حوار المؤتمر الوطني … حوار المكياج

مبارك أردول
قصة دعوة الحوار التي أطلقها المؤتمر الوطني وتبعه بعض الأحزاب التقليدية أشبه بقصة الكواكب والتوابع في علم الفيزياء وخاصة علم الكون(Cosmology)، ففي الكوزمولوجي نجد المجموعة الشمسية وهي عبارة عن مجموعة من الكواكب تدور حول الشمس بشكل منتظم وثابت، تبداء بكوكب عطارد والزهرة وتمر بالأرض والمريخ وزحل الي كوكبي أورانوس وبلوتوث، هذه الكواكب لها مدارات ثابتة تدور فيها، فعندما تدور حول نفسها يتغير الليل والنهار وعندما تدور حول الشمس يتغير الفصول في العام، ولكن المهم وموضوع حديثنا هو موضوع التوابع فنجد أن بعض الكواكب عندها توابع لا تفارقها أبداً في كل مراحل دورانها، فمثلا كوكب الأرض له تابع واحد وهو القمر وهنالك كواكب مثل المريخ لها أكثر من ثلاثة توابع يدورون حولها بإنتظام، تابع كوكب الأرض يظهر بمراحل ويختفي بمراحل أيضا ولكن لا يعني أنه غير موجود في مداره حول الأرض ويؤدي دوره كتابع، هذه التوابع تدور وتدور طالما كان الكوكب موجود أصلاً، الا إذا حدث إرتطام كوني (لا قدر الله) بنجمة أو مجرة دمرت الكوكب الأساسي فحينها لا تجد التوابع كوكباً لتتبعه وتدور حوله وربما تدمر هذه التوابع أيضا من جراء تطاير شظايا الكوكب المدمر.
قصة المجموعة الشمسية هذه أقرب الي قصة دعوة الحوار الذي أطلقها ويريدها الموتمر الوطني الأن فظهر له بعض التوابع من أحزاب وكيانات مختلفة، منها ما هو بدراً كاملاً ومنها ما هو نصف بدر ومنها مازال في طور الهلال، ولكنهم جميعا يدورون حول المؤتمر الوطني مهما إختلفت مدارات بعدهم وقربهم من الكوكب الأساسي (المؤتمر الوطني) فالدوران حوله موجود لن ينتهي ولن يسفر عن أي نتيجة متوقعة، فالمؤتمر الوطني يمر بفصل وموسم شديد الصعوبة عليه (ربما ربيع) لذلك يريد مجهوداً من بعض التوابع لتعمل له المكياج وتغطي له نواقصه دون أن يتلمسوا جوهر القضايا الأساسية، ومن المؤكد إنه لم ولن يتخلى عن مداره الأساسي (بأخوي وأخوك) وهي رؤيته عن كيفية إدارة الدولة والحكم وقضايا الحريات وغيرها طالما ظل يتعامل مع المعارضة المسلحة والسلمية بمجرد أنها توابع تدور حوله وقبل بعضهم بذلك.
وحتى لا ندور في مداره ونصبح تبع مع الأخرين وننشغل بقضايا غير أساسية وهي لقاء فلان مع فلان وسفر علان وعزومة فرتكان وهذا ما يريده النظام، علينا طرح هذه الأسئلة، كيف ومتى وأين سيقام هذا الحوار؟ وبأي طريقة وما هي الألية؟ من سيقوم بهذا الحوارأقصد المنفذون؟ هل سيكون مؤتمراً دستورياً يشارك فيه الكل وبصوت واحد دون إقصاء لأحد؟ أم سيجتمع المؤتمر الوطني مع أي حزب (هو راضي عنه) على حدة ليأخذ أفكاره ويبلورها حسب رؤيته وعبر لجانه المكونة؟ إذا أتفق الجميع على ألية الحوار فماهي قضايا وأجندة الحوار؟ وما هي درجة إلزامية مقرراته ومخرجاته؟ وكيف سيعمل بها أي تطبيقها على أرض الواقع؟ ومتي سيعمل بها؟ وأكبر سؤال ما هي الضمانات تنفيذ مخرجاته؟
أجزم صادقاً إنه لن يستقيم أي حوار وياتي بنتائج حقيقية يعيشها المواطن السوداني وتنعكس في حياته اليومية مهما تعددت الأماكن من أم جرس غرباً الي كنانة وسطاً ونيروبي (المخلتف حوله) جنوباً الي قاعة الصداقة شمالاً وحتي الدوحة شرقاً إلّا إذا تمت الإجابة على الإسئلة أعلاه وتمت فيها مخاطبة أمهات القضايا وتم الترتيب والإعداد بشكل يحقق غرضه، وتعامل المؤتمر الوطني تعامل الندية ورفض الأخرين دور التبعية، لأن المؤتمر الوطني سيكون مجرد حزب مشارك مثله كباقي الأحزاب الأخرى وليس حكومة وحزب ودولة إذا كان هنالك حوار حقيقي.
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *