الاقتتال والجوع والمرض سمات غالبة
السودان وجنوبه.. مأساة الموت والنزوح
المصدر: تقرير – أنس مأمون
بشّر المبشرّون وهلّل الفرحون لانفصال شطري السودان كلٌ دولة ذات سيادة يرتاح مواطنوها من أزيز الرصاص ودوي المدافع في حرب العقود الطوال.
بدّد السياسيون التاريخ وقطّعوا أوصال الجغرافيا بما قسمّ وطن إلى نصفين وشعب إلى فئتين لا تظللهما رايات الإخاء والتعاون كما انتظر الكثيرون بل اندلعت الحروب الداخلية في البلدين بما فتّق جيوب المأساة الإنسانية، فصراع السلطة والمغانم بين رئيس الدولة الوليدة سلفاكير ميارديت ورفيق الماضي القريب رياك مشار على أشده، بينما الشمال غارقٌ في التوتّر حتى أذنيه فلا عاد السلام إلى المناطق المشتعلة في كردفان والنيل الأزرق وجبال النوبة، ولا أعاد اتفاق الدوحة مهيض الجناح الهدوء إلى إقليم دارفور المثخن بجراح التوتّر وعذابات النزوح.
رؤوس أزمة
الموت.. اللجوء .. الجوع .. المرض .. هي أبرز عناوين الواقع في دولة جنوب السودان، وعد مناضلو الماضي مواطنيهم بالتنمية والعيش الرغيد حال الانفصال عن وصاية الشمال فسقوهم كأس الموت الزؤام في جوبا وملكال وبور وغيرها كثير مدن ومناطق، بما اضطر من استطاع الهرب بعمره إما إلى «وطن الأمس» أو إلى غيره من دول الجوار.
تنصّل دولي
تنصّل المجتمع الدولي أولاً عمّا وعد الدولة الوليدة أوان انفصالها بالخير الوفير منح واستثمارات ومساعدات من حكوماته ومنظماته، وعود لم تتجاوز حدود الشفاه «قيد أنملة»، بل أكمل سيناريو التنصّل بالوقوف متفرّجاً على مجازر بشعة وكأن حفظ الأمن والسلم الدوليين ليسا صميم اختصاصه ومبرّر وجود منظماته المتعدّدة، فلم يزد في غير تصريحات ومناشدات خجولة تدعو أطراف النزاع إلى ضبط النفس واحترام حقوق الإنسان.
اختراق أزمة
لا سبيل إلى حل الأزمة في جنوب السودان كما يرى خبراء ومراقبون إلّا بتغليب العقل وتفعيل لغة التنازلات من أجل مصلحة وطن يتلمس أولى خطواته في الطريق الطويل، بينما يثمّن كثيرون الخطوة التي أقدم عليها رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت بالعفو عن أبرز قادة التمرّد عليه وعلى رأسهم مناضل الأمس والقيادي الأبرز بالحركة الشعبية باقان أموم، خطوة يعوّل عليها سياسيون أن تكون قاعدة يمكن التأسيس عليها لاختراق الأزمة المستحكمة بما يقود إلى التهدئة المرتجاة.
حكاية شمال
والقصة في الشمال المجاور لا تختلف عن نظيرتها في الجنوب كثيراً، هي نفس الملامح وذات المعطيات عنوانها الأبرز الحرب الضروس في كردفان والنيل الأزرق بما أعيا حتى الآن على الأقل طاولة التفاوض في أديس أبابا في التوصّل إلى حلول تقود إلى اتفاق بين حكومة البشير والحركة الشعبية قطاع الشمال.
أمّا دارفور فتقف حيث هي، مأساة شاهدة على العصر في صور متعدّدة أولها هوان حياة الإنسان في عرف سياسييه، وليس آخرها قطعاً معسكرات مكدّسة بالنازحين الذين لا حلم لهم سوى تأمين من خوف ولقمة تقيـم الأود.
«أرض الحرب» تنشد السلام المرتهن في جيوب سياسييها لم يجودوا به على مواطنيهم إلّا في توقيعات زيلت صفحات اتفاقات عديدة ولم تجد بنودها إلى أرض الواقع من سبيل.
وقف محاكمة
قال رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت، إنّه أوقف محاكمة متهمين بالضلوع في محاولة انقلابية من أجل تحقيق السلام والمصالحة في البلاد.
وأوضح في مؤتمر صحافي، أنه يدرك مدى الألم الذى يمكن أن يشعر به ذوو الضحايا الذين فقدوا أرواحهم في تلك الأحداث. وتابع رئيس جنوب السودان: «ماذا نفعل.. نحن نريد سلاما، وإذا أردنا السلام، فذلك هو ثمن السلام، فحتى إن أعدمناهم فان ذلك لن يعوض الأرواح التي فقدت، هذا أفضل لإيقاف الحرب».