نعم لشباب السودان لا لنظام الخرطوم
قبل أن أستهل كتابتي أود أن أستميحكم عذرا في تنويه بسيط لمن هم بنظام الخرطوم والمؤتمر الوطني ولوطني السودان !!!
يوم قُُدّر لي أن أكون ، كان نصيبي من الدنيا مهنتي كطبيب التي تقتضي بعلاج كل من هو سقيم وإستئصال وإجتثاث كل ما هو خبيث ، وبُحكم سُودانيتي ، وبُحكم ما تفشى من خبيث الأمراض بالسودان على مستوى الفرد والمجتمع ، رُحتُ أُعمل حواسي الخمس في مُحاولة لمعالجة الوضع ، ومن ضمن معداتي التي أستخدمها في العلاج كان القلم ، شأنه شأن المبضع والسماعة الطبية وجهاز قياس ضغط الدم وغيره . (( ولن يجف المداد ما دمت حيا )).
إلى السودان …….
قبلك لا ……. بعدك لا ……..
لا روعة النصر ولا جلال الإنكسار
لا هالة المجد ولا الشمس ولا المرار
الرمز والشعار
وحلم الإنتصار
وأن يزول ذلك الجدار
ويعصف التاريخ بالمغول والتتار
وتفتح الدار زراعيها لأهل الدار
سؤال ………
لماذا يظن الطغاة الصغار وتشحب ألوانهم
أن موت المناضل موت القضية !
أعلم سر إحتكام الطغاة الى البندقية
لا خائفا
إن صوتي مشنقة للطغاة جميعا
ولا نادما
إن روحي ُمثقلة بالغضب
كل طاغية صنم دمية من خشب
ربما حسب الصنم الدمية المستبدة
وهو يُعلق أوسمة الموت فوق صدور الرجال
أنه بطلا ما يزال !!!!!
إن قضية ميلاد سودان جديد سليم معافى ، يتسع للجميع ويكفل متطلبات المواطنين من عدالة وحرية ومساواة وحياة كريمة عصرية ترقى به وبمواطنه لأداء الدور المنشود في القارة الإفريقية وفي العالم الخارجي، ليست بالمسئولية الفردية التي يختص بها إقليم دون سواه أو طبقة دون أُخرى أو فئة محددة دون سواها ،سواء كانت عرقية أو مذهبية أو سياسية ، إنها مسئولية الجميع.
تصاعدت وتيرة الأحداث السياسية في محيط المنطقة العربية مؤخرا ، وكان قصب السبق في ذلك لسيدي أبوزيد وللشهيد محمد البوعزيزي الذي كان بمثابة الشراره و( النار من مستصغر الشرر) ثم امتدت النيران لتشمل الشباب في جميع أرجاء تونس وتتوسع لتلتهم هشيم الحكومة المصرية السابقة ، وهاهي تهدد اليمن وسوريا والعديد من الأنظمة التي جعلت من شعوبها كقطعان من الماشية تحركها كيفما شاءت ثم تسوقها للبيع أو النحروالذبح .
إنتفضت تلك الشعوب بفضل حراك ذلك الشباب في البدء ثم سريان ذلك الإنتفاض والحراك والهيجان فالطوفان في عامة الشعب .
إن سواعد الشباب هي الأمل في بناء الأمم وتعميرها والإتصال والمواكبة والتطوير .
وإن التغيير المنشود في السودان لا يتأتي إلا بمشاركة حقيقية وفعلية من شباب السودان ، الذي يُعول عليه الكثير ، على الرغم من إصابة السواد الأعظم من ذلك الشباب بالعديد من الأمراض والمتلازمات والتي أُحاول أن أتطرق للبعض منها وللظلم الإجتماعي الذي وقع على ذلك الشباب المغلوب على أمره في عدد من النقاط ( شرحا لا تقليلا من الشأن ) وكلي ثقة وإيمان بأن شباب السودان على قدر من الوعي والإدراك والنظرة الموضوعية المتجردة .
