نص رسالة أسرى حركة العدل والمساواة السودانية بسجن كوبر الي السيده/ د. سيما سمر المقرر الخاص لحقوق الإنسان – السودان

بسم الله الرحمن الرحيم


السيده/ د. سيما سمر
المقرر الخاص لحقوق الإنسان – السودان


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نشكر لكم حضوركم والإهتمام بقضايا حقوق الإنسان بالسودان وزيارتكم إلينا …، نقدم إليكم نحن أعضاء حركة العدل والمساواة بسجن كوبر وبوصفنا أسرى حرب تم انتهاك حقوقنا الأساسية ونرجو أن نوجز ما تم في النقاط التالية:
أولاُ: نحن أعضاء ملتزمون في حركة العدل والمساواة السودانية وفي حالة حرب مع نظام الخرطوم القائم الآن وذلك نظراً للإختلال التام في ميزان السلطة والثروة في السودان والمعاناة التي يعيشها أهلنا المهمشون.  لقد طالبنا بالحوار هذه الحقوق إلا أن النظام حاربنا وزجّ أهلنا في السجون فاضطررنا لحمل السلاح.  بعدها قاد أهل النظام حملة للإبادة الجماعية في دارفور فقدنا خلالها كل ما نملك.
ثانياً: في سياق الحرب المشروعة لنيل حقوقنا ودفاعاً عن أهلنا – من تبقي منهم – جئنا لإستهداف مقر إدارة الحرب ضد أهلنا حيث القيادة العامة والمطارات الحربية التي ترسل منها الطائرات التي أشعلت الحريق في كل دارفور ، فتم أسرنا فيها.
ثالثاً : حكومة السودان موقعة ومصادقة كما تعلمون علي اتفاقيات جنيف الأربعة ومنها الخاصة بمعاملة أسري الحرب كما لا يفوت عليكم بأن حالتنا تنطبق فيها كل الشروط الموضوعية لأسري الحرب وفق الاتفاقية المذكورة … وتأسيساُ على ذلك فإن تقديمنا للمحاكمة يعني انتهاكاً صريحاً لإتفاقيات جنيف، وبالتالي مخالفة مباشرة للقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان اللذان كلفتم بمراقبة توقيرهما واحترامهما في دولة السودان من قبل المجتمع الدولي.
رابعاً : وإذ يقوم النظام القائم بهذه الانتهاكات المذكورة في ثالثاً علي مرأي ومسمع من المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان، إنما يفعل ذلك كنوع من التحدي لتحقيق مكاسب سياسية من خلال محاكمة أسري حرب محمين بالقانون الدولي نظراً لإفلاس النظام وضعفه وعدم قدرته على الخروج من دائرة الحصار الدولي إلا من خلال مثل هذه المواقف الساذجة. وبالتالي نحن نرفض استخدامه بواسطة نظام الأقلية بهذه الطريقة الرخيصة وفي هذا الاطار نحيّ موقف حركة العدل من معاملة الأسري لديها عاملة كريمة ولائقة بالإنسان رغم ضخامة عددهم .
خامساً : نؤكد لكم وقوع انتهاكات جسيمة في حق كل الأسري أي أسري الحرب المنتمين لحركة العدل و المساواة السودانية والذين تم القبض عليهم بواسطة سلطات النظام في الخرطوم في أو بعد 10/5/2008م وهو تاريخ دخول الحركة ام درمان وذلك من خلال الوقائع التالية:
1. تم تقسيم الذين قبض عليهم إلي قسمين: القسم الأول ويبلغ عددهم 108 عنصراً ينتمون إلي قوات حركة العدل والمساواة السودانية وتم اقتيادهم إلي جهة غير معلومة بعد عزلهم من الآخرين وذلك في رئاسة جهاز الأمن والمخابرات بتاريخ اعلاه. ومنذ ذلك الوقت لم يظهر لهم أو عنهم أي أثر. وظلَّ ذووهم في حالة بحث عنهم بصورة دائمة طوال المدة التي تجاوزت العام . إلا أن هنالك معلومات تسربت عن تصفيتهم من خلال محاكمات عسكرية صورية ولم نتمكن من التحقق بالطبع من ذلك. ومن هنا نطالبكم بمقابلة سلطات النظام والبحث عن هؤلاء خدمة لقضية سوف تصبح من أبرز قضايا انتهاكات النظام وأقواها علي الاطلاق لحقوق الإنسان – ( مرفق الأسماء ).
2. تمت تصفية 15 عنصراً من قوات حركة العدل والمساواة السودانية الذين تم أسرهم بواسطة الأجهزة العسكرية للنظام في يوم 11/5/2008م في أم درمان علي ضفاف النيل الأبيض جوار جسر الانقاذ، وذلك رمياً بالرصاص. وهذه المجموعة لا تندرج في أي من القسمين سالفي الذكر اذ تمّت تصفيتهم فور القبض عليهم.
القسم الثاني : أ/ تم حجزهم في سجن كوبر وتمت ممارسة كافة صنوف التعذيب من الحرق بالنار واستخدام التعذيب بالكهرباء ثم الجلد والضرب بالاجسام الصلبة من الحديد والخشب  مما أحدث جروحاً وآثاراً لم تلتئم إلا بعد شهور ، بجانب الحرمان من النوم لأيام والحرمان من الماء. وفي هذا السياق لقد مات عطشاً خمسة عناصر في السجن الحربي التابع للجيش في أم درمان قبل نقل البقية إلي القيادة العامة ثم إلي جهاز الأمن ثم إلي سجن كوبر وذلك في الفترة  من 11 الي 18م مايو 2008م تقريباً 0 الأسماء السابقة ) بجانب الأذي النفسي والمعنوي واستخدام عبارات دالة علي تفرقة عنصرية وتحقير لقبائل الأسرى وانتماءاتهم الإثنية والأماكن التي انحدروا منها بل واجبار بعضهم على شرب بولهم بعد منعهم من الماء لمدة 3 أيام متتالية ( 11، 12، 13/5/2008م .
ب/ بعد الانتهاء من فترة التعذيب التي استمرت لأكثر من أربعين يوماً، بدأت مرحلة جديدة، وهي مرحلة المحاكمات. وذلك من خلال ما سميت بنيابة جرائم الإرهاب وهي نيابة صممت فعلاً اسماً و رسماً لممارسة الإهارب. وتم اختيار مجموعة من الشرطة برئاسة اللواء شرطة عبد الرحيم محمد عبد الرحيم، وعقيد شرطة أحمد و تحت إشراف وكيل النيابة الأعلي بابكر. فتمّت ممارسة التعذيب بالتنسيق مع جهاز الأمن لانتزاع الاعترافات الملفّقه بواسطتهم؛ وتمّ تسجيل ذلك ثمّ قدمت هذه التسجيلات لاحقاً أمام المحاكم الخاصة التي قبتلها و اعتمدتها مباشرة دون الاكتراث لأعتراضات الدفاع أو الاعتماد على أيّ قانون سوي اللائحة التي وضعها رئيس القضاء بعد وقوع الأحداث محل الاتهام .
تمّ أيضاً خلال هذه الاستجوابات عرض المتهمين إلي الكلاب البولسية التي قامت بنهش عدد منهم و ما يزالون يعانون من آثارها حتى اللحظة.
ج/ تمت محاكمة 91 عضواً أو عنصراً بالاعدام ( 7 منهم ) مجانين أي مختلي العقل تمّ القبض عليهم من داخل العاصمة ولا علاقة لهم بحركة العدل والمساواة ولم يشاركوا في أي نشاط للحركة في يوم من الأيام ، وذلك من خلال اللائحة التي وضعها رئيس قضاء النظام والذي هو عضو بالمكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني الحاكم. وهذه اللائحة الاجرائية الموضوعة بواسطة رئيس القضاء هي أقل درجة من الدستور والقانون إلا أنها سادت على كل من دستور السودان الانتقالي لسنة 2005م وقانون الإجراءات الجنائية لسنة 1981م وقانون الإثبات لسنة 1983م. وقامت هيئة الدفاع بالطعن أمام المحكمة الدستورية بعدم دستورية المحاكم الخاصة المنشأة بواسطة لائحة رئيس القضاء ، إلا أن المحكمة الدستورية التي تخضع بدورها لإرادة الجهاز التنفيذي رفضت الطعن وأعطت المحاكم الخاصة الحق في الاستمرار في محاكمة أسري الحرب بقانون أو إجراءات وضعت بعد وقوع الأحداث وبأدلّة ملفّقة تمّت الموافقة عليها مسبقاً.  و عندما لم يجدوا سابقة لما يقومون به في تاريخ القانون أبداً،  لجأوا إلى الإشارة إلي محاكمات النازين بعد الحرب العالمية الثانية . حتي قانون حمورابي الشهير في بلاد ما بين النهرين كانت أفضل منها بكثير.

د/ حتي خلال هذه المحاكمة الصورية، لم يتمكن الاتهام من الإتيان بأي دليل مباشر ضد أي متهم. فجيئ بشهود زور غالبيتهم من الشرطة وأفراد أمن كانوا يعملون ضمن فريق التعذيب والتحقيق. واعتمدت المحاكم علي الإعترافات المتحصل عليها من خلال التعذيب، والتي تمّ تلقينها للمتهمين.  الطريف هنا أنه حتي أولئك الذين لم يسجلوا أي اعتراف قضائي رغم التعذيب تمّت محاكمتهم بالإعدام أيضاً.
ه/ ظل الجميع في سجن كوبر في ظروف غير إنسانية وغير صحيّة في بيئة لا يمكن أن يعيش فيها إنسان. بل هي أشبه بسجون النازية.  فيحبس داخل زنزانة غير مستوية الأرضية مساحتها 3×2 أمتار أكثر من أحد عشر شخصاً، ولا يسمح لهم بالخروج إلا لقضاء الحاجة مرة واحدة كل 24 ساعة ويقدّم لهم طعام بائس فقير ، ولا توجد داخل الزنازين إضاءة أو تهوية ، والتحسّن الوحيد الذي طرأ أخيراً هو السماح بالبقاء في زنزانة لمدة 22 ساعة والخروج لصلاة الظهر والعصر.
لا توجد عناية صحيّة خاصة ، و قد حشر الزنازين بأناس مصابين بأمراض مزمنة وفتاكه مثل  السلّ (تي . بي ) وبعددً كبير من مختلي العقل الذين لا يتمكنون من إعانة أنفسهم مما يسبب الأذي الصحّي والمعنوي للآخرين ، بجانب الإزعاج والضوضاء الذي يحدثونه علي مدار اليوم مما يسبب في حرمان الآخرين من النوم .

و في السياق الصحي، توجد فقط عدد 3 دورات مياه مقابل 297 شخصاً و قد شكّل واحداً من أبشع أساليب التعذيب حيث يطلب من هذا العدد الكبير الانتهاء من قضاء حاجتهم في هذه الأماكن الثلاثة خلال وقت وجيز جداً.
– يجبر الأسرى على المرور من جوار جثث الذين يتم تنفيذ حكم الإعدام فيهم – حيث يقيم الجميع بالقرب من مكان تنفيذ الإعدامات ( ذلك امعاناً في التعذيب النفسي، فضلاً عن الاعلان المتعمد لتنفيذ أحكام الإعدام حتى يظل الجميع (الأسرى) في جوّ الإعدامات.
– ضمن الايذاء المعنوي للأسرى، يتم تفتيش الزنازين بشكل غير لائق ويتمّ أحياناً تحت إشراف وزارة الداخلية بدلاً عن سلطات السجن تحت ذريعة حيازة النزلاء و أسرى حركة العدل أجهزة الهاتف النقّال أو ادعاء وجود محادثات مفتعلة حتى يبرر استدعاء بعضهم للتحقيق معهم بواسطة سلطات السجن.
يتم تطبيق بعض العقوبات في السجن في حالة أي تصرف يمكن أن يضاف إلى قائمة المخالفات فيتمّ تنفيذ عقوبة الجلد في حق الأسير.و تمنح لائحة السجن مدير السجن سلطات أكبر من تلك التي تحكم بها بعض المحاكم الجنائية .
ظل جميع الأسرى مقيدين بالجنازير و قيود حديدية يتم لحامها بالكهرباء على الأجسام و لا يتم نزعها حتى و لو أدت إلى تورّم الأقدام وسببت جروحاً غائرة و ىلاماً حادة. و بناءً على ما سبق نطالب عبركم بالآتي:
1-    نطالب المجتمع الدولي بالضغط على حكومة السودان للوفاء بإلتزاماتها الدولية و ذلك بتوفير حقوق الإنسان و الكف عن الإستمرار في الإبادة الجماعية التي تمارسها في دارفور فوراً.
2-    كما نطالب المجتمع الدولي أيضاً بالضغط على حكومة السودان للوفاء بإلتزاماتها تجاه القانون الدولي الإنساني و قانون حقوق الإنسان باطلاق سراح أسرى حركة العدل و المساواة السودانية و اطلاق سراح كافة المحكومين و المعتقلين و المحتجزين بسبب النزاع في دارفور وفقاً لاتفاق حسن النوايا المبرم في الدوحة بين الحركة و الحكومة.
3-    نطالب مجلس حقوق الإنسان و الأمم المتحدة بفتح تحقيق مستقل في أسرى حركة العدل و المساواة السودانية البالغ عددهم مائة و ثمانية (108) أسيراً و الذين لا يعرف و جهتهم حتى الآن و مطالبة النظام للتعاون مع لجنة التحقيق في هذا المجال.
4-    ريثما يتم اطلاق سراح أسرى الحركة في سجون النظام ندعوكم للضغط عليه للمعالجة الفورية للأوضاع اللاإنسانية و غير اللائقة التي يعيشونها.


و تقبلوا فائق الشكر و التقدير.
أسرى حركة العدل و المساواة السودانية بسجن كوبر
25 مايو 2009

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *