وزير الخارجية السوداني يصف العلاقة بين شريكي الحكم بالمتوترة ويرجح الصدام
البشير يدعو لوقف الاحتراب في دارفور.. والمهدي يحذر من انتقال غير سلمي للسلطة
لندن: مصطفى سري
وصف وزير الخارجية السوداني القيادي في الحركة الشعبية دينق ألور العلاقة بين حركته وشريكها في الحكم المؤتمر الوطني الذي يتزعمه الرئيس عمر البشير، بأنها وصلت حد التوتر، مرجحا أن يدخلا في حالة صدام إذا لم يتم التوافق حول القوانين مثار الخلاف بينهما والمتعلقة بالاستفتاء حول تقرير مصير الجنوب، وقانوني الأمن الوطني، والمشورة الشعبية، لشعبي جنوب كردفان والنيل الأزرق.
وفي وقت دعا فيه الرئيس السوداني عمر البشير إلى وقف الحرب في دارفور، طالب رئيس الوزراء السابق زعيم حزب الأمة المعارض الصادق المهدي بالإسراع إلى حسم الخلافات حول القضايا المصيرية، محذرا من تشظي البلاد في حال تداول غير سلمي للسلطة.
وأكد ألور لصحافيين محدودين بوزارة الخارجية السودانية أن العلاقة بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وصلت حد التوتر، وقال: «إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق حول القوانين بالتأكيد سنصل لحالة اصطدام لا أحد سيعرف عواقبها». وأضاف في تصريحات صحافية أنه لا يمكن للمؤتمر الوطني أن يستمر في التصعيد لأن النتائج لن تكون جيدة، وقال إن المؤتمر الوطني تعود على الحكم بطريقة تخلق البلبلة السياسية، وتابع: «عليه أن يعي أن الوضع لم يعد كما كان في السابق، وأن الساحة السياسية مليئة بالقوى السياسية تقف إلى جانب الحركة الشعبية»، مؤكدا عدم توصل الشريكين إلى اتفاق حول القوانين، مشيرا إلى أن الخلاف حول قانون الأمن يتركز على سلطة الاعتقال حيث تطالب الحركة بأن ينحصر دور جهاز الأمن على رصد المعلومات وتحليلها وألا يكون له سلطة الاعتقال فيما يرى المؤتمر الوطني عكس ذلك، وقال: «موقف الحركة منه هو مسألة مبدأ وما يعمل عليه المؤتمر الوطني يعتبر مخالفة واضحة للدستور»، وأكد أن الحركة لن تتراجع عن مبدئها، محذرا من وضع القانون أمام البرلمان من دون التوصل إلى اتفاق بين الشريكين.
وأشار ألور إلى أن الخلاف حول ممارسة حق المشورة الشعبية لجنوب كردفان والنيل الأزرق تركز حول الآلية الحاكمة في حال وقوع خلاف بين الولاية والحكومة المركزية، وقال إن هناك خلافا حول استفتاء أبيي يتمثل في من يحق له التصويت، وأضاف أن رأي الحركة هو أن يكون الاستفتاء للمشايخ التسعة والمواطنين المقيمين بالمنطقة، غير أن المؤتمر الوطني يرى أن الاستفتاء يشمل العرب الرّحّل، معتبرا أن ذلك يمثل تراجعا عن قرار محكمة التحكيم الدولية في لاهاي التي رسمت حدود المنطقة الغنية بالنفط في يوليو (تموز) الماضي ووافق عليها الشريكان.
وقال إن الأمر محسوم وفق قرار المحكمة الدولية، متهما المؤتمر الوطني بالعمل على تحريض قبائل المسيرية ضد لجنة ترسيم الحدود، وتابع: «هذا فصل من فصول المسرحية وعلى المؤتمر الوطني أن يضع في حساباته أنه حزب سياسي، وأن هناك إجماعا على القانون الدولي»، واستبعد ألور ما ذكره السفير عبد المحمود عبد الحليم مندوب السودان لدى الأمم المتحدة حول طرد قوات «اليونميد» من دارفور، وقال إن هذا الموقف لا يعتبر رسميا من حكومة الوحدة الوطنية، وأكد أن موقف الحكومة هو التزامها بجميع الاتفاقات التي وقعتها مع الأمم المتحدة. لكنه ذكر أن هناك ردود فعل حول تقرير الأمين العام، وقال: «نعم، هناك انتقاد من السلطات السودانية تجاه التقرير، ولكن لم تصل إلى مستوى إبعاد هذه القوات».
من جهته، دعا الرئيس السوداني عمر البشير حملة السلاح في دارفور إلى وقف الحرب، مشيدا بما توصلت إليه منظمات المجتمع المدني والإدارة الأهلية في دارفور من توصيات وتوافق في ملتقى الدوحة الذي انعقد مؤخرا لوقف الحرب. وقال البشير في كلمته للسودانيين بمناسبة عيد الأضحى إن بلاده اجتازت الكثير من العقبات والتحديات، معربا عن أمله في أن تعود دارفور دارا للقرآن وأن تكسو الكعبة المشرفة كما كانت تفعل في السابق. وقال: «نريد لدارفور أن تدحر الطامعين فيها وفي خيرات السودان، ونحمد الله لأهل دارفور ومنظمات المجتمع المدني وإدارته الأهلية أن توافقت على سواء السبيل لوقف الحرب والشجار»، موجها خطابه إلى أهل دارفور قائلا: «والعيد يا أهلنا في دارفور مناسبة لنبذ الاحتراب والخصام والفتن، فلا يفتننكم الشيطان وقبيله»، وأضاف: «على كل من حمل السلاح ليحارب أهله، ويدمر أرضا، أن يعود إلى رشده».
من جانبه، بعث النائب الأول للرئيس السوداني رئيس حكومة الجنوب سلفا كير ميارديت رسالة تهنئة إلى المسلمين في شمال السودان وجنوبه، وأعرب عن أمله أن تعود مناسبة العيد وتنعم البلاد بالسلام الشامل والاستقرار والتنمية. من جهته، قال رئيس حزب الأمة المعارض الصادق المهدي في خطبة عيد الأضحى أمس في مسجد ودنوباوي بأم درمان إن تحديات بناء السلام والتحول الديمقراطي التي يواجهها السودان تحديات يواجهها كثير من الشعوب الأخرى، وأضاف أن الفرق هو أن نضال الشعب السوداني بوسائل العنف وبالوسائل المدنية وتجاوب ولاة الأمر معها قد جعلا هدفي السلام العادل الشامل عبر اتفاقية السلام والتحول الديمقراطي الكامل عبر الانتخابات العامة، وقال إنه إذا استطاعت القوى السياسية والمدنية أن تحقق ما أبرم نظريا بصورة عملية فسوف تتوافر استحقاقات هذه التطلعات، مشيرا إلى العثرات التي تواجه اتفاقية السلام الشامل بين الشمال والجنوب، ومنها الاختلاف حول الإحصاء، وترسيم الحدود بين الشمال والجنوب، وقوانين التحول الديمقراطي لا سيما قانون الأمن القومي، وقانون الاستفتاء، والعثرات أمام تحكيم أبيي، والمشورة الشعبية لسكان جنوب النيل الأزرق وجبال النوبة، مطالبا بحسمها والعمل على ترجيح خيار الوحدة في عملية تقرير المصير، وقال: «وعلى الجميع الاستعداد برؤية واضحة لجعل الانفصال إذا قررته الأغلبية الجنوبية أخويا في ظل علاقة خاصة بين دولتي السودان».
وقدم المهدي عدة اقتراحات لتجاوز الخلافات حول القضايا التي أشار إليها، وقال إن الاختلافات حول الإحصاء يتم تجاوزها بإخضاع الإجراءات الانتخابية لأرقام التسجيل مما يعطي عملية التسجيل أهمية خاصة، والإسراع بتقرير مفوضية ترسيم الحدود وأن تخضع الاختلافات إلى تحكيم قومي وفق آلية. وحول قوانين التحول الديمقراطي دعا للإسراع بإجازتها ومواءمتها للدستور، مشيرا إلى أن أهم عيب في تحكيم منطقة أبيي هو عدم أخذ مصالح الرعاة والمزارعين في الحسبان بتوفير ضوابط وتنمية المنطقة، مقترحا الدعوة إلى ملتقى جامع لسكان المنطقة للاتفاق على دليل لبناء السلام والتراضي في المنطقة، وقال إن منطقتي جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق ينبغي أن تخضع لرأي ممثلي المنطقتين المنتخبين انتخابا حرا ونزيها.
وجدد المهدي مقترحه حول قانون الاستفتاء لتقرير مصير جنوب السودان، مشددا على أن القانون لا يخص الشريكين، المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، وقال إن العددية التي يمكن أن تشارك تكون مماثلة لنسبة التسجيل في الانتخابات العامة وأن تكون نسبة التصويت نصف الفرق بين ما ينادي به الشريكان، وأضاف: «اقترحنا أن يكون تقرير المصير عن طريق النواب المنتخبين في جنوب السودان وهو إجراء مماثل لكيفية تقرير مصير السودان نفسه في عام 1955»، وقال إن اقتراحه يدمج عملية تقرير المصير في العملية الانتخابية ويوفر الأعباء المالية إلى جانب أنه يبسط إجراء تقرير المصير إضافة إلى أنه أكثر مرونة ويسمح بإدخال خيار ثالث في تقرير المصير وهو الكونفيدرالية بدلا من اقتصارها على الوحدة أو الانفصال، وأضاف أن ذلك المقترح يفتح مجالا للتفاوض بين القوى المنتخبة في البلاد للاتفاق على أمر لم تشمله اتفاقية السلام وهو العلاقة الخاصة بين دولتي السودان في حالة الانفصال.
ودعا المهدي إلى عقد مؤتمر استثنائي للمكتب السياسي لحزبه في الثلاثين من الشهر الحالي لدراسة توصيات ملتقى الدوحة لمنظمات المجتمع المدني، داعيا إلى الأخذ بها، وتتلخص في تجاوز الصيغة الثنائية للسعي من أجل الحل، وتجاوز سقوف الاتفاقيات السابقة، وتحقيق العدالة ومراعاة ضمان عدم الإفلات من العقوبة، وترتيبات أمنية لضمان تنفيذ ما يتفق عليه، مشيرا إلى أن توصيات ملتقى منظمات المجتمع المدني الدارفورية التي جرت في الدوحة مؤخرا هي الفرصة الأخيرة لإيجاد حل لأزمة دارفور، وقال: «يرجى من المؤتمر الوطني أن يقبلها من دون تحفظ، وكذلك من حاملي السلاح بقبولها لنسرع الخطى لوضع حد لهذه المأساة، على أن يتم الاتفاق على تكوين آلية قومية لتنفيذها».
وتطرق المهدي في خطبة العيد إلى عملية التسجيل في الانتخابات العامة والتي ستنتهي في السادس من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، معتبرا أن فترة التمديد لا تكفي ويمكن مده للشهر كله مع تقصير فترة الطعون وتأخير الاقتراع إلى أواخر أبريل (نيسان) القادم بدلا عن أول الشهر كما هو موضوع من قبل المفوضية القومية للانتخابات، معددا العيوب التي صاحبت عملية التسجيل، وقال إن اللجان الشعبية ليست محايدة، ، وإن الرسميين يستغلون مناصبهم، وعليهم الابتعاد عن التأثير على مراحل الانتخابات كافة، وطالب بأن يتم تشكيل لجنة قومية تمثل القوى السياسية، وأضاف أن تسجيل القوات النظامية في مواقع العمل مخالف لقانون الانتخابات وأن فيه إلزام لهم بالتصويت لصالح الحزب الحاكم، وتابع: «وتأكيدا لهذا الانحراف المخالف للديمقراطية أعلن قادتهم انحيازهم للمؤتمر الوطني، وهو استمرار لنهج الشمولية لا يتفق مع نزاهة الانتخابات ومحاربة فساد»، مشيرا إلى أن أجهزة الإعلام القومي ما زالت مسكونة بالنهج الشمولي، وقال إن أساليب الفساد ظهرت في تقديم الخدمات الاجتماعية مقابل التأييد السياسي وتقديم الرشى وتقييد المواطنين بالقسم، وشدد على أن حزبه احرص على إجراء الانتخابات، مناشدا المواطنين الذهاب إلى التسجيل باعتباره واجبا وطنيا ودينيا، معلنا أن حزبه سيتقدم للقوى السياسية بمشروع ميثاق انتخابي يسهم في جودتها ونزاهتها، معتبرا الحديث عن مقاطعة الانتخابات كما ذكرت بعض القوى السياسية سابق على أوانه، وتابع: «لا مجال لمثل هذا الموقف إلا إذا تأكد دون أدنى شك أنها طبخات لا انتخابات ينبغي الاستعداد لها بكل الإمكانات للتسجيل والانتخابات، وسوف نقرر الموقف منها على ضوء نزاهتها»، وأضاف: «ما البديل للانتخابات؟ البديل هو استمرار أوضاع البلاد الحالية كما هي عليه وهو مرفوض، أو القضاء على النظام بالانتفاضة الشعبية أو بأية وسيلة أخرى قهرية»، وقال إن السودان ليس كما كان من قبل لأن هناك أكثر من 50 تكوينا مسلحا ومسيسا وفصائل سوف تتدافع لفرض أجندتها السياسية إذا حدث انتقال غير سلمي للسلطة، وتابع: «هذا فيه ما فيه من تشظي الوطن وفتح نوافذ لمزيد من التدخل الأجنبي».
البشير يدعو لوقف الاحتراب في دارفور.. والمهدي يحذر من انتقال غير سلمي للسلطة
لندن: مصطفى سري
وصف وزير الخارجية السوداني القيادي في الحركة الشعبية دينق ألور العلاقة بين حركته وشريكها في الحكم المؤتمر الوطني الذي يتزعمه الرئيس عمر البشير، بأنها وصلت حد التوتر، مرجحا أن يدخلا في حالة صدام إذا لم يتم التوافق حول القوانين مثار الخلاف بينهما والمتعلقة بالاستفتاء حول تقرير مصير الجنوب، وقانوني الأمن الوطني، والمشورة الشعبية، لشعبي جنوب كردفان والنيل الأزرق.
وفي وقت دعا فيه الرئيس السوداني عمر البشير إلى وقف الحرب في دارفور، طالب رئيس الوزراء السابق زعيم حزب الأمة المعارض الصادق المهدي بالإسراع إلى حسم الخلافات حول القضايا المصيرية، محذرا من تشظي البلاد في حال تداول غير سلمي للسلطة.
وأكد ألور لصحافيين محدودين بوزارة الخارجية السودانية أن العلاقة بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وصلت حد التوتر، وقال: «إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق حول القوانين بالتأكيد سنصل لحالة اصطدام لا أحد سيعرف عواقبها». وأضاف في تصريحات صحافية أنه لا يمكن للمؤتمر الوطني أن يستمر في التصعيد لأن النتائج لن تكون جيدة، وقال إن المؤتمر الوطني تعود على الحكم بطريقة تخلق البلبلة السياسية، وتابع: «عليه أن يعي أن الوضع لم يعد كما كان في السابق، وأن الساحة السياسية مليئة بالقوى السياسية تقف إلى جانب الحركة الشعبية»، مؤكدا عدم توصل الشريكين إلى اتفاق حول القوانين، مشيرا إلى أن الخلاف حول قانون الأمن يتركز على سلطة الاعتقال حيث تطالب الحركة بأن ينحصر دور جهاز الأمن على رصد المعلومات وتحليلها وألا يكون له سلطة الاعتقال فيما يرى المؤتمر الوطني عكس ذلك، وقال: «موقف الحركة منه هو مسألة مبدأ وما يعمل عليه المؤتمر الوطني يعتبر مخالفة واضحة للدستور»، وأكد أن الحركة لن تتراجع عن مبدئها، محذرا من وضع القانون أمام البرلمان من دون التوصل إلى اتفاق بين الشريكين.
وأشار ألور إلى أن الخلاف حول ممارسة حق المشورة الشعبية لجنوب كردفان والنيل الأزرق تركز حول الآلية الحاكمة في حال وقوع خلاف بين الولاية والحكومة المركزية، وقال إن هناك خلافا حول استفتاء أبيي يتمثل في من يحق له التصويت، وأضاف أن رأي الحركة هو أن يكون الاستفتاء للمشايخ التسعة والمواطنين المقيمين بالمنطقة، غير أن المؤتمر الوطني يرى أن الاستفتاء يشمل العرب الرّحّل، معتبرا أن ذلك يمثل تراجعا عن قرار محكمة التحكيم الدولية في لاهاي التي رسمت حدود المنطقة الغنية بالنفط في يوليو (تموز) الماضي ووافق عليها الشريكان.
وقال إن الأمر محسوم وفق قرار المحكمة الدولية، متهما المؤتمر الوطني بالعمل على تحريض قبائل المسيرية ضد لجنة ترسيم الحدود، وتابع: «هذا فصل من فصول المسرحية وعلى المؤتمر الوطني أن يضع في حساباته أنه حزب سياسي، وأن هناك إجماعا على القانون الدولي»، واستبعد ألور ما ذكره السفير عبد المحمود عبد الحليم مندوب السودان لدى الأمم المتحدة حول طرد قوات «اليونميد» من دارفور، وقال إن هذا الموقف لا يعتبر رسميا من حكومة الوحدة الوطنية، وأكد أن موقف الحكومة هو التزامها بجميع الاتفاقات التي وقعتها مع الأمم المتحدة. لكنه ذكر أن هناك ردود فعل حول تقرير الأمين العام، وقال: «نعم، هناك انتقاد من السلطات السودانية تجاه التقرير، ولكن لم تصل إلى مستوى إبعاد هذه القوات».
من جهته، دعا الرئيس السوداني عمر البشير حملة السلاح في دارفور إلى وقف الحرب، مشيدا بما توصلت إليه منظمات المجتمع المدني والإدارة الأهلية في دارفور من توصيات وتوافق في ملتقى الدوحة الذي انعقد مؤخرا لوقف الحرب. وقال البشير في كلمته للسودانيين بمناسبة عيد الأضحى إن بلاده اجتازت الكثير من العقبات والتحديات، معربا عن أمله في أن تعود دارفور دارا للقرآن وأن تكسو الكعبة المشرفة كما كانت تفعل في السابق. وقال: «نريد لدارفور أن تدحر الطامعين فيها وفي خيرات السودان، ونحمد الله لأهل دارفور ومنظمات المجتمع المدني وإدارته الأهلية أن توافقت على سواء السبيل لوقف الحرب والشجار»، موجها خطابه إلى أهل دارفور قائلا: «والعيد يا أهلنا في دارفور مناسبة لنبذ الاحتراب والخصام والفتن، فلا يفتننكم الشيطان وقبيله»، وأضاف: «على كل من حمل السلاح ليحارب أهله، ويدمر أرضا، أن يعود إلى رشده».
من جانبه، بعث النائب الأول للرئيس السوداني رئيس حكومة الجنوب سلفا كير ميارديت رسالة تهنئة إلى المسلمين في شمال السودان وجنوبه، وأعرب عن أمله أن تعود مناسبة العيد وتنعم البلاد بالسلام الشامل والاستقرار والتنمية. من جهته، قال رئيس حزب الأمة المعارض الصادق المهدي في خطبة عيد الأضحى أمس في مسجد ودنوباوي بأم درمان إن تحديات بناء السلام والتحول الديمقراطي التي يواجهها السودان تحديات يواجهها كثير من الشعوب الأخرى، وأضاف أن الفرق هو أن نضال الشعب السوداني بوسائل العنف وبالوسائل المدنية وتجاوب ولاة الأمر معها قد جعلا هدفي السلام العادل الشامل عبر اتفاقية السلام والتحول الديمقراطي الكامل عبر الانتخابات العامة، وقال إنه إذا استطاعت القوى السياسية والمدنية أن تحقق ما أبرم نظريا بصورة عملية فسوف تتوافر استحقاقات هذه التطلعات، مشيرا إلى العثرات التي تواجه اتفاقية السلام الشامل بين الشمال والجنوب، ومنها الاختلاف حول الإحصاء، وترسيم الحدود بين الشمال والجنوب، وقوانين التحول الديمقراطي لا سيما قانون الأمن القومي، وقانون الاستفتاء، والعثرات أمام تحكيم أبيي، والمشورة الشعبية لسكان جنوب النيل الأزرق وجبال النوبة، مطالبا بحسمها والعمل على ترجيح خيار الوحدة في عملية تقرير المصير، وقال: «وعلى الجميع الاستعداد برؤية واضحة لجعل الانفصال إذا قررته الأغلبية الجنوبية أخويا في ظل علاقة خاصة بين دولتي السودان».
وقدم المهدي عدة اقتراحات لتجاوز الخلافات حول القضايا التي أشار إليها، وقال إن الاختلافات حول الإحصاء يتم تجاوزها بإخضاع الإجراءات الانتخابية لأرقام التسجيل مما يعطي عملية التسجيل أهمية خاصة، والإسراع بتقرير مفوضية ترسيم الحدود وأن تخضع الاختلافات إلى تحكيم قومي وفق آلية. وحول قوانين التحول الديمقراطي دعا للإسراع بإجازتها ومواءمتها للدستور، مشيرا إلى أن أهم عيب في تحكيم منطقة أبيي هو عدم أخذ مصالح الرعاة والمزارعين في الحسبان بتوفير ضوابط وتنمية المنطقة، مقترحا الدعوة إلى ملتقى جامع لسكان المنطقة للاتفاق على دليل لبناء السلام والتراضي في المنطقة، وقال إن منطقتي جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق ينبغي أن تخضع لرأي ممثلي المنطقتين المنتخبين انتخابا حرا ونزيها.
وجدد المهدي مقترحه حول قانون الاستفتاء لتقرير مصير جنوب السودان، مشددا على أن القانون لا يخص الشريكين، المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، وقال إن العددية التي يمكن أن تشارك تكون مماثلة لنسبة التسجيل في الانتخابات العامة وأن تكون نسبة التصويت نصف الفرق بين ما ينادي به الشريكان، وأضاف: «اقترحنا أن يكون تقرير المصير عن طريق النواب المنتخبين في جنوب السودان وهو إجراء مماثل لكيفية تقرير مصير السودان نفسه في عام 1955»، وقال إن اقتراحه يدمج عملية تقرير المصير في العملية الانتخابية ويوفر الأعباء المالية إلى جانب أنه يبسط إجراء تقرير المصير إضافة إلى أنه أكثر مرونة ويسمح بإدخال خيار ثالث في تقرير المصير وهو الكونفيدرالية بدلا من اقتصارها على الوحدة أو الانفصال، وأضاف أن ذلك المقترح يفتح مجالا للتفاوض بين القوى المنتخبة في البلاد للاتفاق على أمر لم تشمله اتفاقية السلام وهو العلاقة الخاصة بين دولتي السودان في حالة الانفصال.
ودعا المهدي إلى عقد مؤتمر استثنائي للمكتب السياسي لحزبه في الثلاثين من الشهر الحالي لدراسة توصيات ملتقى الدوحة لمنظمات المجتمع المدني، داعيا إلى الأخذ بها، وتتلخص في تجاوز الصيغة الثنائية للسعي من أجل الحل، وتجاوز سقوف الاتفاقيات السابقة، وتحقيق العدالة ومراعاة ضمان عدم الإفلات من العقوبة، وترتيبات أمنية لضمان تنفيذ ما يتفق عليه، مشيرا إلى أن توصيات ملتقى منظمات المجتمع المدني الدارفورية التي جرت في الدوحة مؤخرا هي الفرصة الأخيرة لإيجاد حل لأزمة دارفور، وقال: «يرجى من المؤتمر الوطني أن يقبلها من دون تحفظ، وكذلك من حاملي السلاح بقبولها لنسرع الخطى لوضع حد لهذه المأساة، على أن يتم الاتفاق على تكوين آلية قومية لتنفيذها».
وتطرق المهدي في خطبة العيد إلى عملية التسجيل في الانتخابات العامة والتي ستنتهي في السادس من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، معتبرا أن فترة التمديد لا تكفي ويمكن مده للشهر كله مع تقصير فترة الطعون وتأخير الاقتراع إلى أواخر أبريل (نيسان) القادم بدلا عن أول الشهر كما هو موضوع من قبل المفوضية القومية للانتخابات، معددا العيوب التي صاحبت عملية التسجيل، وقال إن اللجان الشعبية ليست محايدة، ، وإن الرسميين يستغلون مناصبهم، وعليهم الابتعاد عن التأثير على مراحل الانتخابات كافة، وطالب بأن يتم تشكيل لجنة قومية تمثل القوى السياسية، وأضاف أن تسجيل القوات النظامية في مواقع العمل مخالف لقانون الانتخابات وأن فيه إلزام لهم بالتصويت لصالح الحزب الحاكم، وتابع: «وتأكيدا لهذا الانحراف المخالف للديمقراطية أعلن قادتهم انحيازهم للمؤتمر الوطني، وهو استمرار لنهج الشمولية لا يتفق مع نزاهة الانتخابات ومحاربة فساد»، مشيرا إلى أن أجهزة الإعلام القومي ما زالت مسكونة بالنهج الشمولي، وقال إن أساليب الفساد ظهرت في تقديم الخدمات الاجتماعية مقابل التأييد السياسي وتقديم الرشى وتقييد المواطنين بالقسم، وشدد على أن حزبه احرص على إجراء الانتخابات، مناشدا المواطنين الذهاب إلى التسجيل باعتباره واجبا وطنيا ودينيا، معلنا أن حزبه سيتقدم للقوى السياسية بمشروع ميثاق انتخابي يسهم في جودتها ونزاهتها، معتبرا الحديث عن مقاطعة الانتخابات كما ذكرت بعض القوى السياسية سابق على أوانه، وتابع: «لا مجال لمثل هذا الموقف إلا إذا تأكد دون أدنى شك أنها طبخات لا انتخابات ينبغي الاستعداد لها بكل الإمكانات للتسجيل والانتخابات، وسوف نقرر الموقف منها على ضوء نزاهتها»، وأضاف: «ما البديل للانتخابات؟ البديل هو استمرار أوضاع البلاد الحالية كما هي عليه وهو مرفوض، أو القضاء على النظام بالانتفاضة الشعبية أو بأية وسيلة أخرى قهرية»، وقال إن السودان ليس كما كان من قبل لأن هناك أكثر من 50 تكوينا مسلحا ومسيسا وفصائل سوف تتدافع لفرض أجندتها السياسية إذا حدث انتقال غير سلمي للسلطة، وتابع: «هذا فيه ما فيه من تشظي الوطن وفتح نوافذ لمزيد من التدخل الأجنبي».