أولا : التغيرات السياسية والإقتصادية ؛
– إن السواد الأعظم من شباب السودان وُلد في الفترة ما بين 1989 أو قبلها أو بعدها ببضع سنوات ، أي في الفترة التي شهدت ولادة نظام الإنقاذ وما صاحب ذلك من تداعيات .
ظهر في تلك الفترة ما يُسمى بجهاز الإصلاح الإداري الذي أحال العديد من مُوظفي الدولة للصالح العام ، وقد كان معظم هؤلاء ممن تمت إحالتهم من أولياء أمور وأباء بات أطفالهم آنذاك ( الشباب حاليا ) يعانون من تدهور الأحوال الإقتصادية مما انعكس سلبا على تعليمهم وتوفير احتياجاتهم الأساسية العديدة في مرحلة الطفولة فأثرذلك سلبا عليهم وهم في مرحلة الشباب، فإنعدام الطموح واللامبالاة والخنوع الذي أصاب الكثير من الشباب لم يأتي من فراغ بل هو أثر نفسي ناتج عن إفرازات الإنقاذ .
– تغيير السلم التعليمي بالمراحل الدراسية وتغيير المناهج التربوية التعليمية كان له أثرا كارثيا على عقلية هؤلاء الشباب وسعتهم المعرفية ، ففي إجراء غير منطقي تم تقليص المراحل التعليمية إلى مرحلتين وحذف سنة دراسية كاملة مع إستبدال لمناهج بخت الرضا القديمة (بدعوى التطوير والأسلمة) بمناهج تخلو من الطابع التربوي وأقرب ما تكون إلى (غسل المخ) من التعليم وإنماء روح الوطنية وكل ذلك في ظل غياب الكادر التربوي المؤهل ، فأضحى من يتخرج من المراحل التعليمية بالسودان عبارة عن (طبل أجوف ) يتسم بالسطحية والخواء . وذلك مُبتغى نظام الإنقاذ في تعتيم الشباب وحصر أفكارهم في محيط الإنقاذ المريض .
– الثورة التعليمية الكبرى في ظل الإنقاذ وما شهدته من إفتتاح للعديد من المسميات الجامعية التي تخلو من المباني والمعامل والمعدات والمراجع والكادر التعليمي المؤهل إضافة لحظر الأنشطة الجامعية من إتحادات طلاب وعمل سياسي وغيرها ، فأصبح الخريج الجامعي عبارة عن إطار بلا صورة ومعزوفة بلا لحن ووجود بلا محتوى .
ثانيا : التغيرات الإجتماعية ؛
– ظهور جيل ( شباب الإنقاذ ) و(أنا السودان) و(إتحاد عام الطلاب السودانيين) الذي يعمل وفقا لسياسة النظام وما لهم من نفوذ أمني ومادي ، وظهور ثقافة ( الدبابين ) و( في ساحات الفداء ) وأثر ذلك على سلوك البعض من شباب السودان هوسا وتطرفا ورغبة في حور الجنان و جنات الخلد ، و ُبعدا عن الواقع وعن إيقاع الحياة ، وكل ذلك تعمدا مدروسا وممنهجا من نظام الإنقاذ .
– الخدمة ( اللاوطنية ) القهرية والتي تم تطبيقها بصورة مُثيرة للإشمئزاز ، مما دفعت بالكثير من الشباب لأن يكره مفهوم الوطن والوطنية فضلا عن ترسب الأحقاد في أعماق المجندين نحو المجتمع .( وهذا أيضا إفراز الإنقاذ ) .
– المحسوبية والمحاباة في العمل والتوظيف في مختلف قطاعات الدولة ، حيث انعكس ذلك وبصورة واضحة على سلوك الشباب ، فتعمقت مظاهر النفاق والمتاجرة بإسم الدين من تهليل وتكبير ورياء وإطلاق( للدقون ) تحت مسميات ساخرة ( دعوني أعيش ) ، ( من أجل أبنائي ) وغيرها مما يُضحك من شر البلية .
– عدم القدرة على الزواج للعديد من الأسباب والعوامل ( مادية ، وظيفية ، نفسية ) حيث طالت هذه الظاهرة ( الذكور والإناث) فظهرت مختلف أشكال الشذوذ في المجتمع السوداني وبات الشاب السوداني فاقدا للثقة في وجود الشريك (السليم الصالح) ،ولعل مشروع الزواج الجماعي الذي قامت به الإنقاذ كان احد أشكال السخرية والإستخفاف التي زادت من هواجس وتندُر الشباب وإحباطه .
ومن بين هذا وذاك ظهر لنا جيل من الشباب وأعني بذلك ( السواد الأعظم وليس الكل ) يخلو من المضمون ، مُستلب فكريا ، فارغا من معاني الوطنية ، مُتهربا من هموم بلاده وواقعه سواء بالخمور أو المخدرات أو غيره من الوسائل التي لجأ الشباب إليها عزوفا عن الواقع المرير الكالح الذي يعايشه ومُصابا بأمراض الفصام فيما بين من هو في حقيقة الأمر وواقعه وما يرغب في أن يكون، ونتيجة لذلك ظهرت العديد من أعراض المرض في الشارع السوداني العام ، فتجد جُل إهتمام البعض من الشباب بقصات الشعر و ( الحلاقات الغريبة ) ، التقليد الأعمى الناتج عن الإستلاب الفكري والخواء ، العبارات وأنماط الحديث المستهجنة من الإناث والذكور ، المبتذل من الأغاني ، الوضيع من السلوك ، ممارسة ( الحرام ) وأقصد بالحرام البعد عن العلم والجهل بالوطن والرضاء بالظلم والنفاق والنصب والإحتيال ( الفهلوة و التفتيح ) وترديد اسم الله زورا وبهتانا والعديد من المظاهر التي لا يرضى بها المواطن السوداني الأصيل ولا يرضى بها الشعب السوداني الذي أنجب البطلة صفية اسحق ( الشابة ) التي لم تخنع ولم تجبن ولم تدفن رأسها في التراب ! وهو نفس الشعب الذي أنجب القرشي والطيب صالح وعلي عبد اللطيف والتجاني يوسف بشير وفرانسيس دينق و محمد أحمد المحجوب وعثمان دقنة وغيرهم ممن سيطروا على التاريخ بأفعالهم ، فأبار علي ما نسبت إلا لعلي دينار ولدارفور وللسودان ورواق السنارية ما ُنسب إلا لسنار و للسودان وللسودان ينسب العز والكرم والمروءة ومكارم الأخلاق.
أيها الشباب ……
من للغلاب سوى الشباب إذا تكاثفت الصعاب ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
يظن الكثيرون أن الشباب في السودان بات خنوعا مستسلما لنظام الإنقاذ ولسياسة المؤتمر الوطني الذي غرر بالعديد من الشباب وألقى بهم في حرب الجنوب فقتل منهم من قتل ، بلا مبررات بلا قضية ، بلا هدف سوى أكذوبة الجهاد المزعوم والتي تنصل عنها النظام بعد أن أثار الكراهية بين أبناء الشعب الواحد ومزق النسيج الإجتماعي ، ثم تراجع عن ذلك فأبرم الإتفاقيات ، ثم فصل الجنوب وقسم الدولة متناسيا لمن ذهب وقاتل وقُتل من الشباب ، وهو نفس النظام الذي يغرر بالشباب الأن في إقحامه في قتال أهل دارفور ويحرض على قتلهم، وهو نفس النظام الذي يجعل منكم دُما يعبث بها ويحركها ويرميها حسب رغباته ، وهو نفس النظام الذي يتلاعب بغرائزكم وأمانيكم وحاضركم ومستقبلكم ، فما أولى بكم أن تتحدوا معا ضد هذا النظام المريض من أجل سودان يفخر بكم وينتظر منكم التغيير نحو ما ترغبون فيه ويرغب به كل مواطن سوداني حر يأبى الظلم والقهر والعدوان .
د.محمد الفاضل عبدالله
[email protected]