هبلسة الكبير
اولاد الرصيف او الشماسة – اناس طيبون ظلمهم المجتمع اكثر من مرة – تارة باهمالهم و عدم الاعتناء بتعليمهم و تربيتهم و رعايتهم و تارة اخرى بالهروب منهم و نعتهم باسوء الالفاظ و تجريمهم لمجرد انهم يسكنون الكباري و الطرقات – و التجريم هذا لا اعني به انقضاض الحكومة السودانية على الاطفال من ماسحي الاحذية بزعم انتمائهم لحركة العدل و المساواة ابان عملية الذراع الطويل – لكن اعني تجريم المجتمع للطفل المشرد عندما انعدم حدوث العكس.
حياة الشماسة عالم من الصدق و الوفاء و التعاضد (فيما بينهم)- و رغم حرمانهم من التعليم الا انهم يتميزون بذكاء مدهش – و المفارقة انهم ينظرون الي الاخرين من المجتمع نظرة جشع و انانية و قد يصل حد الاحتقار.
للاطفال المشردين او الشماسة لغتهم الخاصة بهم – فهي بلا شك لغة جميلة – و ان لم تكن كذلك لما تمكنت من غزو الاندية و البيوت والجامعات .
اكثر ما يعجبني في لغة الشماسة – وصفهم لمن لا يجيد امرا ما – و هنا تتراوح الالفاظ تصاعديا من( فارة) الي (دقسة) عندما يرتكب الخطأ من قبل مشرد مبتدئ. لكن عندما يصل الامر الي احد الكبار او كبيرهم يسمى (مهبلسا) و الهبلسة اعلى درجات عدم الاجادة من قبل ارفع الشخصيات في مجتمعات الارصفة.
ان تحول مسار حرب اهلية مطلبية الي حرب دينية و تجيش لها الشباب ليحرقوا القرى و الغابات و المدن في الجنوب و جبال النوبة و انقسنا امر مفجع . و ان تأمر قواتك بقتل المواطنين العزل لمجرد انم تظاهروا لحقوقهم المشروعة في بورسودان او في كيجبار امر يزيدنا الما. و ان تأمر قواتك النظامية و تجيش البدو من الاجانب لقتل الاطفال و النساء و حرق القرى و اماكن العبادة في دارفور فهو شئ لا يطاق.
لكن ان تقوم بترقية كل من يفشل في عمله و تحمى كل من يختلس رقما كبيرا من المال العام و تعين من يكون مطلوبا من قبل القضاء الدولي في منصب الحاكم باقليم يشهد توترا متصاعدا بغية اشعال فتيل الحرب. او ان تقوم بتزويد مليشيات قبلية بالسلاح و العتاد لقتل منتسبي شركاء السلام و نهب قوافل الامم المتحدة التي تطعم الجياع من “ضحاياك” و قتل المواطنين الابرياء لاعتبارات قبلية بغرض خلق حرب اهلية اخرى في الجنوب في الوقت الذي فيه انت الاخر مطلوبا و مطاردا من قبل اعلى هيئة عدلية في العالم – نعم عندما تقوم بكل تلك الاشياء يجب ان تكون فردا مهبلسا بإمتياز – و على الاخرين البحث عن البديل – رحمة بالوطن و انسانه.
د. حامد برقو
[email protected]