الامة والشعبى ربما وجدا من النظام ما لم يجده الآخرون
على ادريس ديبى تبنى خيار الحل الشامل ان اراد المساهمة فى السلام بالسودان
إن كان النظام يريد بحق حواراً في طاولة المفاوضات فعليه أن يوقف الحرب أولاً
اذا صار المؤتمر الوطنى جزء من الحل وسلم السلطة سلميا هنالك خيارات اخرى للتعامل مع الجنائية
لو اوقفت الحكومة الحرب سنرد التحية بافضل منها
مع انطلاقة مبادرة الحوار الوطنى التى اطلقها الرئيس عمر البشير وقبول بعض احزاب المعارضة بالمشاركة برزت عدة تساؤلات فى الاوساط السودانية عن موقف الجبهة الثورية من تلك المبادرة وقضايا ما بعد السلام مثل محكمة الجنايات الدولية والمصالحة الوطنية ، والصيحة فى اطار متابعتها لمجريات الاحداث رات ان تتناول هذه القضايا مع نائب رئيس الجبهة رئيس حركة العدل والمساواة د جبريل ابراهيم حيث وضعت امامه هذه المحاور وغيرها ليجيب عنها بشفافية ودون تاخر ، عبر المهندس منصور ارباب امين شئون الرئاسة بالعدل والمساواة والذى ربط الصحيفة بجبريل عبر الانترنت
اجراه :لؤى عبدالرحمن
ماهى دواعى زيارتكم لاوروبا الايام الماضية ؟
كانت زيارتي الأخيرة إلى أوربا إستجابة لدعوة من الرئيس التشادي إدريس دبي للقاء به هناك، و قد كانت زيارة قصيرة و لغرض محدد، و لكني إغتنمت الفرصة و التقيت بمسئولين أوربيين و بالجالية السودانية و بالاعلام.
كيف ينظر الاوربيون لمبادرة الحوار التى اطلقها البشير؟
ينظر الكثير من المسئولين الأوربيين بقدر كبير من الريبة المشوبة بعدم التصديق لمبادرة الحوار التي أطلقها الرئيس السوداني، و لكنهم يشجّعون على إختبار جدّية النظام و لو للمرة الألف.
ماذا طرحتم على القيادات الاوروبية وبماذا خرجتم ؟
طرحنا للأوربيين رؤيتنا للحل الشامل للقضية السودانية، و ضرورة توحيد المنابر و الوساطة و مسارات العملية السلمية، كما أكدنا لهم أننا لا نرفض الحوار مع النظام من حيث المبدأ، و لكن على النظام، بعد تجربة الشعب الطويلة معه في مناوراته السياسية، و نقضه للعهود، و استهتاره باتفاقيات السلام المبرمة معه، أن يقدّم للشعب ما يثبت جديته من قرارات و إجراءات تهيئ البيئة الوطنية لحوار جاد و مثمر.
لقاءك مع الرئيس التشادى ادريس ديبى بفرنسا ..ما ابرز ما توافقتم عليه ؟
نقل الرئيس التشادي إدريس دبي لوفد الحركة رسالة من ملتقى أم جرس فحواها أن الشعب ملّ الحرب و أنهم يرغبون في السلام، فأكدنا له أنه ليس فينا من يهوى الحرب، و أن الذي اضطرنا لحمل السلاح و الاستمرار فيه و تقديم التضحيات الجسام التي يعلمها الجميع هو الظلم، و أنه ما لم تردّ الحقوق المغتصبة و ترفع المظالم، لن تكون هنالك فرصة لتحقيق سلام دائم. كما أكدنا له أن الجهة التي تملك قرار و السلام في السودان هي رئاسة الجمهورية التي تقول كل الشواهد أنها لم تتخذ بعد قراراً صادقاً للسير نحو السلام و دفع استحقاقاته، و أكبر الأدلة على ذلك عمليات الصيف الحاسم، و اطلاق يد المليشيات لتعيث في الأرض فساداً. و أكدنا له أيضاً أن القضية التي حملنا من أجلها السلاح و قدمنا في سبيلها أرتالاً من الشهداء، قضية قومية لا يمكن ابتسارها في أطر إثنية أو حتى إقليمية، و أنه إن أراد المساهمة في تحقيق السلام في السودان فعليه أن يتبنى الحل الشامل، و أن يبتعد عن التفكير في الحلول الجزئية المحكوم عليها بالفشل.
ماهو موقف الجبهة الثورية من الحوار الوطنى ؟
أصدرت الجبهة الثورية السودانية أكثر من بيان أكدت فيه أنها لا ترفض الحوار من حيث المبدأ، و أعلنت قبل أيام قليلة ما تراها خارطة طريق للحل السلمي الشامل للسودان، و لكنها لا ترى جدّية في طرح النظام، و لا ترى اتساقاً بين أقواله و أفعاله. حيث يدعو النظام إلى الحوار من جهة و يجرّد متحركات المليشيات لقتل المدنيين و إغتصاب الحرائر و حرق القرى و نهب الممتلكات من جهة ثانية. و هو ما يحدث الآن في دارفور و جنوب كردفان. النظام فاقد للمصداقية؛ و هوّة الثقة بينه و بين الشعب عصي الردم إلا بإجراءات و قرارات كبيرة و جرئية، و لم نجد حتى الآن ما يقنعنا بأن النظام مقدم عليها؛ و على رأس هذه القرارات قرار وقف الحرب، و الإعتداء على المدنيين، و إلغاء القوانين المقيدة للحريات، و إطلاق سراح الأسرى و المعتقلين و السجناء السياسيين، و اعلان الالتزام بمخرجات الحوار بما في ذلك الحكومة الانتقالية ..الخ.
الجبهة تحدث فى بيانها الاخير عن تواصل العمليات العسكرية من قبل النظام لماذا لاتناقشون هذه القضايا فى طاولة الحوار؟
يبدو أن النظام، باعلانه الاستمرار في عمليات الصيف الساخن، يريد حواراً بالرصاص لا بغيره، و حوار الرصاص لا يتم في طاولة و إنما في ساحات النزال. و إن كان النظام يريد بحق حواراً في طاولة المفاوضات فعليه أن يوقف الحرب أولاً و يستجيب لمطلوبان الحوار الجاد، و إلا فإن الجبهة ليست في حاجة إلى “درس عصر” لتدافع عن نفسها و مشروعها للتغيير، و أن تسقي المعتدي كأس الحنظل.
البشير دعاكم للمشاركة فى الحوار بالداخل وتعهد بتقديم الحماية لكم اتفقتم معه ام لم تتفقو ا ..ماتعليقك ؟
الأمر ليس بهذه البساطة. فالبشير يدعونا إلى الحوار و وزير دفاعه و مدير جهاز أمنه يعلنون أنهم يعملون على إستئصالنا، فكيف يستقيم الظل و العود أعوج؟! البشير في حاجة إلى قرارات شجاعة لبناء الثقة بينه و بين المعارضة، و بخاصة المسلحة منها. أولى هذه القرارات قرار اطلاق سراح أسرى الحرب الذين يرزحون في السلاسل في زنازين النظام. فمن أراد أن يحاورنا، فعليه أن يبدأ بمحاورة أسرانا بعد تحريرهم.
البعض يرى ان شروطكم للحوار تعجيزية لانكم طرفا فى الحرب الدائرة ولايمكن ايقافها من طرف واحد ؟
شروطنا ليست تعجيزية و في استطاعة النظام إيقاف الحرب من طرفه متى شاء، و تقع المسئولية بعد ذلك على الطرف الآخر لردّ التحية بأفضل منها. و السؤال: لماذا لا يلجأ النظام إلى إختبار جدّيتنا كما نعمل نحن على إختبار جديتها بقبول الحوار من حيث المبدأ؟!
حزبا الامة والمؤتمر الشعبى المعارضين جلسا مع النظام وقبلا دون اشتراطات مسبقة ؟
هذا شأن يخص الحزبين. و ربما وجدا من النظام ما لم يجده الآخرون منه. و قد يكون السبب أن الهوّة بين الأطراف المتحاربة أكبر بكثير من الخلاف السياسي الذي لا يحتاج إلى أنهار دماء. و الذي نطلبه نحن لا تتعدى كونها إجراءات بناء ثقة مفقودة، و توفير مقومات لحوار يمكن أن ينهي الحرب، و يفضي إلى سلام عادل و شامل و تحوّل ديموقراطي حقيقي.
الى اى مدى الجبهة الثورية مستعدة للحوار والسلام ؟
جعلت الجبهة الثورية السودانية الحل السلمي الشامل المفضي إلى تغيير النظام خيارها الإستراتيجي الأول. و يبدو ذلك بجلاء في كافة أدبياتها. فهي مع السلام الذي يخاطب جذور المشكل السوداني، و مع الحوار الجاد المفضي إلى تغيير طريقة و تركيبة الحكم في السوداني. أما محاولات شراء الزمن، والتزاكي على الشعب بأطروحات جوفاء لا تسندها مقومات النجاح، أو مبادرات حوار يراد بها توفير الغطاء لجرائم فظيعة ترتكب في حق الشعب في أقاليم السودان، فالجبهة لا يشرّفها أن تكون طرفاً فيها.
ماهى الضمانات التى تطالبون بها لانجاح الحوار ؟
نحن نتحدث عن مقومات الحوار الناجح و سنامها الحرية. بحرية التعبير و النشر و التنظيم و التظاهر السلمي و عقد المخاطبات الجماهيرية في الأماكن العامة، يكون الحوار ملكاً للشعب كله؛ و يستطيع أن يساهم فيه برأيه الحر بدلاً من حصر الحوار في المتحاورين. الحوار الناجح يحتاج إلى منبر محايد، و إدارة مستقلة، و مسهّلين أكفاء، و ضابط زمني، و ضمانات تنفيذ، و فوق هذا و ذلك، يحتاج الحوار الناجح إلى إرادة سياسية حقة من الأطراف المتحاورة للوصول إلى نتائج الكل فيها كاسب.
اذا استجاب النظام لمطالبكم واشتراطات الحوار اين ستتحاورون فى الداخل ام بمنطقة خارجية ؟
نعتقد أن هنالك حاجة إلى عقد مؤتمر تحضيري لتشكيل الحوار و تأطيره، و الاتفاق على كافة مدخلاته و آلياته بما في ذلك موضوعات الحوار و الإطار الزمني و المنبر و إدارة الحوار و آليات اتخاذ القرار فيه و المشاركين و غير ذلك من الموضوعات. الأوفق أن تم هذه الخطوة في منبر محايد و تحت إشراف إقليمي و دولي، ثم يمضي الناس بعد ذلك وفق ما اتفقوا عليه من ترتيبات.
بعض قيادات الوطنى يرى ان المعارضة اذا وصلت الى السلطة ستسلم الرئيس ومن معه من المطلوبين للجنائية الدولية ؟
الأبرياء لا يخشون بأس الشرطة و لا يتهربون من المحاكم. و قيادات المؤتمر الوطني التي تتحدث عن المحكمة الجنائية الدولية تعمل على حماية نفسها أكثر من خوفها على الرئيس. و على كل، يتوقف الأمر في المحصلة على كيف وصلت المعارضة للسلطة. فإن صار المؤتمر الوطني جزءاً من الحل و ساهمت في تسليم السلطة بصورة سلمية سلسة، صارت خيارات الشعب في التعامل مع هذه المعضلة أوسع. أمّا إن أُجبر الشعب على أخذ حقه بيده، كان خيار التسليم للمحكمة الجنائية الدولية أهون على الذين يخشونه من الخيارات الأخرى التي ستطلّ برأسها لا محالة.
اذا حدث سلام حقيقى ماهو موقفكم من قضية المحكمة الدولية ؟
الذي يلجئ الناس إلى المحكمة الجنائية الدولية هو غياب القضاء المستقل، أو عجزه، أو عدم رغبته في تنفيذ مقتضيات القانون، أو خلو النظام القانوني في البلد المعين من المواد التي تجرم مرتكبي جرائم الحرب أو جرائم الإبادة الجماعية أو جرائم ضد الإنسانية مما يضطر الضحايا إلى البحث عن جهات تحسن التعامل مع هذه الجرائم. إن تحقق السلام و استعاد القضاء الوطني استقلاله و عافيته، انتفت الحاجة إلى المحكمة الجنائية الدولية إلا في حدود الحالات التي تصدّت لها المحكمة في غياب القضاء القادر الراغب المستقل.
اين برنامج الحقيقة والمصالحة من اجندتكم ؟
الهتك الذي حدث لنسيجنا الاجتماعي كبير للغاية، و الجرائم التي إرتكبت في العقدين الأخرين فاقت كل تصوّر، و من العسير رتق النسيج الاجتماعي و ردّ كل هذه المظالم عن طريق القضاء وحده. فالعلاج العملي في مثل هذه الحالات الشائكة، أن يُتعامل مع أكابر المجرمين الذين خطّطوا و دبّروا و سلّحوا و موّلوا و قادوا الجيوش و المليشيات و أمروا بارتكاب هذه الفظائع عبر القانون و المحاكم. أما فيما دونهم، فلا بد من البحث في تراثنا و تقاليدنا و الاستعانة بتجارب الشعوب التي مرت بتجارب مماثلة لتجاربنا لرتق النسيج الاجتماعي و اتخاذ التدابير المالية و الاجتماعية الرادعة التي تحول دون تكرار مثل هذه الفظائع.
الصيحة