هل تحقق السودان الجديد؟

هل تحقق السودان الجديد؟
بعد ان ركل جعفر نميرى اتفاقية اديس ابابا وانتهت الى الفشل ،اعلن الدكتور جون فرنق فلسفته لحل الازمه السودانية والتى سماها بالسودان الجديد، وعمل على تحقيق ذلك ومعه رفاقه حيث ناضلوا لأكثر من عقدين وتوج ذلك النضال بأتفاقية السلام الشامل (اتفاقية نيفاشا) التى تم التوقيع عليها فى التاسع من يناير فى العام 2005 وفى نفس العام فى الثلاثين من يوليو رحل من دنيانا الدكتور جون قرنق ولكنه لم يرحل بفكرة السودان الجديد بل تركها لكل السودانيين وواصل رفاقه تلك المسيرة فالسؤال ما هو المقصود بالسودان الجديد الذى ظلت الحركة الشعبية تنادى به وهل تحقق السودان الجديد ام لا؟.

للاجابة على هذا السؤال نحتاج لفهم لتلك الفلسفة ومن ثم نسقطه على حال السودان اليوم والمستقبل ،فالسودان الجديد الذى طًرح وبشكل واضح هو سودان غير السودان القديم الذى كان به مواطنين بدرجات مختلفة درجه أولى وثانية وثالثة وكذلك سودان ذو هوية مفروضه على شعوبه قائمة على أسس عرقية ودينية فالناظر للحاله السودانية يجد انها بقامة قارة من حيث التوع الاثنى والدينى وكذلك من حيث كبر مساحته، فعندما نتحدث عن التنوع العرقى هذا يعنى ان هنالك عدد من الاعراق اما الحديث عن التنوع الدينى يعنى التعدد فى الديانات فهل من العدالة ان توصف دولة بها تعدد عرقى بأن هويتها تنسب لواحده من الاعراق المكونة للدولة وهل ايضا من العدل بأن تنسب هوية دولة متعدده الديانات الى دين واحد فبذلك حدد هوية السودان بأنها دولة (عربية اسلامية) هذا الوصف للسودان فيه ظلم كبير لغير العرب وغير المسلمين ، فغير المسلم عندما تقاتله الدولة بأسم الدين كما حدث فى العقود الماضيه هذا يعنى محاربته دينيا فلا يحتلف اثنان بأن جنوب السودان تم محارته بلأسم الدين لفتره طويلة ،اما العروبة كانت تستخدم للتعبئة لاقناع العرب بأنهم والعروبة فى خطر فحتى اليوم نجد ان كلمة ((عب)) لاتبارح السنت حتى كبار المسؤلين فى الدولة ناهيك عن المجتمع الذى تم تعبئته عرقيا ، فاذا كان هنالك تنوع عرقى يعنى ان هنالك تنوع ثقافى وعندما لا تعترف بلأخر هذا يعنى انك لا تعترف بثقافته ايصا وهذا هو المحك .

السودان ظل لسنوات طوال وفى ظل كل الحكومات تعزف فى وتر الدين والعرق وعلى اساس ذلك تكون مواطن درجه أولى او ثانية…الخ فى الحقوق والواجبات .
اذا كان ذلك هو السودان القديم فماهو السودان الجديد؟

السودان الجديد يقوم على فلسفة ان الشعب السودانى متساويين فى الحقوق والواجبات دون النظر الى العرق والدين واللون أو بمعنى اخر هو تغيير السياسات التى مارستها الانظمة التى تعاقنت على حكم السودان الى اليوم ادخلت البلاد فى حروب طاحنة مستمرة حتى اليوم.

فأذا نظرنا للسودان نجد ان اقاليمه المختلفة تضمها قسرا لحاجة المستعمر لذلك وهذا يعنى فقدان العقد الاجتماعى الذى يعتبر صمام امان لاستمرارية الشعوب للعيش معا والاعتراف بالأخر فغياب ذلك العقد انبنى عليه لاحقا كل المشكلات التى نعيشها الأن .

