هذا اوان رفع السقوف – وتعديل العقيدة القتالية للمتمردين

هذا المقال سنكرسه بحول الله لدراسة عاملى : (مفعول الزمن – مضى حوالى عقد من الزمان علي الثورة المسلحة فى دارفور) +متغيرات الواقع داخل الجبهة الثورية والمحيط الاقليمى والدولى على (العقيدة القتالية والنضالية للحركات المسلحة فى دارفور) – واعنى بالعقيدة القتالية لاغراض هذا المقال (الهدف) الذى (يموت ) من اجل تحقيقه مقاتلوا الحرية الذين حملوا السلاح فى دارفور – ودعونى ابدا بتقرير  حقيقة ان الحركات الدارفورية كلها تقاتل من اجل (الوحدة) بشرط ان تكون هذه الوحدة على اسس جديدة تضمن ادارة فاعلة للتنوع السودانى وذلك من (مرجعية المواطنة). السؤال الذى سنحاول الاجابة عليه فى هذا المقال هو : الى مدى  وسوف يؤثر (عامل الزمن) اضافة لعنصر  (الواقع المتغير) محليا واقليميا ودوليا — على العقيدة القتالية والنضالية للحركات المسلحة فى دارفور؟؟

اولا:  سنبدا بعنصر (الزمن) – ونجيب هنا على السؤال التالى : ماهى النتائج والعبر والدروس التى توصل اليها الدارفوريون  خلال مسيرة  العشرة سنوات الماضية من عمر الثورة الدارفورية وانعكاس ذلك على العقيدة القتالية؟
1-   خلال فترة العشرة سنوات الماضية تيقن حملة السلاح جميعا فى دارفور عدم جدية الحكومة المركزية فى الخرطوم فى قبول الدارفوريين كشركاء فى هذا الوطن وانها غير مستعدة للاستجابة لمطالب المتمردين (الوحدويين) الذين حملوا السلاح وذلك بدليل انها لم تنفذ جميع الاتفاقيات التى وقعتها فى (ابوجا وفى الدوحة)—وثبت للجميع انها توقع الاتفاقيات لكسب الوقت فقط..
2-   ثبت للكافة ان الحكومة المركزية غير راغبة فى تنمية اقليم دارفور الكبرى وازالة التهميش – وغير راغبة حتى فى توفير الخدمات التعليمية والصحية للمدن الى تحت سيطرة الحكومة – باختصار علاقة الحكومة بالاقليم اشبه بعلاقة (المحتل) الذى يعلم انه (عاجلا او اجلا) سيخرج من هذا البلد – لذلك تستخسر الحكومة المركية الصرف على هذا الاقليم تماما كما كانت تفعل مع الجنوب خلال فترة (نيفاشا) .
ثانيا : ما هى المتغيرات المحلية والاقليمية ذات الصلة بملف دارفور؟
1-   خلال فترة العشرة سنوات الماضية وقعت الطامة الكبرى وهى انفصال الجنوب – وبذلك نال الجنوبيون (استقلالهم) وصاروا دولة ذات سيادة . ومعلوم ان استقلال الجنوب سيشجع الاقاليم الاخرى ذات الاوضاع المشابهة للجنوب ان تحذو حذو الجنوب.
2-   بعد انفصال الجنوب شكلت الفصائل الدرفورية بالاشتراك مع الحركة الشعبية قطاع الشمال ما يسمى (بالجبهة الثورية – كاودا- ) – وتفيد كل المؤشرات الى ان الحركة الشعبية قطاع الشمال التى تضم (جبال النوبة والانقسنا) – سوف توقع فى غضون الايام القادمة اتفاقية مع حكومة المؤتمر الوطنى – ونتيجة لذلك عمليا ستخرج الحركة الشعبية قطاع الشمال (فى جناحها العسكرى على الاقل) من الجبهة الثورية وسوف تدخل فى ترتيبات امنية مع الخرطوم ستؤدى الى دمج قواتها فى الجيش القومى ان عاجلا او اجلا.
3-   جرت متغيرات اقليمية فى دول الجوار الدارفورى فى (مصر – ليبيا – تشاد – افريقيا الوسطى – واخيرا دولة جنوب السودان) – القراءة تقول ان هذه المتغيرات الاقليمية فى غير صالح الحركات المسلحة الدارفورية .
ثالثا – المتغيرات الدولية ذات الصلة بملف دارفور:
1-   ظل المجتمع الدولى بقيادة امريكا يمارس حالة نفاق بشان قضية دارفور – اعنى بذلك ان المجتمع الدولى قد تعمد وبسوء قصد رهن وتجميد ملف دارفور ربطا بلف الجنوب – لدرجة ان الدرفوريين باتوا يعتقدون ان امريكا قد وهبت اقليم دارفور (كجزرة)للحكومة السودانية نظير تنازلاتها فى ملف السلام الشامل (نيفاشا) – بمعنى ان امريكا اطلقت العنان للحكومة السودانية لتفعل ما تشاء فى دارفور . ويتمثل الرهن المنوه عنه فى ان امريكا تركت ملف دارفور معلقا ودون حل حقيقى لحين استقلال الجنوب – وذلك انطلالقا من ان اى سلام حقيقى فى دارفور سيصب فى صالح تقوية حكومة الخرطوم – لذلك تركت امريكا الجرح الدامى لدارفور دون مبالاة بمعاناة انسان دارفور—لان هذا الوضع سيضعف كل شمال السودان مما يسهل انفصال جنوب السودان .
2-   احداث الربيع العربى شغلت المجتمع الدولى وغطت حتى على القضية الفلسطينية – ولم تترك مساحة لقضية دارفور وقضايا اخرى .
بعد هذه الخلفية الضرورية ندلف للاجابة على سؤالنا موضوع المقال ؛ الى اى مدى سؤثر (عنصر الزمن) + عنصر المتغيرات المحلية والاقليمية والدولية على (العقيدة القتالية) للحركات الدارفورية وتدفعها هذه العوامل لرفع السقوف والمطالبة بتقرير المصير؟
بيانا لهذا الامر افيد بالاتى:
(اولا) – انتهاء عهد (المناورة) والعمل على تحقيق (الاستقلال ) تحت لافتة (خدعة) شعارات (وحدوية) على طريقة (الازهرى – غرنق) :
1-   هذه المناورة التكتيكية (تحقيق الاستقلال تحت لافتة الدعوة للوحدة) هى بدعة صنعها جيل الاستقلال فى السودان (جيل ازهرى) – فقد ابتكر هذا الجيل شعار (وحدة وادى النيل) – وتم تخدير المصريين بهذا الشعار – وفى الوقت المناسب اعلن جيل الازهرى الاستقلال من داخل البرلمان.
2-   استخدم الشهيد غرنق مع النخبة الشمالية ذات الاسلوب الذى استخمدته الاخيرة مع مصر – ذات المناورة – (ان تقول لخصمك ما يرضى غروره – وتعمل (تحت تحت) للهدف الذى تريد تحقيقه) . هذا الاسلوب من المناورة قد خلق حالة من الضبابية فى العقيدة القتالية للجيش الشعبى لتحرير السودان – تحدث عنها د. لام اكول بما معناه ان ادبيات واناشيد وغناء الحركة الشعبية  (باللغات المحلية) كانت تدعو للاستقلال فى حين ان ادبيات الحركة المعلنة تدعو للوحدة (على اسس جديدة – سودان جديد)
3-   هذه المناورة – وهذه الضبابية انسحبت على كل حركات التحرر السودانية الشمالية من (الاستعمار) الوطنى – واعنى تحديدا ابناء  جبال النوبة – والحركات الدارفورية – والطريف ان حركة التحرير فى دارفور بدات بمنتهى الوضوح على طريقة (نقاء) اهل دارفور – وكان اسمها (الحركة الشعبية لتحرير دارفور) – ثم تعلمت المناورة فغيرت شعارها الى (تحرير السودان) – وبذلك انتقلت من الوضوح الى الضبابية.
 
 
(ثانيا)  هذا اوان رفع السقوف وتغيير العقيدة النضالية والقتالية للمتمردين الدارفوريين:
 
1-    القراءة تقول ان حكومة المؤتمر الوطنى راغبة (تكتيكيا) فى الوصول الى اتفاق مع الحركة الشعبية قطاع الشمال فى ماوضات اديس ابابا على اساس مرجعية اتفاق (عقار- نافع) – وهدف الحكومة شيطانى (امنى) – لان من شان هذا الاتفاق – حسب تقديرها ان يقضى على ضلع مربع تحالف (كاودا) المهدد جدا لامن المؤتمر الوطنى.
2-    ردة الفعل (المتوقعة كقراءة ) من جانب بقية اطراف الجبهة الثورية (الدارفورية) ستكون احترام وتقدير ارادة الحركة قطاع الشمال – والتعويض عن ذلك بتطوير العلاقات فيما بينها نحو مزيد من التعاضد والترابط والانتقال من (التحالف) الى الوحدة الاندماجية تمهيدا للخطوة الهامة التالية.
3-    رفع سقف (الطلبات) الى  المطالبة (بحق تقرير المصير لدارفور الكبرى) – هذه الخطوة بالقطع لها سلبياتها التى تتمثل فى فقدان تعاطف الشمال – وتعاطف العالم العربى – والرد على ذلك هو :متى تعاطف الشمال او العرب مع الدارفوريين؟على كل   يمكن امتصاص هذه السلبيات بالاجماع الدارفورى – والاهم ان لها ايجابيات كثيرة نذكر منها:
 
أ‌-       سوف تجدد هذه الخطوة (المطالبة بتقرير المصير) الزخم (لملف دارفور) من جديد لان المطالبة بتقرير المصير سترفع من شان القضية وتحولها من نزاع محلى داخل دولة الى المطالبة بدولة ذات سيادة.
ب‌-   هذه الخطوة  سوف تكرس فى ذهن الشعب السودانى (حالة الدولة الفاشلة) فى السودان (العاجزة عن الحاظ على الحدود) وترفع حالة الخطر لدى الشعب للون الاحمر – وسيفهم الشعب السودانى ان مصير دارفور سيكون ذات مصير الجنوب
ت‌-   سيقول الدارفوريون لاهل الخرطوم لقد قاتلنا (لمدة عقد كامل من الزمان) من اجل الوحدة – وذاق اهلنا ويلات الابادة (300 الف نفس) والتطهير العرقى والاغتصاب — ولم تخرج مظاهرة واحدة فى الخرطوم لدعم النضال الدافورى – والوحدة لا يمكن ان يدفع ثمنها طرف واحد.
ث‌-   عندما يقول المجتمع الدولى ان المعارضة فى (الجبهة الثورية) ليست جاهزة لتكون البديل لنظام المؤتمر الوطنى – فانه يقول : ان المعارضة العاجزة عن المطالبة بقرير المصير – وعاجزة عن مواجهة نظام المؤتمر الوطنى بالمطالبة بالاستقلال هى معارضة ليست جاهزة لتكون البديل لنظام البشير.
ج‌-    المطالبة بقرير المصير تفتح الباب لضخ دماء جديدة فى جسم ثورة الهامش قادرة على العطاء لتحقيق هدف سامى واضح هو (الاستقلال والدولة) –  علما بان دارفور كانت دولة ولم يكن الجنوب من قبل دولة .
 
ابوبكر القاضى
الدوحة
    [email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *