(نيروبي، 21 يونيو/حزيران 2023) – قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن على “مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة” (مجلس الأمن) والهيئات الدولية الأخرى اتخاذ تدابير عاجلة لحماية المدنيين بشكل أفضل وتقديم المساعدة للمجتمعات المتضررة في منطقة دارفور في السودان. منذ أبريل/نيسان 2023، تهاجم “قوات الدعم السريع”، وهي قوة عسكرية مستقلة، والميليشيات العربية المتحالفة معها المجتمعات غير العربية في غرب دارفور.
قال محمد عثمان، باحث السودان في هيومن رايتس ووتش: “واجهت المجتمعات في دارفور التطهير العرقي واستمرت في مواجهة انتهاكات أخرى طوال عقدين من الزمن بينما وقف المجتمع الدولي مكتوف الأيدي إلى حد كبير. يتعين على مجلس الأمن أن يفرض بشكل عاجل عقوبات محددة الهدف وتدابير أخرى ضد القادة العسكريين وقادة الميليشيات المسؤولين عن الانتهاكات المروعة”.
أفادت نقابة الأطباء السودانية أن 1,100 شخص لقوا حتفهم في الجنينة عاصمة غرب دارفور وحدها منذ منتصف أبريل/نيسان، عندما هاجمت قوات الدعم السريع والميليشيات العربية المتحالفة معها الميليشيات التي شكلتها قبائل المساليت للدفاع عن نفسها في المدينة. أسفر القتال عن نزوح جماعي للمجتمعات غير العربية، وارتكبت قوات الدعم السريع والميليشيات أعمال نهب وحرق واسعة النطاق وهاجمت البنية التحتية المدنية الحيوية، بما في ذلك مخيمات النازحين داخليا والمستشفيات والأسواق. قتل المهاجمون أيضا قادة محليين ومدافعين حقوقيين، من بينهم محاميان على الأقل كانا يمثلان ضحايا الهجمات السابقة للجماعات في الجنينة.
انسحبت “القوات المسلحة السودانية”، وهي الجيش الوطني في السودان، إلى ثكناتها في الجنينة بدلا من حماية المجتمعات غير العربية، في تقصير واضح في أداء واجباتها.
من أصل نحو مليونَي نازح في السودان منذ بدء النزاع في 15 أبريل/نيسان، نزح أكثر من 280 ألفا ضمن منطقة دارفور فقط وفقا لـ “الأمم المتحدة”، وفر حوالي 150 ألف شخص إلى تشاد. في 2022، كانت منطقة غرب دارفور تُسجّل بالفعل أعلى معدلات انعدام الأمن الغذائي في السودان. تعرض المدنيون الفارين عبر الحدود إلى تشاد للهجوم بينما حوصر كثيرون، لا سيما الشبان والفتيان من المساليت، في الجنينة. سبق أن وثقت هيومن رايتس ووتش حوادث عنف أدت إلى انتهاكات جسيمة ضد المدنيين في المنطقة على مدار السنوات الثلاث الماضية، بما في ذلك في يناير/كانون الثاني وأبريل/نيسان وديسمبر/كانون الأول 2021، وفي أبريل/نيسان 2022 على يد ميليشيات عربية مدججة بالسلاح إلى جانب أعضاء قوات الدعم السريع.
في 14 يونيو/حزيران، قُتل خميس أبكر، والي غرب دارفور، بوحشية بعد وقت قصير من إخباره قناة “الحدث” بالفظائع التي تتكشف في الجنينة وألقى باللوم على قوات الدعم السريع والقوات المتحالفة معها. أظهرت فيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي خميس على قيد الحياة للمرة الأخيرة محتجزا لدى الجماعات. تأكدت هيومن رايتس ووتش من أن الموقع الذي التقطت فيه الفيديوهات كائن داخل مجمع في الجنينة. كان مكتوبا فوق باب المبنى الذي نُقل الوالي إليه، “مكتب القائد” ويُزعم إنه يشير إلى مكتب قائد قوات الدعم السريع في المدينة. نفت الجماعة مسؤوليتها عن مقتل خميس، وأصدرت بيانا نسبت فيه “اغتياله” إلى “خارجين على القانون”.
يستمر استهداف المساعدات الإنسانية والممتلكات ونهبها وتدميرها في المنطقة. قال عمال إنسانيون لـ هيومن رايتس ووتش إن عمليات الإغاثة في الجنينة توقفت بالكامل.
يتعين على مجلس الأمن أن يتابع عن كثب الوضع في دارفور وأن يدين فورا وعلنا أخطر الانتهاكات. قالت هيومن رايتس ووتش إن من الضروري أن تحدد الأمم المتحدة هوية المسؤولين علنا وأن تدعو الأطراف المتحاربة والميليشيات المتحالفة معها إلى إنهاء الهجمات على المدنيين فورا وضمان وصول المساعدات الإنسانية بأمان ودون قيد أو شرط ضمان سلامة الفارين. ينبغي لأعضاء المجلس طرح تدابير قوية، بما في ذلك فرض عقوبات محددة ضد المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة. ينبغي للحكومات المعنية، بما في ذلك “الاتحاد الأوروبي” و”الاتحاد الأفريقي”، اعتماد تدابير مماثلة وتنفيذها.
كانت أعمال العنف في غرب دارفور منذ 2019 علامات تحذير واضحة، لكن بدلا من تكثيف الإجراءات لحماية المدنيين هناك، لم يتخذ مجلس الأمن وغيره أي تدابير لمساعدة المعرضين للخطر. قالت هيومن رايتس ووتش إنه بالنظر إلى تصاعد الهجمات العرقية، وتزايد عدد الضحايا المدنيين، وعدم كفاية الحماية المدنية على ما يبدو في دارفور منذ قرار مجلس الأمن بسحب قوات حفظ السلام من المنطقة في ديسمبر/كانون الأول 2020، هناك حاجة لدراسة الخيارات من أجل زيادة حماية المدنيين.
واصلت قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها الاشتباك مع القوات المسلحة السودانية في جميع أنحاء البلاد على مدى ثلاثة أشهر. تورط الطرفان في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، بما في ذلك الهجمات العشوائية، ومنع المساعدات الإنسانية، واستخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المكتظة بالسكان في الخرطوم، حيث أدى القتال إلى نزوح جماعي.
في مايو/أيار، وفي إطار دورة استثنائية بقيادة المملكة المتحدة، لم يتمكن “مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة” من إنشاء آلية مستقلة بشأن السودان، واختار بدلا من ذلك تزويد الخبير الذي عينته “المفوضية السامية لحقوق الإنسان” بشأن السودان بموارد إضافية. يتعين على المملكة المتحدة والدول الأخرى الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان، بما في ذلك أعضاء المجموعة الأفريقية، ألا تنتظر الإجراءات الإقليمية والثنائية لمعالجة الانتهاكات المتصاعدة، لا سيما في دارفور. ينبغي أن يجتمع المجلس بشأن دارفور خلال دورته في يونيو/حزيران وأن يسمح بمشاركة مجموعات المجتمع المدني في دارفور في أعمال الدورة.
يتعين على “مجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الأفريقي”، الذي استعان حتى الآن بـ “الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية لدول شرق إفريقيا” (’إيجاد‘) ولم يتدخل بشكل ملموس، اتخاذ خطوات عاجلة لتعزيز حماية المدنيين وضمان المساعدات الإنسانية.
قال عثمان: ” المجتمعات الدارفورية التي تتعرض للهجوم تدق ناقوس الخطر دون جدوى بينما تجاهلت الأمم المتحدة والهيئات الإقليمية مناشداتهم من أجل حماية أفضل. مع وجود أدلة كثيرة على الانتهاكات الشنيعة المتزايدة، يتعين على الأمم المتحدة والهيئات الإقليمية أن تعتمد بشكل عاجل تدابير لردع المزيد من الفظائع وتمهيد الطريق لمساءلة ذات مغزى”.