إسماعيل ابوه
[email protected]
مستقبل الامم و تطورها لها علاقة وطيدة بالمناهج الدراسية التي تشكل المركز الأساسي الذي تتمحور حوله كل عناصر ومكونات العمليات التعليمية والتربوية بأكملها .وهي مجموعة الخبرات التعليمية والتربوية المخططة بدقة و الوجهة بطريقة جيدة، والتي تقدم للمتعلمين من أجل مساعدتهم على النمو الشامل والمتكامل؛ لذا تعد المناهج الدراسية صناعة شاملة، تضم تكوين المناهج وهندستها وتطويرها، بما يوافق ظروف المجتمع.
ولذا يجب صناعة المناهج الدراسية في إطار وطني، ووفقا لرؤى تأتي بالهوية في مقدمة البرنامج التعليمية ، بحيث تحفظ للدولة ثوابتها، وتسعى إلى تحقيق آمالها وتطلعاتها المستقبلية.
في المقالتين السابقتين تطرقت الي علاقة القيم الإنسانية والاجتماعية بالتربية وكيفية ارساءها في المجتمع و في هذا المقال نقدم نماذج للدول التي نهضت عبر تطوير مناهجها الدراسية وأصبحت الآن تتقدم دول العالم من حيث التطور والتقدم في كل مناحي الحياة و من ثم توصيات الدرسات التي أجريت واثبتت نجاحها و التي يجب ان يعمل بها، نجي للدول التي تطورت عبر المناهج التعليمية نماذج علي سبيل المثال.
* تجارب الدول التي تطورت عبر وضع مناهج دراسية قويمة:
– الولايات المتحدة الأمريكية(USA)
أمريكا
في بداية القرن العشرين ظهر التقرير الشهير (أمَّة في خطر)، والذي حلل واقع التعليم في الولايات المتحدة الأمريكية، وخلص إلى مجموعة من الاستنتاجات والتوصيات، و جاءت كالآتي :
– ضرورة إعادة تقييم مناهج التعليم في جميع المراحل الدراسية.
– دراسة العلاقة بين متطلَّبات القبول في الجامعات والتحصيل العلمي للطلاَّب في تحديد المشكلات التعليمية، وضرورة الإسراع بوضع الحلول المناسبة لها.
– تحديد البرامج التي تعين الطالب على التفوق الدراسي.
وبعد ظهور هذا التقرير والتيقن من خطورة ما ورد فيه، تم وضِع رؤية استراتيجية متكاملة للنهوض بالتعليم باعتباره الطريقة الوحيدة التي تقود الأمة الأمريكية الي بر الأمان ، ومثلت إعادة بناء المناهج هو الركيزة الأساسية في هذه الرؤية، وإلى جانب الاستفادة من الأبحاث والدراسات التي وضعها كبار العلماء المعنيين بتطوير المناهج في الجامعات، تم تشكيل لجان وجمعيات على مستوى جميع الولايات للمشاركة في هذا الشأن، وتم الاتفاق على وضع معايير بناء المناهج في جميع الولايات الأمريكية، بحيث تأخذ بالطريقة الاستقرائية التي تبدأ من الجزء إلى الكل، ويتضمن هذه البرنامج (الوحدات الدراسية بحسب مستوى الصف الدراسي والمادة العلمية من خلال تحديد الاحتياجات وصياغة الأهداف واختيار وتنظيم المحتوى، واختيار وتنظيم الخبرات التعليمية، وتحديد ما يمكن تعديله، واختيار الوسائل الأفضل لكيفية التقويم، مع ضرورة المتابعة اللصيقة من للتأكد من انها متزنة و مستمرة).
وفي المرحلة الابتدائية او الأساسية (الصفوف الثمانية الأولى المؤدِّية إلى المرحلة الثانوية)، صمم المنهج على طريقة يوفِّر قاعدة متينة للدراسة المتقدمة، في مجالات اللغة الإنجليزية والكتابة والرياضيات ومهارات حل المشكلات والدراسات الاجتماعية واللغات الأجنبية والفنون.
