اولـويات الانقـاذ التدمـير لا التعـمير..
الجـياع همـهم الرغـيف والمـاء والدواء.. لا الصـفا..
د. ابومحمـــمد ابوامــــنة
[email protected]
منذ استيلائها علي السلطة في عام 1989 والانقاذ تصر علي تدمير منجزات الشعب الواحدة تلو الاخري, فقد حطمت اهم المشاريع الزراعية كالجزيرة والرهد والقاش وبركة وجبال النوبة, والحقت الضرر البالغ بمنشآت كان السودان يباهي بها العالم كالسكة الحديدية, ومعاهد تدريب المعلمين, الخدمة المدنية المميزة, التعليم الجامعي, الرعاية الصحية الاولية والعلاج المجاني, التعليم المجاني في مختلف المراحل, توقفت الكثير من المصانع وتم تشريد مئات الآلاف من القوي العاملة.
انتشر في عهدها البؤس والفقر والمجاعات وهاجرت كل الكفآت للخارج تبحث عن قوت وعمل بعد ان صدت امامهم الانقاذ المنافذ في الداخل. عم الفساد والمحسوبية والتوجه العنصري القبيح والاستعلاء العرقي, فمن ليس من طينتهم فلا مكان له في ربوع السودان. جاء المنحرفون والفاسدون والفاشلون يديرون شئؤن البلاد, فرموها في الحضيض.
لحماية مصالحهم الخاصة ولضمان استمرار الفساد والنهب وضعت الانقاذ البلد تحت قبضة حديدية صارمة, فزجت بالالاف من ابناء الشعب في المعتقلات وبيوت الاشباح حيث التعذيب والاغتصاب وازهاق الارواح.
في بورتسودان لم يطيقوا ان يطالب البجا بالمساواة والسلام والديموقراطية وحق العمل وبالخبز, فأحضروا قوات خاصة بهم من الخرطوم لضرب مظاهرة البجا السلمية عام 2005 فقتلوا منهم العشرات في لحظات.
اما في دارفور فمكينة التقتيل لا زالت تحصد ارواح الابرياء وتدمر القري والحيوان والزرع, الضحايا هم من المساليت والفور والزغاوة دون غيرهم. مما يعكس توجهات النظام العنصري.
التقتيل والابادية يتم بطريقة لم تشهد البشرية مثلها من قبل.
باسم الدين اغتصبوا الاطفال والنساء وهتكوا الاعراض. عندما استدعتهم العدالة الدولية للمساءلة, قالوا لا, نحن من كل هذا ابرياء! هي الصهيونية والامبرالية التي تفعل ذلك, اما نحن فلا! أسود علينا وامام اوكامبو نعامات هم.
تتصرف الانقاديون في موارد الدولة كملك خاص بهم, فايرادات هامة كالذهب والبترول لا يعرف عنها الشعب اي شيئ حتي الشريك معهم في السلطة, ففتحوا بها حسابات في البنوك الاجنبية ظنوا انها مجهولة, ولكن يوم الحساب سيكشف المستور. سجلوا عقارات العاصمة لانفسهم, وباسم الزوجات والابناء والاقرباء.
اما ما تبقي من موارد فيبدد في مشاريع تنشأ كرد فعل, الغرض منها الاستعراض, كالكباري, والانارات, والسدود, واليخوت الرئاسية والفلل والعربات الفارهة. لم تسبق هذه المشاريع دراسة جدوي اقتصادية علمية بعيدة الافق, وتتركز هذه المنشآت اساسا في اواسط البلاد وبالتجديد في المثلث اياه. اما الاهل الغرب والشرق والجنوب واقصي الشمال فلا مكانة لهم فيها.
هذه الاموال التي ينهبونها وتلك التي يبددونها تنبع اساسا من تلك الاقاليم المهمشة.. من الشرق والغرب والجنوب, مما يزيد من الشعور بالاهمال والازدراء والتهميش ويشعل نيران الغضب وعدم الارتياح. وغدا تنفجر الثورة.
اولويات الانقاذ هي التدمير لا التعمير. لا يمكن ان تسترسل الانقاذ في تشييد الكباري والسدود باموال الجياع في الشرق والغرب والجنوب وتنتظر ان يصفق لها الجياع, فللجياع هموم اخري تتمثل في توفير الرغيف والماء والدواء لا الصفا. يتم بناء هذه المشاريع المدمرة, حسب اعتراف البشير, فقط كرد فعل لاتهامات المحكمة الجنائية الدولية له بممارسة التقتيل والابادة والاغتصاب والدمار في دار فور.
بالامس فاجئت الانقاذ العالم بمصانع للطائرات, الاكيد انها للتركيب فقط, بينما تستورد الدبوس والقلم والاستيكة والكراس المدرسي والقمح والدواء. نست الانقاذ ان حلم الجعان هو العيش, والتلميذ الاستيكة والقلم والعطشان الماء والمريض الدواء والقضاء علي الذباب والبعوض . الانقاذ لا تعطي هذه الاولويات ادني اعتبار. فهي لا تفكر الا فيما يدمر, اما التعمير فلا مكانة له عندها.
اطفالنا في الشرق والغرب والجنوب عندما يرون الطائرة يدخل الرعب في قلوبهم, فلم يرتبط تحليقها فوق قراهم الا بالدمار والابادة والتقتيل دون هوادة. لا يشك احد فان الانقاذ صنعت هذه الطائرة لمواصلة جرائم الابادة والتقتيل ضد مواطنيها ولتدافع عن ابيي والمناطق المتنازع عليها.
انها صنعت لاغراض حربية لا شك في ذلك. لا يمكن ان يفرح الشعب بذلك.
ان الانقاذ صاعدت الازمة السياسية التي يمر بها السودان منذ استقلاله بشكل لم يسبق له مثيل, فتتعرض وحدة البلد لمهب الرياح, يكون أو لا يكون, الجنوب قد ينفصل والغرب قد يتبعه, وحينها لن يتأخر الشرق, الازمة الاقتصادية تتصاعد, والبنية التحتية تنهار, والفساد يعم أطراف الدولة, والفوضي تنتشر, الا ان شعبنا تواق للديموقراطية وللسلام وللاستقرار وللتنمية وللوحدة, مما يستوجب تلاحمه في تنظيم جماهيري مصادم يضم كل الخيرين في مختلف الاحزاب ومنظمات المجتمع المدني والطلاب والحقوقيين والحركات المسلحة ليضع حدا لجبروت الانقاذ واستبدادها واستعلائها.
لابد من محاولة جادة لايجاد مخرج استراتيجي لأزمة السودان وتحقيق إجماع وطني وجاد، يضم كل القوى السياسية وقوى المجتمع المدني كما أمن علي ذلك د. خليل ابراهيم بالامس.
فلنسعي جميعا لتشييد ذلك التنظيم لتخليص البلد من براثن الفساد, وبناء السودان السعيد.