فيما يشبه دق ناقوس الخطر، لم يستبعد مسؤول سوداني بارز أن تتكرر الاضطرابات التي حدثت في إيران في أعقاب الانتخابات الأخيرة في السودان «إذا ما استمرت أجواء الاحتقان السياسي في البلاد على ما هي عليه الآن وسادت أجواء خوف»، إلى وقت إجراء الانتخابات العامة المقرر لها في ابريل (نيسان) المقبل. وحسب رأيه فإن الموقف في السودان «أكثر حساسية من إيران». في وقت بحث فيه سلفاكير ميارديت النائب الأول للرئيس السوداني ورئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان مع قيادات الأحزاب السودانية في لقاءات منفصلة قضية شرعية الحكومة الحالية من عدمه، والانتخابات وتقرير مصير جنوب السودان.
وشمل اللقاء حتى عصر أمس، كلا من: الصادق المهدي رئيس حزب الأمة المعارض، ومحمد عثمان الميرغني رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي، والدكتور نافع علي نافع نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني الحاكم. فيما ينتظر أن يشمل اللقاء في المساء كلا من الدكتور حسن ابعد الله الترابي الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي المعارض، ومحمد إبراهيم نقد سكرتير الحزب الشيوعي السوداني المعارض. وجدد سلفاكير في اللقاء دعمه لخيار الوحدة في البلاد، وقال إن قرار الانفصال هو حق مكفول للمواطنين الجنوبيين وعليهم أن يختاروا بأنفسهم الوحدة أم الانفصال، وشدد على أن الحركة الشعبية لن تعود للحرب في جنوب السودان مرة أخرى.
فيما، بشر نافع في تصريحات صحافية بعد اللقاء بنتائج عمل مشترك يجري الآن عبر لجان بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية حول الانتخابات والاستفتاء، أما الميرغني فقد اشتكي من ما اسماه « تهميش» اتفاق القاهرة بين التجمع المعارض وبين الحكومة في الخرطوم، وطالب بتنفيذ بنود الاتفاق «فورا»، وقال انه ناقش مع سلفاكير قضية وحدة السودان، وشدد على أن الوحدة ملزمة بالنسبة لحزبه الاتحادي الديمقراطي، وقال إن السودان ملك للسودانيين ملكية «شيوع» وعلى كل سوداني أن يستقر في المكان الذي يناسبه.
من جانبه، وصف الصادق المهدي في تصريحات اللقاء بأنه كان مثمرا للغاية استمع فيه للأسباب التي جعلت الحركة الشعبية تعتبر أن الحكومة تمارس صلاحياتها الشرعية، وقال إنهم تفهموا ذلك وقدروا موقف الحركة تجاه الرأي الآخر «المعارضة». وأوضح أنهم قدموا للحركة الشعبية الوثائق التي تؤكد أنهم ساعون لاتفاق مع كل القوى السياسية حول الوحدة الجاذبة وشروطها وضرورة اتفاق القوى السودانية حولها حتى إذا قدر للجنوب الانفصال أن يقوم جوار «أخوي». وقال المهدي إنهم اتفقوا مع الحركة الشعبية على أن تجري تلبية لدعوة سلفاكير بخصوص زيارتهم لجوبا والتي من المؤمل أن تتم خلال الأيام القادمة، وأضاف أنهم يتطلعون لتثبيت هذه العلاقة في سبيل التعاون المشترك بين الجانبين وبين جميع القوى السياسية لمواجهة قضايا البلاد المصيرية». في غضون ذلك، قال محمد بشارة دوسة مسجل الأحزاب السودانية في ندوة في الخرطوم إن كل ما يثار بشأن الانتخابات المقبلة في البلاد يجب أخذه في الاعتبار «خاصة حالة الاحتقان الراهنة»، وأضاف في الندوة التي جاءت بعنوان الانتخابات السودانية على ضوء تجربة الانتخابات الإيرانية أن الوضع الحالي يبدو أكثر حساسية من موقف الانتخابات التي جرت في إيران، وأضاف: «فلا أستبعد أن يتكرر ما حدث في إيران في السودان، إذا ما استمرت أجواء الاحتقان على ما هي عليه الآن وسيادة أجواء الخوف»، وذكر أنه يستدعى الاتجاه إلى لملمة الخلاف بأي شكل حتى تدخل جميع القوى السياسية في البلاد الانتخابات وهي في حالة اطمئنان والشعور بالاستقرار، وهذا غير مهيأ الآن.
واتفق المتحدثون في الندوة التي نظمها «مركز دراسات الشرق الأوسط» في الخرطوم على عدم وجود تفاهم مسبق بين الحكومة والمعارضة أو حتى داخل أطراف الاتفاقية، وكشف المتحدثون وهم خبراء في مجال الانتخابات وأكاديميون عن خلاف بين الشريكين حول كيفية الإشراف والتأمين للانتخابات في جنوب السودان، حيث ترى الحركة الشعبية أن شرطة الجنوب هي التي ستحرس الانتخابات، بينا قال الدكتور مختار الأصم عضو مفوضية الانتخابات إن هذا غير صحيح حسب الدستور لأن شرطة السودان هي المسؤولة عن ذلك.
الخرطوم: إسماعيل آدم
الشرق الاوسط