أقر وزير الخارجية السوداني دينق ألور في حوار مع “الوطن” بعدم وجود استراتيجية مشتركة لحل أزمة دارفور، فيما دعا إلى مشاركة محيط السودان الإقليمي في حل الأزمة. وقال إن ملف دارفور “يمسك به حزب المؤتمر الوطني برئاسة عمر البشير وهو لا يريد أن تلعب الحركة الشعبية دورا فعالا فيه”.
واتهم ألور المؤتمر الوطني الشريك الأكبر في الحكم، بخلق التوترات وتسليح المليشيات وإرسال رسالة مفادها أن الجنوب لا يستطيع حكم نفسه. وقال إن هنالك أعضاء في المؤتمر الوطني “لهم أفكار طالبانية، ويسعون لخلق أوضاع مضادة لاتفاقية السلام”.
وأوضح أن أبرز أسباب تعثر تطبيع العلاقات السودانية الأمريكية يتمثل في مشكلة دارفور التي فرضت العقوبات على السودان بسببها وكذلك إبقاء اسم السودان ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب.
أقر وزير الخارجية السوداني دينق ألور في حوار مع “الوطن” بعدم وجود استراتيجية مشتركة لحل أزمة دارفور، فيما دعا فيه إلى مشاركة محيط السودان الإقليمي في حل الأزمة. واتهم ألور حزب المؤتمر الوطني الشريك الأكبر في الحكم، بخلق التوترات وتسليح المليشيات وإرسال رسالة مفادها أن الجنوب لا يستطيع حكم نفسه. وقال إن هنالك أعضاء في المؤتمر الوطني “لهم أفكار طالبانية، فالطالبانية هي التشدد وهناك متشددون، والذين لهم رأي مضاد لاتفاقية السلام يسعون لخلق أوضاع مضادة للاتفاقية حتى يبرزوا وجودهم فيستمرون في عرقلة الاتفاقية ويشوهون سمعة البلاد”.
وأوضح أن الحكومة السودانية تتعاون مع الأمم المتحدة في نشر القوات الدولية بدارفور وفي تسهيل وصول المساعدات الإنسانية، مشيرا إلى أنها “قطعت مسافة في ذلك فليس هناك نقد للحكومة في هذا الجانب، أما فيما يتعلق بتحقيق السلام فليس هناك تقدم بالرغم من لقاءات الحكومة بحركة العدل والمساواة في الدوحة، فالحركة تطالب الحكومة بإطلاق سراح الأسرى والحكومة ترفض ذلك”.
وقال إن ملف دارفور “يمسك به المؤتمر الوطني وهو لا يريد أن تلعب الحركة الشعبية دورا فعالا في هذا الملف، فنحن كحكومة وحدة وطنية أو كشريكين لم نناقش قضية السلام في دارفور، وحتى محادثات الدوحة ليست لها استراتيجية أو خطة مشتركة متفق عليها، ربما لأنها محادثات أولية ولكن بعد فترة لا بد من تحديد موقف رسمي مجمع عليه حول رؤية الحكومة لهذه المحادثات”. وأضاف “إذا أصبح إطلاق سراح الأسرى شرطا أساسيا لمواصلة الحوار فلابد من مناقشة ذلك ليس على مستوى حزب المؤتمر الوطني وإنما على مستوى الحكومة أو على الأقل بين الشريكين فنحن لدينا لجنة مشتركة ويمكن أن تثير الحركة الشعبية مسألة معاودة المباحثات في الدوحة في اجتماع مع المؤتمر الوطني”.
وحول توزع ملف دارفور بين الدوحة والقاهرة وكمبالا، أوضح ألور “توصلنا إلى اتفاق السلام في نيفاشا لأن الحركة الشعبية والحكومة كانتا على قناعة بأن ليس هناك حل سوى الحوار والمباحثات، فهل هذه القناعة موجودة بين الحركات المسلحة في دارفور وحكومة الوحدة الوطنية؟ هذا سؤال تجب مناقشته، وقد نجحنا في الوصول لاتفاقية السلام الشامل لوجود اتفاق إقليمي- ممثلا في منظمة الإيقاد- على ضرورة مساعدة السودانيين في الوصول إلى سلام، فهل مثل هذا الاتفاق الإقليمي موجود الآن بالنسبة لدارفور؟ في رأيي هذا غير موجود، فإذا نظرت إلى دول الجوار الآن بما فيها دول الإيقاد فلن تجد اتفاقا بينها في هذا الأمر، فمثلا تشاد وهي طرف مباشر في قضية دارفور تتهمها الحكومة السودانية بدعم الحركات المسلحة كما تتهم هي السودان بأنه طرف مباشر في دعم معارضتها، وإذا نظرت إلى مصر وليبيا فهل هما شريكان في الحوار الجاري الإجابة لا، مع أن الدور الليبي والمصري مهمان، فعلاقة ليبيا بكل من السودان وتشاد علاقة مهمة وكذلك علاقة مصر بالسودان وبحركة العدل والمساواة وحركات دارفور علاقة مهمة، فقبل زيارة الرئيس البشير لمصر عقد هناك اجتماع للحركات المسلحة في دارفور، فمن الصعب الوصول إلى اتفاق سلام بمعزل عن المحيط الإقليمي، ولذلك لا بد من إقناع كل هذه الدول بمساندة السودان في تحقيق السلام”.
وفيما يتعلق بملف العلاقات السودانية الأمريكية وتعثر تطبيعها قال الوزير السوداني إن أسباب تعثر التطبيع واضحة وتتمثل في مشكلة دارفور التي فرضت العقوبات على السودان بسببها وكذلك إبقاء اسم السودان ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب. وأضاف أن السبب الثاني يتعلق بتنفيذ اتفاقية السلام الشامل حيث كانت أمريكا هي الراعي الأول لهذه الاتفاقية وتعتقد أن عدم تنفيذها سيجر البلاد إلى الوراء، فأمريكا لا تريد أن يعود السودان إلى الحرب لأن ذلك سوف يؤثر على الاستقرار في كل المنطقة وهذا يكلف أمريكا والعالم خسائر كبيرة، فإذا أحرزنا تقدما في ملف دارفور يمكن أن يحدث تقدم في العلاقات السودانية الأمريكية.
وحول طلب الأمين العام للحركة الشعبية فاقان أموم في خطابه مؤخرا أمام الكونجرس الأمريكي بعدم التطبيع مع السودان وعدم رفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب لأن المؤتمر الوطني لم ينفذ اتفاقية السلام ويقوم بتسليح القبائل في الجنوب، قال ألور إن كلام الأمين العام صحيح “فالمؤتمر الوطني يرسل رسائل متضاربة، مثلا فإنه قبل بقرار محكمة التحكيم حول أبيي ولكنه في نفس الوقت أرسل إشارات للمسيرية بأن القرار مجحف لهم، وقد تابعنا ذلك من خلال تصريحات قيادات في المؤتمر الوطني، وهذه الإشارات يمكن أن تشجع الذين لا يريدون الاستقرار في المنطقة، ويحدث مثل هذا السلوك في كل بنود ملف السلام.
وكشف وزير الخارجية السوداني أن وزراء الحركة الشعبية في حكومة الوحدة الوطنية “يجدون أنفسهم بلا مهام لأن المؤتمر الوطني أفرغ وزاراتهم من محتواها، فتجد الوزير مجرد صورة والوزير الذي يحاول أن يفعل شيئا يضعون أمامه العراقيل. وقال إنه يقابل أحيانا مثل هذه المحاولات في وزارته “فمثلا في مسألة توزيع السفراء ونقلهم دائما أواجه بأن الرئيس لا يريد هذا السفير أو ذاك في المنطقة الفلانية، صحيح أن الرئيس يجب أن يوافق على تعيين السفراء ولكن الذي يرفع التقارير حول السفراء لرئيس الجمهورية في هذا الشأن هو وزير الخارجية وليس جهات أخرى، فهناك ازدواجية، والدبلوماسية تحتاج إلى الإبداع والدبلوماسي إذا شعر أنه مهدد ويمكن فصله أو استدعاؤه في أي وقت لن يكون مبدعا وواثقا من نفسه، فالدبلوماسي يجب أن يترقى حسب أدائه في عمله وليس حسب انتماءاته السياسية فكلنا ننتمي إلى هذه الدولة السودانية، فالدبلوماسيون نوعان: الدبلوماسي المهني الذي يتدرج من درجة سكرتير ثالث بوزارة الخارجية، والدبلوماسي المعين سواء من المؤتمر الوطني أو الحركة الشعبية، والآن الدبلوماسي المهني صاحب الخبرة هو الخائف”.
وفيما يتعلق بالجدل الذي أعقب صدور قرار التحكيم حول أبيي بشأن تبعية منطقة هجليج الغنية بالنفط تابعة للشمال وفي المقابل حديث آخر بتبعيتها لولاية الوحدة، أوضح الوزير أن ما حدث في لاهاي “هو تحديد حدود منطقة أبيي فقط فلم يتم تحديد الحدود بين الشمال والجنوب ونحن قبلنا بأن تكون هجليج والميرم خارج أبيي، وإلى الآن لم ترسم الحدود بين الشمال والجنوب في تلك المناطق. ويجب أن ننتظر ترسيم الحدود والخرائط”. وأضاف أنه لا يعتقد بضرورة ذهاب الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني إلى لاهاي مرة أخرى بسبب هجليج “فيجب أن يأتي كل طرف بخرائطه ووثائقه ويمكن التوصل إلى حل”.
وفيما يتعلق بالمحكمة الجنائية وقضية الرئيس السوداني عمر البشير معها، قال وزير الخارجية السوداني “كل دولة تتعامل مع هذه المحكمة بطريقتها ففي المحيط الأفريقي هناك دول اتخذت مواقف التزام بالتعاون مع لاهاي مثل بتسوانا، أما أوروبا فلا يمكن أن يسافر إليها الرئيس البشير، أما الدول العربية والأفريقية التي تدعم حكومة السودان فالسفر إليها عادي، إذا كان مجلس الأمن صوت بأغلبية لصالح المحكمة وإدانة السودان عندما قدم المدعي العام للمحكمة لويس أوكامبو تقريره لمجلس الأمن كان من الممكن إجبار كل الدول الأعضاء في هذه المحكمة على عدم التعاون مع السودان، ولكن الدول الأفريقية ودول أمريكا اللاتينية صوتت لصالح السودان ، فليبيا وبوركينا فاسو ويوغندا دعمت السودان ومن أمريكا اللاتينية صوتت الأرجنتين لصالح السودان فجاءت نتيجة التصويت ثمانية ضد السودان وسبعة معه ولو كانت النتيجة تسعة ضد السودان مقابل ستة معه لاختلف الوضع، والتقرير الثاني سوف يقدم لمجلس الأمن في ديسمبر المقبل وإذا غيرت أية دولة موقفها لصالح السودان أو لصالح المحكمة فإن ذلك سوف يؤثر ولو ظلت الأمور كما هي أو زاد عدد الدول الداعمة للسودان سيستطيع الرئيس البشير التحرك بحرية في دول كثيرة”.
الخرطوم: فايز الشيخ السليك
الوطن