرت حيث لم تعير هذه القوى ادنى اهتمام بما يجري من قتل ضد شعوب تلك المناطق , وكذا الاعلام السوداني بشقيه الحكومي والخاص , سجل غيابا ملحوظا في التعاطي والتبشير بعملية السلام الذي وقع وسيوقع في صورته النهائية في غضون ايام.
ويشكل وجود قوى ثورية ممثلة في حركة تحرير السودان بقيادة الاستاذ عبد الواحد نور والحركة الشعبية بقيادة الحلو ,خارج عملية السلام تحدي كبير حيث ان السلام الشامل شرط لأي عملية استقرار ووجود أي قوى خارج العملية السلمية مهما كان حجمها وقوتها سيشكل عقبة امام التنفيذ , بالإضافة الى ان اسكات صوت البندقية في كل ارجاء الوطن هو المدخل الحقيقي للانطلاق نحو التنمية المستدامة.
ويعتبر تحدي وحدة مواقف قوى الجبهة الثورية بمساراتها المختلفة حاجة ملحة ومدخل مهم لعملية التنفيذ وهي القوة الدافعة للاتفاق , وحسنا فعلت الجبهة بان شكلت لجنة المقدمة من مكوناتها المختلفة بان تذهب للخرطوم مبشرة بالسلام وفق تكوين نوعي وقومي , نامل ان يصار الى خطوات اخرى مماثلة في كافة مسارات القضايا وخطوات تنفيذ الاتفاق, والدعوة الخالصة للذين يطلقون الرسائل التي تعظم الذاتية اكثر منها خدمة للمشروع والقضية المهمة وهي عملية الاستقرار والسلام ,وان نخرج من عباءة الانا الى رحاب الوطن والقضيم ومستقبل الاجيال القادمة في العيش بكرامة.
رسالتنا للرفاق عبد الواحد والحلو ان السلام لا بد له ان يتحقق وانهاء معناة الاهل يجب ان تكون أولوية, ولا اعتقد ان فصل الدين عن الدولة يشكل ولا واحد بالمائة من اهتمامات اطفال هيبان وكاودا ونيرتتي.
سألت البروفيسور جمعة كندة مستشار السيد رئيس الوزراء عبد الله حمدوك,مساء السبت
12 سبتمبر الجاري, والذ كان متحدثا في ندوة إسفيرية جمعتنا , اقامتها الجالية السودانية في امريكا ,حول (اتفاق السلام وتحدياته) سالته بشكل مباشر عن قضية فصل الدين عن الدولة وعن الفرق بين النص الوارد فيما اتفقت عليه الحكومة والجبهة الثورية بجوبا والذي نص على: (الفصل التام بين المؤسسات الدينية عن مؤسسات الدولة لضمان عدم استغلال الدين في السياسة) وبين ما اتفق عليه عبد العزيز الحلو وعبد الله حمدوك في اديس ابا ابا؟
الرجل كان شفافا جدا ودبلوماسيا في ان واحد اجاب ( ان الحلو لو كتب في الاتفاق بنص صريح فصل الدين عن الدولة لما وقع عليه ) .
واعتقد بعد ذلك أي حصيف يستطيع ان يعرف هل فعلا رفض الرفاق بالحركة الشعبية 2 المضي قدما في مفاوضات السلام حرصا على العلمانية ام لشيء اخر.
غير ان المسألة المهمة التي يجب التأكيد عليه هو ان قطار السلام يجب ان يمضي مهما كانت العقبات , ومن غير المعقول ان يتحجج البعض ويبرر رفضه للسلام فقط لان بعض القوى لتصورات او لارتباطات خاصة بها رفضت عملية السلام وتريد ان ينتظر الاخرين الى حين ان ينفك من تلك الالتزامات.
اندهشت كثيرا لبيان الحزب الشيوعي الذي رفض فيه اتفاق جوبا مبررا بان هذا الاتفاق سيعيد تشكيل الخارطة السياسية السودانية واعتبر ذلك مدخلا لتفتيت تراب الوطن.
ونسي او تناسى الحزب الشيوعي انه لما كانت هذه القوى تقاتل البشير وزمرة الابادة الجماعية في الادغال وعمليات نوعية في عقر دار النظام كعملية الذراع الطويل وقتها كان الحزب الشيوعي وزمرة الرافضين اليوم للسلام يتقاسمون قبة برلمان الخزي من النظام البائد , بل ان احد الاحزاب التي رفض اتفاق جوب للسلام هو ذات الحزب الذي ذهب قائده التسعيني مهنئا المخلوع بنجاته من تلك العملية النوعية واطلق تصريحات مخزية ووصفت اشاوس الذراع الطويل بالإرهابيين وهو وصف لم يجرؤ حتى النظام وقتها على اطلاقه.
من المهم جدا ان يعي هذه القوى التي لا تعرف للديمقراطية طريقا ويقود كهولها قيادة احزابها حتى الممات , ان الحقيقة التي يجب ان تكون واضحة ان الخارطة السياسية السودانية ستتشكل وبصورة مختلفة رضي ام ابى البعض , وان أي عملية سياسية لا يعيد تشكيل المنظومة السياسية وفق اسس جديدة لا يمكن ان نصل للاستقرار السياسي المنشود
يجب ان يعي البعض ان التابوهات حول الدوائر المقفولة ذهبت الى غير رجعة والبكاء على التاريخ والاطلال ولى عهده.
بقي ان نوجه نداءا ورجاءا لكل اهل السودان ان السلام هو الكلمة المفتاحية لاي استقرار ,وان دعمكم للسلام الذي تحقق حفاظا على تراب الوطن وعلى مقدراته , فشل تنفيذ الاتفاق سيكون نتيجته الحتمية العودة الى المربع الاول لا قدر الله وعندها فاعتقد النتيجة سوف لن تشرق شمسه على تراب الوطن بخارطته الحالية.
حفظ الله السودان وشعبه وترابه ووحد كلمة اهله ان السميع مجيب الدعوات
حسن ابراهيم فضل
أقلام متحدة