وقفة واجبة ما بين خطاب الرئيس فى القضارف …. و آثار فيديو فتاة الكباجاب
موسى عثمان عمر على (بابو) — أستراليا
(2) و (3)
فى ظل ثورة الأتصال و المعلومات صار العالم قرية صغيرة , و بالتالى لم يعد بأستطاعت حكومة الأنقاذ و أجهزتها القمعية أن تصادر وعى الشعب و تجيره لحسابها وهذا ما أكدته حادثة( فيديو جلد الفتاة) , و( تسريبات ويكيليكس) بشأن السياسة السودانية و المكنوز من الأموال(9 مليار دولار فى عين العدو) بواسطة أمام المسلمين فى بنوك العالم هذا غير المدخر فى ماليزيا و أندونيسيا …. أذ ما قيمة الكبار فى ساحة الأداء العام وهم يلغفون المال العام بهذا الكم الهائل ؟؟؟؟ عموما الأيام حبلى يلدنا كل جديد ,,
دور الأجهزة التشريعية و الأعلامية فى التعاطى مع قضية الفتاة المجلودة :–
أن جدية المشاركة تستوجب اضطلاع الأجهزة التشريعية بمسئولية المراقبة و ضرورة المحاسبة , و من الخطأ الجسيم ان يترك الأمر برمته محاسبة و مساءلة للجهاز التنفيذى و القضائى , كنت أحسب أن المجلس الوطنى سيدعو لعقد جلسة طارئة لبحث تداعيات الفيديو المثير للجدل ,, أو حتى مجرد تكوين لجنة لتقصى الحقائق ,, و لعل هذا رغم أنه من باب قلة الحيلة , فأنه يحفظ لنواب الغفلة ماء وجههم ,, و يجعلهم يزايدون على الذين يقدحون فى أدائهم بأنهم يعرفون ما يجرى على أرض الوطن ,, و من أين تأتى الأهوية و الأتربة و(الكتاتيح) التى تهب عليه كل حين …
و ليبلغوا الشعب السودانى بنتائج بحثهم و تقصيهم , فيحاسب من قصر و ينبهوا من غفل , و يستنفروا ضمير الشعب السودانى الى مرافئ الوعى و الأعتبار…
التفاؤل دفعنى الى توقع قيام حزب المؤتمر الوطنى ممثل فى أماناته المختلفة و مجلس شورته لأجتماع فوق العادة لمناقشة تداعيات فيديو فتاة الكباجاب و أولى تلك التداعيات , هى خطاب رئيس الجمهورية بمدينة القضارف يوم 20 ديسمبر2010 و أثره على السلم الأجتماعى و كينونة السودان الشمالى بعد أنفصال جنوب السودان …
الأحزاب السياسية التى ما أنفكت تعقد الندوات و المؤتمرات فى الشىء و اللأشئ ألتزمت الصمت , ووقفت الى جانب المشاهدين تتفرج على سئ الحظ , (بدرالدين قدوقدو ) و صاحبه و هو يلهب الفتاة المجلودة بسياط القهر و التسلط…
حمالة الحطب ….. و أنحطاط الخطاب الأعلامى :-
أما السلطة الرابعة (الصحافة القومية) , فلقد تباينت مواقفها بين الموضوعية فى تناول الحدث رصدا و تحليلا , و هذه صحفا يحمد لها هذا الموقف ,, أما حمالة الحطب (الأنتباهة) , و من لف لفها من الصحف الصفراء , فقد أعلنت تحيزها الأكيد لموقف الحكومة رغم خطله , فى التعاطى مع تداعيات فيديو الفتاة المجلودة , فلقد تولت تسطيح الموضوع بشكل يثير الأشمئزاز , خاصة وزير الأعلام السابق وخال الرئيس , و هو فى ذلك الأمر مدرسة كاملة فى الأداء السياسى و الأعلامى الردئ ,, و لعلى أذهب الى أبعد من ذلك أذا زعمت أن الأمة السودانية هى ضحية ممارساته و سياساته منذ أن عين مديرا للتلفزيون مرورا به كوزيرا للأعلام و رئيسا لمنبر السلام اللأعادل و محاولاته المقيته فى الأزدراء و التطاول على الآخرين و دفعهم الى التطرف و الأنفصال , و البقية تأتى …
لن نقف عند الرجل كثيرا فقد قيل عنه الكثير,, و ربما لم يتجاوز بعد أحزان فقده لفلذة كبده فى حروب النظام الدينية,,, و لكن ما يحز فى النفوس أنه محاطا بجوقة تلوى الحقائق و تجمل الصور القاتمه , و تدفع الرجل الى التمادى فى ذلك السلوك القمئ و بالتالى يدفع البلاد الى كل المهاوى و البلاوى ….
ما( يفقع المرارة.. على قول صاحبنا) ,, أن كل ممارسات خال الرئيس تتم تحت أعين الجميع .. و كل مؤسسات الدولة التنفيذية و التشريعية تلتزم الصمت ,و ذلك يعتبر من علامات الرضا و القبول, مما يعنى ضمنا موافقة حكومة المؤتمر الوطنى على ممارساته و تطاوله و تحديه للقانون و أنتهاك للشرعية , وبالتالى يعتبرا خطرا ماحقا يهدد السودان الشمالى نفسه ,, و هى رسالة موجهة للحكومة أولا و أخيرا…
مما يعاب أن الحكومة تتصرف فى كل الأحوال و المواقف بأنها وحدها التى تدرى , و على ضوء هذه الدراية تتصرف بعين الرضا ,, بينما تؤكد التجارب أن الحكومة وحدها غير قادرة على النهوض بمسئولية كثير من القضايا العامة ,, و لن نذهب بعيدا , فدونكم تاريخ 11 يناير2011 , و قضية الصحفية لبنى حسين و فيديو فتاة الكباجاب ..ففى الأمثلة أعلاها منتهى الكفاية ,,,,,,
لقد وضح جليا أن الحكومة تجيد أنتاج أزماتها , و تنصب أفخاخها بيدها ثم تقع فيها , و بعدها تبحث عن ذرائع لترمى بأسقاطاتها الآخرين…
ليس للأعلام الغربى دور فيما حدث سواء النقل ,, و لكن دعنى أسأل ماذا قدمنا لهم ما ينقلوه ؟؟؟
أفعالنا و أقوالنا ومجمل الأنتهاكات تقريبا تأكد ما يشاهدوه عبر شاشات التلفاز , و ما يشاهدوه يعمق فيهم , أن الأٍسلام ضد الأختلاف , ضد أستقرار المجتمع , و أنه ضد الديمقراطية , و ضد المرأة , وضد حقوق الأنسان , و ضد غير المسلمين …, و ضد…, و ضد……الخ!!! لتظل الصورة الأسلامية التى ترسخت فى وعى الكثيرين منهم عبارة عن جدار سميك يحجب الأسلام السمح عن الغرب و الغربيين ,,, مع علمنا بدورهم الكبير فى الصيد فى الماء العكر …
المشروع الحضارى … و أزمة وطن :–
بعد نيف وعقدين من تقويض المجتمع و مقوماته و أغتصاب الوطن و أختزاله فى السلطة ,بأسم المشروع الحضارى , كان نتيجة ذلك تحول السلطة الى سوط يلهب ظهر الأمة السودانية لتأكيد تبعيته للسلطة الأنقاذية ,,, لذلك فشل المشروع الحضارى فى استحداث دولة وطنية حديثة يتوافق عليها الجميع (دولة الحقوق والواجبات)…
لم يمر على السودان نظام حكم شمولى كالانقاذ بعد خروج الأستعمار, عمد على وضع الألغام و القنابل الموقوته على خارطة الوطن وفضلت تمزيقه على وحدته فى سبيل دولة دينية عرقية (مثلث حمدى) , و هى تجربة موسومة بالأنحراف السياسى تتحمل الأنقاذ مسئولياته الأخلاقية و التاريخية فى أنفصال أجزائه (الجنوب) مهما حاولوا التنصل من تلك المسئولية .
مما يقلق و يثير الدهشة أنهم كآل البربون لا ينسون شيئا و لا يتذكرون شيئا , و لعل ما يلوح فى الأفق من تداعيات و خطاب سياسي أنقاذى لم يستوعب المتغيرات الدولية ولا مستجدات الأمور على الشأن الداخلى , يؤكد ان الوطن فى أزمة حقيقية وحوجة الوطن لأنقاذ حقيقى من فاشية الأنقاذ ,,, و هو ما يستوجب جهد كل القوى السياسية لتحرير الوطن من أختزال السلطة الأنقاذية دون مزايدة أو ابتزاز ….
و لنا عودة فى الحلقة القادمة..لتشريح خطاب الرئيس بمدينة القضارف ..
مع أمنيات لا تنتهى
موسى عثمان عمر على (بابو) —أستراليا—28 ديسمبر2010
e.mail :[email protected]