شككت قوى الحرية والتغيير المركزي في المبعوث الاممي الى السودان رمطان لعمامرة الذي التقى قوى سياسية ومجموعات مدنية خلال جولته الااولى الى السودان بعد تولي مهامه.
وأثارت اللقاءات التي عقدها مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان رمطان لعمامرة، وشملت مكونات سياسية وعسكرية، متهمة بالوقوف خلال الحرب الدائرة في البلاد والعمل على تأجيجها، قلق القوى المدنية في السودان.
واستهل لعمامرة مهمته التي كلف بها في السودان في نوفمبر الماضي، بزيارة إلى بورتسودان استمرت ثلاثة أيام حيث اجتمع بقائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان، كما التقى بعدد من الأطراف السياسية الموالية للجيش لبحث سبل إنهاء الأزمة المندلعة منذ أبريل الماضي.
وترى قيادات في تحالف قوى الحرية والتغيير أن حصر المبعوث الأممي لتحركاته ولقاءاته مع جانب واحد وهو المتسبب في الحرب، يعطي رسائل سلبية، محذرين من تحول المبعوث إلى عنصر أزمة في البلاد بدل حلّها.
وصدرت أبرز الانتقادات عن القيادي في تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية “تقدم” ياسر عرمان، الذي قال في منشور على منصة إكس إن “زيارة المبعوث الأممي صاحبتها ظلال من الشك في إمكانية أن تؤدي إلى توجه متوازن وخاصة الاجتماعات الواسعة التي عقدها في بورتسودان مع شبكة القائمين على أمر الحرب”.
وأضاف “إن لم يكن المبعوث الأممي حذرا فإن الأمور ستقوده إلى الدعوة إلى سلام روتانا الثاني ومكافأة الفلول على حربهم”. وأكد عرمان أن الأمم المتحدة لديها مواقف واضحة ضد الانقلاب والحرب وداعمة للمسار الديمقراطي وعودة الأمر إلى القوى المدنية الديمقراطية.
وأعرب القيادي السوداني عن أمله في أن يتم تصحيح الانطباع الذي صاحب زيارة المبعوث الأممي، وقال “نتطلع لدور أكثر فاعلية من الأمم المتحدة التي غابت عن المسرح عبر حملة ممنهجة من الفلول آخذين خبرته وأنه من أفريقيا والعالم العربي ما يؤهله للعب دور فاعل لإنهاء الحرب”.
وتهدف الزيارة التي قام بها المبعوث الأممي إلى مدينة بورتسودان التي تتخذ منها قيادة الجيش مقرا لها، إلى تعزيز جهود الوساطة التي تعثرت بعد تملص الجيش من التزاماته في منبر جدة، وعمله على إجهاض تحركات الهيئة الحكومية إيغاد بعد رفضه المشاركة في قمة أوغندا المفترض أن تنعقد الخميس المقبل.
وقبل مغادرته السودان قال لعمامرة في بيان له إنه توصل في اجتماعه مع البرهان “إلى معلومات دقيقة ومفيدة عن موقفه تجاه عدد من الملفات”.
وأعرب لعمامرة عن “تفاؤله بإمكانية تحقيق السلام والاستقرار وإنهاء الحرب في السودان وعودة الحياة إلى طبيعتها بتضافر جهود السودانيين”.
ويرى مراقبون أنه من المبكر جدا الحكم على تحركات المبعوث الأممي الذي بدأ مهمته للتو، لكن ذلك لا يلغي حقيقة أن مخاوف المعارضة لها ما يبررها، لاسيما في علاقة بتمشّ يهدف إلى تعويم فلول النظام السابق، وهو أمر مرفوض في الداخل.
وتتهم القوى المدنية في السودان فلول نظام عمر البشير بالوقوف خلف اندلاع الحرب في السودان، عبر تحريض الجيش، على أمل خلط الأوراق وقطع الطريق على تسليم السلطة للمدنيين.
وتتفق معظم المكونات السودانية على ضرورة تحييد الفلول عن أيّ دور مستقبلي في السودان، ومحاسبتهم على الجرائم التي ارتكبت وترتكب حتى اللحظة بحق الشعب السوداني.
وقال عضو المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير أحمد خليل إن التصريحات الصادرة عن عدد من القيادات كانت مطلوبة حتى يتدارك المبعوث الأممي خطأ عدم الجلوس مع كافة الأطراف والاكتفاء بجهة واحدة هي بالأساس تؤيد استمرار الحرب، فيما لم يتطرق إلى التضييق الذي تعرضت له القوى الثورية والمدنية الأخرى التي نادت منذ انطلاق أول شرارة للحرب بضرورة وقفها، وبالتالي فإن نجاح الأمم المتحدة في مهمتها المستقبلية يستوجب عليها أن تستمع إلى جميع الأطراف والقوى السياسية.
وأضاف خليل في تصريحات لـ”العرب” أن الجهات التي التقاها لعمامرة هي التي قوضت الفترة الانتقالية وساهمت في الانقلاب على السلطة المدنية والجلوس معها في بداية تحركات المبعوث الأممي مثيرة للاستغراب لأن السياسيين المحسوبين على الجيش لم يسمع لهم صوت، كما أن قضية الحرب لا تخص فقط الجيش، حيث أن كافة الفاعلين في المشهد السوداني الراهن لديهم نفس الأهمية التي تقتضي الاستماع إلى رؤيتهم لإنهاء الحرب.
وأوضح أن إدخال أطراف يوجد اعتراض على حضورها في مستقبل العمل السياسي أمر مقلق للقوى المدنية، وهو ما دفع لإصدار تصريحات علنية تنتقد هذه التحركات، وإن كانت ضمن خطط المبعوث الأممي الجديد الذي من المفترض أن يلتقي بكافة التيارات والاتجاهات السياسية.
قيادات في تحالف قوى الحرية والتغيير ترى أن حصر المبعوث الأممي لتحركاته ولقاءاته مع جانب واحد وهو المتسبب في الحرب
ولا يعول خليل كثيراً على تحركات مبعوث الأمم المتحدة أو غيره من الجهات الدولية في الوقت الحالي لإيقاف الحرب، وأيّ توجه منتج يتوقف على أن تكون أزمة السودان في صدارة المشهد العالمي وهو أمر لا يتحقق في الوقت الراهن، إلى جانب ضرورة توفر الإرادة السياسية من قبل طرفي الصراع لوقفها، وهو أمر غير واضح حتى الآن أيضا، فمنذ إجلاء الرعايا الأجانب من السودان جرى ترك الشعب السوداني يواجه مصيره أمام الحرب العبثية التي قضت على الكثير من مقاومات الحياة وأسهمت في تشريد الملايين من الأبرياء.
وعين الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في نوفمبر الماضي وزير الخارجية الجزائري السابق رمطان لعمامرة مبعوثا شخصيا له إلى السودان، وذلك خلفا للألماني فولكر بيريتس الذي استقال في شهر سبتمبر الماضي.
وسبق للدبلوماسي الجزائري أن شغل منصب وزير للشؤون الخارجية من 2013 إلى 2017 ومرة أخرى من 2021 إلى 2023. كما سبق له أن تولى منصب مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيريا بين عامي 2003 و2007، بينما شغل في الفترة 1993 و1996 منصب سفير الجزائر لدى الأمم المتحدة.
ويعاني السودان منذ الخامس عشر من أبريل الماضي، من حرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، خلفت أوضاعا إنسانية صعبة وشردت أكثر من سبعة ملايين داخليا وخارجيا.