عندما وقع طرفا اتفاقية نيفاشا اتفقا ان تكون هنالك فترة انتقالية لست سنوات وبعدها يتم استفتاء لشعب جنوب السودان ليختار اما الوجدة او الاستقلال والفلسفة من الست سنوات هى فترة اختبارية ما اذا كان هنالك جدوى او عدم جدوى للعيش فى السودان الواحد الذى عان منه شعب جنوب السودان لأكثر من نصف قرن من الزمان الا ان الفترة الاختبارية فشلت بأن يكون السودان دوله واحدة نسبة لعدم مقدرة الشمال اثبات نيته لاقناع شعب جنوب السودان للعيش فى دولة واحدة، ففترة الستة سنوات كانت مليئة بالمغالطات على الرغم من ان بنود الاتفاقية واضحه وضوح الشمس فى كبد السماء فنظام المؤتمر الوطنى خرق كثيرا من بنود الاتفاقية وعلى رأسها الحريات التى تعتبر من اهم العوامل التى تجعل الانسان يحس بأنسانيته فنجد ان حريته قد قيدت . كل تلك الاسباب اجتمعت لتترك اثرا سيئا فى نفوس الشعب الجنوبى لذا اختار الاستقلال عن دولة الجلابه التى سببت له معاناه طال امدها وفقد فيها الكثير من الانفس وتقاعد عن التنميه لعقود طوال ،فبحلول التاسع من يوليو المقبل يرفرف علم السودان الجنوبى فى سماء الدولة الجديده اذانا بقيام دولة السودان الجنوبى الذى نتمنى لها الاستقرار والنماء والاذدهاروبذلك يكون شعب السودان الجنوبى قد ودع سيطرة الجلابه عليه الى الابد، ويصبحوا مواطنين من الدرجة الاولى فى دولة ذات موقع مهم فى القارة الافريقية وتحدها دولة السودان الشمالية من الشمال وافريقيا الوسطى من الغرب والكنغو من الجنوب الغربى ويوغندا من الناحية الجنوبية وكينيا من الناحيه الجنوبية الشرقية واثيوبيا من الناحية الشرقية ولكل هذا معنا كبيرا بينما فقد السودان الشمالى جيرة كل من الكنغو ويوغندا وكنيا كاملا مما له معنا ايضا.

فبعد استقلال الجنوب وانفا صفة درجة ثانية بلنسبة للجنوبيين وتحوله الى درجه أولى وكذلك ممارسة ثقافاتهم كما يشاؤن واعتناق دياناته كما يشاء وتحترمها الدولة وتنتفى لفظ (العب)وغيرها من الالفاظ التى تستفذ مشاعر الانسان،هذا يعنى ان السودان قد تغير ولم يعد هو سودان الامس.ففلسفة السودان الجديد هى متكاملة وهى اما ان يكون السودان واحدا ويحترم كل شعوبه ويكزن فيه الناس متساويين فى الحقوق والواجبات دون النظر للعرق او الدين او اللون …الخ أو يتم تفكيك السودان لتعيش شعوبه عزيزة ومكرمة واذا ارادت الشعوب القاطنة فى اجزاء السودان ان تتوحد بعقد اجتماعى جديد فذلك شأنها .فأى واحد من الخيارين اعلاه تم تحقيقه فهو سودان جديد فى هذه الحالة نجد ان الخيار الثانى اثبت نجاحه ولم يقف الأمر الى ذلك الحد فخريطة السودان السمالى سوف تتغير قريبا بعد ان يختار شعب اقليم اخر الاستقلال عن دولة الجلابه ويليه اخر الى ان يصبح شعوب السودان احرارا وهذا قادم قادم قادم ،فالمرحلة التالية للسودان الجنوبى هى مرحلة السودان الغربى ومن بعده السودان الشرقى وهكذا الى عدة سودانات , وعندما تحقق الخيار الثانى فى جنوب السودان هذا يعنى ان السودان اصبح غير السودان القديم اذن اذا لم يكون السودان القديم فهو سودان جديد حسب الفلسفة  التى قامت على اساسها وهذا هو المطلوب اثباته.

                                      عبدالعزيز يحيى محمد(دانفورث)

              [email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *