+ ما هو دور الجاليات الاسلامية فى مكافحة التطرف الاسلامى العنيف ؟
++ + الهوية البريطانية هى الغطاء الجامع والاشمل لكل البريطانيين وترفض الجاليات الاسلامية ان يكون الدين الاسلامى عنصر تفريق وتمزيق للوحدة الوطنية والمساس بامن الوطن وامن المواطن .
++++ الجالية الاسلامية فى بريطانيا تدرك تماما فقه ( الثابت والمتحرك) ،وقادرة على انزال قيم الاسلام على الواقع المتجدد فى الدولة البريطانيا التى تحترم المسلمين كمواطنين يتمتعون بكافة حقوق المواطنة ، وحق التعبير والدعوة بالتى هى احسن .
+++++ لا نريد ائمة ولا وعاظا من الشرق الاوسط او الاقصى ، فنحن – كجاليات اسلامية فى بريطانيا – ادرى بشؤون ديننا ودنيانا ، وادرى بواقعنا وحاضرنا ، وسوف ننصح شبابنا بعدم السماع لدعاية ( القاعديين) و ( الداعشيين) ، وسوف نشرك الشباب فى التوعية ضد التطرف .
مؤتمر اصحاب المصلحة فى كاردف للوقاية من التطرف الاسلامى العنيف :
بتاريخ السبت الاول من نوفمبر ٢٠١٤ انعقد اجتماع اصحاب المصلحة للوقاية من التطرف الاسلامى العنيف ، انعقد ، بمنطقة خليج كاردف حيث مقر حكومة المقاطعة ، وتحت رعايتها ، بحضور رسمى حكومى متنوع شمل ممثل للحكومة ( وزير الخدمات العامة ) ، وبرلمانيين ، وممثلين للجهات الامنية والشرطية ، والذين قاموا بمخاطبة المؤتمر ، وقد تحدث واجاد ، دكتور منصور على المحاضر بجامعة كاردف / مركز دراسات الاديان ، والذى قدم فهما مستنيرا للاسلام نال رضا كل المسلمين المشاركين ، كما نال احترام الحضور من غير المسلمين ، وبعد حديث الرسميين تحول المؤتمر فى شكل ورش عمل ، فى شكل مجموعات ، هى : ائمة المساجد ، التعليم الاسلامى ، فصول تعليم اللغة الام ، الشباب من ١٤ الى ٢٥ سنة ، طلاب الكليات والجامعات ، مجموعات النساء/ الامهات ..الخ .
الهم الكبير الذى شغل عقول وقلوب الرسميين هو تزايد ذهاب ( الشباب) البريطانيين الى العراق وسوريا للجهاد والانضمام للحركات المتطرفة هناك ، خاصة القاعدة ، ودولة الخلافة الاسلامية (داعش) ، حيث تفيد الاحصائيات ان خمسة اشخاص من الشباب ، واحيانا الشابات ، يذهبون اسبوعيا الى العراق والشام/ سوريا ، وهذا الوضع يروع الاسر والعائلات البريطانية ، لانها تفاجأ بان ابناءها وصلوا الى مواقع القتال . كما ان مصدر القلق من هذه الظاهرة المخيفة يرجع الى ان هؤلاء الشباب يتشبعون (فى سوريا) بالفكر المتطرف العنيف المبنى على الكراهية لدرجة الموت للغرب ، فالدولة البريطانية تخشي من عودة الشباب الى بريطانيا ، ونشر ثقافة التطرف ، وممارسة العنف على نسق ما جرى فى ٧/٧ / ٢٠٠٥ .
السؤال المطلوب الاجابة عليه فى هذا المؤتمر التشاورى مكون من شقين :-
أ- لماذا يتحول بعض الناس فى مجتمعاتنا الى التطرف العنيف ؟
ب – كيف نمنع او نحول دون تحول هؤلاء الى التطرف العنيف ؟
تم توجيه الدعوة للجالية السودانية بكاردف للمشاركة فى هذا المؤتمر بصفتنا جالية اسلامية ، لها مدرسة كبيرة تدرس اللغة العربية ، والتربية الاسلامية .
كاتب هذا المقال شارك فى المؤتمر فى محور ( ائمة المساجد) ، بصفته رئيس الجالية السودانية بكاردف ، وانا هنا اعبر عن رايي الشخصى ككاتب راى ، ويلزمنى تقديم شهادة للعلماء وائمة المساجد الذين تعرفت عليهم من خلال المؤتمر المنوه عنه وهم من جنسيات مختلفة من حيث الاصول ، اشهد لهم بالاستنارة ، ومعرفة فقه الواقع المتحول ، والمتغير ، و هذا المقال ليس الهدف منه تلخيص ما دار بالمؤتمر التشاورى ، وانما القصد منه بيان اهمية وضرورة مشاركة الجاليات الاسلامية فى مثل هذه الانشطة ، لسبب هام هو ان الدولة البريطانية تبنى سياساتها فيما يتعلق باسباب ، ومكافحة التطرف العنيف بناءا على التغذية الاسترجاعية التى تتلقاها من الجاليات الاسلامية ، والهدف الاخر من هذا المقال هو تسليط الضوء ، من منظور الكاتب ، على المحاور الجدلية الهامة ، وبيان دور الجاليات الاسلامية الايجابى فى مكافحة التطرف العنيف .
ما هو دور الجاليات الاسلامية فى بريطانيا فى مكافحة التطرف الاسلامى العنيف ؟
١- معلوم ان التطرف العنيف ذو صبغة عالمية ، وليس قاصرا على المسلمين ، ولكن هذا المقال سيركز على التطرف الاسلامى ، كما ان المقال ليس دفاعيا ، بمعنى انه لا يتجه الى انكار وجود تطرف اسلامى عنيف ، وانما يركز هذا المقال على ( الوقاية) من التطرف العنيف ، خاصة فى ضوء الارقام التى تقول كل اسبوع يذهب خمسة اشخاص الى منطقة الشرق الاوسط ( سوريا والعراق) للمشاركة فيما يسمى بالجهاد .
٢- يمكن تلخيص الاسباب الرئيسية التى تحول الشباب الى التطرف العنيف فى الاتى :-
أ) اسباب اجتماعية ، واقتصادية ، وانعدام او قلة المشاركة السياسية ، واشكاليات الاندماج الاجتماعى ، حيث يجد الشباب المسلم نفسه على هامش الحياة .
السبب الحقيقى الذى يدفع الشباب للتطرف العنيف هو مجابهة الاوضاع الداخلية هنا فى بريطانيا ، وهى حالة التهميش التى تعانيها الاقليات الاسلامية ، وشعور البعض بانه مواطن من الدرجلة الثالثة ، وربما الرابعة ، يعانى البطالة او يعمل فى وظائف هامشية ، ويتقاضي اجرا بسيطا ، وليست لديه مشاركة سياسية . التطرف العنيف اذن هو احتجاج بالصوت العالى ، صرخة فى وجه المجتمع البريطانى لسماع صوت الطبقات الدنيا المحرومة من الثروة والسلطة ، والشاعر السنغالى ليوبولد سنغور لديه قصيدة بعنوان : ( هل ارفع صوتى اكثر لتسمعنى؟)
ب) انعكاسات حروب الشرق الاوسط ( العراق وايران ، وسوريا وفلسطين …الخ) ، والشرق الاقصى ( افغانستان) ، على الجاليات الاسلامية فى اوروبا .
التدرج الطبيعى التصاعدى المنسجم مع طبيعة الاشياء يقول ان الشاب يبدا بالتطرف العادى الناتج عن الاحباط ( الرغبة فى الانتحار) من وضعه الاجتماعى المتدنى المشار اليه فى الفقرة (أ) اعلاه ، مما يدفعه للسفر الى سوريا او العراق استجابة لنداء الجهاد ، هناك ( فى سوريا) يتم تدريبة ، وغسل دماغه بالافكارالتكفيرية ، وثقافة الكراهية للغرب ( امريكا وبريطانيا) .
هنالك نظرية مؤامرة عربية تقول ان الغرب غير راغب فى التدخل فى نزاعات سوريا ، ودعم انتفاضة الشعب السورى ومساعدته على التخلص من ال الاسد ، لان الغرب سعيد بالحرب الاهلية في سوريا( مسلمون يقتلون مسلمين ، والمستفيد اسرائيل) فلماذا يتدخل الغرب المنحاز لاسرائيل؟ يجب الانتباه الى ان مثل هذه الامور تشكل عوامل ثانوية ، ولكن بالتراكم مع العوامل الاخرى تتحول الى قوة تدفع الشباب نحو الراديكالية والعنف والانتقام ، ورفع الصوت من اجل لفت الانتباه .
ج) اشكالية السياسة الخارجية البريطانية المنحازة ضد الامة / العربية / الاسلامية .
يعتقد البعض ان دور بريطانيا التاريخى فى انشاء دولة اسرائيل من خلال وعد بلفور له علاقة ثانوية فى الاستفزاز المتراكم ضدها فى الذهنية القومية العربية والامة الاسلامية ، يضاف الى ذلك دور بريطانيا الداعم الاساسي للموقف الامريكى فى اسقاط الدولة العراقية السنية التى كان يجسدها نظام صدام حسين البعثى ، وذلك تحت غطاء اسلحة الدمار الشامل العراقية والتى تبين انها كانت تفتقر الى الادلة والاسانيد .
وهنا يواجهنا السؤال ، لماذا لم يظهر فى امريكا نفسها تطرف اسلامى عنيف من ابناء الجيل الاول او الثانى من السلمين المهاجرين الى امريكا ؟ والاجابة هى ان الاسباب الواردة فى الفقرتين (ب) و (ج) هى اسباب ثانوية مكملة ، وان السبب الاول ( التهميش بكل اشكاله ) هو الاساس ، فامريكا بلد مهاجرين فى الاصل ، والتنوع بكل اشكاله يعتبر عنصرا اساسيا فى بنية الثقافة الامريكية ، فامريكا هى بلد الفرص المفتوحة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا ، هذا هو السبب الذى حال دون الوصول الى حالة الاحتقان والتطرف العنيف من قبل شخص مسلم يحمل الهوية الامريكية .
وفى هذا الصدد ، وبناءا على التحليل اعلاه اقول بان تصويت البرلمان البريطانى ضد التدخل فى سوريا تعضيدا لامريكا كما جرى بشان اسقاط العراق ، ان هذا التصويت سيكون له اثار ايجابية فى النظر لعنصر السياسة الخارجية البريطانية باعتبارهاعنصرا من عناصر تاجيج التطرف الاسلامى العنيف .
يضاف الى ذلك التصويت الرمزى ( الغير ملزم) لمجلس العموم البريطانى بتاريخ ١٣ اكتوبر ٢٠١٤ الذى يؤيد حل الدولتين ويدعو الى قيام الدول الفلسطينية جنبا الى جنب الدولة الاسرائيلية . ان هذه المواقف الايجابية من قبل مجلس العموم تخلق حالة توازن فى الذهنية الاسلامية للاقليات الاسلامية تساعد على ازالة الاحتقان ضد الدولة البريطانية ، وتسحب البساط من تحت اقدام دعاية متشددى العاعدة ودولة الخلافة الاسلامية فى بلاد الشام والعراق .
٣- الجاليات الاسلامية فى بريطانيا هى خط الدفاع الاول فى الوقاية من التطرف العنيف
اجراءات الوقاية من التطرف تبدا من داخل البيت ، الذى هو الحرم الامن المحصن دستوريا وقانونيا من التنصت ، ومن عيون السلطات الحكومية الرسمية ، هنا ، فى داخل البيت ، فان ضمير الجماعة هو شرطة المجتمع ، والاسرة بكل اطرافها تقوم بدور الرقابة والوقاية ضد التطرف وذلك لسبب بديهى هو ان التطرف العنيف لا يهدد الحكومة وحدها ، وانما يهدد فى المقام الاول الاسرة نفسها ، لان ( الشاب المتطرف) حين يسافر الى سوريا مثلا فانه يثير الهلع داخل الاسرة ويحول حياة الاسرة الى جحيم ، لانه معرض للموت فى اى لحظة ، فى سبيل ماذا ؟ من اجل ان يبقى او لا يبقى احد المستبدين فى السلطة (صدام حسين او بشار الاسد) ؟!!! فالوقاية من التطرف يقوم بها الاب والاخ والام والاخت ، والجد والجدة ، والاعمام والاخوال ، والجيران والاصدقاء ، لانهم يحبون اولادهم المغرر بهم ، ولانهم يحبون بريطانيا بلدهم التى يفخرون بالانتماء اليها .
٤- الجاليات الاسلامية تعتز بهويتها البريطانية:
اثبتت الدراسات الميدانية التى اجرتها جهات اكاديمية ان مابين حولى ٨٠ الى ٩٠٪ من ابناء الجاليات الاسلامية فى بريطانيا يؤكدون انتماءهم للهوية البريطانية ، وفى كلمته داخل قاعة المؤتمر اكد د منصور على ، بما معناة ، وجوب موالاة الدولة البريطانية التى توفر للمسلمين حرية العبادة ، وحرية التعبير والدعوى بالحسنى . ،
ان الهوية البريطانية هى المرجعية الاعلى ، و الغطاء الشامل لجميع البريطانيين بمختلف عناصر هوياتهم الخاصة سواء اكانت دينية او لغوية او ثقافية …الخ . ورسالتنا لشبابنا وشاباتنا اننا نرفض ان يكوننا ديننا الاسلامى الحنيف سببا لتمزيق وحدتنا الوطنية او تهديد الامن القومى لبريطانيا ، دولتنا التى نكن لها كل الحب . اننا كمسلين ، نتفهم ان حوالى ٣٦٪ من نتائج عينات بعض الدراسات لا تثق فى انتماء المسلمين البريطانيين لبريطانيا ، اننا نتعامل مع هذا الرقم ايجابيا ، بمعنى اننا لن نتعامل بعقدة من هذا الرقم ، ولكن سنعمل على بناء الثقة ، والشعوب لديها وسائلها الخلاقة فى هذا الخصوص ، ويعنينا ان نقول فى هذا المقام ان بناء الثقة يقوم على التعاون ، والشفافية ، والحوار ، والتقارب المتعمد القائم على خطط مدروسة ، يتم تنفيذها فى الحياة الطبيعية ، وليس فى وقت الازمات . ان الاندماج الطبيعى من خلال المدرسة ، والكلية والجامعة ، واماكن العمل ، ومن خلال الاحزاب السياسبة ، والاندية الرياضية والثقافية ، والمسرح والرقص ، والمصاهرة … الخ هو الذى يقوى الثقة .
٥- الجاليات الاسلامية هى الاقدر على مكافحة الدعاية الراديكالية :
الجاليات الاسلامية فى بريطانيا هى الاقدر على انتاج الفكر الاسلامى ، والفقه الاسلامى المستنير لمواجهة دعاية القاعديين والداعشيين المتطرفين التكفيريين الذين لا يعبرون عن سماحة الاسلام ، ووسطية واعتدال الاسلام . هنا يبرز الدور المتميز ، للجاليات الاسلامية ، فهى وحدها ودون غيرها المنوط بها المواجهة الفكرية والفقهية للتطرف الفكرى التكفيرى العنيف .
ان الجاليات الاسلامية فى بريطانيا ، بعلمائها وفقهائها وائمتها ، تدرك فقه الثابت والمتحرك ، والاصالة والمعاصرة ، واثر تغير الزمان والمكان والواقع المتجدد على الاحكام ، وقادرة على انتاج الفقه الاسلامى الذى يناسب واقع المسلمين فى الدولة البريطانية التى توفر لهم المساواة امام القانون ، ولا تسمح بالتمييز بين المواطنين البريطانيين على اساس الدين او اللون ، وتسمح بحرية العبادة والدعوى ، وحرية التعبير .
ان الجاليات الاسلامية ليست بحاجة الى دعاية او انتاج فكرى اسلامى ياتيها من الشرق الاوسط او الاقصى ، ومن الدول التى ترزح تحت الاستبداد ، حيث الصحافة تخضع للرقابة من ( وزارة الداخلية ) ، والكتاب يخضع للرقابة الصارمة ، اكثر من ذلك ، فان الجاليات الاسلامية فى بريطانيا لا تحتاج الى ائمة ووعاظ من الشرق الاوسط او الاقصى ، لانهم قادمون من مجتمعات متجانسة ، عرقيا ، ودينيا ومذهبيا ، وهى مجتمعات بطبيعتها منغلقة على نفسها ، وفقها لا يناسب المجتمع البريطانى القائم على التنوع والتسامح وقبول الاخر ( كما هو) .
ابوبكر القاضى
نيوبورت / ويلز