هبت ثورة الانقاذ..!!..أم تسونامي ؟

إذا كان العدل أساس الحكم فإن الغذاء هو أساس السلم الاجتماعي، وفي القران الكريم سبق الغذاء الأمن في الأهمية بقوله: (أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ) الصحافة ظلت تحذر من مخاطر الفجوات الغذائية خاصة بعد المسح الاولي للخريف الماضي الذي شهد تراجعا مخلا في إنتاج الحبوب بالقطاع المطري والمروي، وظل الخبراء يطالبون الدولة بمراجعة الموسم الشتوي لسد الثغرة بيد أن الحكومة تجاهلت الامر في وقت رفض فيه المزارعون زراعة القمح حتى لا يقعوا ضحية للبنوك التي بات همها مضاعفة أرباحها ولا تقدم غير البذور المعطوبة، كما تشهد الآن أقسام المناقل، وأكدوا أن التقاوى التي وفرها لهم البنك الزراعي مضروبة وتوردهم أسباب الخسارة، يأتي ذلك في وقت فشلت فيه النهضة الزراعية في تقديم ما يشفع بالابقاء عليها وعلى مسئوليها .
(الصحافة) تواصل في هذه المساحة أطلاق صرخة الجوع لعلها تسمع من بيدهم اتخاذ القرار، ونذكر بجلسة البرلمان الشهيرة التي انفجر فيها ، منصور العجب، أحد البرلمانيين شاكيا من النقص الحاد الذي أصاب منطقة الدندر الواقعة في ولاية سنار، وذلك في اكتوبر الماضي وقد حث النائب العجب الحكومة على تقديم مساعدة لمواطني الدندر أو إعلان حالة الطواريء في المنطقة. وحذر عضو البرلمان من أن مئات الآلاف من الماشية سوف تنفق نتيجة لنقص الماء. و قالت الحكومة إنها ستبعث بفريق لتقييم الوضع الغذائي هناك وذلك ما لم تؤكده الحكومة.
البرنامج العالمي للغذاء كشف في إحصائيات مقلقة عن أولئك المحتاجين للغذاء بصورة ملحة. مؤكدا أن السودان ، مازال يحتاج المساعدة الدولية لإطعام شعبه رغم موارده المادية الضخمة خاصة أنه وفقا للبرنامج أكبر بلد أفريقي، ولديه من المساحات الزراعية الشاسعة التي تمتد من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب، والتي يرويها أحد أعظم أنهار العالم، وهو النيل، الأمر الذي يؤهله لأن يكون مصدر غذاء اقليمي. كما أن السودان وفق البرنامج – قد أشير اليه في الدوائر العربية بأنه «سلة غذاء الوطن العربي» وذلك لإمكانياته الكبيرة في مجال الانتاج الزراعي. لكن السودان لم يرتق الى التوقعات، بل إن البرنامج أصبح عاملا فاعلا فيه في السنوات الأخيرة لإطعام السودانيين الجياع. وقال المدير القطري لبرنامج الأغذية العالمي بالسودان عامر داوودي لولا دعم إدارة العون الإنساني التابعة للمفوضية الأوربية، لما تمكن البرنامج من تقديم الغذاء لما يزيد عن 5 ملايين من الأشخاص الجياع بالسودان. وبدون إدارة العون الإنساني التابعة للمفوضية الأوربية لما تمكنت خدماتنا الجوية من نقل ما يزيد عن 85,000 من العاملين الإنسانيين إلى عدة مواقع نائية للقيام بعملهم».
وقال البرنامج ان منح إدارة العون الإنساني التابعة للمفوضية الأوربية بلغت 65 مليون يورو خلال هذا العام، استخدم منها 49 مليون يورو في شراء وتوصيل الغذاء إلى 4.2 ملايين شخص في دارفور وفي جنوب السودان حيث يواجه ما يقدر بـ 1.5 مليون شخص نقصاً حاداً في الغذاء.
وقال دواودي إنّ برنامج الأغذية العالمي يحتاج في عام 2010م لتقديم الغذاء لنحو 11 مليون شخص في السودان ? 4.5 ملايين في جنوب السودان، و4.9 ملايين في دارفور و1.9 ملايين في وسط وشرق السودان وفي أبيي وولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق. في وقت طالب فيه نواب المجلس التشريعي لولاية سنار سلطات الولاية العمل على تكثيف إنتاج المحاصيل المروية، باعتبارها أجدى، وضرورة وضع قوة نظامية لمنع تهريب الحبوب من الولاية في أعقاب تراجع الانتاج خاصة في القطاع المطري، فيما وصف كرم الله الموسم الزراعي بولاية القضارف بأنه فاشل وينذر بفجوة غذائية ونقص في الاعلاف واختلالات أمنية جراء الاحتكاكات بين المزارعين والرعاة، داعياً في هذا الصدد الى عدم التوسع في العروة الشتوية في زراعة الاعلاف لسد النقص بجانب ان تقوم الحكومة بفتح باب استيراد الذرة والقمح لمواجهة الفجوة والغاء الرسوم والضرائب المفروضة على قطاع الصادرات الحيوانية لتشجيع الصادرات وزيادة حصيلة الصادر من النقد الاجنبي.
وعزا كرم الله فشل الموسم الزراعي بولاية القضارف والذي توقع له انتاجية (%10) فقط من المساحات المزروعة البالغة (6.7) ملايين فدان إلى شح الامطار وتأخر التمويل للمزارعين بسبب إجراءات الترميز الائتماني التي اتخذها بنك السودان المركزي بجانب التنبؤات الخاطئة التي أعلنتها هيئة الارصاد الجوي لخريف هذا العام بأن معدلات الامطار فوق المتوسط، ولكن كان هطول الامطار ضعيفاً ومتأخراً.
الموسم الشتوي :
بالنسبة للموسم الزراعي الشتوي ورغم أن وزارة الزراعة والغابات كانت قد راهنت عليه لدرء المخاطر واحتواء الفجوة في انتاج الحبوب الا ان المسح العام يؤكد أن الموسم الشتوي سيكون مثل سابقه الصيفي إذ أن عدم إعلان أسعار للسلم من جانب الحكومة قد دفع بالكثيرين من المزارعين لتجاهل زراعة القطن، ورغم ان وزارة الري كانت قد أعلنت مبكرا توفير الري لاكثر من (450) الف فدان بمشروع الجزيرة إلا أن اتحاد مزارعي المشروع وبعد تلمسه الرفض من قبل المزارعين وإثر فشله في إقناع الحكومة بتحديد أسعار تركيز أكد أن المساحة في حدود (300) الف فدان، ولكن حسب المزارعين فإن البنك الزراعي قد فشل في توفير المدخلات في مواقيت تمكن المزارعين من الزراعة لتتراجع المساحات مرة أخرى وبعد انتهاء المزارعيين من الزراعة اكتشفوا في بعض أقسام المناقل أن التقاوي التي وفرها البنك معطوبة وان الانبات لا يبشر بخير ما يعني أن المزارعين على موعد مع خسائر مادية أخرى وصفها البعض بأنها تأتي في إطار تجفيف المشروع في وقت تدعي الحكومة أنها أقامت نهضة للزراعة. في نهر النيل والشمالية لم يكن الموقف بأفضل منه إذ شكا المزارعون من البنك الزراعي ووصف إتحاد مزارعي محلية أبي حمد إجراءات البنك الزراعي في عملية التمويل بالسلحفائية الأمر الذي بات يهدد فشل الموسم، وعبر التاج أحمد زمراوي رئيس الإتحاد عن أسفه لعدم حصولهم حتى الآن على السلفيات، وعزا ذلك لعمليات «الترميز» وهي إدخال فائل وبحثه للتأكد من خلو المزارع من مديونات سابقة ـ وقال إنها تأخذ وقتاً طويلاً الشىء الذي بات يهدد الموسم الزراعي، وأبان رئيس اتحاد مزارعي أبي حمد بأن محصول القمح سيكون خارج حساباتهم في هذا الموسم وذلك نسبة لإرتفاع تكاليفه، مشيراً لإستعداد المزارعين لزراعة محاصيل الفول المصري والحمص وغيرها من المحاصيل الشتوية .
وزير الزراعة والغابات الدكتور عبدالحليم إسماعيل المتعافي قال (للصحافة) إن البلاد قد تشهد حدوث فجوات حادة في الغذاء في العام 2010 غير أنه استدرك قائلا إن الحكومة ستعمل على معالجة الموقف بفتح أبواب الاستيراد، وقال الدكتور عوض الجاز تعليقا على الانباء المتواترة عن شح إنتاج الغذاء (الجوع لن يجتاح البلاد ونحن على سدة الحكم ) في وقت يجزم فيه عبدالجبار حسين مسئول النهضة أن الانتاج كاف وأن ما تشهده الدندر يمثل عدم صحة ما يتفوّه به مسئولو الحكومة، فهم مثل صحاف العراق يتحدث في بغداد عن استحالة دخول العلوج لبغداد في وقت كانت فيه المدينة قد رفعت الراية البيضاء وخضعت للاحتلال.

الخرطوم : بلة علي عمر
الصحافة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *