بقلم: أحمد قارديا خميس
الحوار والسلام في عهد نظام المؤتمر الوطني في السودان , تحول الي شعار شعبي (فلكلوري) أحبه الناس . واعتنقوه وصار واحدا من لازمات الخطب وحتي الأغنيات. وحب الناس لهذا الشعار مفهوم ومبرر , فمَن الذي لا يحب السلام ؟ كما مَن لا يريد حل الازمة السودانية !!. ذلك أن الموروث الشعبي يعتنق فكرة أن احد أسباب الازمة السودانية هو الحروب الداخلية بكل اشكالها وتبريراتها, ومن هنا يمكن فهم الولع الشعبي بشعار الحوار والسلام الشامل في السودان .
غير أن صناع الحروب (نظام المؤتمر الوطني) الذين يزايدون علي الناس في الحديث عن مساؤي الحروب ومزايا السلام , لم يجيبوا عن السؤال البديهي .. ما دمتم تدركون ذلك, فلماذا اذن فشلت كل محاولاتكم لانهاء الحروب ؟!
لا شك أن لدي نظام المؤتمر الوطني اجابة متكررة حول هذا الأمر , وفي حالة من هذا النوع يصبح تكريس الحرب مغلفّا بحديث كثيف عن السلام , واحيانا بالذهاب الي حوار يصور علي أنه مضمون النجاح قبل أن يبدأ , الا أنه مستحيلا حين ينفض.وبين مصفوفات وحوارات وخطابات ومفاوضات التي طرحها حزب المؤتمر الوطني في الفترة الاخيرة – لمن لا يزال يتذكر – والحوار المحتمل مع بعض الاحزاب السياسية( حزب المؤتمر الشعبي – الحزب الامة القومي) , جرت كثيرة من مياه تحت الجسر. وتزيد علي السودان ازمات اكثر , وتنزل الدولة من اقتصاد الانفاق الي اقتصاد التنقيط في الحلق . وفوق هذا الرصيد السلبي ظهر ما هو أخطر و أصعب .. خلافات داخل قوي التحالف المعارض ودولة جنوب السودان المتنفس الوحيد لاقتصاد الخرطوم وقعت في صراع الداخلي .
ورغم كل هذا المؤلم والموجع .. ما يزال نظام المؤتمر الوطني يطرق الابواب القديمة عديمة الجدوي التي أدخلت الدولة في ازمة محدقة , اذ يعالج فشل الحوار والسلام بمزيد من التفاوض التضليلي مع بعض الاحزاب وتجزئة قضايا السودان, ويعالج العجز عن تقديم الاستحقاقات التي تخفف المأساة ان لم تستطيع انهاءها , باللعب علي عامل الوقت لعل الزمن يوفر حلا يأتي هكذا .. بفعل تطورات متخيلة !!
ان كلمة السر التي يمكن وبالكاد أن تفتح بابا حقيقيا من المأزق (الازمة السودانية) , تتجسد في جملة مفيدة مطلوب من نظام المؤتمر الوطني أن يعلنها , ثم يتخذ الترتيبات العملية التي توفر مصداقية لالتزامه بها , وهذه الجملة عرضت علي نظام المؤتمر الوطني من قبل الجبهة الثورية السودانية وبعض احزاب التحالف المعارض هي (وثيقة الفجر الجديد وهيكلة الدولة السودانية والبديل السياسي) , ولم يستجيب لها في ذلك الوقت. كان علي نظام المؤتمر الوطني ان يلتزم بما اعلنته المعارضة إذ أنه كان كفيلا بان يضع قطاره علي السكة وتحل الازمة السودانية حلا شاملا,وايضا بالتزامه كان سيوفر امكانيات فعلية لانقاذ السودان من التدهور .
والمعضلة التي تتجسد الآن , تبدو في أن ما كان متاحا من الحوارات والمفاوضات أصبح مشكوكا في جدواه في أيامنا هذه ,ف لا نظام المؤتمر الوطني يملك قدرة علي قول هذه الجملة كي يتحمل مسؤولية سنوات طويلة من التدهور والازمة الناتجة عن سوء الاداء السياسي للمؤتمر الوطني , ولا العالم يمكن أن يأخذ ما يقال هكذا وببساطة بل ان الشروط ستكون الآن أقسي من شروط الزمن الأفضل , وفي حالة مجازفة المؤتمر الوطني باعلان الالتزام بما اعلنت به الجبهة الثورية السودانية فانها ومنذ اليوم التالي ستخضع الي اختبار شديد القوة للتأكد من صدق التزامه .
يقال ان السفاح عمر البشير طلب من بعض القوي السياسية أن يساعدوه للتوسط وقف حملة الجبهة الثورية السودانية ضد النظام والتي وصلت الآن الي ذروتها , كما طلب من الاتحاد الافريقي ارسال وفده الي اديس ابابا للبدء في جولة جديدة من المفاوضات مع الحركة الشعبية قطاع الشمال شعارها “تعالوا الينا تجدوا ما يسركم ” .
السؤال .. ماذا بوسع بعض القوي السياسية أن تفعل للمؤتمر الوطني ؟! ..عودة الي عنوان مقالتي (نظام المؤتمر الوطني وادمان الحوار واللا سلام …والفشل في امام اعيننا) يشير الي جملة مؤسفة تتكرر ما هي الحقيقية …
صار الحوار ادمانا .. واللا سلام سياسة .. وحالة الفشل اتفاقا.. وليكن الله وحده في عون الشعب السوداني …
[email protected]