الخرطوم – النور أحمد النور
وجه الرئيس عمر البشير أمس كلمة لمناسبة عيد الأضحى إلى مواطنيه، معرباً عن أمله في أن تعود دارفور آمنة ومستقرة. وأثنى على منظمات المجتمع المدني وزعماء القبائل في الإقليم لتوافقها على وقف الحرب. واعتبر عيد الأضحى مناسبة لـ «نبذ الاحتراب والخصام والفتن»، ودعا حاملي السلاح إلى «العودة لرشدهم» ووقف القتال والدمار.
وحذّر رئيس الوزراء السوداني السابق زعيم حزب الأمة المعارض الصادق المهدي من أن هناك قضايا ستعرقل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمقررة العام المقبل وإجراء الاستفتاء على تقرير مصير إقليم الجنوب مما يدفع البلاد إلى تمزق و «مواجهات مفضية إلى حصاد الهشيم». ودعا إلى عقد لقاء قمة سياسي يجمع زعماء القوى السياسية لإيجاد «مخارج قومية ناجزة للوطن».
وقال المهدي الذي أم عشرات الآلاف من أنصاره في صلاة عيد الأضحى في أم درمان أمس إن اتفاق السلام بين شمال البلاد وجنوبها يواجه صعوبات تشمل الاختلاف بين طرفيه على نتائج الإحصاء السكاني، وترسيم الحدود بين الشمال والجنوب، وتعطيل قوانين مرتبطة بالتحول الديموقراطي، وقانون الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب، وتطبيق قرار التحكيم الدولي في شأن النزاع على منطقة أبيي الغنية بالنفط.
ودعا إلى تسريع تسوية الخلافات، والاتفاق على ما ينبغي عمله لترجيح خيار الوحدة لدى عملية تقرير المصير والاستعداد برؤية واضحة لجعل الانفصال – إذا قررته الغالبية الجنوبية – أخوياً في ظل علاقة خاصة بين دولتي السودان.
واقترح المهدي دمج إجراء الانتخابات مع الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب لخفض الكلفة المالية، وتبني الكونفيديرالية خياراً ثالثاً بين الوحدة والانفصال باعتباره أكثر مرونة، كما أنه يتيح فتح تفاوض بين القوى المنتخبة في البلاد للاتفاق على أمر لم يشمله اتفاق السلام وهو العلاقة الخاصة بين دولتي السودان في حال انفصال الجنوب. ورأى أن السلام الشامل العادل لن يتحقق من دون حسم أزمة دارفور بالحق والعدل، كما لن يكون التحول الديموقراطي ممكناً ما لم يشترك فيه الإقليم مشاركة مجدية.
وذكر المهدي انه سيطرح مقترحات لحل أزمة دارفور تستند على تجاوز الصيغة الثنائية بين الحكومة والمتمردين، وتجاوز سقوف الاتفاقات السابقة في شأن اقتسام السلطة والثروة، وتحقيق العدالة وضمان عدم الإفلات من العقوبة، وإقرار ترتيبات أمنية لضمان تنفيذ ما يتفق عليه. ودعا أطراف النزاع إلى تبني توصيات مؤتمر منظمات المجتمع المدني الذي عقد الأسبوع الماضي في الدوحة واعتبرها فرصة أخيرة لإيجاد حل لهذه المأساة وتشكيل آلية قومية لتنفيذها.
وعن الانتخابات قال المهدي إن فترة تسجيل الناخبين التي بدأت في أول تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري ومُددت أسبوعاً ينتهي في 7 كانون الأول (ديسمبر) المقبل لا يكفي، وطالب بتمديدها حتى نهاية الشهر المقبل. لكنه رأى أن هناك عيوباً تشمل أن اللجان التي تعمل في التسجيل غير محايدة، كما ان الرسميين يستغلون مناصبهم، ويتم تسجيل أفراد القوات الحكومية في مواقع عملهم في شكل مخالف للقانون لأنه يدفعهم إلى التسجيل والتصويت لمصلحة حزب المؤتمر الوطني الحاكم. وانتقد الإعلام القومي وقال إنه ما زال مسكوناً بالنهج الشمولي، لافتاً إلى أن ذلك لا يتفق مع نزاهة الانتخابات وحريتها.
وأضاف المهدي أنه سيقاطع الانتخابات في حال قناعته أنها «طبّخات لا انتخابات»، ورأى أن البديل لإجراء الانتخابات هو «استمرار أوضاع البلاد الحالية كما هي وهو مرفوض؛ أو القضاء على النظام بالانتفاضة الشعبية أو بأي وسيلة قهرية… لم يعد السودان كما كان، ففيه الآن أكثر من خمسين تكويناً مسلحاً ومسيساً… وفصائل ستتدافع لفرض أجندتها السياسية إذا حدث انتقال غير سلمي للسلطة. وهذا فيه ما فيه من تشظي الوطن وفتح نوافذه لمزيد من التدخل الأجنبي والتدويل».
إلى ذلك، قالت السلطات الأمنية في ولاية غرب دارفور المتاخمة للحدود التشادية إنها ضبطت كميات من الأسلحة والذخائر والمخدرات خلال حملات دهم إلى مناطق من بينها مخيم للنازحين. وأكد قائد الجيش في الولاية اللواء محمود سعد أن الجيش على أهبة الاستعداد لصد أي عدوان والتعامل مع أي طارئ. وقال خلال عرض عسكري جاب مدينة الجنينة عاصمة الولاية، إن الأجهزة الأمنية «جاهزة لحماية الثغور» وأن عطلة عيد الأضحى ستشهد إجراءات أمنية. وجاء العرض العسكري لطمأنة مواطني المنطقة عقب معلومات راجت عن هجوم محتمل من المتمردين.
من جهة أخرى، أدى تجدد المواجهات القبلية في إقليم جنوب السودان الذي يتمتع بحكم ذاتي إلى مقتل 47 شخصاً وإصابة عشرات آخرين. وقال ناطق باسم «الجيش الشعبي لتحرير السودان» الذي يسيطر على الإقليم إن اشتباكاً وقع بين مقاتلين من قبيلتي الدينكا والمنداري بسبب نزاع على الماشية استخدمت فيه أسلحة اوتوماتيكية.
وقالت الأمم المتحدة في وقت سابق إن النزاعات القبلية أدت إلى مقتل نحو ألفي شخص في الجنوب منذ بداية العام. وطالبت «الحركة الشعبية لتحرير السودان» التي تحكم إقليم الجنوب، الاتحاد الأفريقي بتوفير الضمانات الأمنية لإجراء عملية الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب المقرر في 2011. وعقد مجلس الأمن والسلم الأفريقي الذي يزور البلاد محادثات مع قادة الجنوب في جوبا عاصمة الإقليم. وقال رئيس حكومة الجنوب الفريق سلفاكير ميارديت إن حكومته لا تزال ترفض نتيجة التعداد السكاني الأخير على رغم إيمانها بأهمية عملية التعداد في عملية السلام.
ودعا وزير شؤون رئاسة حكومة الجنوب لوكا بيونق الاتحاد الأفريقي إلى التركيز على إجراء الاستفتاء في موعده واحترام خيار الجنوبيين. وأضاف: «الهمّ الأكبر هو توفير الأمن والاستقرار للجنوب أيّاً كان خيار شعبه سواء الوحدة أم الانفصال عن شمال السودان».
وفي تطور آخر، تصاعد نزاع بين تيارين في حزب المؤتمر الوطني الحاكم في ولاية القضارف في شرق البلاد يتنافسان على منصب حاكم الولاية خلال الانتخابات المقبلة. وأطلق وزير الشباب والرياضة في الولاية علي عبداللطيف النار من مسدسه على نجل المنافس على المنصب جابر عبدالقادر.
وقالت السلطات هناك إن عبداللطيف تجنّب أنجال عبدالقادر خلال تحرشهم به في السوق لكنهم لاحقوه إلى منزله مما دفعه إلى اطلاق النار من مسدس يحمله ما أدى إلى إصابة أحدهم في ساقه نقل على اثرها الى المستشفى لتلقي العلاج. وأوقفت السلطات وزير الشباب.
ويتنافس خمسة مرشحين على منصب حاكم الولاية وسيختار الرئيس عمر البشير واحداً من بينهم ليكون المرشح الرسمي لحزبه.
وقلل مسؤول الإعلام في حزب المؤتمر الوطني فتحي شيلا من الحادث واعتبره خلافاً شخصياً ولا صلة له بالتنافس على مرشحي حزبه لمنصب حاكم ولاية القضارف، موضحاً أن القانون والأعراف السائدة سيحلان الأزمة هناك.