بقلم / شريف ذهب
المعروف عن محترفي الإجرام أنهم ينتهجون سياسة التمويه وخلط الأوراق لصرف الأنظار عن جرائمهم وهي سياسة يتبعها عصابات المافيا واللصوص ، وقد عُرف عن نظام الإنقاذ في السودان هذا السلوك الذي تجلّى في مواقف كثيرة مرّ فيها النظام بمنعطفات حرجة كادت تهوي به وسرعان ما يقوم رموزه باستخدام وسائل للتهدئة والتسكين تتمثل في التنادي بالحوار مع القوى السياسية المعارضة ثم لم يلبثوا أن يتنصلوا عنها حالما تنفرج الأمور ، ووثبة البشير الأخيرة تندرج تحت هذا الفهم وستنتهي إلى لا شيء باستنفاذ أغراضها .
وفي الأيام القليلة الماضية تم إثارة الكثير من قضايا الفساد المرتبطة برموز كبيرة في النظام منها قضايا شركة الأقطان والأوقاف وفساد ولاة الولايات وعلى رأسهم والي الخرطوم الذي يبدو أنّ النظام لا يود التضحية به ، وقضية شحنة المخدرات التي رشح في الإعلام أنها مرتبطة برؤوس كبيرة في النظام بينهم شقيق الرئيس . لذلك كان لابد من إثارة قضية إعلامية كبيرة تصرف الأنظار عن تلك القضايا فوجدوا في اعتقال الصادق المهدي القضية المناسبة لاستيفاء الغرض لا سيما وأنها تخدم مصلحة مشتركة للطرفين ( النظام والصادق المهدي ) فالصادق المهدي أيضا وجد نفسه في موضع لا يحسد عليه عقب الخلافات التي دبت داخل حزبه أودت بخروج أمينها العام وزاد في وطأتها عودة السيد مبارك المهدي وإفاداته الإعلامية التي كشف خلالها الكثير من المستور عن مواقف السيد الصادق والتهديد السياسي الذي بدا يشكله مبارك الفاضل في حال قيامه بلملمة كوادر الحزب المبعدة وتشكيل كيان موازي ، هذا من جانب، ومن جانب آخر فقد وجد النظام إنها السانحة المناسبة للترويج لمليشيات جنجويدها التي تم تعريفها مؤخراً ( بقوات الدعم السريع ) و ( تبييضها) إذا جاز التعبير ، عما نسب لها من جرائم في دارفور وكردفان ” وهي حقائق ” لذلك عمد النظام على تنظيم مؤتمر صحفي لقائد هذه القوات ( حميدتي ) ليبرئ ساحة قواته ، وقد قام حميدتي بخلط مزيد من الأوراق لا سيما فيما يتعلق بالصادق المهدي بافشاءه لسر مكتوم يتعلق بتدريب السيد ( بشرى ) ابن الصادق المهدي لهذه القوات ، وقد وجد النظام إنها السانحة المناسبة أيضا لإيصال رسالة تهديد وتخويف لقوى المعارضة وجموع الشعب الطامح في التغيير بأنّ هذه القوات لهم بالمرصاد في حال تحركهم للقيام بأية محاولة لثورة ضد النظام ، وفي الذاكرة أحداث هبة سبتمبر التي مارست فيها ذات هذه القوات أبشع صور التنكيل والتقتيل بالمتظاهرين العزل في الخرطوم .
ولا ندري ماذا تخبئي لنا الأيام القادمات من مفاجآت في ظل الشائعات عن استفحال صراع مراكز القوة داخل أجهزة النظام ومرض الرئيس وغياب إخباره عن الساحة ؟؟؟.