الحلقة الثانية ( 2- 4 )
ثروت قاسم
1- امر القبض ؟
يربط الرئيس البشير بين امر القبض الصادر ضده من محكمة الجنايات الدولية في مارس 2009 ويوليو 2010 وبين انتخاب السيد الامام رئيساً لتحالف قوى نداء السودان في يوم السبت 17 مارس 208 .
يمكن تحديد 3 من بين عدة اسباب لهذا الربط .
في مقالة سابقة استعرضنا السبب الاول وهو ان انتخاب السيد الامام بالاجماع معناه ان كل مكونات المعارضة داخل النداء صارت موحدة ومتحدة تحت راية واحدة وبعنوان واحد ، وسوف يكون هذا الاتحاد ضغطاً على النظام يضطره لتقديم تنازلات للوصول الى تسوية سياسية تقود للتحول الديمقراطي .
في مخيلة الرئيس البشير ، يقود التحول الديمقراطي لحكومة ديمقراطية ، تحترم المواثيق الدولية وسيادة حكم القانون . وبالتالي سوف تلقي القبض على الرئيس البشير الهارب من العدالة الدولية وتسلمه لمحكمة لاهاي في الاصفاد .
ومن ثم انفعالية الرئيس البشير وفتحه بلاغاً ضد السيد الامام تحت مواد مُختلقة ومفبركة عقوبتها تصل إلى الاعدام ، ولم يزل البلاغ مفتوحاً .
في يوم الثلاثاء 10 ابريل 2018 ، افرج الرئيس البشير عن دفعة من المعتقلين السياسيين ، ولكنه لم يشطب بلاغه ضد السيد الامام ، الأمر الذي ابقى الموقف السياسي متوتراً .
نواصل استعراض بقية الاسباب التي ادت لربط الرئيس البشير بين امر قبضه وانتخاب السيد الامام رئيساً للنداء … في النقاط التالية :
2- السبب الثاني ؟
+ يحترم المجتمع الاقليمي والمجتمع الدولي السيد الامام ويعتبره من عمالقة العالم العربي والاسلامي والافريقي .
مثالاً وليس حصراً ، الم يختره المعهد الدولي للدراسات الموضوعية في نيو دلهي في الهند في عام 2006 ضمن القادة المسلمين العظام ال 100 في القرن العشرين ؟
بلى .
وبالتالي فسوف تصطف هذه العوالم خلف مواقف تحالف قوى نداء السودان السياسية ، ببساطة لان السيد الامام هو من ينافح عنها في هذه العوالم . بعدها سوف تضغط هذه العوالم وبكل ثقلها على الرئيس البشير ليوافق على توصية مجلس السلم والامن الافريقي في اجتماعه رقم 456 واجتماعه رقم 539 ، التي ثناها مجلس الامن الدولي ، بتكوين حكومة قومية انتقالية تشرف على عقد انتخابات نزيهة وحرة وشفافة تاتي بحكومة ديمقراطية . وهنا ياتي هاجس الرئيس البشير ، لانه يخشى ان تسلمه هذه الحكومة الديمقراطية لمحكمة الجنايات الدولية .
ومن ثم شيطنة الرئيس البشير للسيد الامام ، وفتحه البلاغات الكيدية ، التي ضاعفت من شعبية السيد الامام .
يمكرون ، ويمكر الله ، والله خير الماكرين .
3- السبب الثالث ؟
+ بعد انتخاب السيد الامام بالاجماع رئيساً لتحالف قوى نداء السودان ، و اعتماده مقاصة للشعب السودان ، اصابت الرئيس البشير الرعشة . يتذكر الرئيس البشير ان السيد الامام قد دعم قرار مجلس الامن 1539 الذي حول ملف دارفور من مجلس الامن الى محكمة الجنايات الدولية ، التي اصدرت امر القبض ضد الرئيس البشير . وبالتالي سوف يدعم السيد الامام تفعيل امر القبض اذا حدث تحول ديمقراطي واتى بالسيد الامام او حزبه للسلطة ، وهو أمر جد وارد ، بعد تضاعف الرصيد السياسي للسيد الامام بعد بلاغات الرئيس البشير الكيدية .
لا يصدق الرئيس البشير توكيدات السيد الامام بضرورة تكوين لجنة للحقيقة والمصالحة ، كما في جنوب افريقيا ، لتجاوز امر القبض . لا يصدق … لان الرئيس البشير مجبول على الكذب حتى صار اسمه عمر الكضاب ، وبالتالي فهو يفترض ان كل الناس كضابين مثله .
يحارب الرئيس البشير السيد الامام بالبلاغات الكيدية والسجن والسيف . ويرد السيد الامام بالقول الحسن والفكر والقلم . وفي يوم قال نابليون :
( لقد هزم القلم السيف ) .
سلامة الدولة تتحقق بمواطن حر فى جمهورية ديمقراطية حرة، أتت بانتخاب حر من الشعب ، لا بلاغات كيدية فيها ولا تهديد ولا اعتقالات ولا تعذيب ، وقبل ذلك وبعد ذلك بخضوع السياسة للأخلاق .
يتشدق الرئيس البشير بدولة القوة والمال والمليشيات الامنجية . ويتمسك السيد الامام بدولة الحق والعدل ، ويدعو الى الحوار الجاد بمستحقاته .
هنا تلبد عفاريت الفرق بين نهج الرئيس البشير الصدامي ونهج السيد الامام التوافقي .
4- اصبح الصبح ، فلا السجن ، ولا السجان باق .
لهذه الاسباب الثلاثة المذكورة آنفاً ، يربط الرئيس البشير ، في مخيلته ، امر القبض بالسيد الامام . ولهذه الاسباب الثلاثة وقع الرئيس البشير فريسة لام هلا هلا ، وزعازع ما لها من اوتاد ، وهو يرى السيد الامام ام بعلو في هضرباته النهارية والليلية ، الأمر الذي يدفعه للقيام بافعال كيدية وانتقامية ضد السيد الامام ، ما أنزل الله بها من سلطان .
وتكون النتيجة توعية الجماهير وتنويرها وتعبئتها ضد نظام البشير ، ومضاعفة راس المال السياسي للسيد الامام ، والتفاف الجماهير حول دليل الوطن ، الذي كتبه السيد الامام ليكون المرجعية وكتاب الطبخ المفصل لما بعد إسقاط النظام .
الساعة السادسة صباحاً مباشرة بعد سقوط نظام البشير ، سوف يكون دليل الوطن جاهزاً للتفعيل والإنفاذ .
كما تعرف يا حبيب فان دليل الوطن يتكون من :
· عهد من اجل الوطن ويحتوي على الاستراتيجيات والرؤى .
· السياسات البديلة ، وتحتوي على المشاريع والخطط المفصلة المكملة للعهد الاستراتيجي .
دليل الوطن هو الترياق الذي يجنب الوطن الفتنة القاتلة بعد سقوط النظام ، كما حدث في بلاد ثورات الربيع العربي .
سوف يضمن لنا إنفاذ دليل الوطن بسياساته البديلة المفصلة تماسك الدولة ومؤوسساتها بعد سقوط النظام . فتماسك الدولة ومؤوسساتها هو الهدف الاول بعد إسقاط النظام ، لتجنب الكوارث التي حدثت في العراق وليبيا واليمن ، بعد إسقاط طواغيتها .
بعدها نعبر ، انا وانت وهو وهي وهم وهن وهؤلاء واؤلئك ، وايادينا متشابكة ، وصفوفنا متراصة ، للسلام الشامل العادل ، والتحول الديمقراطي الكامل ، ونحن نهتف خلف رئيس تحالف قوى نداء السودان ، مفجر اكتوبر 21 وابريل 85 :
اصبح الصبح ، فلا السجن ، ولا السجان باق .
اما الرئيس البشير وصحبه من الباشبوزوق فيستمرون في انفاق اموال الدولة لقمع والتضييق الامنجي على الشعب السوداني … ( فسينفقونها ، ثم تكون عليهم حسرة ، ثم يغلبون ) .
5- الغزوات الدبلوماسية ؟
بعد انتخابه رئيساً للنداء بالاجماع ، بدأ السيد الامام غزواته الدبلوماسية بمحاضرة في شاتام هاوس في لندن في يوم الخميس 22 مارس 2018 ، وبزيارة للأردن في يوم الثلاثاء 3 ابريل 2018 ، وبزيارة لجزر المالديف يوم الجمعة 13 ابريل 2018 ، وسوف يراس الاجتماع الثاني لتحالف قوى نداء السودان المزمع عقده في باريس في يوم الخميس 3 مايو 2018 .
ارسل السيد الامام رسائل تنويرية لرؤساء دول الجوار ، والاتحاد الافريقي ، والترويكا ، والايقاد ، والجامعة العربية ، ومجلس الامن ، نورهم فيها بمخرجات اجتماع النداء في يوم السبت 17 مارس 208 . تجد على راس هذه المخرجات والقرارات العمل السياسي ( السلمي ) لتغيير النظام ، وليس العمل المسلح كما يدعي الرئيس البشير ، جوراً وبهتاناً . العمل السلمي عبر الحوار الجاد من خلال خارطة طريق مبيكي المخصبة ، التي يُعاد تاهيلها وتخصيبها باعلان مبادي مفصل ، وصولاً للسلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي الكامل .
في محاضراته في لندن ، طالب السيد الامام الرئيس البشير بتسليم السلطة على غرار ما حدث مع رئيس غامبيا السابق، يحيى جامع، الذي قرر تيسير عملية انتقال الحكم بشكل سلمي ومنظم في غامبيا ، فنعمت غامبيا بالديمقراطية والسلم المجتمعي ، وفي المقابل تم العفو عن جرائم يحى جامع . كما ذكر السيد الامام الرئيس البشير بتجارب السنغال وبتسوانا وسيرا ليون في التحول الديمقراطي والتبادل السلمي الديمقراطي للسلطة .
حديقة الغزوات الدبلوماسية ، والرسائل الرئاسية في رياح الدنيا الاربعة ، والمحاضرات ، واللقاءات على اعلى مستوى ، ونشر الحريات ، واحترام حقوق الانسان … هذه الحديقة الغناء المعروفة باسم الصادق المهدي ، تطرد روائحها العبقة الاخاذة النوم من عيون الرئيس البشير ، فيهضرب ويجقلب في فراشه ، لانها تذكره بأمر القبض … وما ادراك ما امر القبض ؟ كابوس نهاري وليلي يجلب للرئيس البشير عذاب المخدة ، الذي يذكره بعذاب القبر .
نعم … جن جنون الرئيس البشير ، بعد ان شم روائح امر القبض تفوح من غزوات السيد الامام ومحاضراته ولقاءاته . فبدأ باشبوزوق الرئيس البشير ورماة الحدق ومثلهم معهم من شياطين الانس والجن ، يصوبون سهامهم المسمومة على صدر السيد الامام ، في تجسيد لمقولة الحق :
وجعلنا لكل نبي عدواً ، شياطين الانس والجن .
اكدت هذه الزعازع ان السيد الامام ، وليس الرئيس البشير ، من يمكن اعتباره ضحية امر قبض الرئيس البشير ، على الاقل في الفترة الراهنة ، وحسب ما سوف نبين لاحقاً وبتفصيل اكثر في الحلقة الثالثة من هذه المقالة .