هل يتحالف التجمع والوطني السوداني؟
عماد عبد الهادي-الخرطوم
يبدو أن حمى الانتخابات في السودان المزمع إجراؤها في أبريل/نيسان المقبل بدأت تحرك ساكنا كان إلى وقت قريب محل نسيان.
فبينما اتجهت قوى المعارضة إلى التكتل وإعلان مواقف تبدو أكثر قربا للانسحاب من المشاركة في العملية الانتخابية بحجج متفاوتة، لجأ شريكا الحكم المؤتمر الوطني والحركة الشعبية إلى التسابق نحو بعض فصائل المعارضة، بل وتكثيف لقاءاتهما بها بغية استمالتها وإحداث نوع من التحالفات لتلك المعركة.
فمن جهتها دعت الحركة الشعبية قوى المعارضة للاجتماع في عاصمة جنوب السودان جوبا للتباحث والتنسيق للمرحلة المقبلة، في حين ذهب المؤتمر الوطني للبحث في دفاتر قديمة لإحياء اتفاقات كان قد أبرمها مع عدد من الفصائل دون أن تجد حظا كاملا من التنفيذ.
لكن محللين سياسيين اعتبروا أن المؤتمر الوطني سيكون الأكثر تضررا إذا ما نجحت الحركة الشعبية في كسب قوى المعارضة إلى جانبها، مشيرين إلى ما سموه نزعة الخوف التي بدأت تسيطر على الحزب عقب تقارب الحركة مع المعارضة.
وأكد هؤلاء أن محاولة إحياء اتفاق القاهرة المبرم عام 2006 بداية حقيقية لتأثير الانتخابات وما يمكن أن تكون عليه في المرحلة المقبلة.
عدم انقطاع
لكن أمين الإعلام بحزب المؤتمر الوطني ربيع عبد العاطي أكد أن لقاءات الحزب بالتجمع الوطني الديمقراطي الذي يتزعمه محمد عثمان الميرغني لم تنقطع، بالنظر إلى تركيبة التجمع الذي يشارك عدد من عناصره في حكومة الوحدة الوطنية.
وقال إن التجمع لم يعد يضم فصائل يمكن الحوار معها وإنما يوجد أفراد لا يشكلون ضغوطا على الحكومة، معتبرا أن القسم الأكبر في التجمع الوطني “موجود داخل أجهزة الحكومة ممثلا في مشاركة الحزب الاتحادي في السلطة التشريعية، وبالتالي لا نرى أن هناك انقطاعا تم استئنافه”.
واعتبر في حديث للجزيرة نت أن هدف اجتماعات الطرفين تشيط مكونات التجمع الوطني “خاصة الحزب الاتحادي الديمقراطي للتفاهم حول المستقبل في ظل الانتخابات المقبلة”.
من جانبه اعتبر ناطق باسم التجمع الوطني أن لقاءات الطرفين خطوة نحو تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بين الحكومة السودانية والتجمع من قبل.
وقال محمد فائق إن “اتفاقنا الذي وقعناه عام 2006 باسم التجمع الوطني الديمقراطي مع حكومة السودان وليس مع المؤتمر الوطني وحده، “وهي -أي الحكومة- ملزمة بتنفيذ ما اتفقت معنا عليه”.
حلول نهائية
وأكد فائق أن شكوى فصائل التجمع الوطني من عدم تنفيذ الاتفاق دفع الحكومة إلى الاستجابة وقبول الجلوس بهدف إيجاد حلول نهائية لمشاكل تنفيذ الاتفاق، مشيرا في حديثه للجزيرة نت إلى أن الطرفين أكدا على أهمية بنود الاتفاق السابق وضرورة تنفيذها.
واعتبر أن من الأصوب أن يمضي تنفيذ الاتفاق بين الطرفين إلى نهاياته “لأن ذلك سيدفع بإجراءات التحول الديمقراطي والانتخابات المقبلة إلى الأمام”.
لكن المحلل السياسي محمد موسى حريكة اعتبر أنه مع العد العكسي للعملية الانتخابية، ومع أن المؤتمر الوطني يمسك بكل خيوط اللعبة الإجرائية لتلك الانتخابات من تعداد سكاني وتوزيع للدوائر الجغرافية، “فإنه يجد نفسه في حالة اختناق داخل غرفة العمليات الانتخابية، خاصة فيما يتعلق بشكوك الحركة الشعبية في كل خطوة يخطوها”.
مقدمات لنفوذ
وقال حريكة للجزيرة نت إن لقاءات المؤتمر الوطني مع معارضيه في هذا الوقت بالذات ربما تكون مقدمات لنفوذ كبير ينشده، “إذ ليس في وسعه إلا البحث عن تكتيكات حتى في مراحلها المختلفة، لذلك فهو ينشط ذاكرته أملا في فتح نافذة تهوية في غرفته الانتخابية الخانقة”.
وذكر أن المؤتمر الوطني يحاول بث الروح في علاقاته مع التجمع من خلال إحياء اتفاق القاهرة، “لكن لا نرى فيها إلا عملية تحضير أرواح لأن ما تدفق بعده في نهر السياسة السودانية قد تجاوز كثيرا من بنود ذلك الاتفاق”، مشيرا إلى أن عودة المؤتمر الوطني لما سماه المحطات القديمة غير مفيدة لا للمؤتمر الوطني ولا لقوى التجمع الوطني الديمقراطي.
أما المحلل السياسي محمد علي سعيد فقد استبعد تحمس المؤتمر الوطني للوصول مع التجمع إلى تفاهمات مهمة، “غير أنه يحاول استكشاف ما تبقى من مناطق القوة والضعف ومن ثم العمل على استغلالها”.
وقال للجزيرة نت إن معظم بنود الاتفاق بين الحزب الحاكم والتجمع الوطني لم يتم تنفيذها، خاصة ما يتعلق بالقوانين المقيدة للحريات وجبر الضرر وإعادة المفصولين من الخدمة، مؤكدا أن التجمع لم يعد يشمل أحزابا ذات وزن يعتد به.
وأضاف أنه على الرغم من أن التجمع لم يعد يشكل تهديدا للمؤتمر الوطني “فإنه -كما يبدو ومن باب الاحتياط- يحاول كسب فصائله ومن ثم دخول الانتخابات المقبلة بلا تهديد يذكر”.
المصدر: الجزيرة