السودان يتهم «الجنائية الدولية» بلعب دور «الخصم السياسي»
بنسودا: الأوضاع في دارفور تتدهور.. والبشير يتباهى بتحدي مجلس الأمن
الخرطوم: أحمد يونس لندن: مصطفى سري
شن السودان هجوما حادا على المحكمة الجنائية الدولية، واتهمها بلعب دور «الخصم السياسي بالوكالة»، في الوقت الذي أبدت فيه المحكمة الجنائية الدولية يأسها مما سمته تقاعس مجلس الأمن تجاه الوضع في دارفور.
وقال مندوب السودان لدى الأمم المتحدة السفير دفع الله الحاج علي، في جلسة مجلس الأمن الدولي التي عقدت مساء الأربعاء بشأن التقرير الأخير للمحكمة الجنائية الدولية المتعلق بدارفور السودانية، إن المدعية العامة فاتو بنسودا «تحصل على معلومات خاطئة من مصادر مجهولة وغير محايدة تجاه السودان». ونقلت وكالة الأنباء الرسمية السودانية «سونا» أن حكومة الخرطوم جددت عدم اعترافها بتلك المحكمة، وعدم استعدادها للتعامل معها، لأن السودان ليس طرفا في ميثاق روما المؤسس لتلك المحكمة.
وأضاف الحاج علي أن أفريقيا فقدت الثقة تماما في المحكمة الجنائية الدولية، وقال «القمة الطارئة للاتحاد الأفريقي التي عقدت بأديس أبابا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أكدت أن أفريقيا فقدت ثقتها تماما في التوجه الحالي للمحكمة».
ويشارك السودان في اجتماع المجلس الوزاري الأفريقي الذي يعقد بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا يومي 16 و17 من ديسمبر (كانون الأول) الحالي لسماع تقرير وفده بمجلس الأمن الدولي بشأن تأجيل محاكمة الرئيس الكيني. ونقلت «سونا» عن مصدر، لم تفصح عنه، أن «رفض مجلس الأمن للطلب الأفريقي يعد دليلا على أن المحكمة الجنائية الدولية تستخدم بعض أعضاء المجلس وقوى دولية لمعاقبة الرؤساء الأفارقة الذين لا تتفق توجهاتهم السياسية مع رغبات هذه القوى». وأضافت أن «المجلس رفض للمرة الثانية طلب الاتحاد الأفريقي بإيقاف تحركات الجنائية الدولية ضد رئيس أفريقي، وأن الأوان آن لأفريقيا لاتخاذ موقف قوي وواضح من المحكمة الجنائية الدولية ومن يدعمونها».
وكانت مدعية المحكمة الجنائية الدولية فاتو بن سودا قد شنت هجوما عنيفا ضد الرئيس السوداني عمر البشير، ووصفت الوضع في دارفور بأنه «محبط ويائس»، بسبب ما سمته «تقاعس مجلس الأمن بشأن تدهور الوضع في دارفور». وأضافت بنسودا وهي تحدث أعضاء المجلس «أقدم لكم تقرير الثامن عشر منذ صدور قراركم رقم 1593 بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الذي نص على إحالة الوضع في دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية».
وقالت إن محكمتها كانت تأمل في أن يكون القرار رقم 1593 بمثابة «أمل» لضحايا الحرب في دارفور، وأن يسهم في وضع حد لمعاناتهم، وأن تجرى مساءلة بشأن الجرائم التي ارتكبت في الإقليم. وأوضحت أن «آمال الضحايا» في ذلك الإقليم تلاشت بمرور السنين، مع استمرار تجاهل حكومة السودان لقرارات المجلس وبياناته الرئاسية، في الوقت الذي يشهد فيه الوضع في دارفور المزيد من التدهور، مشيرة إلى أن الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية أنفقت خلال السنوات العشر الأخيرة على إقليم دارفور أكثر من 10.5 مليار دولار، فقدت خلالها الأمم المتحدة أرواح 47 من عمال الإغاثة، إضافة إلى العديد من الجرحى والمخطوفين. ومنذ عام 2004 تبنى مجلس الأمن الدولي 52 قرارا بشأن دارفور والوضع في السودان، و17 بيانا رئاسيا وصحافيا، وحسب بنسودا فإن تلك القرارات غير المنفذة أكدت عجز وشلل مجلس الأمن عن تنفيذ قراراته الصادرة، مما أدى لتقوية موقف الرئيس البشير الذي أصبح يتباهى بتحدي مجلس الأمن وعدم تنفيذ قراراته.
وأضافت بن سودا في حديثها لأعضاء المجلس أن مكتبها أدى واجبه، وأن الوقت حان للمجلس وللدول الأعضاء في معاهدة روما لاتخاذ إجراءات، ووضع استراتيجيات لأخذ الأمر محمل الجد، والقبض على المسؤولين عن الجرائم التي وقعت في دارفور.
من جهة أخرى، أعلنت الوساطة المشتركة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة عن بدء اجتماعات ورشة فنية مع حركتي العدل والمساواة وحركة تحرير السودان فصيل مني آركو مناوي، حول الوضع الإنساني في دارفور، وسبل تحقيق السلام بعد أكثر من عشر سنوات من قيام النزاع. وقد رفض عبد الواحد محمد نور الذي يقود فصيلا آخر من المعارضة المشاركة في هذه الورشة.
وقالت الوساطة في بيان لها من أديس أبابا إن الوسيط المشترك محمد بن شمباس دعا الحركات غير الموقعة على وثيقة الدوحة للسلام في دارفور للانخراط في العملية السلمية. وشدد البيان على أن الحل الوحيد لإنهاء الصراع في دارفور يكمن في تسوية سلمية وتفاوضية.
وكانت الحركات قد طالبت بتوحيد المنابر والعمل على تنظيم عملية سلمية شاملة تتناول جميع النزاعات في السودان، وقيام نظام ديمقراطي في البلاد، لكن الوسيط المشترك قال إن تفويضه يقتصر فقط على دارفور.
الخرطوم – النور أحمد النور
الجمعة ١٣ ديسمبر ٢٠١٣
حملت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسوده بشدة على الرئيس السوداني عمر البشير الملاحق دولياً بتهم ارتكاب جرائم إبادة في إقليم دارفور، مشيرةً إلى أن الوضع في الإقليم «يشهد تدهوراً ويسير من سيء إلى أسوأ»، لكن الخرطوم انتقدت المحكمة واتهمتها بلعب دور «الخصم السياسي بالوكالة».
وأعربت فاتو بنسوده في جلسة لمجلس الأمن تناولت الوضع في دارفور عن «الإحباط واليأس لتقاعس مجلس الأمن عن التعامل مع الوضع في دارفور».
وقالت إن المحكمة كانت تأمل أن يشكّل قرار مجلس الأمن 1593 بإحالة الوضع في دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية «الأمل لضحايا دارفور ويضع نهاية لمعاناتهم وأن تكون هناك مساءلة للجرائم التي ارتُكبت لكن آمال ضحايا دارفور تلاشت على مر السنين ومع التجاهل الصارخ لحكومة السودان لقرارات هذا المجلس والبيانات الرئاسية، فإن الوضع في دارفور يشهد تدهوراً ويسير من سيء إلى أسوأ».
وأكدت بنسوده أن عجز مجلس الأمن عن تنفيذ قراراته أدى إلى تدعيم موقف الرئيس السوداني الذي يتباهي بعدم تطبيق تلك القرارات. وأضافت: «لقد أدى مكتبي واجبه وحان الوقت لهذا المجلس وللدول الأطراف في معاهدة روما، لاتخاذ إجراءات، ووضع استراتيجيات جدية، لإلقاء القبض على المسؤولين عن الجرائم التي وقعت في دارفور».
في المقابل، اتهم سفير السودان لدى الأمم المتحدة دفعالله الحاج علي، المحكمة الجنائية الدولية بلعب دور «الخصم السياسي بالوكالة» ضد السودان. وقال إن المدعين العموميين قدموا مسودة تستقي معلومات خاطئة من مصادر مجهولة وغير محايدة في تعاملها مع الشأن السوداني، مؤكداً على «رغبة وكفاءة وقدرة القضاء السوداني ونزاهته في تحقيق العدالة».
ورفض دفعالله الاتهامات بعدم اعتراف حكومته بالمحكمة الجنائية الدولية وبعدم التعامل معها، مشيراً إلى أن السودان ليس طرفاً في «ميثاق روما» المؤسس للمحكمة. وأشار إلى أن القمة الطارئة للاتحاد الأفريقي التي عُقدت في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، أكدت أن أفريقيا فقدت ثقتها تماماً في التوجه الحالي للمحكمة الجنائية الدولية الذي يمثل انحرافاً عن مبادئ وميثاق روما».
من جهة أخرى، أعلنت حركتا «تحرير السودان» برئاسة مني أركو مناوي و «العدل والمساواة» بزعامة خليل إبراهيم المتمردتين في دارفور التزامهما بالسعي إلى تسوية شاملة وعادلة لكل النزاعات السودانية.
وطالبت الحركتان في بيان مشترك في اختتام ورشة نظمتها البعثة المشتركة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في دارفور «يوناميد» في أديس أبابا بتوحيد مسارات التفاوض وجمع أطراف النزاع على طاولة واحدة لإنهاء النزاعات في البلاد.
إلى ذلك، أبدى السودان تخوفه من تأثير الوضع الأمني في أفريقيا الوسطى على دارفور. ودعا رئيس السلطة الإقليمية في دارفور التجاني السيسي إلى ضبط الحدود مع أفريقيا الوسطى، ومنع المسلحين الفارين من دخول دارفور.
على صعيد آخر، سقط 38 قتيلاً في مواجهات بين قبيلتي المعاليا وحمر العربيتين على الحدود بين ولايتي شرق دارفور وغرب كردفان بسبب خلاف على المراعي.