قال مبعوث أستراليا في الأمم المتحدة إن “تواجداً كبيراً للجيش السوداني خلال تحقيق لقوات حفظ السلام الدولية في واقعة اغتصاب جماعي مزعومة في قرية “تابت” بشمال دارفور أثار شكوكاً كبيرة في مجلس الأمن”.
وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي بكثافة على مدى اليومين الماضين شهادات لضحايا من بلدة “تابت”، 45 كلم جنوب غرب الفاشر بشمال دارفور، تفيد بتعرض 200 من النساء والقاصرات في القرية النائية لعمليات اغتصاب نفذتها كتيبة تنتمي للجيش السوداني.
وعززت هذه الشكوك تصريحات مسؤول بالأمم المتحدة تحدث عن أجواء ترهيب تعرضت لها ضحايا الاغتصاب المزعوم جراء تواجد قوات سودانية أثناء استجوابهن بشأن عنف جنسي محتمل.
وقالت الأمم المتحدة الاسبوع الماضي إن قوات سودانية رفضت السماح لقوات حفظ السلام التابعة لها وللاتحاد الافريقي بدخول قرية تابت في دارفور حيث أرادت التحقيق في تقارير عن جريمة اغتصاب جماعي مزعومة لنحو 200 إمرأة وفتاة.
وأصدرت قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة والاتحاد الافريقي (يوناميد) بياناً الاثنين قالت فيه إن “فريق التحقيق الذي أرسلته إلى تابت سمح له بدخول القرية بعد تأخير دام نحو أسبوع”.
وقالت “يوناميد” إن “كل من جرى استجوابهن لم يؤكدن تعرضهن للاغتصاب كما لم يتوصل فريق التحقيق إلى أي دليل لتأكيد المزاعم”، وناقش مجلس الأمن القضية.
وقال السفير الاسترالي لدى الأمم المتحدة جاري كوينلان إن “زينب هوى بانجورا ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة المختصة بالعنف الجنسي في مناطق الصراع وعددا من أعضاء مجلس الأمن أبدوا قلقهم إزاء تواجد جنود سودانيين أثناء استجواب ضحايا الاغتصاب المزعوم”.
وقال كوينلان، وهو رئيس مجلس الأمن خلال الشهر الحالي “أضافت السيدة بانجورا، انه كان هناك تواجد عسكري كبير خلال زيارة الفريق وأكدت على أنه بالرغم من أنه لم يجر التأكد من مزاعم الاغتصاب فانها تعتقد أنه يستحيل ان نخلص الى عدم حدوث عنف جنسي”، وتابع قائلاً: “أبدى عدد من أعضاء المجلس قلقهم البالغ إزاء هذا الأمر”، مضيفاً أن “بانجورا تخشى أن يكون هناك جدار صمت مما يهييء لأجواء انتقام”.
وقال مسؤول من الأمم المتحدة على صلة بيوناميد غير مصرح له بالحديث لوسائل الاعلام إن “الوضع خلال التحقيق الذي جرى يوم الأحد لم يفض إلى استجواب مناسب لمزاعم وقوع اغتصاب جماعي”، وزاد: “كانت أجواء تهديد واضحة”، مضيفاً أن “الجنود السودانيين كانوا متواجدين في كل منزل زاره فريق قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة والاتحاد الافريقي (يوناميد)”.
وقالت واحدة من ضحايا الاغتصاب المزعوم لأعضاء في الفريق إن “مسؤولين بالجيش السوداني أمروهن بعدم الحديث مع فريق يوناميد وإن لجنة يرأسها قائد الجيش ستتحدث مع يوناميد نيابة عنهن”.
وأضاف المسؤول في الأمم المتحدة أن “بعض الجنود السودانيين كانوا مخمورين وهذا ما زاد من أجواء التهديد التي تعرضت لها ضحايا الاغتصاب المزعوم”، وأشار إلى أن “بعض الجنود كانوا يرتدون الزي الرسمي وآخرين كانوا يرتدون ملابس مدنية”. ولم ترد بعثة السودان لدى الأمم المتحدة على الفور على طلب بالتعليق.
وكان المتحدث باسم الجيش السوداني نفى، الأحد الماضي، عدم وقوع أي خروقات او أعمال عدائية في منطقة “تابت” وأشار إلى أن ما روجت له بعض وسائل الإعلام بأن القرية شهدت حالات إغتصاب جماعي لا أساس له من الصحة، لافتا إلى أن القوات المسلحة هي التي تضررت بفقد أحد منسوبيها في القرية.
حكومة شمال دارفور تلوح بمقاضاة كل من نشر مزاعم الاغتصاب
إلى ذلك هددت حكومة ولاية شمال دارفور بمقاضاة أي منظمة أو إذاعة أو قناة تنشر معلومات كاذبة حول مزاعم وجود حالات اغتصاب جماعي بمنطقة تابت، وحذرت المنظمات العاملة بالولاية من الإخلال بالمواثيق والاتفاقات التي تحكم عملها.
وقال نائب والي شمال دارفور آدم محمد حامد النحلة، إن الحكومة ستتخذ الإجراءات القانونية، حال ثبوت تورط أي جهة إعلامية أو طوعية في نشر معلومات كاذبة حول منطقة تابت، مشيراً إلى أن المعلومات المغلوطة التي نشرت الحقت ضرراً نفسياً واجتماعياً بأهل المنطقة.
وأكد النحلة خلال تنوير للمنظمات الطوعية حول مزاعم الاغتصاب، أن ما أُثير حول مزاعم الاغتصاب رغم مجافاته للحقيقة تم نشره دون استشارة الحكومة أو علمها بما يخالف القرارات المنظمة للعلاقة بين الحكومة والمنظمات.
وقال إن الحكومة ستتخذ إجراءات حاسمة ضد أي منظمة تخل بما ينظم العلاقة مع الدولة، وأكد حرص حكومة الولاية على تسهيل عمل المنظمات العاملة في الشأن الإنساني ما لم تمس السيادة السودانية وتبتعد عن العمليات الاستخبارية والأجندات الخاصة.
ودعا النحلة المنظمات العاملة بمختلف المجالات في الولاية للرجوع للحكومة حال تعرضها لأي مضايقات أثناء أداء مهامها وعدم ممارسة أنشطتها سراً أو خلف الكواليس.