الرئيسة هيلاري كلينتون والجنجويدي حميدتي ؟

ثروت قاسم
Facebook page : https://m.facebook.com/tharwat.gasim
Email: [email protected]

1- هيلاري وترامب ؟

بعد أيّام ثلاثة ، وعند فجر الاربعاء 9 نوفمبر 2016 ، قد يجد اهل السودان انفسهم أمام احتمال تغيير تكتوني في سياسة امريكا في السودان . هذا إذا فاز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتّحدة التي هي ، بمعنى ما ، رئاسة العالم . لكنّهم قد يجدوا انفسهم ، وهذا هو المتوقع ، امام نفس الفيلم الذي اصابهم الملل من مشاهدته طيلة الثمان سنوات المنصرمة ، في ما لو فازت منافسته هيلاري كلينتون.

يتفق اهل النظر على ان المدعو دونالد ترامب هو اسم الدلع وتجسيد لمكب النفايات الامريكية . فاذا فاز في انتخابات الثلاثاء 8 نوفمبر 2016 ، فان كوشة الاوساخ والزبالات الامريكية ، سوف تفيض على عالم تكفيه اوساخه ، او كما قال حازم صاغية .

نستعرض في هذه المقالة فرضية فوز هيلاري كلينتون ، وهي الارجح ، وتداعياتها ومآلاتها على بلاد السودان ، واهل بلاد السودان . على ان نرجع لدونالد ترامب في مقالة قادمة لو فاز في الانتخابات .

2- صحيفة الفايننشال تايمز اللندنية ؟ ً

في يوم الخميس 27 اكتوبر 2016 ، نشرت صحيفة الفايننشال تايمز اللندنية المحترمة تقريراً بعنوان ( خلافات أمريكية بشأن طاغية عربي) ، استعرضت فيه موقف وزيرة الخارجية وقتها هيلاري كلينتون ، والرئيس اوباما من ثورة الربيع المصري في فترة ال 18 يوم من 25 يناير الى 11 فبراير 2011 ، عندما تنحى الرئيس مبارك من الحكم .

دعنا نختزل ادناه موقف هيلاري كلينتون من ثورة الربيع المصري ، لانه سوف يعطينا فكرة عن موقفها ، وهي رئيسة للولايات المتحدة ، عند اندلاع ثورة الربيع السوداني ، كما سوف نستعرض موقف اوباما المدابر لموقف هيلري من ثورة الربيع المصري ، ونستعرض موقف الرئيس مبارك من ثورة الربيع المصري ليعطينا فكرة عن الموقف الذي ربما يتخذه الرئيس البشير عند اندلاع ثورة الربيع السوداني التي هي قادمة مثلما انتم تنطقون . ونختم باستعراض تصرفات اللواء عمر سليمان ، رئيس المخابرات المصرية ، ابان فترة ال 18 يوم المفصلية ، لان المؤوسسة الامنية – العسكرية في السودان ربما تصرفت تصرفاً مماثلاً ، عند اندلاع ثورة الربيع السوداني .

ربما كان من المفيد ، وفي وقته ، عقد هذه المقارنات بين ردة الفعل الامريكية والقيادة المصرية على ثورة الربيع المصري في عام 2011 من جانب ، ومن الجانب المقابل ردة الفعل الامريكي والقيادة السودانية على ثورة الربيع السوداني ، التي ربما تفجرت في عام 2016 . خصوصاً وقد قرر الرئيس البشير في يوم الخميس 3 نوفمبر 2016 ، محاكاة الرئيس المصري السيسي ، وبالتالي عوم الجنيه السوداني الذي لا يعرف السباحة ، وزاد في اسعار بعض الضرورات الحياتية مثل زيادة اسعار المحروقات والكهرباء وتوابعهما . تنزيل هذا القرار على ارض الواقع المعاش تعني ان الرئيس البشير قد قرر تحميل الفئات الافقر والاضعف وحدها اكلاف علاج الازمة الاقتصادية ، التي تسببت فيها في المبتدأ والمنتهى سياساته الكارثية ، بدلاً من توزيع المسؤولية عن الازمة الاقتصادية بشكل عادل .

3- موقف هيلاري ؟

في يناير 2011 ، اقترحت ، وزيرة الخارجية وقتها ، هيلاري على اوباما عدم الضغط على الرئيس مبارك للتنحي ، لان المجتمع المصري غير جاهز للديمقراطية ، وربما احتاج لعقدين من الزمان لتاسيس ديمقراطية مستقرة . ثم ان الضغط على الرئيس مبارك للتنحي ، ربما استفز دول الخليج ، حلفاء امريكا والرئيس مبارك في آن . قارنت هيلاري بالموقف في ايران ، الذي استولدت ثورة الربيع الشيعي فيه في عام 1979 ، ضد حليف امريكا الشاه ، نظاماً اسلاموياً معاديا لامريكا . وربما يحدث نفس الشي في مصر ، فتجد امريكا في مكان الرئيس مبارك ، حليفها وحليف اسرائيل ، نظاماً معادياً لاسرائيل ولامريكا .

والجن المستبد والحليف الذي تعرفه ، خير من الجن الذي لا تعرفه ، او كما قالت وقتها هيلاري .

موقف هيلاري في مصر يتطابق مع موقفها في سوريا . اقترحت هيلاري ، وهي وزيرة خار جية ، على الرئيس اوباما دعم المعارضة السورية المعتدلة لتقف في وجه نظام بشار المدعوم من اعداء امريكا … روسيا وايران . وبررت هيلاري الدعم الامريكي للمعارضة السورية ( بتمويل خليجي ) ، لانه سوف يضمن مواصلة واستمرار تدمير سوريا ، كما تم تدمير العراق … لمصلحة اسرائيل .

مصلحة اسرائيل هي البوصلة الهادية لسياسات هيلاري في الشرق الاوسط ، بما في ذلك في السودان ، الذي صار حليفاً لاسرائيل .

كان هذا موقف هيلاري المبدائي في فبراير 2011 ( دعم الطاغية مبارك ضد الشعب المصري لمصلحة اسرائيل وامريكا ) ، ولا نعتقد انه قد تغير في نوفمبر 2016 ، بل زاد رسوخاً وتجذيراً ، كما هو واضح من تصريحاتها وبياناتها خلال حملتها الانتخابية .

اذا الرئيسة هيلاري سوف تدعم الطاغية البشير ضد الشعب السوداني لمصلحة اسرائيل والاتحاد الاوروبي وامريكا … خصوصاً وقد صارت اسرائيل محامي نظام البشير لدى ادارة اوباما وحكومات الاتحاد الاوروبي . وصار الاتحاد الاوروبي يرشي نظام البشير والجنجويدي حميدتي باكثر من 155 مليون ايرو من المساعدات الامنية والعسكرية لبناء معسكرات اعتقال لمكافحة الهجرة الافريقية غير القانونية عبر السودان لدول التحاد الاوروبي . ولكن يستعمل نظام الانقاذ والجنجويدي حميدتي معظم هذه المساعدات الاوروبية لتقوية قدرات مليشيات حميدتي لقمع الشعب السوداني ، وؤاد الانتفاضة الشعبية السودانية في المهد ؟
الم تر ، يا هذا ، الجنجويدي حميدتي وهو يتبرع بالمليارات لحوارييه ومتتوريكيه ؟

قطعاً سوف تتحالف ادارة الرئيسة هيلاري مع الجنجويدي حميدتي لدعم نظام الطاغية البشير ضد الشعب السوداني ، كما اقترحت الوزيرة هيلاري لاوباما في فبراير 2011 دعم الطاغية مبارك ضد الشعب المصري .

في مايو 2009 ، وهي وزيرة الخارجية ، وضعت هيلاري استراتجية ادارة اوباما في السودان . في اكتوبر 2009 ، اعترفت هيلاري بوجود ملحق سري للاستراتيجية ، ولكنها لم تفصح عنه وقتها ، حتى تم الكشف عنه يوم الخميس 7 يوليو 2016 ، سبعة سنوات بعد الحدث .

عنوان الملحق السري ( حوافز ومهددات او جزر وعصي ) ، ويحتوي الملحق السري على عدة تعهدات وضمانات من ادارة اوباما لنظام البشير ، أهمها إن إدارة اوباما :

+ سوف تدعم نظام الانقاذ ،

+ ولن تسمح بتغييره من خلال انقلاب عسكري داخلي او خارجي ،

+ ولا من خلال انتفاضة شعبية سلمية ،

+ وسوف تسمح فقط بتغيير النظام ، إن كان تغيير ، من خلال اصلاحات دستورية بآلية الانتخابات التي يشرف عليها ( يخجها ) النظام .

كل المؤشرات تؤكد ان هذه الاستراتيجية ، المختزلة اعلاه ، سوف تكون سياسة الرئيسة هيلاري في السودان .

4- موقف اوباما ؟

اتخذ اوباما موقفاً مبدأئياً من الربيع المصري ، فضغط على الرئيس مبارك ليتنحى عن السلطة لمصلحة تحول ديمقراطي سلمي وسلس ، تحت اشراف الجيش المصري . هدد اوباما الرئيس مبارك بانه لن يسمح بمجازر وسلخانات في ميدان التحرير . كان اوباما ينظر لموقفه في كتب التاريخ ، التي سوف تشهد له انه وقف مع الشعب المصري ضد الطاغية مبارك .

وبخ اوباما الوزيرة هيلاري لان احد مساعديها قد صرح وقتها بان ادارة اوباما تدعم الطاغية مبارك ، واعترفت هيلاري وقتها بان اوباما لم يبق له الا ان ( يجضمها ) من الغضب .

للاسف ، سوف يرحل اوباما ، ويحمل معه مبادئه السامية ، وسوف نبقى مع الرئيسة هيلاري وبراجماتياتها التي تنظر فلا ترى غير مصالح اسرائيل وامريكا .

5- موقف الرئيس مبارك ؟

استنكر الرئيس مبارك على اوباما طلبه منه التنحي ، وذكره بانه لا يفهم ، مثله ، طبيعة الشعب المصري ، الذي يستكين للقمع ، وطمأنه بانها ايام معدودة وسوف تنتهي جوطة ميدان التحرير، ويعود المتظاهرون الى منازلهم ، كما حدث عدة مرات في الماضي . ركز الرئيس مبارك على ان ( ديمومة ) المظاهرات لن تتجاوز ايام معدودة ، ثم تتلاشى . في عرف الرئيس مبارك ومثله معه من الطغاة ، كلمة السر هي ( الديمومة ) .

الدرس المستفاد هو ان نتدبر موقف الرئيس مبارك لانه سوف يكون الموقف الذي سوف يتخذه الرئيس البشير عند اندلاع اي انتفاضة شعبية تخطط لها قوى التغيير في ربيع سوداني قادم لا محالة ، وبرق امطاره قد بدأ يلمع في سموات السودان .

الم تسمع ، يا هذا ، بأن الرئيس البشير قد اعتقل يوم الجمعة 4 نوفمبر 2016 الاستاذ خالد عمر يوسف ، نائب رئيس حزب المؤتمر السوداني ، عقب مخاطبته لتظاهرة جماهيرية ، فى إطار التعبئة الجماهيرية لمقاومة النظام القمعى الفاسد ، وفي مدابرة للوثيقة الوطنية لحوار قاعة الصداقة .

إذن الدرس المستفاد ، وتاسيساً على تجربة الرئيس مبارك ذات الصلة ، على تحالف قوى التغيير ان يركز على ( ديمومة ) المظاهرات والوقفات الاحتجاجية ، لان هذه ( الديمومة ) هي التي سوف تضمن نجاح الانتفاضة الشعبية .

6- موقف اللواء عمر سليمان ؟

في اول فبراير 2011 ، وحسب صحيفة الفاينانشيال تايمز ، اتصل اللواء عمر سليمان ، رئيس المخابرات المصرية بمجلس الامن الوطني في البيت الابيض ، وقال لهم ما يقوله دوماً السيد محمد عثمان الميرغني لجنرالات المخابرات المصرية :

انتو عاوزين شنو ؟ ونحن نعمله ليكم . لنضمن دعمكم ومؤازرتكم لنا .

وكان رد البيت الابيض ان وقت الرحيل قد أزف ، ويجب على الرئيس مبارك التنحي ، استجابة لرغبة الشعب المصري في ميدان التحرير .

نقل اللواء عمر سليمان ( الأمر ) الامريكي للرئيس مبارك ، الذي اضطر لتقديم استقالته ، والرحيل من القصر الاتحادي في القاهرة لمنزله الخاص في شرم الشيخ .

المؤوسسة الامنية – العسكرية في السودان سوف تتبع نفس نهج اللواء عمر سليمان ، ونهج السيد محمد عثمان الميرغني ، وتطلب المشورة ( التعليمات ) من ادارة هيلاري ، عند اندلاع انتفاضة شعبية في السودان .
ولكن ولعن الله هذه ال ( لكن ) … ولكن موقف الرئيسة هيلاري جد مختلف من موقف اوباما المبدائي ، فهي تدعم الطواغيت ضد الشعوب ، لمصلحة اسرائيل وامريكا . لا تقيم هيلاري وزناً للقيم الامريكية ، وتركز ، وحصرياً ، على المصالح الاسرائيلية والامريكية .

وفي يوم قال سعد زغلول باشا لزوجته صفية وهو على فراش الموت :

ما فيش فائدة ، يا صفية !

ولكن ألا تسمع السيد الامام يعارض سعد زغلول باشا ويؤكد للشعب السوداني :

الف فائدة وفائدة لانتفاضة شعبية سلمية غير مرتبطة بالاجنبي تكنس نظام البشير الجبتي إلى مزابل التاريخ ، وتكون نظام جديد ، بهياكل جديدة ، وسياسات جديدة ، ووجوه جديدة ، وصولاً للسلام الشامل العادل ، والتحول الديمقراطي الكامل .

أصبر نفسك ، يا حبيب ، مع السيد الامام ، ولا تعدو عيناك عنه تريد عدم المجازفة في سبيل الوطن ، ولا تتبع من كان امره فرطاً ، وتفريطا في الحق الوطني المقدس … تكن من الفالحين .

انتظروا قدوم السيد الامام يوم الاثنين 19 ديسمبر 2016 ، او يوم الاحد اول يناير 2017 ، او يوم الخميس 26 يناير 2017 ، وانشدوا معنا :

طلع البدر علينا ، ومرحباً بامامنا ورائدنا الصادق الصديق .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *