الأمم المتحدة: الغارات الجوية السودانية على جنوب السودان «جرائم دولية» محتملة
لندن: إمام محمد إمام
أعلن الدكتور عوض أحمد الجاز وزير النفط السوداني، أن إنتاج السودان من النفط يبلغ بنهاية هذا العام 180 ألف برميل يوميا. وقال الدكتور الجاز لدى حديثه أمس في مؤتمر إذاعي بثته الإذاعة القومية السودانية من أم درمان «استخراج البترول في منطقة هجليج تعرض في أول عهده إلى مكائد ودسائس ومعوقات عديدة لإفشال الضخ منه أول مرة في نهاية الثمانينات وآخر مرة في الثلث الأول من أبريل (نيسان) الماضي»، مؤكدا أنهم نجحوا والحمد لله في الضخ وإعادة الضخ مرة ثانية.
وأوضح الدكتور الجاز أن «الحدود بيننا وبين الجنوب حددها الاستعمار قبل أن يحددها أبناء السودان، وهي حدود بينة ومعلومة ومرسومة في كل مضابط الدول المختلفة وليس هناك مكان خلاف حولها»، إلا أنه أبدى أسفه الشديد بقوله «نحن نرى أن الذين يكيدون للسودان وشعبه وإمكاناته أرادوا أن يفسدوا هذه العلاقة بين شطري الوطن حتى تم الانفصال». وأضاف قائلا «إننا لن نفرط في شبر واحد من أراضي هذا الوطن الغالي، ولا حد من حدوده».
وأوضح الدكتور الجاز أن «حسم الجانب الأمني مع جنوب السودان وأنه لا عدوان ولا اعتداء من أي طرف على الآخر هو الأولوية وهو الشرط الذي نادى به رئيس الجمهورية وهو يعبر عن رغبة شعبه، ولأن ذلك هو صمام الأمان وكل الأشياء الأخرى ثانوية، وبالضرورة التأكد من أن العلاقة والجوار محصنة وآمنة وليس هناك خصومة ولا اعتداء ولا عميل بيننا ولا دسائس بيننا، وهذه أسس قيام علاقات بين دولتين، ثم تأتي بعد ذلك قضايا البترول والتجارة وحركة المواطنين».
وأعاد الدكتور الجاز إلى الأذهان أن هذه العلاقة كانت في الأصل قد بنيت على السلام قائلا «وإذا الأمر كان حربا فنحن هزمناهم حتى الحدود الجنوبية، وتذكرون آخر معاركنا في توريت وبعدها مباشرة قبلت الحركة الشعبية الدخول في السلام، وهذا السلام لم يأت نتيجة لفرضه من فلان، ولكن (الإنقاذ) حينما جاءت كان من أبرز عناوين بيانها الأول السلام وإسكات الحرب، وأول مؤتمر عقدته (الإنقاذ) كان مؤتمر السلام».
وقال وزير النفط السوداني «إنه لا تنازل عن قرارنا وإننا نحكم ونطور بلدنا من دون أن نتعالى على أي شخص، كما لا نرضى أن تملى علينا إرادة من غيرنا»، موضحا في نفس الحين وجود فرص واسعة من كل أنحاء العالم لجلب الاستثمار والتكنولوجيا التي لم تعد حكرا على أحد، والتعامل مفتوح، في إشارة إلى مسيرة استخراج النفط في السودان.
وأكد الدكتور الجاز أن «الصين ظلت تعمل معنا مثلما بدأت معنا ووجدنا منهم كل الخير وتعاملوا معنا بصدق وبعد أن أصبح جزء من البترول في دولة الجنوب فبالضرورة أن ترعى الصين مصالحها هناك، رغم أن النشاط النفطي هناك موقوف الآن».
إلى ذلك، تبدأ اعتبارا من اليوم (السبت) عملية تفويج المواطنين الجنوبيين العالقين في ميناء كوستى النهري والذين يبلغ عددهم أكثر من 12 ألف مواطن جنوبي، إلى مطار الخرطوم توطئة لترحيلهم إلى دولة الجنوب.
وقال يوسف الشنبلي والى ولاية النيل الأبيض في تصريحات صحافية، عقب اجتماع لجنة أمن الولاية «إن عملية التفويج للمواطنين العالقين ستبدأ اعتبارا من غد (اليوم)، حسب الاتفاق بين وزارة الرعاية الاجتماعية ومنظمة الهجرة الدولية ومفوضية دولة الجنوب والمركز القومي للنزوح والعودة الطوعية بترحيل العائدين من الولاية للخرطوم ومنها عبر الجو إلى جوبا أو بحر الغزال صبيحة يوم الأحد الموافق الثالث عشر من مايو (أيار) الحالي»، مشيرا إلى أن عملية الترحيل ستتوالى يوميا إلى أن يتم ترحيل جميع العالقين في كوستى.
وقال إن الأمتعة والعفش قد تم الاتفاق على نقلها عبر البر إلى داخل حدود دولة الجنوب. وأكد الشنبلي أن حكومة الولاية ظلت تقدم الحماية الأمنية والدعم الإنساني والرعاية الصحية للعالقين وتقديم التسهيلات اللازمة للمنظمات الدولية والوطنية التي تعمل في المجال الإنساني والطوعي. وأضاف أن دولة الجنوب قد احتجزت 34 صندلا نهريا وخمسة جرارات كانت قد استخدمت في ترحيل الجنوبيين العائدين لدولتهم، مما أدى إلى عرقلة عملية ترحيل العائدين عبر النقل النهري.
من جهة أخرى، حذرت نافي بيلاي المفوضة العليا لحقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة، خلال زيارة إلى جوبا أمس، من أن «الغارات الجوية العشوائية» التي شنتها القوات السودانية على مناطق في جنوب السودان قد تعتبر «جرائم دولية»، حسب ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية أمس. واتهمت بيلاي قوات الخرطوم بشن «غارات عشوائية، من دون مراعاة للمدنيين المقيمين في هذه المنطقة»، علما بأن الحكومة السودانية تنفي باستمرار أي قصف لأهداف داخل أراضي الجنوب.
وفي الخرطوم، قال الدكتور حسن الترابي الأمين العام للمؤتمر الشعبي السوداني «إن خسارة السودان لمليارات الدولارات من إيرادات النفط ستسقط الحكومة، فمع ارتفاع معدلات التضخم يتداعى الاقتصاد ويجوع الشعب». وأضاف الدكتور الترابي زعيم حزب المؤتمر الشعبي المعارض في حديث مع «رويترز» أجري في الخرطوم، أن «كراهية النظام تتعمق، وهذا أمر في غاية الخطورة. إذا خرج الجياع في ثورة فسيحطمون ويدمرون.. أتوقع ألا يتأخر ذلك كثيرا». وقال الترابي «الحكومة مفلسة تماما. إذا زاد الجوع بين الناس إلى جانب أسباب أخرى للغضب.. نشعر بالقلق من ثورة قادمة تقود إلى الفوضى»، مشيرا إلى أن أكبر خطأ ارتكبته الحكومة هو تدمير القطاع الزراعي الذي كان يمثل في أوائل التسعينات الصادرات كلها تقريبا. وقال «إنها سياسة غبية، الزراعة قتلت في السودان بسبب النفط».
ورفضت الحكومة السودانية تصريحات الترابي قائلة إن الأوضاع الاقتصادية ليست بهذا السوء. وقال الدكتور ربيع عبد العاطي مستشار وزير الإعلام السوداني «إن ما يقوله الترابي ليس مبنيا على الواقع، والوضع الاقتصادي ليس بالسوء الذي يصوره». وأضاف قائلا «إن الأوضاع كانت أسوأ كثيرا في الثمانينات. وإنه لم يكن هناك بنية أساسية أو نفط أو تنمية أو كهرباء»، مشيرا إلى أن الأوضاع اختلفت كثيرا.
على صعيد آخر، قال الدكتور جبريل إبراهيم محمد رئيس حركة العدل والمساواة ونائب رئيس الجبهة الثورية السودانية، لـ«الشرق الأوسط»: «إن حركة العدل والمساواة تنتهز الذكرى الرابعة لعملية (الذراع الطويلة)، لتؤكد للشعب السوداني أن قضية الوطن واحدة تتمثل في (كيف يحكم السودان)، وأن محاولات تجزئة القضية وحصرها في زوايا إقليمية ضيقة هي التي حالت دون الوصول إلى حلول حقيقية، وأفضت إلى انفصال جنوب الوطن العزيز، مما ينذر البلاد بالمزيد من التفتت ما لم يبادر الوطنيون الحادبون على تداركه». وأضاف قائلا «إنه بعملية (الذراع الطويلة) أكدت الحركة قوميتها المطلقة، وحددت عدوها بدقة، وأكدت للشعب أنها لا تستهدفه أو ممتلكاته أبدا، ولكنها تستهدف العصابة العنصرية التي اختطفت الوطن وأوردته موارد الهلاك»، مشيرا إلى أن «عملية (الذراع الطويلة) ستبقى منحوتة في ذاكرة الوطن، وسيبقى قائدها الشهيد الدكتور خليل إبراهيم محمد رمزا للوطني الجسور الغيور».
يذكر أن حركة العدل والمساواة ستقيم بمناسبة هذه الذكرى يوما حافلا بمختلف الأنشطة في مدينة برمنغهام البريطانية، ابتداء من الساعة الواحدة ظهر غد (الأحد).