من تداعيات مظاهرة الضغط التي سيرتها الحركة الشعبية وباقي احزاب المعارضة والتي اسفرت عن رضوخ المؤتمر الوطني واذعانه واجباره علي اعادة القوانين موضع الجدل الي البرلمان بعد التعديل وتمت اجازتها رغما عن انوف رئيس المجلس ونائبه وزعيم نواب المؤتمر الوطني , من تداعيات تلكم المظاهرة التي ارعبت المؤتمر الوطني ظنا منها ان ساعة رحيلها قد دنت بانتفاضة وشيكة , ان وقع صدع وشرخ كبير جدا في جسم هذا الحزب الذي هو اصلا غير متجانس لانه مكًون من زمرة انتهازيين ومحبي السلطة بأسهم بينهم شديد وتحسبهم جميعا وقلوبهم شتي . وقع هذا الشرخ لان الحزب انقسم الي معسكرين كلٌ يري وسيلة غير التي يراها المعسكر الاخر في كيفية التعامل مع المظاهرة والتصدي لها. فمعسكر العاقلين ,ان جاز التعبير, والتي علي رأسها النائب الثاني لرئيس الجمهورية, يري انه من الحكمة بمكان السماح للمظاهرة بالمضي قدما مع السيطرة عليها وضمان عدم انفلاتها حتي يتم تسليم مذكرتهم الي رئيس البرلمان وبذلك يتم تفويت الفرصة للاحزاب الاخري التي ما خرجت الا لاسقاط الحكومة , خاصة عدوهم اللدود حزب المؤتمر الشعبي , والذي ما برح امينه العام يشكل بعبعا مخيفا لهم لانه هو الذي رعاهم منذ ان كانوا اطفالا في السياسة يلبسون حفاضات في حضانتها, وكما يقول المثل الدارفوري “ابوالقدح بعرفي محل بعضي اخيه” . فعراب الحزبين يعرف مواقع الضعف لدي هؤلاء . اما المعسكر المناوئ, والذي يقوده الرئيس ويديره ويسيطر عليه لاحس الكوع ومدير الاستخبارات والأمن السابق, هذا المعسكر المعروف بشراسة ودموية افراده وتعطشهم دوما للدماء وحرصهم علي البقاء علي كراسي السلطة بأي ثمن حتي ولو بتقطيع “اوصال” هؤلاء المتظاهرين , فانه يري حتمية قمع المظاهرة ووأدها كما فعلوا. ولقد جلبوا لهذه المهمة القذرة مرتزقة من قبائل موريتانيا (وقد زار الرئيس موريتانيا لاحقا ليشكرهم علي ذلك)والذين ظهروا في شوارع الخرطوم علي صهوات اللاندكروزرات حيث شهد كل من رآهم بانهم غريبي الشكل والتصرف . وسبب استعانتهم بهؤلاء الموريتانيين لانهم خشوا ان ينحاز الجيش السوداني والشرطة الي جانب المتظاهرين وتتم الانتفاضة وتتكرر انتفاضة ابريل مرة اخري . كيف لا تنعدم الثقة بالجيش وهم قد غيبوه عن الساحة لذات السبب عند دخول قوات خليل العاصمة فوجدوا مليشيات الحزب الحاكم فقط مما ترك غصة في حلق الجيش السوداني حتي اللحظة.
البعض سمي انتصار معسكر القمع بقيادة الرئيس بانه انقلاب داخل الحزب لم يظهر بعد علي العيان , ولكننا نؤكد بان الكيل قد طفح داخل حزبهم وانداح ليشمل قطاع الطلاب بالجامعات الذين نشطوا في نقاشات ومواجهات بين انصار المعسكرين الي درجة ازدياد احتمالات تصادمهم المسلح وغير المسلح.
ولكن تتوافر الادلة المعلوماتية بان هناك اتجاه قوي وسط الحزب الحاكم لاخراج الرئيس من مسار الانتخابات القادمة واقناعه بالعدول عن الترشح لما في ذلك من تجنيب للحزب لمزالق كارثية ومههدة لبقائه علي الساحة في حال فاز الرئيس ام لم يفز . اذ انه لو تجاوز الطعون في اهليته للترشيح لانه ملاحق قضائيا في لاهاي , وترشح وفاز , فان ذلك سيضع حكومته وحزبه في عزلة دولية وتكثر المشاكل القائمة خاصة بعد انفصال الجنوب. أما إن سقط في , فانه بذلك يكون قد تسبب في اخراج الحزب من السلطة وحينها تكون النهاية المرجوة لهذا الحزب الباطش وستُفتح ابواب الملاحقات القانونية ضد الرئيس وكثير من اعضاء الحزب داخليا وخارجيا وهذا ما يخيف الحزب وخاصة كوادره الذين تلطخت ايديهم بجرائم متنوعة جعلهم يستميتون في البقاء في الحكم لان في ذلك ضمان لعدم ملاحقتهم من قِبل ضحاياهم وما اكثرهم.
وكلما اقترب موعد الانتخابات اشتد التوتر داخل الحزب الحاكم وازدادت احتمالات الانهيار التام والذي سيقود الي السقوط المدوي في الانتخابات ان تمت بنزاهة , او سيفوزون فوزا هزيلا ان زوروا فيه , وهذا هو الارجح , وعندها سيتفاقم الامور بانفجار الشارع احتجاجا علي التزوير ,وبدل مظاهرة صغيرة ستندفع موجة تسونامي تجرف الانقاذ وتمحو اثاره. وان غدا لناظره قريب.
محمد علي طه الشايقي(ود الشايقي).