هل يضحي شريكا الحكم في السودان بالوحدة?

حملت الحركة الشعبية لتحرير السودان تهديدات الرئيس عمر حسن البشير بوقف نشاطها في شمال البلاد حال واصلت منع حزبه من ممارسة نشاطه في الجنوب، محملا جادا دفعت فيه هي الأخرى بآراء تبدو في مجملها مناكفة لتلك التهديدات، مما يشير إلى أن الهوة بين الفريقين ما زالت توالي اتساعها.

ففي وقت اعتبر فيه محللون سياسيون أن فصلا من فصول الخلافات الحادة بين الطرفين قد انقضت أيامه، وأن الطرفين سيحاولان وقف كافة أشكال التصعيد بعد الاتهامات المتبادلة عن الفساد المالي والاعتداء على المال العام في البلاد وما إذا كانت تلك الاتهامات حقيقة أم مزايدات سياسية، فتح الطرفان جبهة جديدة لا يدرى أين ستستقر.

ولم تنتظر الحركة الشعبية لتحرير السودان وقتا طويلا للتفكير في الاتهامات الموجهة لها والتي جاءت هذه المرة على لسان رئيس المؤتمر الوطني رئيس الجمهورية، فواجهتها باتهامات مماثلة اعتبرها محللون سياسيون نقطة تحول ثانية في شكل الصراع القائم بين الشريكين بعد اتهامات الفساد المالي التي ألصقها كل طرف بالآخر.

شعبية واسعة
وقالت الحركة إنها تتمتع بشعبية واسعة في الشمال والجنوب وتتحدى المؤتمر الوطني باختيار قواعده في الجنوب. واعتبرت اتهاماته واحدة من حالات الخوف والهلع مما سمته المد الجماهيري للحركة في الشمال والجنوب معا.

وقال أمينها العام باقان أموم في تصريحات صحفية إن الاتهامات توحي بإمكانية عودة النظام العسكري إلى السودان كما أنها محاولة للخروج على اتفاقية السلام، مشيرا إلى أن الحريات المتاحة في جنوب البلاد أفضل بكثير من تلك المتاحة في شمالها الذي يسيطر المؤتمر الوطني على مقاليد الحكم فيه.

وأكد أن أي محاولة للمؤتمر الوطني لإعاقة نشاط الحركة سيكون الرد عليها بالأدوات السياسية والدستورية والمقاومة الجماهيرية.

لكن الخبير الإستراتيجي حسن مكي اعتبر أن الاتهامات رسالة قوية موجهة للحركة الشعبية مفادها أن عليها أن تتعامل مع المواطنين الذين ينتمون للمؤتمر الوطني كما يتعامل الأخير معها في الشمال، مشيرا إلى أن البلاد قد دخلت مرحلة جديدة تحتاج إلى التعايش والاعتراف المتبادل بين كافة القوى السياسية جنوبية كانت أم شمالية.

مناطق مقفولة
وقال للجزيرة نت إن الرسالة جاءت قوية لأن الجنوب أصبح كالمناطق المقفولة التي لا علاقة لها بالوطن الأم، مستبعدا في الوقت ذاته أن يكون البشير قد قصد التهديد بفصل الجنوب عن الشمال.

بينما تساءل مدير مركز الدراسات السودانية حيدر إبراهيم عن ممارسة الديمقراطية والحريات في الشمال “حتى تدعى الحركة الشعبية لممارستها في الجنوب”.

ووصف في حديث للجزيرة نت التحول الديمقراطي في شمال السودان بالناقص، “وإلى أن يكتمل ذلك لا يمكن أن نطالب الآخرين بما لا نفعله”، مشيرا إلى أن الشمال نفسه يعاني في مجال الحريات العامة وممارسة النشاط السياسي.

وقال إن “على الطرفين أن يعملا لأجل بسط الحريات الكاملة في البلاد شمالها وجنوبها قبل المطالبة بالحريات في شطر البلاد وتركها في الشطر الآخر”.

غير أنه ذكر أن هناك من يرى أن الاتهامات تنم عن فكرة مبكرة لتقسيم السودان “لكن ربما لا يكون ذلك صحيحا مما يدفعنا لمطالبة الطرفين بإبراز حسن نياتهما تجاه وحدة البلاد بالعمل الجاد لذلك”.

 الجزيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *