الخرطوم: أحمد يونس لندن: مصطفى سري
أعلنت الحكومة البريطانية عن دعمها الكامل للتفاوض المزمع بدؤه اليوم بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بين حكومة جنوب السودان، والمتمردين بقيادة نائب الرئيس السابق رياك مشار.
وقال المبعوث البريطاني إلى دولة جنوب السودان تيم مورس إنه التقى مسؤولين سودانيين في الخرطوم أمس لبحث تطور الأوضاع في جنوب السودان معهم، وإن بلاده ودول الترويكا والمجتمع الدولي تدعم التفاوض بين الفرقاء في جنوب السودان، ويعدون الدور الإقليمي دورا مهما لأن استمرار تدهور الأوضاع في جنوب السودان سيترك عواقب وخيمة على الإقليم.
وأضاف مورس أن استقرار شعب جنوب السودان، لا يهمه وحده، بل يشاركه فيه شعوب الإقليم، مشيرا إلى حل النزاع بيد الجنوبيين، ولا يمكن للمجتمع الدولي أن يفرض عليهم حلولا من الخارج رغم عظم دوره، وأن بلاده تدعم دور وساطة ووساطة إيقاد لإنهاء النزاع. وعد عودة الطرفين إلى طاولة المفاوضات أمرا ملحا، رغم وصول الطرفين لطريق مسدود في التفاوض، بيد أنه قال: إن وقف القتال والتزام الطرفين باتفاق وقف العدائيات الذي وقعاه في الثالث والعشرين من يناير (كانون الثاني) الماضي أمر ملح، ويشغل بال المجتمع الدولي ودول الترويكا والإقليم.
وحث مورس باعتباره ممثلا للمجتمع الدولي الطرفين لاحترام الاتفاق الذي وقعاه، وكشف عن ضغوط قال: إن بلاده والمجتمع الدولي ستمارسها على طرف النزاع للالتزام بوقف العدائيات، وقيام آلية للمراقبة الأفريقية بدورها، وللدخول في عملية سياسية شاملة، بمشاركة كافة الأطراف بما في ذلك السجناء المفرج عنهم، والشباب والنساء، رجال الدين والأحزاب السياسية وكل المجتمع المدني.
وأشاد المسؤول البريطاني بالدور السوداني في النزاع بين فرقاء جنوب السودان، وباهتمام السودان ببعث مندوب لإيقاد، ونفى أن تكون حكومة جنوب السودان قد وجهت أي اتهامات للسودان بدعم التمرد، وأن الخرطوم يمكن أن تلعب دورا مهما في سلام واستقرار جنوب السودان، وفي إيصال رسائل خاصة للأطراف لوقف القتال. وقال: إن على المجتمع الدولي لعب دور متماسك في جنوب السودان، وأن تنفيذ مهمة قوات الأمم المتحدة أو أي قوة أخرى، يجب أن يجرى بتنسيق تام لتحقيق أهدافه.
وقال: إنهم يعملون على تنظيم جهود الأطراف كافة، بحيث تكون محايدة من أجل وقف العدائيات، وأنه لا يرى أي مشكلة في وجود قوة حفظ سلام أفريقية إلى جانب قوات الأمم المتحدة، وفقا لقرار مجلس السلم والأمن الأفريقي الأخير، وأن الأمم المتحدة وإيقاد يمكن أن يتفقا على هيكل موحد لإحلال السلام في جنوب السودان.
لكن مسؤول شؤون العضوية في حزب الحركة الشعبية الحاكم في جنوب السودان، شول لام، قال لـ«الشرق الأوسط» أمس إنه يتوقع فشل المحادثات بين الطرفين، خاصة أن جوبا ترفض إطلاق سراح أربعة من قيادات الحزب تعتقلهم منذ منتصف ديسمبر (كانون الأول)، وجرى تقديمهم إلى المحاكمة، التي ستشهد اليوم جلسة أخرى.
واتهم لام مستشارو رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت بإغلاق كل الطرق المؤدية إلى تحقيق السلام، وقال: إن «هذه المجموعة ظلت تنفذ برنامج المؤتمر الوطني الحاكم في الخرطوم منذ عام 2004. عندما قاموا بعملية وشاية بين زعيم ومؤسس الحركة جون قرنق ونائبه آنذاك كير، والتي كادت أن تؤدي إلى حرب بينهما قبل توقيع اتفاقية السلام». وأضاف أن برنامج حزب البشير ظل مستمرا حتى بعد استقلال جنوب السودان، لأن الهدف هو تدمير الدولة الجديدة بتقسيم حزبها الحاكم وإضعاف جيشها الوطني بإنهاكه بالحروب، و«لذلك فإن البشير وحزبه دفعوا بمجموعة من الموالين لهم من القيادات الجنوبية للتحلق حول كير وإبعاده عن القيادات التاريخية للحركة الشعبية».
أما بشأن الاتهامات التي وجهتها جوبا لبعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب السودان، فقال مورس إن البعثة بعد اندلاع الحرب في منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وقعت تحت ضغط هائل، وأصبح من واجبها إيواء وحماية أعداد كبيرة من اللاجئين إلى مقار بعثاتها، بما يصعب من ما سماه «إرسال إشارات متساوية»، مؤكدا أن دور الأمم المتحدة في جنوب السودان دور محايد. وندد مورس بما سماه المضايقات والانتهاكات التي تواجه العاملين في الأمم المتحدة، في جنوب السودان، بما فيها تلك التي تأتي من قبل حكومة جنوب السودان، مشيرا إلى أن التركيز على حماية المدنيين قد لا يكون «مريحا لبعض قادة جنوب السودان».
وقال مورس إن المجتمع الدولي حريص محاسبة الانتهاكات التي مورست أثناء عمليات القتال بين الطرفين، وأن لجنة التحقيق التي يقودها النيجيري أوباسانجو تحقق في الأمر، وأن هناك تقرير أعدته الأمم المتحدة، وباكتمال التحقيقات فإن كل من مارس (آذار) انتهاكات سيتعرض للمحاسبة، وسيتحمل كل طرف مسؤوليته تجاه أي انتهاكات لحقوق الإنسان، بعد تحديد المسؤولية عن الانتهاكات بشكل دقيق، فضلا عن محاسبة الأشخاص الذين ارتكبوا تلك الانتهاكات.
من جهته، بحث مساعد الرئيس إبراهيم غندور مع المبعوث البريطاني سير المفاوضات بين الأطراف المتنازعة بالدولة الوليدة، بوصف السودان عضوا في اللجنة الثلاثية للوساطة التي شكلتها «إيقاد» لإنهاء الصراع في الجنوب. وقال المبعوث البريطاني عقب لقائه بالخرطوم غندور: «رأينا أنه من الضروري لقاء المسؤولين السودانيين للتعرف على رؤاهم حول الأوضاع في جنوب السودان والسبل الكفيلة لإيجاد حل تفاوضي سلمي للنزاع».
وأكد المبعوث أن اللقاء تطرق للدور الذي يمكن أن يلعبه المجتمع الدولي ومنظمة «إيقاد» والاتحاد الأفريقي لتقديم المساعدات للنازحين واللاجئين من دولة الجنوب.
وفي سياق ذي صلة، تسلم الرئيس عمر البشير، رسالة خطية من رئيس جنوب السودان، تتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين وسبل دعمها وتطويرها، من وزير الدفاع الجنوبي كوال ميانق الذي وصل الخرطوم يوم الثلاثاء. وقال وزير الدفاع السوداني عبد الرحيم محمد حسين للصحافيين عقب اللقاء، إنه بحث مع نظيره بدولة الجنوب يوم الأربعاء، القضايا الأمنية وتطبيق اتفاقيات التعاون المشترك بين البلدين، والقضايا الحركات السالبة ومنطقة أبيي.
وقال حسين إن السودان أطلع الجانب الجنوبي على رؤيته حول تنفيذ الاتفاقية، خاصة فيما يتعلق بالخط الصفري المؤقت الذي جرى الاتفاق عليه وفقا للخارطة التي قدمتها الآلية الأفريقية رفيعة المستوى، بجانب آليات مراقبة الحدود والمعابر. فيما أكد وزير الدفاع الجنوبي أن الزيارة جاءت بهدف تفعيل آليات تنفيذ اتفاقيات التعاون المشترك التي تمثل مفتاحا لتقوية العلاقات بين البلدين، باعتبار أن القضايا الأمنية تمثل جوهر الاستقرار السياسي والاقتصادي.