وقد دعِّم المنهج بمزيد من الأنشطة التي تبث الحماس للتعليم وتنمية المواهب وإبراز الإمكانات الفردية والجماعية، بحيث يلبِّي تطلّعات وطموحات الطلاَّب الشخصية والتربوية المتعلِّقة بسوق العمل. وخلال السنوات القليلة الماضية، حقق تطوير المناهج الدراسية في عموم الولايات الأمريكية كثيرًا من الأهداف، وإن كان الكثيرون يرون، ضرورة تطويرها اكثر حتي تتماشى مع تطلعات الامة وتكون فعالية لصناعة مستقبل للأمة الأمريكية.
كندا
يتسم نظام كندا التعليمي باللامركزية، لذا فإن ثمة قاسمـًا مشتركًا، تقوم عليه صناعة المناهج الدراسية في المقاطعات الكندية كافة، يتمثل في صيانة وِحدة التراب الكندي قاطبة، إلى جانب غرس قيم التسامح والتربية من أجل السلام وحقوق المواطنة والتوسّع في مفهوم التربية من أجل التنمية المستدامة..وبداية من عام 1993م، حدثت نقلة نوعَّية بتطوير المناهج الدراسية في ظل التوسَّع باستخدام الإنترنت كوسيلة فعَّالة في منظومة التعليم، وقد طبِّق في هذا الشأن ما يعرف بمشروع School Net، الذي رصدت له الحكومة الكندية 30 مليون دولار، وطال جميع المناهج في المراحل التعليمية المختلفة، وقد حظي هذا المشروع بمشاركة العديد من الجهات ذات الصِلة بالتربية والتعليم، وفي إطاره نـفِّذت عِدَّة برامج لتدريب المعلِّمين، على طرق التدريس للمناهج الجديدة، باستخدام الأنشطة الصفِّية المبنيَّة على الولوج الآمن في الفضاء المعلوماتي للإنترنت.
البرازيل
قامت البرازيل خلال العقدين الماضيين بثورة تعليمية حقيقية بدأت من إعادة صناعة المناهج الدراسية، مستفيدة من التجارب الناجحة التي طبِّقت في عِدَّة دول متقدِّمة، وركزت على الآتي:
ربط المفاهيم و القضايا العالمية الحديثة بالمناهج الدراسية لمجابهة التحديات المستقبلية.
-اتباع طرق التقويم الشامل المستمر و دمج التكنولوجيا التعليمية في العمل التربوي و ربط المناهج بالبيئات المحلِّية.
– التخفيف من كم المقررات الدراسية النظرية دون الإخلال بالمستوى العلمي العالمي، والتوسّع في الأنشطة والممارسات العملية.
– إضافة جوانب تتيح للطالب الإبتكار والعمل بسياسة التحفيز للتشجيع.
– الاعتماد على المهارات المتجددة في التفكير والبحث والاطلاع ومهارات الحياة لإنتاج إنسان قادر على التعامل مع متطلبات و متغيرات العصر.
وبالتعاون مع اليونسكو، طبَّقت البرازيل مشروع (تعليم الاحترام للجميع) والذي يستهدف بالأساس إدخال المزيد من التطوير على المناهج، بحيث تـعزز قيم التسامح والاندماج داخل المدارس، لمــكافحة التمييز العنصري والعِرقي)، وينفَّذ المشروع على مرحلتين:
المرحلة الأولى،القيام بمراجعة كل المناهج والتشريعات والسياسات التعليمية، وتحديد أفضل الممارسات في هذا المجال.
المرحلة الثانية، يبدأ التطوير الفعلي للمواد التعليمية والمناهج وتوفير أدوات عملية حول كيفية دمج مكافحة التمييز، وتعزيز التسامح في التعليم والكتب المدرسية.وبشراكة بين وزارة التربية والتعليم ووزارة التخطيط وجامعة بارا في البرازيل، تم وضع منهج دراسي متعدد التخصصات، يتضمن قضايا التنمية البيئية والاجتماعية والاقتصادية في منطقة الأمازون.
أروبا
شهدت نـظم التعليم في كل الدول الأوروبية حركة إصلاح واسعة خلال القرن الماضي ، وتم صناعة المناهج الدراسية وفقا لأسس ومعايير حديثة أمثلة:
ألمانيا،
يوجد نظام هرمي في بناء المناهج الدراسية تبدأ من القمة (الحكومة الاتحادية) وهي المسؤولة من وضع الثوابت الرئيسة لهوية الأمة ووحدتها والرؤي المستقبلية لنهضتها، ثم يأتي دور المقاطعات، حيث إن لكل مقاطعة صلاحيات تطوير المناهج الخاصة بمدارسها، في إطار الرؤية الاستراتيجية للسياسة التعليمية البلاد.
فرنسا
قامت فرنسا بإعادة بناء مناهجها الدراسية مستهدفة التفاعل مع معطيات العصر، وتحقيق مزيد من الانسجام بين مدخلات ومخرجات التعليم من جهة وسوق العمل والتفوّق في الفنون والعلوم والآداب من جهة أخرى.
وفي إطار الاتحادالأوروبي، تم وضع المناهج الدراسية مصحوبة بجوانب تعكس هوية الإتحاد الأوروبي في المناهج الوطنية لكل دول الاتحاد، بحيث تحقق أهداف الشراكة التي وردت في إعلان بولونيا لعام 1999م، ومنها تطوير تعليم اللغات في كافة المراحل الدراسية لصالح الهوية الأوروبية، وكذا تعزيز تراكم المعرفة الأوروبية، وتحسين الاستجابة للتحديات الكبرى التي تواجه العالم المعاصر.
أستراليا
في تقرير صدر مؤخرًا بعنوان (منهج التعاون نحو إعادة التفكير في الوطنية) ورد أنه منذ تشكيل نظام التعليم في أستراليا عام 1870م، فقد خضعت صناعة المناهج الدراسية للمسؤولية الدستورية للدولة، إلاَّ أنه بعد التحوّل من مركزية التعليم إلى اللامركزية صار لكل ولاية كثير من الصلاحيات في صناعة وتطوير المناهج المعتمدة في مدارسها، مع الاحتفاظ بالثوابت العامة للدولة، وفي مقدمتها الحفاظ على سلامة الوِحدة الوطنية ومنذ بداية الألفية الجديدة، أدخِلت تعديلات في مناهج التعليم الإلزامي، بحيث تحقق:
– مواكبة التغيّرات الاقتصادية والسياسية والثقافية والبيئية، وما طرأ من نمو في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
– تسهيل التعليم مدى الحياة.
– تنمية مهارات التفكير الناقد لدى الطلاب، والقدرة على حل المشكلات.
وبداية من مارس 2010م، أعِيدت صياغة المناهج الدراسية، في إطار مشروع متكامل، أطلق عليه اسم (التفاعلية في مناهج التعليم) نـفِّذت منه المرحلة الأولى، التي تـغطِّي مناهج التعليم الأساسي في اللغة الإنجليزية والرياضيات والعلوم والتاريخ.
ماليزيا
في ماليزيا تم إنشاء مركز متخصص في تطوير المناهج بوزارة التربية بماليزيا مسؤولية صناعة وتطوير المناهج لجميع المدارس الماليزية، ويعتمد المركز في ذلك على الأهداف والفلسفة التربوية الوطنية التي تسعى إلى تنمية الفرد تنمية متوازنة ومتكاملة في كافة المجالات المعرفية والتأثيرية النفسية، وغرس القيم الأخلاقية لدى الطلاب، وغرس قيم المواطنة و الوطنية، وإنتاج قوى عاملة مدرَّبة وماهرة للبلاد.
وفي التعليم الابتدائي، صمِمت المناهج لإكساب الأطفال المهارات الأساسية في القراءة والكتابة والحساب، وتنميتهم جسديـًا وعقليـًا ونفسيـًا من خلال أسلوب التعليم المتمركز حول الطفل، ويشمل ذلك استراتيجيات التعليم والتعلّم التي تـعوِّل على طرائق متنوِّعة، مثل ؛التجميع المرن للتلاميذ، الملائم لتدريس مهارات معينة، والتوجَّه نحو العلوم والتكنولوجيا من خلال مادتي (الإنسان والبيئة) والمهارات المحركة.
وتوزع دراسة المناهج في الحلقة الأولى من التعليم الابتدائي (الصفوف الأول والثاني والثالث) بواقع 45 حصة أسبوعيًا مدة كل حصة 30 دقيقة، بينما في الحلقة الثانية (الصفوف الرابع والخامس والسادس) بواقع 48 حصة أسبوعيًا، وفي صفوف التعليم الثانوي بمرحلتيه الدنيا والعليا، تـقدَّم المناهج باستخدام الطريقة المتكاملة التي تقوم بدمج المعارف والمهارات والقيم والنظرية التطبيقية والمنهج والأنشطة المصاحبة للمنهج، من أجل تعزيز وتنمية قدرات التفكير، وتمكين الطلاَّب من إجراء عمليات التحليل والتركيب والتفسير والمهارات في استنتاج النتائج وطرح الأفكار البنَّاءة والمفيدة والاستخدام السليم للغة المالاوية.
كوريا الجنوبية
في كوريا الجنوبية يخصص اكبر ميزانية من الدولة للبحث العلمي وتطوير المناهج و بل هناك العديد من المراكز و المؤسسات عملها وضع المناهج وتقويم العملية التعليمية يشرف عليها الدولة منها علي سبيل المثال لا الحصر
– المعهد الكوري للمناهج والتقويم (KISE)، الذي تأسس في الأول من يناير عام 1998م، وهو جهة حكومية، مستقلَّة إداريًا، عن وزارة التربية والموارد البشرية، ومرتبط مباشرة برئيس الوزراء، ويتألف من قسم أبحاث المناهج والكتب المدرسية، وقسم أبحاث التعليم والتعلم وقسم أبحاث التقويم التربوي، ويعمل بالمعهد أكثر من 100 باحث وخبير، في مجال المناهج وطرق التدريس والتقويم.
· هيئة خدمات المعلوماتية والأبحاث والتربية الكورية (KERIS)، وهي تابعة لوزارة التربية والموارد البشرية، بدأت مباشرة نشاطها، في 21 إبريل عام 1999م، وتضم الأقسام الآتية:
– مركز المعلومات التربوية.
– مركز المعلومات الوطنية ومعلومات البحث.
– مركز نظام المعلومات التربوية (NEIS).
– مركز الأبحاث والتعاون الدولي.
– قسم دعم النظام الإلكتروني.
– قسم إدارة الأعمال.
– مكتب التخطيط التربوي.
– مكتب اختبارات القبول بالجامعات.
يعتـمد النظام التعليمي الكوري المركزية في عمله، ومن ثم فإن صناعة المناهج تخضع لإشراف الدولة، وتكون موحَّدة لجميع المدارس سواء الحكومية أو الخاصة في عموم مناطق الدولة.. ومنذ عام 1955م، تغيَّرت المناهج سبع مرَّات، استهدف آخرها بالنسبة للمرحلة الابتدائية:
– تزويد الطلاَّب بالخبرات المختلفة التي تـساعدهم على النمو المتوازن للعقل والجسم.
– مساعدة الطلاَّب في تطوير قابليتهم الأساسية للتعرّف على المشكلات، التي تواجههم في الحياة اليومية وحلَّها، وتزويدهم بالخبرات التربوية التي تمكِّنهم من التعبير عن أنفسهم ومشاعرهم وأفكارهم بطرق مختلفة.
– تزويد الطلاَّب بالخبرات التعليمية، التي تـمكِّنهم من فهم عالم العمل.
– تطوير اتجاهات الطلاب لفهم وتقدير ثقافتهم وتراثهم.
– تطوير العادات الأساسية الفردية للحياة اليومية، وغرس حب الجيران والوطن.
– الارتقاء بالنمو المتوازن للعقل والجسم، وتقديم الفرص التي تـمكَّن الطلاب من اكتشاف مكامن طاقاتهم بأنفسهم.
– مساعدة الطلاب على تنمية مهارات حل المشكلات، الضرورية للتعليم والحياة اليومية، وتقديم الخبرات التي تمكِّنهم من التعبير عن أفكارهم ومشاعرهم بطريقة خلاَّقة.
– تمكين الطلاب من الحصول على المعارف والمهارات، في مختلف المجالات، لكي يستطيعوا اكتشاف عالم العمل الذي سينتمون إليه في المستقبل.
– غرس الاتجاهات، التي تمكِّن الطلاب من الافتخار بثقافتهم وتراثهم.
– تنمية فهم المبادئ والقيم الأساسية للديمقراطية الحرَّة، وطريقة الحياة الديمقراطية.
وبالنسبة للمرحلة الثانوية:
– مساعدة الطلاب على تطوير شخصياتهم المتَّزنة والمستقلة.
– مساعدة الطلاب على تنمية قابليتهم واتجاهاتهم للتفكير المنطقي والنقدي والإبداعي، بما يتواءم مع متطلبات حياتهم اليومية، وحياتهم التعليمية المستقبلية.
– تشجيع الطلاب على العمل، باتجاه الحفاظ على التراث، وتطوير الثقافة الكورية بطريقة مناسبة لثقافة العولمة.
– مساعدة الطلاب لكي يكونوا مساهمين فاعلين، في بناء وتطوير المجتمع.
* الاقتراحات و التوصيات :
من المعلوم و المعروف و الواضح للعلن الآن اصبح مدارسنا السودانية بل احياءنا السكنية و مؤسسات الدولة وحتي الأسواق فضاء للتطاحنات الطبقية وفضاء للتفاوت الاجتماعي والثقافي واللغوي والاقتصادي. و هذا بدوره أن أدى الواقع المنهار بالمدرسة التربوية و إلى الفشل والإفلاس اللازمين في الحياة العامة ، وصارت المدرسة عند الكثير من الملاحظين مؤسسة الخيبة والمأساة والصراع الجدلي والتناقضات الصارخة. وهذا يقودنا الي ان نستنتج بان هناك فشل في مسيرة الدولة السودانية من منطق الحياد والتحليل العلمي المنطقي ومصداقية التنشئة السليمة للأجيال حتي نستطيع ان نقول ان البلد سيبقى سليم معافي دون ان يتفتت و يتقسم أكثر الي دويلات.
و لابد أن تساهم المدرسة في خلق علاقات إيجابية مثمرة بين التلاميذ فيما بينهم، وبين المتعلمين وأطر التربية والإدارة، تكون مبنية على التعاون والأخوة والتسامح والتواصل والتآلف والمشاركة الوجدانية والتكامل الإدراكي، ونبذ كل علاقة قائمة على الصراع الجدلي والعدوان والكراهية والإقصاء والتهميش والتنافر والكراهية والتغريب والجمود والتطرف والإرهاب.
وعلى الرغم من كون المدرسة فضاء للتعدد الثقافي واللغوي والتفاوت الاجتماعي والطبقي، إلا أنها تعتبر عامل توحيد و دمج الطبقات الاجتماعية وصهر أفكارها وبلورتها بقدر الإمكان عبر خطابها التربوي.
ومن أهم الاقتراحات التي تساعدنا لتحقيق مجتمع تربوي ديمقراطي و مجتمع صالح يساهم في تطور و تقدم البلد يجب التركيز على تنفيذ التوصيات التالية:
• تشجيع المبادرات الفردية التي فيها مصلحة للجماعة والوطن والأمة، و ما اجمل المبادرات الان من الشباب ( شباب شارع الحوادث و نفير و وو الخ) كل هذا تؤكد مقدرة الشعب علي التغيير بالاعتماد علي انفسم دون الآخرين ولكن نجد حدوث معاكسات من الحكومة وانتقادات من بعض الإعلاميون المرتزقة.
معاكسة النشاط الفردي الحر يضعف فرص الاكتشاف و الإبتكار و بدوره يؤدي إلى تخلف الامة .
وهنا ناتي الي نظرية و أفكار داروين (الفرد×المجتمع) الترابط بين الفرد وبين المجتمع. وقيمة الأول (الفرد) مفيدة مباشرة لحياة الثاني (المجتمع) وعافيته.
• ضرورة الانطلاق من تربية عقلانية فلا يكفي؛ أن نجعل هدفنا تحقيق الديمقراطية الحقيقية في التعليم. في غياب تربية عقلانية توظف طاقاتنا نحو ارساء قيم التسامح والإنسانية و المساواة.
• تفعيل ثقافة حقوق الإنسان و المواطنة الصالحة عن طريق تدريس المواثيق ومعاهدات حقوق الإنسان الدولية والمحلية لتلاميذنا في المدارس التربوية؛
• نشر ثقافة التعايش والتسامح ونبذ التطرف والإرهاب والإقصاء، ويعني هذا أنه لابد من تعويد ناشئتنا على تقبل الآخر وتجنب العدوان والكراهية والصراع الجدلي وإقامة علاقات تواصلية مع الآخر قوامها المحبة والتعاون والتعايش والصداقة والتكامل الإدراكي؛
• دمقرطة السياسة والمجتمع على حد سواء، وذلك باختيار شرعية الاختلاف ومنطق التعددية الحزبية والالتجاء إلى صناديق الاقتراع لاختيار من يمثل الأغلبية بطريقة نزيهة وشفافة وعادلة؛
• تطبيق البيداغوجيا الإبداعية، وذلك من خلال اتباع ثلاث مراحل أساسية في مجال التربية والتعليم، وهي: المحاكاة والتجريب والإبداع من أجل بناء مجتمع ديمقراطي مبدع ومنتج ومثمر.
• توفير الحريات الخاصة والعامة لكل المواطنين؛ فلا ديمقراطية بدون حرية ولا حرية بدون ديمقراطية، ولا تربية بدون حرية وديمقراطية، ولا حرية ولا ديمقراطية بدون تربية سوية متكاملة.
• تشجيع البحث العلمي والكفاءات القادرة على التطوير والاختراع؛ لأن أساس التقدم واحتلال المكانة المتميزة بين مصاف الدول المزدهرة لايكون أبدا سوى بالعلم والمعرفة وإنتاج المعلومات، فرأس المال الحقيقي لكل الدول في يومنا هذا ليس هو المنتوج البترولي ولا كثرة الأموال ولا كثرة البشر، بل هو إنتاج المعارف والعلوم والفنون والتحكم في التكنولوجيا المتطورة.
وأخيرا اقول لكل السودانيين علينا ان نغير حتي نستطيع تغيير واقعنا
و رسالة
لكل المهمومين بقضايا الوطن والي المفاوضين حاليا في منابر التفاوض ادرجو البرامج والمناهج الدراسية و التعليمية ضمن قائمة الأولويات حتي نتمكن من صنع مستقبل مشرق لأجيالنا القادمة.
اما إذا لم نغير عقليتنا (المثقف و السياسي) السوداني الذي يريد ان ينعم بثمرة التغيير و النضال هو شخصيا قبل إبنه داك نقول للشعب السوداني ثورو ضدنا حكومة و معارضة واصنعو مستقبلكم بأنفسكم.
المراجع و البحوث:
1-غي افانزيني: الجمود والتجديد في التربية المدرسية، ترجمة: عبد الله عبد الدائم، بيروت، لبنان، دار العلم للملايين، الطبعة الأولى سنة 1981م؛
2- الدكتور محمد مصطفى القباج: (التربية على المواطنة والحوار وقبول الآخر في التعليم الثانوي: تحليلات واتجاهات)، مجلة علوم التربية، المغرب، العدد:32، أكتوبر 2006م.
3- مارسيل بوستيك: العلاقة التربوية، ترجمة: محمد بشير النحاس،المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تونس، 1986،
4-الخوالدة،محمد محمود: أسس بناء المناهج التربوية وتصميم الكتاب التعليمي.عمان، دار المسيرة،2004م.
5-جامل . عبد الرحمن عبد السلام: أساسيات المناهج التعليمية وأساليب تطويرها .عمان ،دار المناهج. 2000م .